نشرت مجلة "كويداتي بلوس" الإسبانية تقريرًا سلطت من خلاله الضوء على ظاهرة جديدة تُعرف باسم "السيزيفيميا"، وهي نوع من الاتجاه الإدماني للعمل والشعور بالإحباط عند عدم القدرة على إنجاز جميع المهام.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه لا يتم تضمين مرض "السيزيفيميا" رسميًّا في كتيبات التشخيص الطبي أو النفسي، ولكنه يسمح لنا بتحديد نوع من السلوك في العمل الذي واجهه الجميع في مرحلة ما، سواء بشكل شخصي أو مع زملائهم، والتي من المحتمل أن تتزايد بسبب ظروف العمل السائدة.



ويشير المصطلح إلى "سيزيف"، وهو شخصية من الأساطير اليونانية التي حكم عليها بدفع صخرة عملاقة إلى أعلى الجبل إلى الأبد. وفي كل مرة كان على وشك الوصول إلى القمة، وكان الحجر الكبير يتدحرج عائدًا إلى الوادي؛ حيث كان عليه أن يلتقطه ويدفعه مرة أخرى إلى القمة. وهكذا إلى أجل غير مسمى، يؤدي مهمة شاقة تتطلب الكثير من الجهد ولكنها لم تكن كافية أبدا لتحقيق الهدف.


وحسب خوسيه مانويل فيسينتي باردو وأراسيلي لوبيز غيلين غارسيا، الأستاذين في جامعة سان أنطونيو الكاثوليكية في مورسيا، في مقال نُشر سنة 2022، فإن "العامل الذي ينخرط يومًا بعد يوم في عمل مفرط، وينظر باستمرار إلى ما يجب عليه فعله وما يجب عليه اللحاق به، وما الذي سيتعين عليه القيام به غدا، يذكرنا بسيزيف. لذا فإن السيزيفيميا هي عبارة عن "معاناة العامل المحكوم عليه بمهمة شاقة المتمثلة في محاولة تحقيق هدف بعيد المنال، ليبدأ من جديد كل يوم بنفس الشيء ونفس الإحباط لعدم رؤية نفسه قادرا على تحقيق هدفه".

وبينت المجلة أن المشكلة الأساسية ستتمثل في ما يعرف بخلل الإنتاجية، وهو "الشعور بالإحباط لدى العامل الذي يعتقد أنه ليس منتجا بما فيه الكفاية، على الرغم من أنه كذلك"، ويؤدي ذلك إلى "عدم القدرة على رؤية النجاح الشخصي أو إدراك أنه يبذل قصارى جهده في العمل، وأن هذا ينبغي أن يكون كافيًا". ويخلص الخبراء إلى أنه في هذه "الاندفاعية لبذل المزيد من الجهد، يتم فقدان الحدود بين العمل والترفيه والراحة والحياة الشخصية".

صفات العامل المصاب بـ"السيزيفيميا"
وأوردت المجلة أن "السيزيفيميا"، على حد تعبير أخصائية علم النفس في العمل وعضو في مجلس إدارة كلية علم النفس في مدريد إيزابيل أراندا هي "حالة يكون فيها العامل عبارة عن هامستر داخل عجلة، يدور حولها - يعمل - دون أن يدرك أي تقدم". وتوضح الخبيرة أنه اضطراب أو مشكلة "غير معترف بها رسميًّا، لكن يمكننا استخدامها لفهم أنفسنا". وعلى حد تعبيرها؛ فإن ذلك يدخل ضمن "موضة وضع التسميات على كافة أنواع السلوك البشري دون أساس علمي متين يدعمها".

على ضوء ذلك؛ يصف باردو ولوبيز غيلين الأشخاص الذين يعانون من "السيزيفيميا" على النحو التالي:

مهوسون بالكمال.

لديهم إحساس عال بالمسؤولية.

مدمنون على العمل.

تنافسيون.

دقيقون في التفاصيل.

ملتزمون.

ناجحون.

يعتقدون أن الجهد الجبار يعطي قيمة للعمل.

كل هذه السمات تبدو إيجابية؛ لكن الخبراء يحذرون من وجود جانب سلبي يؤدي في النهاية إلى اختلال التوازن "بين ما يجب القيام به وما يمكن القيام به خلال يوم العمل".

ويرى الأشخاص المصابون بـ"السيزيفيميا" أنه "يجب فعل المزيد، على الرغم من عدم إمكانية القيام بذلك، مما يولد الإحباط والتوتر والشعور بالفشل".

وتضيف أراندا سمات سلبية أخرى واضحة للأشخاص الذين يعانون من "السيزيفيميا" مشيرة إلى أنهم: "أشخاص مهووسون جدًّا بالنجاح، ويضعونه كأولوية مطلقة، ولديهم طموح مفرط؛ ويعتقدون أن ما يقومون به غير كاف أبدا، وذلك له سلسلة من العواقب". وتتفق هذه الخصائص مع أسطورة سيزيف، الذي كان شخصا طموحا وماكرا يخدع الجميع، بما في ذلك "الآلهة اليونانية"، لتحقيق أهدافه.

وأوردت المجلة أن تلك العواقب التي تشير إليها الأخصائية النفسية يعاني منها بشكل رئيسي أولئك الذين يتعين عليهم العمل معهم. وأكدت أنه "نظرًا لطموحهم، فإن هؤلاء الأشخاص لا يأخذون في الاعتبار تأثيرهم على الآخرين ويمكن أن ينتهي بهم الأمر إلى خلق حالة من المضايقة تجاه زملائهم في العمل"، مضيفة أنه في هذه الحالة، يتحول إلى سلوك يجب الإبلاغ عنه.

وظائف أكثر عرضة لـ"السيزيفيميا"
وأشارت المجلة إلى أن الوظائف التي تحدث فيها هذه الحالة إلى حد كبير هي الوظائف ذات الطابع الفكري، والتي تنطوي على مسؤولية عالية وعبء عقلي كبير والحاجة إلى اتخاذ قرارات نهائية على المدى القصير. على سبيل المثال، المحامون والأطباء وكبار المسؤولين الإداريين والصحفيين ومديري الإعلانات ووكلاء التأمين والعاملين في البنوك ومديري الشركات...

الفرق بين الاحتراق النفسي المهني و"السيزيفيميا"
وعلى الرغم من أن عبء العمل الهائل يسبب العديد من الاضطرابات المرتبطة بالعمل، فمن المهم التمييز بين مرض "السيزيفيميا" والاحتراق النفسي المهني. وهذه هي الاختلافات الرئيسية:

وتعود جذور "السيزيفيميا" إلى الطموحات المهنية التي لا يمكن تحقيقها، في حين ينشأ الاحتراق النفسي المهني من القلق المزمن الناجم عن عدم القدرة على تحمل عبء عمل غير متناسب.


من جانب آخر، يُعد مرض "السيزيفيميا" أكثر شيوعًا بين الموظفين الشباب الذين يعملون في وظائف معقدة للغاية، في حين أن العمال الأكبر سنًّا الذين لديهم حياة مهنية طويلة هم الذين يميلون إلى أن يكونوا أكثر إرهاقا ويكونوا أكثر عرضة للاحتراق النفسي المهني.

ويُترجم مرض "السيزيفيميا" إلى تفان هوسي في العمل، في حين أن الاحتراق المهني يسوده الإحباط والإرهاق المهني.

نصائح لتجنب "السيزيفيميا"
ووفق المجلة؛ يقدم لوبيز-غيين وباردو التوصيات التالية للوقاية من "السيزيفيميا" من بينها:

التخلص من الاعتقاد بأننا لسنا جيدين بما فيه الكفاية واستبداله بالرضا عما تستطيع القيام به، أي القدرة على تقدير ما نقوم به واعتباره كافيا.

عوض الاعتقاد بأن لا شيء كاف، يكفي الاعتراف بالراحة الإنتاجية، والتي تعني "معرفة أنه يمكنك فعل المزيد من خلال القيام بعمل أقل".

وختامًا، للتغلب على الهوس بالعمل، يحب أن تتعلم كيفية فصل نفسك عنه.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية العمل عمل انتاج سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القدرة على فی العمل إلى أن

إقرأ أيضاً:

بعد تحذيرات الصين.. ماذا تعرف عن فيروس HMPV؟

فيروس HMPV.. تصدر محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية وذلك بعد تحذيرات الصين من الانتشار، خصوصًا أن هذا الفيروس يتشابه أعراضه مع نزلات البرد والإنفلونزا، واسترجاع العالم لذكريات وباء كورونا الذي بدأ من نفس المنطقة.

ما هو فيروس HMPV؟

تم اكتشاف هذا الفيروس لأول مرة في هولندا عام 2001، لكن يُعتقد أنه كان موجودًا قبل ذلك بوقت طويل.

ويُعد ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعًا بين الأطفال دون سن الخامسة، خاصةً منذ عام 2016.

الفئات الأكثر عرضة للإصابة

يمكن أن يصيب الفيروس جميع الفئات العمرية، لكنه يشكل خطرًا أكبر على الأطفال الصغار وكبار السن، إضافة إلى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة أو أمراض تنفسية مزمنة مثل الربو.

الأعراض والمضاعفات

تتراوح الأعراض بين خفيفة تشبه نزلات البرد، مثل الحمى وسيلان الأنف والسعال، إلى التهابات خطيرة مثل الالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

طرق الانتقال والوقاية

ينتقل الفيروس عن طريق الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو ملامسة الأسطح الملوثة.

وتشمل طرق الوقاية غسل اليدين بانتظام، تجنب لمس الوجه بأيدٍ غير نظيفة، تغطية الفم والأنف عند العطس أو السعال، وتنظيف الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.

الوضع الحالي والإجراءات الدولية

تشير التقارير إلى ارتفاع الإصابات بأمراض الجهاز التنفسي في الصين، ولكن السلطات الصحية تؤكد أن الوضع أقل خطورة مقارنة بالعام الماضي. في المقابل، تراقب دول مجاورة مثل إندونيسيا الوضع بشكل دقيق، بينما قللت الهند من مخاطر انتشار الفيروس داخل حدودها.

العلاج المتاح

لا يوجد علاج محدد لهذا الفيروس حاليًا، ويعتمد التعامل معه على تخفيف الأعراض باستخدام الأدوية المسكنة والراحة، وفي الحالات الشديدة، قد يحتاج المرضى إلى تلقي الرعاية في المستشفى، بما في ذلك الأكسجين.

 

 


 

مقالات مشابهة

  • أطماع ترامب في غرينلاند وقناة بنما ما علاقتها بتغير المناخ؟
  • "الأرصاد" ينصح بتجنب "الرياح الهابطة".. ماذا تعرف عنها؟
  • اكتشاف نوع جديد من البشر .. ماذا تعرف عن الهومو جولو؟
  • جولة تفقدية للأعمال الإنشائية بمنطقة الخانكة ومركز التدريب المهني
  • تعرف على ستاد جودسويل أكبابيو الذي يستضيف مباراة المصري وإنيمبا بالكونفيدرالية
  • الذكرى الـ104 لتأسيس.. ماذا تعرف عن الجيش العراقي؟
  • بالأسماء والتفاصيل| تعرف على ضباط الاستخبارات البريطانية والسعودية الذين قاموا بتجنيد وتدريب عناصر الخلية التجسسية (فيديو)
  • في ذكرى وفاته.. ماذا تعرف عن سليمان خاطر؟
  • ماذا تعرف عن الجيش العراقي في ذكرى تأسيسه الـ 104؟ (أسئلة تفاعلية)
  • بعد تحذيرات الصين.. ماذا تعرف عن فيروس HMPV؟