تعافي عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بعد شهادة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات فوق 4.3% اليوم الثلاثاء، ليتعافى قليلًا من أدنى مستوى في أكثر من أسبوع عند 4.28% والذي سجلة في 5 يوليو 2024، حيث استمرت الأسواق في قياس توقيت ومدى التيسير النقدي المتوقع من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وفي شهادة أمام الكونجرس الأميركي، أكد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أن التضخم لا يزال غير منخفض بما يكفي لكي يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة التخفيض، مما يضغط على سندات الخزانة.
ومع ذلك، أشار رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، إلى أن المركزي يأخذ في اعتباره مخاطر التشديد المفرط، خاصة وأن سوق العمل ليست محمومة.
وأظهرت أحدث البيانات الاقتصادية، أن توقعات التضخم لدى المستهلكين في العام المقبل انخفضت للشهر الثاني على التوالي إلى 3% في يونيو من 3.2% في مايو الماضي.
وأشارت بيانات في الأسبوع الماضي أيضاً، إلى ارتفاع معدلات البطالة وانكماش نشاط الخدمات وضعف التوظيف في القطاع الخاص.
ومن المقرر أن تبيع وزارة الخزانة 119 مليار دولار من الأوراق المالية والسندات الجديدة هذا الأسبوع، وفق بيانات على موقعها الإلكتروني.
اقرأ أيضاً«BMI» تتوقع تباطؤ التضخم السنوي في مصر لـ 27.8% يونيو 2024
استطلاع رأي لـ رويترز يتوقع انخفاض قراءة تضخم شهر يونيو في مصر لـ27.5%
قبل الإعلان عن التضخم في الولايات المتحدة.. الهبوط يضرب أسعار الذهب
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: سعر الفائدة الفيدرالي الأمريكي سندات الخزانة الأمريكية التضخم في الولايات المتحدة بنک الاحتیاطی الفیدرالی
إقرأ أيضاً:
زحزحة المعتقدات وسؤال الهُوية في رواية عائدٌ إلى حيفا
غسّان كنفاني، كما هو معلوم، يحتلُّ مكانةً مهمةً في الأدب الفلسطينيّ وفي خدمة القضيّة وزيادة اتّساع انتشارها بأدبه، الّذي يحتلُّ لديّ، كما لدى الكثيرين، مكانةً مُحبّبة قريبة، وفي كلّ مرة أقرأُ أعمالَه، أشعرُ باتّساعٍ جديد، وبحزنٍ يتجدّد. أعودُ هذه المرّة لأتأمّلَ في رواية "عائدٌ إلى حيفا" حول الهُويّة والسؤال ودورِه في "زحزحة" المعتقدات والثّوابت وبالتّالي في التّغيير، والحرب ودورها في كلّ ذلك.
تدورُ الرواية في مشهدين فقط لكنهما يتشعّبان، بالحوار وبالذّاكرة، ليشملا عشرين سنة من تاريخ القضيّة الفلسطينيّة بدءًا من معركةِ حيفا في 21 أبريل 1948 إلى حزيران 1967. تبدأُ الرواية بمشهدِ دخول "سعيد س." وزوجتُه "صفيّة" إلى مشارف حيفا وهما يعودان إليها لإلقاء النظر على منزلهما هناك كما ادّعيا، بعد أن فتح الاحتلال الحدود وسمَحَ بالزيارة، ولكنّهما في الأصل ذهبا أملًا في الوصول إلى أيّ خبرٍ عن ابنهما "خلدون" الّذي تركاه هناك منذ عشرين عامًا يومَ سقطت حيفا على يد الاحتلال وبسبب الهجوم المفاجئ الّذي وقع في ذلك اليوم وما حَدَثَ من هولٍ ورعب وفوضى؛ نسيا الطفل "خلدون" في المنزل ثمّ هُجّرا مع مًن هُجِّر من أهل القرية بدون ابنهما ذي الخمسة أشهر. ثمّ وصَفَتْ الرواية الحوار الّذي دار بينهما وبين "دوف"، ابنهما الّذي أصبح يهوديًّا ويعملُ جنديًّا في احتياطِ جيش الاحتلال، وانتهى الحوار بمعرفتهما بفقدان ابنهما إلى الأبد بعد أن عرفا أنهم أعداء في الحرب.
يطرحُ بطلُ الرواية "سعيد س." تساؤلاتٍ عديدة حول أمورٍ جوهريّة عديدة كالحرب والاحتلال والهزيمة وأثرها عليهم وعلى مَن يُلقَى اللوم في الصراعات، ويتساءلُ عن مفاهيم الأبوّة والبنوّة والوطن والهُويّة. أدّت هذه التّساؤلات إلى زحزحةِ معتقدات ثابتة لديه وإعادة تعريفها. وهو تغيير فكري يُراد به إحداث تغيير على أرض الواقع وهذا يدلّ على قيمة السؤال.
أتساءلُ عن السبب الّذي أثار لديه تلك التساؤلات والحوارات الفلسفيّة منذ خروجهم إلى حيفا وعند دخولهم لمنزلهم المسلوب وخلال حواراتهم مع "دوف" وأمّه اليهودية الّتي ربّته، هل هو عودةُ الذاكرة فجأةً بعد سنوات من محاولة تجاهلها، كما وصفهُ كنفاني عند استرجاع "سعيد س." لذكرياته في بلدته وفي يوم سقوط حيفا المشؤوم، "وفجأة جاء الماضي، حادًا مثل سكين" (كنفاني، 13) أو حين قال: "جاء الماضي الرّاعب بكل ضجيجه" (13)؟ أم أنّ السبب هو الغضب المكتوم الّذي تفجّر في الموقف؟ أم صدمتُه بتحقّق ما كان يخشى تصديقَه وخيبتُه من الواقع؟ أم أنّها الحرب هي مَن تُسبّب الحاجة لطرح التساؤلات وإعادة تعريف المعروف؟ أذكرُ هنا قول زيجمونت باومان: "أما إذا لم نلح عليهم (الناس)، لما لعبوا لعبة التعريف أبدًا، ولِمَ ينبغي لهم ذلك؟ فالمرء يستوعب أغلب الأشياء التي تعجَ بها حياته اليومية حتى يُسأل عن تعريفها، وقلما يضطر إلى تعريفها ما لم يُسأل عن ذلك أصلًا، فالطريقة التي يفهم بها المرء تلك الأشياء... كانت كافية بل ومحكمة كما يجب..." (باومان، 2019، 172) فكما لو كانت الحرب وتبعاتها هي ما اضطرّت "سعيد س." إلى التساؤل وإعادة التعريف.
أتخيّلُ فكرة العودة للبحث عن "خلدون" كفكرة النّبش في الهُويّة، المُتمثّلةِ في أهمّ عناصرها وهو الوطن، والتّساؤل عنها. ظلّ التّعريف الأول للهُويّة، الوطن، لدى "سعيد س." و"صفية" ساكنًا لمدّة عشرين سنة في استقرارٍ مُطمئن في فكرة الماضي: الذاكرة، البيت، ريشة الطاووس، المزهرية، صورة القدس على الجدار، حيفا، الحليصة، خلدون. ثمّ فجأةً، وُلِدَتْ الحاجة للبحث عن تعريفٍ جديدٍ لها لمّا فُتِحت الحدود وأصبحَ بإمكانهما العودة للوطن واختبار تعريفهما على أرضِ الواقع، البحث عن "خلدون"، ووقتها عرف "سعيد س." "أن لا فرار، وأن الفكرة التي كانت هناك طوال عشرين سنة قد ولدت، ولا سبيل إلى دفنها من جديد،" (25). ثمّ، ونتيجةً لذلك، طفَتْ التساؤلات الّتي مهّدت لاختبار تلك الهُويّة: ما الوطن؟ ما الأبوّة؟ ما البنوّة؟ وكان الوصول إلى البيت والمواجهة مع "خلدون"، الّذي أصبح اسمه "دوف"، هي اللحظة الفارقة الّتي انهارت فيها الهُويّة القديمة واُستبدلت بهُويّة جديدة، كما وصفها الراوي" وشعر سعيد بأن جميع الجدران الّتي عيّش نفسه طوال عشرين سنة داخلها قد تكسرت وصار بوسعه أن يرى الأشياء أكثر وضوحًا" (51). تمثّلت الهُويّة الجديدة في التعريف الجديد للوطن: ليس فقط الماضي، بل المستقبل. والمستقبل كما يراه الآن يحتاج إلى حرب وحملٍ للسلاح والّذي سيُحقّقهُ "خالد" ابنهما الآخر الّذي كان يرغبُ في الانضمام إلى المقاومة، وبالتّالي انتقلت الهُوية لديهم من "خلدون" إلى "خالد"، وهذا فيه إعادة تشكيل لمفهوم الوطنيّة وحبّ الوطن ليعني المقاومة والثورة كسبيل لاسترجاعه. وفيه أيضًا تعديل مهم وهو كون القضية الّتي يؤمن بها الفرد مُكوّن أساس في تشكيله وتشكيل هُويته، وقد ظهرَ هذا التغيير في التصوير الفنّي للرواية جليًّا في التغيير السريع المُفاجئ في صورة "خلدون"، الهُويّة القديمة، إذ أصبحَ يُمثّلُ العدوّ وقُلبت صورته مباشرةً لتُصبح كريهة وساخرة وأصبح يُطلق عليه "الشّاب"؛ إذ ما عاد جزءًا من هُويّتهما بالرغم من اتّصاله بهما "بالدم واللحم"؛ ذلك لأنّه تبنى قضيّة أخرى مُحاربة لهما وقد تخلّى عن أبوّتهما وأعلن الحرب عليهما بسبب تلك القضيّة؛ فـ"الإنسان في نهاية الأمر قضيّة" كما أعلن لهما صراحةً. وبالتّالي تغيّرت نظرة "سعيد س." للأمور بناءً على تغيّر هُويته، قضيّته. تغيّر مفهوم الوطن، والثورة، وحمل السلاح، والنضال المُستعدّ لإكمال حياته فيه.
يُصوّرُ غسان كنفاني فقد الوطن بفقد الابن، ويصفُ من خلال هذه القصّة المشاعر المتداخلة للضحية من ضعفٍ وقلّة حيلة وظلم ويأسٍ أمام جبروت العدوّ المحتلّ مقابل الشعور بقلّة إمكانيّاتهم وقدرتهم، إلى جانب شعورهم بالخيبةٍ والذلّ، كما شَعَرَ "سعيد س." و"صفية" لمّا فكّرا بالعودة إلى حيفا بعد أن سَمَح الاحتلال بذلك ورؤيتها كما "يُرونها لـ(ـهم)" (10)، والحيرة والضياع "تراه عما يبحث؟ (23)، وحسرةٍ وندمٍ ولومٍ للذّات على عدم التمسك بالوطن وشعورٍ بالاشتراك في الجريمة "لقد بدأت الجريمة قبل عشرين سنة، ولابد من دفع الثمن..بدأت يوم تركناه هنا" (50)، كما تركا ابنهما في يوم المعركة، وشعورهما بعدم بذل الجهد الكافي في الدّفاع عن الوطن ومحاولة العودة والمطالبة بحقّهم من السّارق المُحتلّ، كما حصل مع عدم قدرتهما على الوصول لابنهما بعد تهجيرهم، ثمّ ومع كلِّ ذلك، وبعد أن شاهدا وسمِعا الأمر على حقيقته في منزلهما المسلوب المسكون بالمُستعمِر، شَعَرا بالهزيمة والمرارة والغضب الّذي جدّد لديهما الرغبة في المقاومة كونها الوسيلة الوحيدة لإعادة الأمل بعودة الوطن إليهم وعودتهم إليه.
أعتقدُ أنّ مِن شأنِ فقدان الهُويّة، الأرض في هذه الرواية، أن يُسبّب كلّ هذا الاهتزاز المشاعري، الّذي يؤدّي بدوره إلى زحزحة للمفاهيم لخلق تعريفات جديدة تُساعدُ على التّحرر والعودة إلى الاستقرار والثّبات. أعادت الرواية تعريف مفاهيم جوهريّة كالهُوية والوطنيّة وهو أمرٌ في غاية الأهمية في إعادة توضيح الأدوار التي يلعبها الشخص في القضايا الّتي يؤمن بها والّتي تُشكّلُ هُويتَه.
ذكرى البيمانية كاتبة عمانية