الحسين بن علي بن أبي طالب.. سبط الرسول الذي قتل في كربلاء
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ابن ابنته فاطمة الزهراء) ولد عام 4 هـ، وعاش في كنف النبوة، وأحبه النبي حتى قال "حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا"، وقتله عبيد الله بن زياد مع 18 من أهل بيته وعشرات من أنصاره زمن تولي زيد بن معاوية بن أبي سفيان الخلافة.
ولد الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي رضي الله عنه، ابن السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الثالث من شعبان من العام الرابع الهجري، الموافق لـ10 يناير/كانون الثاني 626 م.
هو ثاني أولاد الإمام علي والسيدة فاطمة، بعد الحسن الذي ولد يوم 15 رمضان من السنة الثالثة للهجرة، فيكون بين الأخوين نحو 11 شهرا و11 يوما، وبعدما مضى على زواج علي وفاطمة رضي الله عنهما نحو عامين و6 أشهر، وكان عمر الإمام علي حينها نحو 27 عاما، وعمر السيدة فاطمة نحو 22 عاما.
وجاء مولد الحسين بعد نحو 3 أشهر من وفاة حفيد آخر للرسول عليه الصلاة والسلام، هو ولد ابنته أم كلثوم؛ عبد الله بن عثمان بن عفان، وبعد وفاة أخ النبي من الرضاعة أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن مخزوم القرشي، ابن عمة الرسول برة بنت عبد المطلب، ورضيع ثويبة مولاة أبي لهب التي أرضعت الرسول.
وقد فرح الرسول لولادة الحسين فرحا كبيرا، فقد جاء في الخبر أن النبي لما عرف خبر المولود جاء إلى بيت علي فقال "أروني ابني، ما سميتموه"؟ فقال علي: حرب. فقال الرسول "بل هو حسين"، وكذلك سمى الحسن معترضا على اختيار علي اسم "حرب" أيضا، ولم يكن اسما "الحسن" و"الحسين" معروفين عند العرب.
النشأة في كنف النبوةعاش الحسين في رعاية جده رسول الله بين ست وسبع سنوات من طفولته الأولى، وناله حظ كبير من العطف النبوي، ورأى الرسول في الحسنين نسله وذريته، ورويت أخبار كثيرة في ذلك.
فقد كان الرسول يذهب إلى بيت السيدة فاطمة فيقول لها "ادعي لي ابنيّ"، وحين يراهما يشمهما ويضمهما. وكان ينادي الحسين بدعابات عربية مشهورة فيقول: "ادع لي لكع" أي الصبي الصغير.
وكان يلاعبهما ويحملهما على كتفه فيهدهدهما ويقول لكل منهما "حزقة حزقة ارق بأبيك عين بقة"، فيصعد كل منهما على عاتقه. و"حزقة": الصغير البدين الذي يتعثر في خطواته، و"عين بقة" يا أيها الصغير.
وكان الرسول يقبل على الحسن والحسين بكل الحدب والحنو ورقة القلب، حتى إنه لينزل من على المنبر حين يراهما يجريان في ساحة المسجد يتعثران في ثوبيهما ويتلو "إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ".
ويصلي ويسجد فيرتقيان على كتفيه فيطيل السجود حتى يظن الناس أن أمرا حدث أو أنه يوحى إليه، ولكنه يقول بعد تمام الصلاة "ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجّله". ويحملهما على كتفيه وهو يعلّم أصحابه. وكان يمر ببيت فاطمة فيسمع بكاء الحسين فيقول "يا فاطمة أسكتيه ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني"، ثم يأخذه ويمسح دموعه ويضمه ويرضيه.
ويبدو أن هذا النوع من الدلال لم يكن مألوفا عند العرب في ذلك العصر، فالأقرع بن حابس من كبار بني تميم رأى رسول الله وهو يقبّل الحسن فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم، فيقول الرسول: "من لا يَرحم لا يُرحم".
ولا بد أن مجموع هذه الأخبار وغيرها قد أسست في قلوب الصحابة عاطفة كبيرة للإمامين الحسن والحسين بقدر محبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم، خاصة أنه عليه السلام ربط بين حبه وحبهما، فقال "من أحب الحسن والحسين فقد أحبني"، وخص الحسين بالذكر، فقال "حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا".
أنصار حزب الله في بيروت خلال يوم عاشوراء الذي يخلد فيه الشيعة ذكرى مقتل الحسين (أسوشيتد برس) آل البيتفي سنوات الطفولة التي قضاها الحسين في كنف النبوة وقعت لرسول الله حوادث في بيته، منها وفاة ابنته السيدة زينب عام 7 هجرية، ومولد ابنه إبراهيم عام 8 هـ ثم وفاته عام 10 هـ، ووفاة ابنته السيدة أم كلثوم في شهر شعبان سنة 9 هـ، ليلحقوا بالسيدة رقية التي توفيت في عام 2 هـ، وبهذا لم يبق للرسول من نسله حين وفاته في سنة 11 هـ سوى السيدة فاطمة وأولادها، وقد سمت بناتها بأسماء بنات الرسول المتوفيات رقية وأم كلثوم وزينب.
ولهذا يطلق مصطلح "آل البيت" حصرا على هذا المجموع الذي سمي أفراده أصحاب الكساء الأربعة لحديث "خرج النبي غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قرأ قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (سورة الأحزاب الآية 33).
ووردت آراء تتوسع في إطلاق مصطلح آل البيت ليشمل جميع بني هاشم وجميع زوجات النبي، ومنهم من يتوسع فيه حتى يطلقه على كل من اتصل بالنبي بنسب أو قرابة.
ولا يمنع الرأي الأول من دخول زوجات النبي في مفهوم آل البيت، فقد أخذن صفة "أمهات المؤمنين"، وأخذت كل منهن حكم الأم الوالدة في فروع فقهية بحكم قرآني، ولكن الرسول لم يعقب (لم يخلف أولادا) من أي منهن، فبقي المصطلح في الأبناء والأعقاب.
الحسين في عهد الراشدينوبقي الحسن والحسين في عهد أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- محل المحبة والإجلال والتوقير والتكريم على حداثة سنهما، فأبو بكر كان يخرج من صلاة العصر فيجد الحسن يلعب فيحمله ويغني له "بأبي.. شبيه بالنبي.. لا شبيه بعلي" وعلي يضحك، وهو كلام منسوب أيضا للسيدة فاطمة.
وكان أشد ما ألمّ بالطفلين وفاة أمهما السيدة فاطمة الزهراء حبيبة النبي في الثاني من رمضان سنة 11 هـ، أي بعد وفاة أبيها خاتم النبيين بنحو 6 أشهر، ماتت وهي في ريعان شبابها قبل أن تكمل الثلاثين، وتركت ولديها وهما في سن الطفولة المبكرة.
وفي أواخر عهد عمر بن الخطاب كان الحسين قد كبر وتجاوز الطفولة إلى الصبا، فكان الخليفة يدعوه لزيارته، فيدخله قبل المهاجرين والأنصار، ويقدمه على عبد الله بن عمر ويقول له "أنت أحق من ابن عمر، فإنما أنبت ما في رؤوسنا الله ثم أنتم"، وجعل للحسنين من العطاء مثل ما لأبيهما وعاملهما فيه معاملة أهل بدر، وحين كسا أبناء الصحابة لم يرض لهما إلا أفضل مما لغيرهما، فأرسل إلى عامله في اليمن أن يبعث له بحلتين فكساهما الحسن والحسين.
ومع بداية عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه (23 هـ إلى 35 هـ) كان الحسين قد شبّ وبلغ الـ19 من عمره، فبرزت مكانته الاجتماعية ودوره في المجال العام، وخالط الصحابة وحدثهم وأدلى برأيه في أمورهم. وشارك في فتح إفريقية (تونس حاليا) مع جيش كان على قيادته عقبة بن نافع، ثم شارك في فتح طبرستان عام 30 هـ في جيش كان على قيادته سعيد بن العاص.
وبقي مُقام الحسين بالمدينة حتى انتقل مع أبيه إلى الكوفة، فدخلها في أول رجب عام 36 هـ بعد موقعة الجمل، وتختلف الأقوال في حضور الحسن والحسين موقعتي الجمل وصفين، وتروي بعض المصادر أن عليا كان يضن بهما عن هذا الصراع.
خلافة الحسنطُعن الإمام علي غيلة وهو في طريقه إلى المسجد في رمضان عام 40 هـ، فطلب منه زوّاره أن يستخلف الحسن فأبى، وفضل أن يترك كما ترك رسول الله بلا استخلاف، وبعد وفاته متأثرا بالطعنة المسمومة بايع قيس بن سعد بن عبادة الحسن فسكت الإمام فبايعه الناس، فصار هو الخليفة من بعد أبيه.
ورأى أهل شورى الحسن ضرورة تصفية التمرد الذي كان يقوده معاوية بالشام، فخرج في جيش ومعه قيس بن سعد وعبيد الله بن عباس، وفي الطريق خرجت شائعة بأن قيسا قد قتل، فاختل الجمع وشاعت الفوضى وانفضّ الناس وكثر النهب، حتى إنهم نهبوا الإمام الحسن وأصابته منهم طعنة، فلم يجد حينها بدا من مراسلة معاوية على الصلح، فتم ذلك وسمي عام 41 هـ عام الجماعة.
أما الإمام الحسين فرفض هذا الصلح، لكنه كظم غيظه وأطاع أخاه وهدّأه الحسن حين قال له في إشفاق الأخ الأكبر "لقد هممت أن أحبسك فلا أطلقك حتى ينتهي هذا الأمر". ثم جاء حجر بن عدي الكندي، وهو من قادة جيش علي رضي الله عنه إلى الحسين وعاتبه على قبول الصلح وألح عليه في معاودة القتال حتى قال له "أطعني اليوم واعصني الدهر"، ولكن الحسين أبى وقال "إنا قد بايعنا وعاهدنا ولا سبيل لنقض بيعتنا".
وبهذا استمرت خلافة الحسن بن علي 7 أشهر لتكمل هذه المدة عقد 30 سنة هي فترة الخلافة الراشدة، وقد قضى بيت علي بن أبي طالب هذه العقود الثلاثة في عمل مستمر لم ينقطع ومشاركة مشهودة في الأمر العام دون عزلة. ففي البداية تأخرت بيعة علي لأبي بكر الصديق، فلم يعطها إلا بعد وفاة السيدة فاطمة، ولكن هذا لم يمنع من أنه كان من كبار المستشارين ومقدمي الصحابة عند الخلفاء الثلاثة قبله، وتقول بعض الروايات إن عليا كان كارها منكرا لكل شيء في هذه الحقبة، ولكن تفنّد ذلك أخبار كثيرة تذكر أبا الحسن في النخبة المختارة لدى الخلفاء الثلاثة، يعرفون قدره ويرجعون إليه في ما صعب عليهم وعلى غيرهم، وكان عمر بن الخطاب يقول في ما عسر فهمه "قضية ولا أبا حسن لها"، وقد سمى الإمام علي أبناءه الذين رزق بهم في زمن الخلفاء الثلاثة أبا بكر وعمر وعثمان.
شيعة خلال عطلة الأربعين يوم في ذكرى استشهاد الحسين بن علي رضي الله عنه (أسوشيتد برس) في عصر معاويةحين تنازل الحسن أعطى معاوية في الصلح شروطا أدت إلى إطفاء النزاع وهدوء الناس، منها أن يلتزم بأن خلافته مخصوصة به، فإذا انقضت رجع الأمر شورى بين الناس، ومنها كفّه عن سب الإمام علي كرم الله وجهه.
وإن لم يلتزم معاوية بشروطه بعد ذلك فقد تردد على ألسنة الناس حينها حديث نشر السكينة في النفوس، وهو الخبر عن النبي أنه قال في الحسن "إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".
ولكن تردد حديث آخر هو "النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون…". والواضح من احتجاجات الأمويين أنهم فسروا هذا الحديث على أن خلافتهم قدر لا مهرب منه، ولهذا نشروا مذهب الجبرية.
في الكوفة سكن الحسن إلى أن برئت جراحه من طعنة أنصاره ثم رجع ومعه الحسين وعبد الله بن جعفر وأولادهم إلى المدينة.
بدأ عهد معاوية بانقلاب شامل على تقاليد الحكم أيام الخلفاء الراشدين، فالخلفاء الأربعة ومعهم الإمام الحسن كانوا لا يرون أنفسهم ملوكا، ثم جاء معاوية فأقام ملكا وجدّ في حمايته وجعل كل سياسته من أجل صيانته ودرء كل خطر عنه، وأعانته على ذلك شخصية تجمع بين الحلم والدهاء والحزم، كان همّ الخمسة أن ينصفوا الرعية من أنفسهم، بينما كانت خطة معاوية أن يحمي السلطان من شغب الرعية وطموحات المنافسين.
فعقيل بن أبي طالب يطلب المال من أخيه، فيأبى الإمام علي أن يطلق يده في أموال الدولة، فيذهب إلى معاوية فيعطيه ويغدق عليه، ثم يطلب منه أن يفضله على علي، فيقول عقيل "عليّ خير لي في ديني وأنت خير لك في دنياي، وقد اخترت دنياي وأسأل الله خاتمة خير" وهي قصة تظهر الفارق بين مثالية الخلافة وسياسة الملك.
لخصت خطبة الحسن بن علي الموجزة في التنازل لمعاوية رأيه في شرعيته وعهده حيث قال "وإني رأيت أن أصلح بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وكنت أحقهم بذاك، إلا أنا قد بايعنا معاوية "وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ"". فهو حكم الأمر الواقع وإيثار حقن الدماء.
وقد تعرض ابن بنت رسول الله لمحاولة اغتيال بسبب هذا الموقف المسالم، ودعاه أحد الغاضبين "يا مذل المؤمنين"، ووافق الحسين على مضض وعلم معاوية أنه أمام موقف خطر فكان يتقرب إلى الحسن والحسين ويلهج بالثناء عليهما أمام الناس.
عاش الحسن حياة هادئة بعد الصلح والتنازل، وانصرف إلى العبادة والذكر ولزم المسجد النبوي وأطال المكث فيه مع أنه قد انتهت إليه رياسة البيت الهاشمي، وبقي أخوه الحسين في طاعته يستحيي أن يتقدم عليه في شيء.
درهم فضي على الطراز الساساني ضُرب باسم عبيد الله بن زياد الذي أمر بقتل الإمام الحسين (شترستوك) وفاة الإمام الحسينجاءت سنة 49 هـ لتكون الأشد على الإمام الحسين، ففي بداياتها أحس بالسم يسري في جسده وهو في مختتم الأربعينيات، ولم يشأ أن يخبر أخاه الثائر بمن سممه حتى لقي ربه، وقد اتفقت المصادر السنية والشيعية على أن الإمام الحسين مات مسموما، وتقول مصادر شيعية وأخرى سنية إن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس بن معدي كرب سممته بإيعاز من يزيد بن معاوية، وقد لقب الحسن لذلك في الأدبيات الشيعية بالإمام المسموم، وتتخذ إيران يوم 29 صفر عطلة رسمية، ويعد يوم عزاء لأنه اليوم الذي يراه الفقهاء في إيران أيضا يوم عزاء في وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وعندما حضرته الوفاة طلب الإمام الحسن من أخيه أن يدفنه بجوار النبي، وقال له "ادفني عند أبي إلا أن تخاف الدماء فادفني في مقابر المسلمين". فلما توفي استأذن الإمام الحسين عائشة في دفن أخيه عند النبي فأذنت له، ولم يعرض له سعيد بن العاص والي المدينة، إلا أن مروان بن الحكم جمع بني أمية وشيعتهم لمنع ذلك، فلبس الحسين السلاح ومعه نفر من الهاشميين، فذكره بعض الصحابة بشرط أخيه (إلا أن تخاف الدماء).
وبعد وفاة الحسن وجد الحسين نفسه في صدارة البيت الهاشمي فالتزم بما أعطاه أخوه ووفى لبيعته لا يغير ولا يبدل، وقد حضر غزو القسطنطينية عام 51 هـ.
وزاد معاوية في استرضاء الحسين وهو يعلم أن الموقف قد تغير، فأبو عبد الله ليس كأخيه، فجدّ معاوية في تصفية حالة التعاطف مع الطالبيين لما رأى استمرارها خطرا عليه أو انتقاصا من شرعيته، فأكثر خطباؤه من التذكير بحادث مقتل عثمان وما وقع عليه من ظلم، والثناء على مطالبة معاوية بإنصاف الشيخ، في مقابل انتقاد الإمام علي وتكرار الحديث عن أخطائه، حتى انقسم الناس إلى علوية وعثمانية، وقد كتب الأديب عمرو بن بحر الجاحظ رسالة في ذلك.
أشاعت هذه الدعايات حالة من الغضب والثورة في نفوس أنصار الإمام علي، ومنهم حجر بن عدي الصحابي المشهور، وكان حجر يعيش في الكوفة وله أنصار وعشيرة، فكان يعترض على ولاة معاوية في تفنيدهم للإمام علي، فأما والي الكوفة المغيرة بن شعبة فقد خاف من مواجهته وأظهر زهدا في ذلك، فلما أتى زياد بن أبيه لولاية الكوفة والبصرة معا أناب على الكوفة عمرو بن حريث فجعله في مواجهة حجر، فحدث الصدام المتوقع، ورأى الأمويون في حجر خطرا عليهم، فأرسلوه مع نفر من صحبه إلى معاوية في الشام، فعمل فيه بنصيحة زياد ابن أبيه ورأى أن من سياسة الملك أن ينهي خطرا في الكوفة استمر 10 سنوات، فقتل حجر بن عدي عام 51 هـ ثم أبدى ندما على ذلك بعدما تخلى عنه حلمه.
فرض نمط الحكم الجديد نفسه على نهج معاوية، وعمل برأي حاشيته، وقد أرسلت السيدة عائشة إلى معاوية للشفاعة في حجر وأصحابه، وقال له رسولها عبد الرحمن بن الحارث "أين ذهب عنك حلم أبي سفيان؟" فرد عليه "حين غاب عني مثلك من حلماء قومي، وحملني ابن سمية (زياد ابن أبيه) فاحتملت".
وقد اعترض أيضا عبد الله بن عمر على ما فعله معاوية، وغضب الحسين غضبا شديدا وأرسل إليه رسالة ينكر فيها ذلك.
الحوادث التي جرت في عهد معاوية؛ مثل شتم علي بن أبي طالب، وقتل حجر بن عدي وجماعة من أصحابه المناصرين لآل البيت، وقتل 3 رجال لأنهم اعترضوا على سب الإمام علي، ومنع دفن الحسن بجوار جده صلى الله عليه وسلم، وتسلط عدد من غلاظ القلوب بعد توليتهم في عدد من الأمصار، أمثال زياد ابن أبيه، هذه الحوادث والسياسات أغضبت الحسين وشيوخ الصحابة كعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر، وصنعت حالة من المعارضة والرفض لسياسات معاوية.
ولما ضاقت خيارات الإنكار وإبداء الرأي لجأ هؤلاء الصحابة إلى الدعاء، حتى نقل رواة الأخبار أن زياد ابن أبيه طلب من معاوية أن يضم له الحجاز إلى العراق، وقال "إني قد ضبطت العراق بشمالي، ويميني فارغة فاشغلها بالحجاز". فأتى نفر من أهل الحجاز عبد الله بن عمر وأخبروه بذلك، فاستقبل القبلة ودعا وهم يؤمنون، وكان من دعائه "اللهم اكفنا شر زياد". فخرجت طاعونة على إصبع يمينه، فمات زياد منها عام 54 هـ.
كان هؤلاء الصحابة مع ذلك يحفظون البيعة لمعاوية، حتى وإن كانت تسليما بالأمر الواقع وحقنا للدماء، وكانوا ينتظرون الوفاء بما انعقد في تنازل الحسن في عام الجماعة، بأن يعود الأمر شورى بعد انقضاء عهد معاوية، إلا أن الذي حصل غير ذلك.
مرقد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما في كربلاء بالعراق (شترستوك) البيعة ليزيدفي سنة 56 هـ أشار المغيرة بن شعبة على معاوية بأن يجعل يزيد ولي عهده، فوافق، وحاول الأمويون أن يجمعوا المؤيدين، فلما علم الصحابة في المدينة ذلك ضجوا وأعلنوا غضبهم، فغضب عبد الرحمن بن أبي بكر في وجه مروان بن الحكم بلفظ صريح "كذبت والله يا مروان وكذب معاوية، ما الخيار أردتما لأمة محمد، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كلما مات هرقل قام هرقل".
فقال مروان "هذا الذي أنزل الله فيه (والذي قال لوالديه أُفّ لكما) (سورة الأحقاف آية 17). فلما سمعت بذلك السيدة عائشة هالها فصرخت من وراء الحجاب في مروان "أنت فُضَض من لعنة الله". أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا على الحكم بن أبي العاص حينما كان مروان نطفة في ظهره.
وهذه قصة تصور الكثير من أحداث تلك الحقبة، فالسيدة عائشة غاضبة جدا من مروان الذي كان معها في موقعة الجمل وعرفت شره بعدما ندمت على الخروج وعلمت أنه قاتل طلحة، ومروان يتصور الحكم سلطة أبوية بطريركية ويستدل لذلك من القرآن! وعبد الرحمن بن أبي بكر يرى النقلة التي يريدها معاوية محوا لتراث الراشدين وانقلابا إلى ملك عضوض وراثي.
أعلن الحسين إنكاره وجهر به، ومثله فعل عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير، فكتب مروان بذلك إلى معاوية فأتى في ألف فارس وهو في غضب شديد قد فارقه حلمه، فأخذ يعنّف خيار الناس كلما لقي واحدا منهم، كالحسين وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن أبي بكر وعبد الله بن عمر، فلما دخل على عائشة هدد بقتل الأربعة فأنكرت ووعظت، فعاد إلى هدوئه، فرفض ابن عمر مئة ألف درهم لما طلبت منه بيعة يزيد قائلا "هذا أراد؟ إن ديني عندي إذا لرخيص".
ثم جلس معهم وعرض عليهم الأمر فرفضوا، فأخذ يتوعد بالقتل ويقول "إني قائم بمقالة في المسجد، فأقسم بالله لئن رد عليّ أحدكم بكلمة في مقامي هذا لا ترجع عليه كلمة غيرها"، وجمع الناس في المسجد ووضع على رؤوس الكبار سيافين متأهبين، ثم قال إن سادة المسلمين بايعوا يزيد فسكت السادة والسيوف فوق رؤوسهم فبايع الناس.
لم ينه معاوية الموقف، ولكنه جمد الجدل وأجل الثورة، والمؤكد أنه عرف أن أهل المدينة أعادوا النقاش مع كبارهم من الصحابة، وأولهم الإمام الحسين، وأن الجميع عرفوا التفاصيل، وفهموا ما انطوت عليه الأخبية وظهر للناس خلافه.
فلما مرض معاوية وأحس بأنه مفارق قال لابنه يزيد "قد وطأت لك، وكفيتك الرحلة والرجال، وأخضعت لك أعناق العرب، وإني لا أتخوف أن ينازعك هذا الأمر إلا ثلاثة، الحسين بن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير"، ونصحه بأن يميل إلى الصلح مع ابن الزبير، وأن يترك ابن عمر لأنه سيسير مع الناس، وألا يعامل الحسين إلا باللين.
مات معاوية في رجب عام 60 هـ ليتم في الملك تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر، بعدما رحل معظم أعوانه، عمرو بن العاص (توفي 34 هـ)، والمغيرة بن شعبة (توفي 50 هـ) وزياد ابن أبيه (توفي 53 هـ)، وبويع ليزيد وعمره 34 سنة، فكان رجاله عبيد الله بن زياد ابن أبيه، وشمر بن ذي الجوشن، ومسلم بن عقبة، وعمر بن سعد بن أبي وقاص الذي أغضب أباه بجلد ربيبه فدعا سعد عليه قائلا: اللهم اقتله وأسل دمه.
ويقارن الكاتب والأديب العربي عباس محمود العقاد بين الفريقين، فيقول: كان أعوان معاوية ساسة وذوي مشورة، وكان أعوان يزيد جلادين وكلاب طراد.
شيعة يسيرون من النجف نحو كربلاء لزيارة مرقد الحسين (شترستوك) الحسين في مكةوكان أول عمل ليزيد رسالته إلى أمير المدينة ابن عمه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان بأن يأخذ الحسين بن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالشدة ويكرههم على البيعة، فأما ابن عمر فكان في مكة ورأيه أنه إذا بايع الناس بايع، كما توقع معاوية، وأما عبد الله بن الزبير فاستدعي فماطل يوما وليلة حتى ركب مع مواليه وأخيه إلى مكة، فلم يقدروا على رده.
وأما الحسين فأجاب الدعوة، ولم يبايع، وأشار مروان بن الحكم بقتله، فعظم ذلك على الوليد وتهيبه، ثم سنحت للحسين الفرصة بتشاغل الوليد بأمر ابن الزبير، فخرج هو مع جميع أهله إلا محمد بن الحنفية وقصد مكة لليلتين بقيتا من رجب، فعزل يزيد الوليد بن عتبة عن المدينة، وأضافها إلى عمرو بن سعيد بن العاص أمير مكة، فكان الحسين في طريقه إلى مكة وعمرو في طريقه إلى المدينة فلما بلغها أخذ يجلد ظهور أعيانها؛ المنذر بن الزبير ومحمد بن عمار بن ياسر وعثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام.
ومن عجيب الأخبار أن عمرو بن سعيد بن العاص ولى شرطة المدينة عمرو بن الزبير، فتتبع أصحاب أخيه وضربهم ضربا شديدا ولم يستثن أخاه المنذر بن الزبير وابن أخيه، بل ألح على عمرو بن سعيد أن يرسله إلى مناجزة أخيه في مكة، ولما حاول مروان بن الحكم تهدئته اشتد وأقسم "والله لنغزونه ولو في جوف الكعبة"، فقال مروان "والله إن هذا ليسرني". وبقي سادرا في عنفه حتى هزمته قطعة جيش بعثها عبد الله بن الزبير وعلى رأسها عبد الله بن صفوان بن أمية، ثم عوقب عمرو بن الزبير بمن جلدهم في المدينة، إلا أن أخاه المنذر وابنه رفضا أن يعاقب عمرو بضربهما.
أقام الحسين بمكة والتف حوله الناس ووفدوا عليه من كل حدب وصوب يجلسون حوله ويستمعون كلامه، وكان عبد الله بن الزبير يتردد عليه مع الناس، ومع عظم صيته ببلاد الحجاز بغلبته على شرطة الأمويين في أكثر من لقاء لم يستمر ابن الزبير في الحديث عن طموح سياسي في وجود ابن بنت رسول الله في مكة.
وطفقت الكتب تفد إلى الحسين من العراق في النصرة والاستعجال يقولون "اخضرت الجنان وأينعت الثمار ولطمت الجمام، فإذا شئت فأقدم على جند لك مجندة". فلما كثرت الرسائل والتوسلات قرر الحسين إرسال ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليكشف له حقيقة الأمر في العراق.
مسلم بن عقيل في الكوفةوبعد رحلة شاقة بلغ مسلم بن عقيل الكوفة ومعه كتاب الحسين إلى أهلها، فنزل على هانئ بن عروة، فلما سمع الناس بخبره توافدوا عليه يبايعون الإمام الحسين ويفدونه بأنفسهم، حتى اجتمع له 18 ألفا، فكتب مسلم إلى الحسين ليخبره بأن السبيل ممهدة وأن الناس تتزايد في التأييد.
أما النعمان بن بشير والي الكوفة على عهد يزيد فلما انتشر أمر مسلم بن عقيل أعلن أنه لن يقاتل من لا يقاتله، ثم كتب إلى يزيد، فعزله يزيد وضم الكوفة إلى عبيد الله بن زياد ابن أبيه مع البصرة.
سار عبيد الله إلى ولايته الجديدة، فلما بلغ قصر الإمارة بالحيلة والتخفي أخذ يبث جواسيس حتى علم بمنزل مسلم بن عقيل فنادى "الصلاة جامعة"، فلما جاء الناس خطبهم وتوعد وهدد، ثم دعا أمراء القبائل وعرفاءهم فهددهم واستمالهم حتى كسبهم، بل وأتوه بآخرهم وهو هانئ بن عروة الذي نزل عنده مسلم بن عقيل، فضربه عبيد الله بن زياد ليسلمه ضيفه فأبى.
وذهب مسلم بن عقيل إلى القصر بأربعة آلاف ليخلص ابن عروة، فخذّلهم أمراء القبائل وهددوهم بالموت وأمروهم بالانصراف وأشاعوا الخوف في المدينة فأسرع الناس إلى ذويهم يتخطفونهم من وراء مسلم بن عقيل، حتى إنه لم يبق معه إلا 500، ثم أصبحوا 30، فصلى بهم المغرب فما انصرف من صلاته حتى وجدهم 10، فخرج معهم فانفضوا عنه، وبقي وحده هائما على وجهه لا يجد دليلا يأخذه إلى طريق العودة، ولم يبق له همّ إلا أن يعلم ابن بنت رسول الله بالغدر والخذلان الذي حصل له.
وجدّت شرطة ابن زياد في البحث عن مسلم بن عقيل فقبضوا عليه، فأخذ يصيح في الناس ليعلموا الحسين بما جرى حتى يرجع، وفي محاولة أخيرة قبل القتل أسرّ مسلم إلى عمر بن سعد بن أبي وقاص بطلبه أن يبلغ الحسين بحقيقة الحال ويسدد عنه دين 700 درهم، واستحلفه بالقرابة، ولكن عمر أبلغ ابن زياد.
أنصار لحزب الله أثناء مسيرتهم خلال يوم عاشوراءفي بيروت يوم12 أكتوبر/تشرين الأول 2016 (أسوشيتد برس) الرحلة الأخيرةقتل مسلم بن عقيل يوم التاسع من ذي الحجة سنة 60 هـ يوم عرفة، وخرج الإمام الحسين من مكة يوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية بعدما أمضى بمكة 27 يوما من شعبان ورمضان وشوال وذا القعدة و8 أيام من ذي الحجة، وألح عبد الله بن عباس عليه في عدم الخروج، فرفض الحسين التراجع، وتابعه ابن عمر على مسيرة 3 أيام من مكة واعتنقه وبكى فلم يطعه، وحاول معه أبو سعيد الخدري، وعرض عليه ابن الزبير أمورا فرفض، وعرضوا عليه أن يلاقي الناس في الموسم ولا يرحل عن مكة في يوم التروية فأبى.
كان القوم ينهون الحسين عن الانحياز للذين قتلوا أباه عليا وطعنوا أخاه الحسن، وكان الحسين يعلم أنه مقتول على كل حال، لأنه لن يبايع يزيد، فكان لا يطيق أن يستحل البلد الحرام وهو فيه، وكان يقول "رأيت رسول الله في المنام وأمرني بأمر وأنا ماض له ولست بمخبر به أحدا حتى ألاقي عملي". وكان الناس يرون شيئا فظيعا يلوح في الأفق ولا يقدرون على الحسين.
سار الحسين إلى وجهته ومعه 19 رجلا من بني عبد المطلب ونساء وصبيان، وفي أول الطريق لقيه الفرزدق الشاعر وكان في مسيره إلى الحج فسأله الحسين عن أهل الكوفة، فقال الفرزدق "الناس قلوبهم معك وسيوفهم عليك". ولكن الحسين مضى في سبيله، فكان لا يمر بماء من مياه العرب إلا اتبعه ناس، كما خف إلى متابعته جماعة من الحجيج قالوا "لما قضينا مناسكنا لم يكن لنا همّ إلا اللحاق بالحسين". فلما بلغ وادي الرمة وهي الآن قريبة من الكويت أرسل إلى أهل الكوفة يذكرهم بعهدهم، ولكن رسوله قيس بن مصهر الصيداوي قبض عليه في القادسية ثم قتل في قصر ابن زياد بالكوفة.
فلما بلغ الحسين خبر مقتل مسلم بن عقيل ومقتل رسوله الصيداوي وجاءه خبر خذلان أهل الكوفة، صارح الناس وقال لهم "خذلتنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف من غير حرج عليه وليس عليه منا ذمام". فتفرق عنه الناس يمينا وشمالا ولم يبق معه إلا من خرج بهم من مكة.
بدايات المواجهةأرسل عبيد الله بن زياد قوة من ألف محارب على رأسها الحر بن يزيد التميمي لتحاصر الحسين قبل دخوله الكوفة، فأمر الحسين من معه أن يشربوا ويسقوا خيولهم وخيول محاصريهم، ولما حضرت الصلاة صلى بمن معه ومن مع الحر بن يزيد وخطب فيهم، وذكر برسائل أهل الكوفة إليه وأحضرها من خرجين له وقرأ منها على الجميع، ثم عرض عليه الحر ألا يدخل الكوفة ولا يرجع للمدينة ويبقى في الصحراء حتى يبايع يزيد أو يكتب إلى ابن زياد، ويقول له "لعل الله يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلى بشيء من أمرك".
وأخذ الحسين يسير والحر بن يزيد يحاصره وهو يقصد أن يأتي به إلى ابن زياد بلا قتال، فخرج 4 رجال من الكوفة فانضموا إلى الحسين ومعهم دليل هو الطرماح بن عدي ومنهم مجمع بن عبد الله العامري فسأله الحسين عن أهل الكوفة فقال له "أما أشراف الناس خاصتهم ونخبهم فهم إلب عليك، لأنهم قد عظمت رشوتهم وملئت غرائرهم، وأما سائر الناس فأفئدتهم تهوي إليك وسيوفهم غدا عليك"، ثم عرض الطرماح بن عدي على الحسين المنعة في عشرين ألف طائي فشكره الحسين، ولم يشأ أن يرجع عما جاء له إلى منعة الأعراب.
ولكن ابن زياد أرسل قوة أخرى من 4 آلاف محارب على رأسهم عمر بن سعد بن أبي وقاص، وهدد قائدهم بالعزل والقتل، وكان عمر بن سعد يرجو أن يعافيه الله من حرب الحسين لكنه يطمع في البقاء داخل أروقة السلطة، فكتب إلى عبيد الله بالاستعفاء فأمره أن يحول بينه وبين الماء "كما فعل بعثمان" وأن يعرض على الحسين أن يبايع يزيد ويقول "فإن فعل رأيْنا رأيَنا".
ودارت نقاشات بين الحسين وعمر بن سعد وقيل إنهما اتفقا على مخرج، ولكن شمر بن ذي الجوشن كان عند عبيد الله بن زياد يهيج شره ويحرضه على الحسين، ويصر على أن ينزل ابن بنت رسول الله على حكم ابن زياد، فاجتمع واحد من أشرار الناس وأوباش الأعراب هو شمر مع وال أحمق لا يعرف له أصل هو ابن زياد على أذى خير الناس وهو الحسين.
وأرسل ابن زياد شمر بن ذي الجوشن ليتولى كبرها، وأمره بأن يقاتل الحسين إن لم ينزل على أمره، وأن يقتل عمر بن سعد بن أبي وقاص إن لم يطعه في قتال الحسين، وكتب إلى عمر بن سعد يهدده مرة أخرى، فقال عمر لشمر "أبعد الله دارك وقبح ما جئت به". فخيره شمر بين أن يقود القتال أو يتنحى له، فأبى عمر وتطير من شره.
وقال الحسين "دعونا نصلي ونستغفر هذه الليلة، فقد علم الله مني أني أحب الصلاة له وتلاوة كتابه والاستغفار والدعاء"، وفي المساء أذن لمن معه بالانصراف في ظلمة الليل، وقال لهم "إن القوم يطلبونني"، فقالوا له "لا بقاء لنا بعدك، ولا أرانا الله فيك ما نكره، ولا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة نبيه فيك".
مرقد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما في كربلاء (شترستوك) فاجعة كربلاءولما انجلى صبح الحادي عشر من محرم سنة 61 هـ في كربلاء تواجه الفريقان، الحسين في 32 فارسا و40 راجلا، وطالبوه في 5 آلاف محارب عليهم أشقى أهل الأرض شمر بن ذي الجوشن لا يفهم موعظة ولا يسمع لآية، وكلما نصحه الحسين بشيء قال "لا أفهم"، وذكر الحسين من دعوه إلى الكوفة وناداهم بالاسم وعاتبهم أنهم عاهدوه ثم جاؤوا ليقاتلوه.
ولما رأى الحر بن يزيد أن القوم يصرون على قتل الحسين أو أسره أنكر منهم ذلك، وانحاز إلى الحسين في نفر ممن خرجوا معه، وقال "إني أخير نفسي بين الجنة والنار، والله لا أختار على الجنة غيرها، ثم عاتب الآلاف الذين مع شمر بن ذي الجوشن قائلا "أدعوتم الحسين إليكم حتى إذا أتاكم سلمتموه؟".
انتهت كل محاولات التفاوض وتردد عمر بن سعد بن أبي وقاص عاق أبيه. والتقى الطرفان في قتال حام، فأبدى أنصار الحسين على قلة عددهم بسالة نادرة وفازوا في كل المبارزات، وبث 72 رجلا الرعب في 5 آلاف، حتى نهى شمر بن ذي الجوشن عن المبارزة معترفا بالجبن، ثم أمر بالرمي لا يبالي إن أصابت النبل طفلا أم امرأة، وأبدى الحسين شجاعة كبيرة في المواجهة.
وكان المقاتلون حول الحسين يواجهون خصومهم بنظام التتالي، فيصمد الواحد للعدد ساعة ثم يليه غيره ليصمد مكانه ساعة، حتى قتل الحر بن يزيد، وأخذ القوم يفدون الحسين بأجسادهم ويقتلون الواحد تلو الآخر، كلما أثخن واحد منهم سلم على الحسين قبل أن يسلم روحه شهيدا في فداء ابن بنت رسول الله، حتى أصبح الحسين وحده يصل إليه القتلة فلا يهابهم، وكل منهم لا يحب أن يتولى كبر قتله، حتى صرخ فيهم أفجرهم شمر بن ذي الجوشن، فقتلوا الإمام الحسين وهو عطشان لم يراعوا فيه حرمة جده، ولم يقدروا طلبه للحق وإشفاقه عليهم من الجلادين.
ولم يكتفوا بقتل أبناء الحسين أمامه وأطفال بيت النبوة بل قتلوا الحسين نفسه، وداسوا على جسده الشريف بحوافر خيولهم، ثم سلبوه ملابسه وقطعوا رأسه، وأخذوه إلى ابن زياد، وهكذا قُتل الحسين وقُتل معه 18 من أهل بيته وعشرات من أنصاره.
وبقي مقتل الحسين جرحا ينزف في وجدان أمة ولا يندمل مع مرور مئات السنين، قال السيوطي المتوفى عام 911 هـ عن استشهاد الحسين "وفي مقتله قصة فيها طول لا يحتمل القلب ذكرها". ثم أصبحت رأس الإمام الحسين ودفنها موضع صراع سياسي ونزاع علمي استمر لقرون، وقد تحولت ذكراه طقوس بكاء لها شيوعها ومؤسساتها، وأدب له تقاليده وسماته وفنونه ومصطلحاته كاللطمية والشيلة والرادود والموكب الحسيني والحسينية.
ولم يمهل الزمن قتلة الحسين فإنهم جميعا قتلوا، إذ قتل شمر بن ذي الجوشن وقطع رأسه ومزق عام 66 هـ، وقتل عبيد الله بن زياد عام 67 هـ. وقتل المختار بن أبي عبيد الثقفي عمر بن سعد بن أبي وقاص عام 66 هـ وعمره 43 سنة وقطع رأسه ورأس ابنه حفص.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات صلى الله علیه وسلم رضی الله عنهما الإمام الحسین الحسن والحسین عبد الرحمن بن السیدة فاطمة رضی الله عنه على الحسین الإمام علی کان الحسین إلى معاویة إلى الحسین معاویة فی فی الکوفة الحسین من الحسین فی فی کربلاء آل البیت بعد وفاة مع الناس وقال له علیه فی ابن عمر الله فی الله من عمرو بن الله أن فی ذلک لم یبق فی مکة من أحب بن عبد قال له إلا أن قیس بن وهو فی
إقرأ أيضاً:
حكم الشرع في الدين الذي تم التنازل عنه بسبب الوفاة.. دار الإفتاء ترد
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (تُوفّي رجلٌ كان يعيش بإحدى الدول بالخارج، وكان عليه دين للحكومة، أو للبنك؛ فأسقطت الحكومة الدين عن ورثته؛ فهل هذا حلال أو حرام؟ وهل يُسْأَلُ هذا الشخص عن هذه الديون يوم القيامة؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال إنه إذا كان الحال كما ذُكِر بالسؤال من أنَّ الحكومة أو البنوك في الدولة التي كان يعيش بها الـمُتوفّى تَعْتَبِرُ ما لها من أموال لدى الـمَدِينين منتهيةً بموت المدين، فهذا من باب التسامح والرحمة على ورثة المدين، وهذا جائز شرعًا.
وأوضحت أنه لا عقابَ على المدين المتوفى إن شاء الله تعالى؛ حيث إنَّ التسامح قد حدث من جانب الدائن سواء كان الدائن بنكًا أو حكومةً، طالما القوانين عندهم تقضي بذلك.
حكم المماطلة في سداد الدينوذكرت الصفحة الرسمية لمجمع البحوث الإسلامية، حكم المماطلة في سداد الدين، حيث ذكرت السنة النبوية قول -رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ». صحيح البخاري.
(من أخذ أموال الناس) بوجه من وجوه التعامل أو للحفظ أو لغير ذلك كقرض أو غيره، لكنه (يريد أداءها) (أدى الله عنه) أي يسر الله له ذلك بإعانته وتوسيع رزقه.
وتابعت: (ومن أخذ) أي أموالهم (يريد إتلافها) على أصحابها بصدقة أو غيرها (أتلفه الله) يعني أتلف أمواله في الدنيا بكثرة المحن والمغارم والمصائب ومحق البركة.
وقالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إن رفض سداد الدين، أو المماطلة في سداد الدين مع القدرة على السداد حرام شرعًا.
وأوضحت «البحوث الإسلامية» عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابتها عن سؤال «ما حكم المماطلة في سداد دين مع القدرة على سداده؟»، أن مماطلة القادر على سداد الدين «إثم» وحرام شرعًا.
وأضافت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المماطلة في سداد الدين، مستشهدة بما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مطل الغني ظلم».