عقدت جامعة شريف هداية الله الإسلامية الحكومية بجاكرتا، لقاءً جماهيريًّا لفضيلة الإمام الأكبر أحمد ‏الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، اليوم الثلاثاء، بمناسبة زيارته ‏لإندونيسيا بحضور أساتذة الجامعة وباحثيها والطلاب الإندونيسيين من مختلف الجامعات، وعدد من الوزراء والسفراء ‏ورؤساء المؤسسات الدينية، وذلك تحت رعاية السيد جوكو ودودو، رئيس جمهورية إندونيسيا.

وحدة الأمة في مواجهة التحديات 

في كلمته خلال هذا الحفل الجماهيري، والتي جاءت حول «وحدة الأمة في مواجهة التحديات»، أكَّد شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين أنَّ أمتنا التي أنارت العالم كله بعد أن أطبقت عليه الظلمات ‏من كل جانب، ‏وصححت بقرآنِها الكريم ورسولِها ‏العظيم مسارَ البشرية، ‏ووضعت الإنسانيَّةَ من جديد على المَحَجَّــةِ ‏البيضاء ‏التي ليلُها ‏كنهارها لا ‏يزيغ عنها ‏إلا هالكٌ ‏- تعاني الآن -كما تعلمون- من ‏أعراض تشبه أعراض الأمراض ‏المتوطنة، لا تكاد ‏تعالج منها عرضا ‏حتى تعيا بعلاج مائة عرض وعرض، والمتأمل في عظمة الحضارة ‏الإسلامية ‏وقوتها التي تأسست على العدل والإنصاف، ‏يعجب كثيرًا وهو ينظر إلى ‏ما آلت إليه الآن، وهي ‏وإن لم تكن قد آلت إلى زوال أو إلى فناء، فإنها ‏باليقين ‏قد آلت إلى شيء من الضعف والانزواء لا تكاد ‏تخطئه عيون ‏أبنائها قبل عيون الآخرين.‏

وأضاف شيخ الأزهر أنَّ من مُدهشاتِ ‏هذه الحضارة أنها -حتى وهي تعاني من الهُزالِ- ‏تبعث الأمل الذي لا ‏حدود له في إعادة ‏التعافي والإحياء والتجديد.‏ إنها تشبه الجمرة المتقدة التي لا تنطفئ رغم ما يتراكم عليها ‏من ‏طبقات الرماد الكثيف بين الحين والحين ‏في تاريخها المشرق الطويل، والناس لا يعلمون - حتى هذه ‏اللحظة - حضارة بقيت وثبتت على ‏وجه الزمان أربعة عشر قرنا رغم ‏الضربات القاتلة التي وجهت وتوجه ‏‏إليها - غير حضارة الإسلام والمسلمين.‏

أمة الفلسفة والحضارات

وتابع  بأنَّ هذه الحضارة ذات التاريخ المجيد تبدلت بها أقدارها اليوم؛ فصارت ‏تتسول من الغرب ‏فلسفتها وثقافتها ‏ومناهجها في التربية والتعليم والاجتماع ‏والاقتصاد، وكأن أهلها أمة همجية قادمة من مقابر ‏التاريخ، لم يكن ‏لهم -‏ من قبل - عهد بعلم، ولا أدب، ولا فلسفة، ولا تشريع، ولا تاريخ، ولا ‏فنون، وكأنهم لم ‏يُعلموا الإنسانية ‏كلها، ولم تُظَلِّلها ‏بحضارة راقية في ‏الشرق والغرب قرونا طويلة.‏ إن داء هذه الأمة هو: ‏‏الفرقة والاختلاف والتنازع الداخلي، وهو ‏داء خبيث، طالما شكل نقطة ‏الضعف التي نفذ منها المستعمرون ‏لبلاد المسلمين في القرنين الماضيين، ‏‏وهو هو الداء الخبيث الذي يتسلل منه الاستعمار الغربي من جديد ‏في ‏القرن الواحد والعشرين.‏

نصائح من القرآن الكريم 

ونبَّه شيخ الأزهر إلى أنَّ مقولة «فرق تسد»، والتي حفظناها صغارا يعاد توظيفها ‏الآن تحت لافتات صراع ‏الحضارات، ‏والفوضى الخلاقة، والعولمة، ‏ونهاية التاريخ، وغيرها من اللافتات التي ترفع هنا وهناك في بلاد ‏‏المسلمين ‏ ليُقتَلُوا تحتها، أو لِيُقاتِلَ ‏بعضهم بعضا نيابة عن المستعمر الجديد،‏ يحدث هذا والقرآن الكريم الذي ‏نردده صباح مساء، ونتسابق في ‏تحفيظه للأطفال، ونتباهى بقدرة أطفالنا ‏على حفظه واستظهاره، هذا ‏القرآن ‏الكريم يحذر المسلمين ويقرع سمعهم ليل نهار بقوله تعالى: ‏﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ ‏رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ ‏اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: 46].‏

وطرح الإمام الأكبر سؤالًا قال إنَّه يفرض نفسه على كل باحث مهموم ‏بهذا الأمر، هو: كيف يَتسالَمُ ‏المسلمون ‏فيما بينهم؟ وقال إن هذا السؤال المؤلم تطرحه الساحة الآن بصورة قاتمة، بل شديدة ‏القتامة.. ‏ويكفي أن نشير فقط إلى أن ‏خطاب الدعوة والدعاة، والذي يناط ‏به جمع الشمل، أصبح في أحيان كثيرة - ‏هو المسؤول الأول عن فرقة ‏‏المسلمين وتمزقهم، وبحيث أصبح بأس شباب المسلمين بينهم شديدا: كم ‏من ‏مذهب في ساحة الدعوة الآن ‏يقف من وراء تباغض شباب المسلمين ‏وتنابذهم وتدابرهم؟ وأين ذهبت قضايا ‏الأمة المصيرية من اهتمامات ‏‏هؤلاء الدعاة الشباب وهؤلاء الداعيات الشابات؟ ألا تستحق هذه القضايا ‏‏الكبرى حلقة واحدة من حلقاتهم ‏التي تكاد تحرم الحلال وتحلل الحرام؟

تعريف الشباب بحال القدس والمسجد الأقصى 

وتابع الطيب: «هل يعلم شبابنا عن القدس وعن المسجد الأقصى وما يعانيه، مثل ما ‏يعلم من خلافيات ‏الأشعرية والسلفية ‏والصوفية؟ وهل يشغل ذهنه البحث في واقع أمته مثل ما يشغله البحث في ‏قضايا ‏خلافية تافهة ولى زمانها؟ وهل يقبل على مقرراته العلمية الجامعية بمثل ما يقبل به على كتب ‏أو كتيبات ‏لهذا الداعية أو ذاك؟ بل كيف أعرض شبابنا عن فرض محتم لازم؛ هو وحدة المسلمين، ‏وتفرغ لفقه يختلط ‏فيه المندوب بالواجب ‏والمكروه بالمحرم؟

وأشار شيخ الأزهر إلى أن الفروق قد تلاشت أو كادت تتلاشى، بين الأحكام ‏الشرعية الخمسة، وانشغلت ‏الأسرة في ‏المجتمع الإسلامي بقضايا جزئية ‏لا إلزام في فعلها، وأهملت كليا قضايا محورية ذات خطر عظيم ‏في ‏شريعة ‏الإسلام، مثل بر الوالدين والإحسان إلى الجار، وقيمة العمل ‏وقيمة الوقت والنظافة والرحمة ‏بالناس وغير ‏ذلك من الفروض الأخلاقية ‏والاجتماعية التي تراجعت إلى ذيل القائمة في ترتيب الواجبات ‏الشرعية ‏في ‏هذا الفقه الغريب،‏ وأمر آخر يدفع الأمة إلى هذا الاتجاه البائس؛ ذلكم هو محاولة ‏العبث ‏الواضح بفقه الأئمة الأربعة، وفرض ‏فقه جديد يوجب على الناس ما ‏لا يجب، ولا يعقل أن يجب، مثل ‏التنفل قبل صلاة المغرب، أو زكاة ‏‏الفطر بنوع واحد من الحبوب لا يجزئ غيره، وهو أمر لم تعرفه جماهير ‏‏الأمة ولم تعتده مساجدهم من قبل، ‏ولم يجر عليه العمل كما يقول فقهاؤنا ‏المعتمدون.‏

استباحة النفوس والأعراض والأموال 

ولفت إلى أنَّ مما يجب أن نتوقف أمامه طويلا ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع ‏الإسلامي والإتيان عليه ‏من قواعده، لو تركت ‏دون مواجهة بفقه صحيح ‏وعلم خالص صريح، تلكم هي الجرأة على التكفير والتفسيق ‏والتبديع، وما ‏يسوغه ‏هذا العبث من استباحة النفوس والأعراض والأموال،‏ وكيف يستقيم انتشار مثل هذه ‏الأفكار في أمة أجمع علماؤها وأئمتها ‏من المدارس الثلاث على المقولة ‏الذهبية، التي حفظناها في أروقة ‏الأزهر ‏ونحن طلاب صغار؛ مثل: لَا نُكفِّرُ أحدًا من أهلِ القبلةِ، وَنُصلِّي خلفَ كلِّ بَرٍّ وفاجرٍ، وَلا يُخرِجُ ‏مِن ‏الإسلامِ إلَّا جحدُ ما أَدخَله فيه، وغيرها ‏من القواعد التي ‏حفظت للأمة تماسكها ووحدتها عبر التاريخ، ‏وانطلقت ‏في معتقداتها هذه من قول النبي ﷺ في الحديث ‏الصحيح: «من صلى ‏صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ‏ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة ‏رسوله، فلا ‏تخفروا الله في ذمته».‏

ودعا الإمام الأكبر أبناء الأمة إلى الجد والعمل وأكَّد أنَّ الوقت الآن وقت جد وعمل، ‏وليس وقت خطب ومواعظ، والأمم من ‏حولنا تعمل في صمت مريب، وفي ‏تدبير ومكر شديدين، وقد مللنا ‏من ‏الكلام الذي لا يثمر عملا على أرض الواقع.‏ وأذكركم بالمقولة الذهبية لإمام دار الهجرة وإمامنا الإمام ‏مالك ‏- رضي اللَّه عنه وأرضاهُ - حين قال: «أَكرَهُ الكلامَ فيما ليسَ تحتَه عملٌ».‏

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب الدكتور أحمد الطيب شیخ الأزهر إلى أن

إقرأ أيضاً:

فعالية خطابية في إب بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام

الثورة نت|

نظم مكتب الصناعة والتجارة، وفرع الشركة اليمنية للنفط بمحافظة إب، اليوم، فعالية خطابية بيوم عاشوراء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام.

وفي الفعالية أوضح مسؤول التعبئة العامة عبدالفتاح غلاب، أن خروج الإمام الحسين ضد تيار الباطل، لم يكن في سبيل جاه أو منصب، بل كان في سبيل الانتصار لدين الله، ونصرة الحق والمستضعفين، مؤكدا أنه لولا ثورة الامام الحسين لما كانت هناك ثورات ضد الطغاة والمستكبرين.

وتطرق إلى فاجعة كربلاء والاختلالات التي أصابت الأمة بسببها ومحاولات أعداء الأمة النيل من رموزها وقادتها ومقدساتها، مبينا أن سبب انحراف الأمة الإسلامية عن الدين الصحيح هو ابتعادها عن رسول الله وآل بيته عليهم السلام.

وأكد غلاب، أن فاجعة كربلاء ستظل أكبر فاجعة ومأساة في تاريخ الأمة وستبقى حاضرة في ذاكرة الاجيال المتلاحقة، مشيرا الى أن إحياء اليمنيين لهذه الذكرى الأليمة ما هو إلا تجسيد الولاء لله ولرسوله وللإمام علي ولأئمة آل البيت وأعلام الهدى عليهم السلام.

فيما استعرض وكيل المحافظة قاسم المساوى، جوانبا من دلالات إحياء ذكرى يوم عاشوراء، لاستحضار مظلومية الإمام الحسين عليه السلام في إحياء قيم التضحية والشجاعة والجهاد ضد أعداء الأمة، حاثا على استلهام الدروس والعِبر من سيرة الإمام الحسين، والسير على نهجه في التصدي لقوى العدوان والاستكبار العالمي.

وبارك الوكيل المساوى، العملية النوعية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية بطائرة مسيرة استهدفت منطقة يافا المحتلة، موكدا أن موقف الشعب اليمني سيظل ثابتا ولن يتغير في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة حتى نيل حقوقه وتحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

تخللت الفعالية التي حضرها مديرا مكتبي الصناعة بالمحافظة حسين شريف، والهيئة العامة للكتاب ردمان الأديب، ونواب وكوادر مكتبي الصناعة وفرع الشركة اليمنية للنفط ، قصيدة للشاعر عبدالسلام الجوفي عبرت عن الذكرى.

إلى ذلك نظم مكتب التربية والتعليم بمحافظة إب اليوم، فعالية خطابية بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، تحت شعار “هيهات منا الذلة “.

وفي الفعالية أشار مدير مكتب التربية محمد الغزالي، إلى محاولة أعداء الأمة تغييب هذه الذكرى عن المناهج.. مشيرا إلى أهمية إحياء هذه الذكرى للتذكير بتضحيات الحسين عليه السلام ضد الطغاة والمستكبرين.

وتطرق إلى ما قدمه أبناء الشعب اليمني من قوافل من الشهداء لمواجهة تحالف العدوان الأمريكي السعودي.. معتبرا يوم عاشوراء محطة إيمانية تربوية تعبوية لتأكيد السير على نهج الإمام الحسين واستلهام كافة قيمه ومبادئه وأخلاقه وشجاعته في التصدي لقوى الاستكبار والجبروت.

فيما استعرض نائب مدير مكتب التربية محمد المتوكل جانبا من مناقب الإمام الحسين وأهمية العودة إلى كتاب الله للخروج من حالة الارتهان التي تعيشها الأمة.

وأشار إلى أن إحياء ذكرى عاشوراء، يأتي للتأكيد على ارتباط أهل اليمن بالإمام الحسين، والسير على المنهج والرؤية والموقف الذي تحرك من خلاله لمناهضة الظلم ونصرة الحق.

كما ألقيت بالمناسبة كلمات، أكدت في مجملها أن ثورة الإمام الحسين ستظل منارة لكل الباحثين عن الكرامة ونصرة الدين ومواجهة الطغيان والجبروت .. مشيرة إلى أن الشعب اليمني يمضي على طريق ونهج الإمام الحسين.

وفي ذات السياق نظمت المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالمحافظة، فعالية خطابية بذكرى عاشوراء.

وأشار نائب مدير فرع المؤسسة المهندس فيصل السعيدي إلى أن الامام الحسين لا يخص فئة دون أخرى أو طائفة دون أخرى وانما يمثل الأمة جمعاء كونه قاد ثورة لتصحيح وضع الأمة ومقارعة ظلم الطغاة وجبروتهم.

وشدد على أهمية السير على نهج الامام الحسين في مقارعة الباطل والانتصار للحق.. مشيرا إلى أن هذا الطريق القويم سار عليه اليمنيون في مواجهة قوى العدوان وأدواته التي تستهدف الوطن وشعبه.

وتطرق المهندس السعيدي إلى النموذج الذي مثله الإمام الحسين في الثقة بالله تعالى واستشعار المسؤولية والثورة ضد الطغيان بكل صبر وشجاعة وصمود وتضحية بهدف اصلاح أمة جده رسول الله صلوات الله عليه وعلى آلة وسلم .

كما ألقيت كلمات، أكدت ضرورة الاستمرار في حالة النفير العام والخروج للساحات لمناصرة الشعب الفلسطيني والتسليم للقيادة وتوطين النفس على الجهاد وبذل النفس والمال في سبيل الله تعالى لمواجهة الطاغوت وأدواته من العملاء والخونة.

مقالات مشابهة

  • سمير عثمان يقترب من رئاسة لجنة الحكام
  • المنتخب اليمني للشباب يجري حصته التدريبية الأولى في صنعاء استعداداً للتصفيات الآسيوية
  • الصليب الأحمر اللبناني.. صمود لا حدود له وسط الأزمات والحروب
  •  منتخب الطائرة يصل إلى إندونيسيا للمشاركة في البطولة الآسيوية تحت 20 عاماً
  • الأزمة الوجودية والوقوع في فكر التطرف
  • منتخب شباب اليد ينهزم أمام اليابان في كأس آسيا
  • فعالية خطابية في إب بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام
  • عبر ودروس
  • وسط أزمات عديدة.. المنتخب المصري لكرة القدم يسعى للفوز بميدالية أولمبية
  • فراعنة كرة القدم يحلمون بميدالية من رحم الأزمات