حمد الناصري

يُشكل النظام الاقتصادي الجديد تحدياً كبيراً للنظام العالمي الحالي الذي يُهيمن عليه الدولار بتأثيرات مُحتملة في ظل التنامي المُضطرد لمجموعة بريكس وظهورها كقوة اقتصادية ضخمة ومؤثرة. ومجموعة "بريكس" التي هي مُختصر لخمس دول؛ منها أربع من أقوى اقتصادات الأرض؛ هي: الصين والهند وروسيا والبرازيل، إضافة إلى جنوب إفريقيا، وتطمح دول هذه المجموعة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدُول الأعضاء واستنساخ تجربة اليورو في إصدار عُمْلة مُوحدة تنافس الدولار وتكون من العُملات الرئيسية العالمية؛ مِمّا قد يؤدي لتراجع تدريجي للدولار وهيمنته العالمية كعملة أساسية؛ وذلك من شأنه خفض الطلب عليه، مِمّا قد يؤدي إلى تغيير في ميزان القوى الاقتصادي العالمية وتقليل نفوذ الولايات الأمريكية المُتحدة.

وتمثّل "بريكس" بتركيبتها الراهنة 42% من سكان الأرض وأكثر من ربع الاقتصاد العالمي؛ وبالتالي هي قوة اقتصادية لا يُستهان بها، وتبلغ قيمة اقتصادياتها مُجتمعة أكثر من 28.5 تريليون دولار، أي حوالي 28 بالمئة من الاقتصاد العالمي. وستنتج دول البريكس أيضا نحو 44 بالمئة من النفط الخام عالميا.

وإذا ما نجحت "بريكس" في جعل عُملتها ذات قوة وتأثير عالميين فسيكون ذلك بداية النهاية لهيمنة الدولار كعملة عالمية أساسية وتقليل الاعتماد عليه في التجارة الدولية والاستثمارات، وستهتز قيمة وقوة الدولار وبقية العُملات الأخرى المرتبطة به مما سيرفع قيمة المنافس الجديد المُتمثل في "بريكس".

وقد تبدو هذه الخُطوة رغم عدم مُناقشتها بشكل جدّي مُغامرة اقتصادية فقد فشلت عُملات كبرى في مُجاراة الدولار من قَبْل وكانت الغلبة للدولار على اليورو والروبل الروسي واليوان الصيني وغيرها.

وقد نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقالًا حول ما تمخّضت عن قمة مجموعة "بريكس" التي عُقدت في جوهانسبورغ في جنوب إفريقيا، نهاية سبتمبر 2023، وركزت على موضوع إنهاء هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية، خاصة مع فرض عقوبات على أعضاء في المجموعة كروسيا والصين.

وذكر الكاتب ماثيو كرونيغ من بمجلة "فورين بوليسي" أنه يبدو أن بريكس تقدّم نفسها بوصفها مِحْوراً جديدًا للسلطويين على النقيض من نادي الديمقراطيات، الذي تُمثله مجموعة الدول السبع.

وشاركه الكاتب "إيما أشفورد" أنّ تجمّع "بريكس" تُصادفه تحديات؛ إذ إنّ هناك انقساماً بين روسيا والصين فيما يتعلق بعضوية إيران التي تفكر هي وماليزيا ودول أخرى في الانضمام للمجموعة.. بينما أبدتْ الهند والبرازيل قلقاً في تكتلات المجموعة على اعتبارها مُناهضة للولايات الامريكية التي تُهيمن على اقتصاد العالم.

ويرى محللون اقتصاديون أنّ خلافات جيوسياسية قد تلعب دوراً في زعزعة الثقة بين دول البريكس وتدخّل الولايات الأمريكية لمنع ظهور مارد اقتصادي يُنافسها ويُقَوّض سُلطتها على اقتصادات الأرض أو يكون منافساً للدولار.

خلاصة القول.. إنّ مقدار الاستعداد لدول البريكس لإقامة نظام مالي جديد يَحِدّ من الاعتماد على نظام الاقتصاد الحالي، هو في حد ذاته تغيير مُتوقع خاصة مع تطور المواقف الدولية و حروب الشرق الأوسط ومُحاولة أمريكا فرض سياساتها الأحادية وهيمنتها على القرارات العالمية من خلال الاقتصاد. وأيضا من جهة أخرى قدرة النظام المالي بقيادة الدولار على مُواجهة النظام الجديد، الذي يسعى لتقليل الاعتماد على الدولار في التعاملات المالية الدولية أو كبداية في التعاملات الثنائية بين دول البريكس نفسها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«ترامب» يمنع سكّان 41 دولة من دخول أمريكا.. تعرّف عليها!

في إطار حظر جديد، “تدرس إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، “فرض قيود سفر شاملة على مواطني عشرات الدول”.

وكشفت مصادر مطلعة ومذكرة داخلية اطلعت عليها وكالة “رويترز”، أن “المذكرة تُدرج 41 دولة مقسمة إلى ثلاث مجموعات، المجموعة الأولى، التي تضم عشر دول، تشمل أفغانستان وإيران وسوريا وكوبا وكوريا الشمالية، ستخضع لتعليق كامل للتأشيرات، وفي المجموعة الثانية، ستواجه خمس دول، هي إريتريا وهايتي ولاوس وميانمار وجنوب السودان، تعليقا جزئيا من شأنه أن يؤثر على تأشيرات السياحة والطلاب فضلا عن تأشيرات الهجرة الأخرى، مع بعض الاستثناءات”.

وبحسب المذكرة، “في المجموعة الثالثة، سيتم النظر في تعليق جزئي لإصدار التأشيرات الأميركية إلى 26 دولة، من بينها بلاروسيا وباكستان وتركمانستان وغيرها، إذا لم تبذل حكوماتها “جهودا لمعالجة أوجه القصور في غضون 60 يوما”، وفقا لما ورد في المذكرة.

وكان الرئيس دونالد ترامب، “فرض حظراً خلال ولايته الأولى على المسافرين من سبع دول ذات أغلبية مسلمة، وتعد توجيهات “ترامب” جزءا من حملة على الهجرة أطلقها في بداية فترته الرئاسية الثانية، وعرض خطته في خطاب ألقاه في أكتوبر 2023، حيث تعهد بتقييد دخول الأشخاص القادمين من قطاع غزة وليبيا والصومال وسوريا واليمن و”أي مكان آخر يهدد أمننا”.

مقالات مشابهة

  • البرازيل تستضيف اجتماع وزراء خارجية بريكس الشهر المقبل
  • شلوف: الحظر الأمريكي يعكس تدهور العلاقة مع ليبيا وتأثير الميليشيات على الاقتصاد
  • مواعيد مباريات الأهلي في كأس عاصمة مصر
  • "العزاوي": المنطقة تتجه نحو تحولات نوعية كبيرة مع تنامي العنف والاضطراب السياسي
  • مقامرة ترامب التي ستضع الدولار في خطر
  • سحور رمضاني لموظفي مجموعة «بن حم»
  • حجز حوالي 6 قناطير من مادة القهوة في الجلفة
  • الصداع النصفي.. أسبابه وأعراضه وتأثير الصيام عليه
  • «ترامب» يمنع سكّان 41 دولة من دخول أمريكا.. تعرّف عليها!
  • تحذير إسرائيلي من تنامي قدرات حماس بفضل وقف إطلاق النار