بابا الفاتيكان يدعو لاتخاذ تدابير ملموسة لإنهاء الحرب في أوكرانيا وغزة
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
دعا بابا الفاتيكان البابا فرنسيس، لاتخاذ تدابير جديدة ملموسة من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا وفي قطاع غزة؛ وذلك عقب وقوع هجومين استهدفا مستشفى للأطفال في كييف ومدرسة في غزة.
وذكر المكتب الإعلامي للفاتيكان - في بيان أوردته شبكة (إيه بي سي نيوز) الأمريكية اليوم الثلاثاء أن البابا فرنسيس عبر عن ألمه إزاء الهجومين الجديدين وعن "قلقه العميق" بشأن تصاعد أعمال العنف.
وفي الوقت الذي عبر فيه بابا الفاتيكان عن بالغ تعاطفه مع الضحايا الأبرياء والمصابين، أعرب عن أمله في التوصل لمسارات ملموسة من أجل إنهاء الصراعات الجارية.
جدير بالذكر أن هجوما صاروخيا استهدف أمس مستشفى للأطفال في العاصمة الأوكرانية كييف؛ الأمر الذي أثار إدانات دولية واسعة بينما نفت روسيا مسؤوليتها عنه وأكدت عدم مهاجمة أي أهداف مدنية في أوكرانيا.. كما أسفرت غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة تؤوي نازحين فلسطينيين في قطاع غزة يوم السبت الماضي عن مقتل 16 شخصا على الأقل وإصابة العشرات.
الأونروا تدعو لفتح المعابر لإدخال المساعدات وإنهاء حالة المجاعة في غزةأكدت القائم بأعمال مدير المكتب الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بقطاع غزة، إيناس حمدان، خطورة الأوضاع الإنسانية مع خروج معظم المستشفيات عن الخدمة ونقص المستلزمات والمعدات الطبية والادوية مع إغلاق كامل للمعابر واستمرار الحرب على القطاع.
وقالت حمدان ـ في مقابلة خاصة مع قناة (النيل) الإخبارية اليوم الثلاثاء من القاهرة ـ إن "الأونروا" ملتزمة بتقديم الخدمات المنقذة للحياة على رغم الظروف المحيطة والتحديات الراهنة التي تقف عائقا أمام إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق في القطاع"، مشيرة إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها الوكالة لإعادة تأهيل المراكز الصحية التي دمرت بشكل كامل منذ بدء العدوان على غزة.
وأوضحت أن الوكالة أعادت تشغيل أحد المراكز الصحية التي دمرت بشكل كامل أثناء اجتياح مدينة خانيونس الواقعة جنوب القطاع، محذرة في الوقت نفسه من عواقب تفاقم الاوضاع الصحية في غزة جراء انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية وخروج معظم المستشفيات عن الخدمة، مما يضع حياة المدنيين في خطر شديد.
وأضافت أن الإشكالية لا تتعلق بالوكالة في تقديم خدماتها الإغاثية والاجتماعية والخدمية، ولكن الإشكالية تكمن في الظروف المعقدة والأمنية التي لا تسمح بوصول طواقم الوكالة لجميع المحافظات مع وضع العراقيل واستمرار القصف الذي دمر المراكز والمنشآت الصحية بشكل كامل، واصفا الأوضاع في غزة بـ"الكارثية".
ودعت إلى ضرورة العمل على فتح جميع المعابر في غزة لإدخال المستلزمات وما يكفي من مساعدات لإنهاء حالة المجاعة في شمال القطاع الذي يعاني ظروف إنسانية صعبة جراء استمرار العدوان والحصار.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بابا الفاتيكان إنهاء الحرب أوكرانيا غزة البابا فرنسيس فی غزة
إقرأ أيضاً:
القصف لا يقتل وحده .. الجوع أيضًا يفعل
كانت فتحية شكري تمسك بيد ابنها كما لو كانت تتشبث بالحياة نفسها. في زاوية من زوايا مستشفى الشفاء، جلست المرأة ذات الحادية والثلاثين عامًا، تحتضن طفلها الهزيل. لم تكن تحتضنه طلبًا للدفء، بل كمن يحاول إقناعه بالبقاء على قيد الحياة، فقط يومًا آخر. عظام الطفل تبرز من تحت جلده الشاحب، ووجهه غارق في الذبول، عيونه غائرة كأنها تنظر من عالم آخر.
قبل الحرب، كان ابنها – ذو الثلاثة أعوام – يعاني من إسهال مزمن. توجهت فتحية حينها إلى مختبرات وزارة الصحة، لكن الفحوصات المحلية لم تكن كافية للكشف عن طبيعة مرضه. طلبوا لها تحويلًا للعلاج في الخارج، كان ذلك في أغسطس 2023. انتظرت، وتأملت، ثم أتت الحرب لتغلق المعابر وتسد الأمل. لم يُسمح لهم بالسفر، ولم تأتِ الموافقة الجديدة، وكل ما جاء كان المزيد من الألم.
قصة الجوع الصامت
مع مرور الأيام وتفاقم الحصار، ازداد وضع ابنها سوءًا. لم يعد في المنزل دجاج ولا بيض ولا لحم. كانت تعتمد على تلك الأطعمة لتعويض طاقته، لإعطائه قليلًا من القوة التي تسمح له بالوقوف أو اللعب. وعندما فتحت المعابر لبعض الوقت، بعد وقف إطلاق النار في 19 يناير 2025، تحسنت حالته قليلًا. لكن منذ آخر إغلاق في الثاني من مارس 2025، عاد وزنه إلى الانحدار المخيف، وكأن جسده يلعب لعبة الكرّ والفرّ مع الموت.
«كل مرة يزيد فيها وزنه كيلوين أو ثلاثة، بيرجع يخسرهم لما تسكر المعابر»، تقول فتحية بمرارة لـ«عُمان»، وهي تشير إلى القفص الصدري لطفلها، الذي بات ظاهرًا بوضوح. لم يتناول أي نوع من البروتينات منذ أكثر من شهر. وعلاجه بالبخار – الذي كان يعينه على التنفس – لم يعد متاحًا، بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد المستلزمات الطبية.
ترجو الأم المجتمع الدولي ألا يغض الطرف، ألا يكتفي بالتقارير والبيانات. كل ما تطلبه اليوم: أن يُسمح لطفلها بالخروج، بالعلاج، بالحياة. فكل تأخير يعني فقدان أمل آخر، ووجعًا جديدًا.
المجاعة تزحف
منذ عودة الحرب في 18 مارس 2025، ومع إغلاق المعابر الإنسانية بشكل شبه تام، بات مشهد سوء التغذية في قطاع غزة أمرًا لا يمكن تجاهله. الأطفال، الذين يُفترض أن تكون أجسادهم في طور النمو، يظهرون اليوم بهيئات شاحبة، وأوزان لا تتناسب مع أعمارهم. والبالغون، الذين تحملوا ويلات الحرب والنزوح، أصبحوا اليوم عاجزين عن تأمين وجبة واحدة مشبعة في اليوم.
في المراكز الصحية المتبقية، يسجل الأطباء ارتفاعًا حادًا في حالات فقدان الوزن الحاد، وفقر الدم، وضعف المناعة. ومما يزيد الطين بلة، أن معظم المرضى، خاصة الأطفال، لم يعودوا قادرين على استيعاب أي طعام بعد فترة من الجوع الطويل، إذ تتقلص المعدة وتتوقف أجهزة الجسم عن العمل بالكفاءة الطبيعية.
وبينما تستغيث المستشفيات من نقص الإمكانيات، يتجول الأطفال في الشوارع بحثًا عما يسد جوعهم في تكايا الأطعمة الخيرية، التي تقلصت وقل عددها جدًا، وسط الحصار وإغلاق المعابر أمام المساعدات الإنسانية والبضائع للشهر الثاني على التوالي.
الوضع الغذائي في غزة لم يعد أزمة طارئة، بل بات أزمة ممتدة ومزمنة، تتطلب تدخلًا عاجلًا وفعالًا، لا مجرد بيانات شجب أو إدانات صامتة.
أمومة على حافة الجوع
في أحد أزقة مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، جلست أم محمد، شابة في أواخر العشرينات، على بساط مهترئ داخل خيمة أقامها زوجها بين ركام منزلهم. كانت تمسك بطنها المنتفخ بحذر، وتتنفس بصعوبة، كأن كل نفس يحمل وزن الجوع والخوف معًا.
قالت بصوت متقطع لـ«عُمان»: «أنا في الشهر الثامن... بس بطني مش من الشبع، من الجنين اللي بجاهد يكبر بجسمي اللي ما فيه غذاء». لم تأكل وجبة مكتملة منذ أسابيع، وتعتمد على وجبات من الخبز والماء، وأحيانًا القليل من العدس المسلوق إذا توفر: «مفيش لا حليب ولا خضار ولا حتى بيضة ... والدكتور قال لي إنه وزن الجنين ناقص كتير، بس شو أعمل؟».
زوجها فقد عمله كعامل بناء منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، ولم يعد بإمكانهما شراء شيء من السوق حتى لو توفرت السلع.
وأضافت بحزن خلال حديثه لـ«عُمان»: «كنت بحلم أجهزله سرير صغير وملابس جديدة... اليوم بس بدي ييجي للدنيا سالم، مش ضروري شيء تاني».
حين سألتها عن المساعدات، قالت إنهم لم يتلقوا شيئًا منذ أكثر من شهر، باستثناء كيس طحين وبعض المعلبات التي لا تناسب حالتها الصحية. ثم صمتت للحظة، وابتسمت ابتسامة باهتة وتابعت: «أنا مش خايفة من الموت... بس خايفة أولد وهو ميت من الجوع».
الطفلة التي أكلت التراب
في حي الزيتون، التقيت بسعاد صقر، أم لثلاثة أطفال، كانت تحتضن ابنتها رهف (4 سنوات) بعدما رأتها تأكل التراب في محيط خيمتهم. «ما كنت أعرف إنها جوعانة لهالدرجة، ما عندي شي أطعميها»، تقول باكية.
رهف تعاني الآن من التهابات معوية حادة، بعد ابتلاعها مواد غير صالحة للأكل. الطبيب قال إن حالتها يمكن أن تتفاقم إذا لم تحصل على دواء مضاد.
سعاد لا تملك ثمن الدواء، ولا حتى المال لشراء الحليب. حاولت استعارة بعض الحليب المجفف من الجيران، لكن الجميع في الحي يعيش الظروف ذاتها.الطفلة، التي كانت مرحة قبل الحرب، باتت الآن صامتة، تلتصق بأمها طوال الوقت، وتبكي عند أقل حركة.
تختم كلامها بمرارة لـ«عُمان»: «كل يوم بصحى خايفة ألاقي بنتي ماتت بين إيدي. الناس مفكرة الحرب بس قصف، بس في حرب تانية: حرب الجوع».
مراكز التغذية مغلقة
و الأحد الماضي 6 أبريل 2025، أعلنت منظمة اليونيسيف الأممية أنها اضطرت إلى إغلاق 21 مركزًا لعلاج سوء التغذية في قطاع غزة بعد استئناف العدوان الإسرائيلي. القرار لم يكن بسبب نقص الطواقم والإمدادات الطبية فقط، بل لأن الاحتلال أصدر أوامر إخلاء قسرية للمناطق التي كانت تضم هذه المراكز، متذرعًا بـ«الاعتبارات الأمنية».
بإغلاق هذه المراكز، حُرم الآلاف من الأطفال والنساء الحوامل والمرضى من العلاج الأساسي والغذاء الطبي الذي كان يمنحهم فرصة للنجاة. بعض المراكز كانت تقدم الرعاية لمئات الحالات يوميًا، لكن الآن، لم يبقَ سوى الذكريات والصور.
الجوع حكم بالإعدام البطيء
في حديث خاص لجريدة الأيام، أوضح الطبيب سامر مشتهى، أحد الأطباء العاملين في عيادة الأونروا بحي الشيخ رضوان، حجم الكارثة. وأكد أن إغلاق مراكز علاج سوء التغذية لم يؤثر فقط على الأطفال، بل امتد إلى الكبار الذين يعانون من أمراض مزمنة: «الجوع في غزة لم يعد لحظة مؤقتة، بل حالة ممتدة تنخر الجسد ببطء».
يقول الطبيب: «نرى يوميًا أطفالًا لا يستطيعون الوقوف، وبعضهم عبارة عن هياكل عظمية، ونساءً حوامل يعانين من الهزال الشديد، ومسنين ينهارون بسبب غياب البروتينات والمعادن»،
ويوضح لـ«عُمان»: «الكارثة أننا كنا نتابع هذه الحالات في المراكز المغلقة، وكان هناك تحسن واضح. أما الآن، فقد تُركوا وحدهم في مواجهة مصيرهم».
ويختتم حديثه: «نحن لا نملك بدائل. الناس تموت هنا يوميًا، لا بالقصف فقط، بل بالجوع وبالتجاهل الدولي. هذا عار على الإنسانية».
جرس إنذار
أكد أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن نحو 60 ألف طفل في غزة يعانون من درجات خطيرة من سوء التغذية، محذرًا من كارثة إنسانية غير مسبوقة إذا استمر إغلاق المعابر.
ويشير إلى أن القطاع يشهد تدهورًا سريعًا على كافة المستويات الصحية والغذائية، بالتوازي مع استهداف الاحتلال للبنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات، مثل قصف مستشفى المعمداني مؤخرًا.الشوا أوضح لـ«عُمان» أن الوضع دخل مرحلة هي الأسوأ منذ بداية العدوان، في ظل نقص المياه، والدواء، والغذاء، واستمرار عمليات النزوح. فقد اضطر أكثر من 56 ألف فلسطيني للنزوح مجددًا منذ عودة الحرب في 18 مارس.
المدنيون، وفق الشوا، لم يعودوا يملكون حتى خيار البقاء في منازلهم: «كل شيء مهدد، حتى رغيف الخبز».
أرقام القتل ومجازر التجويع
منذ بدء العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023، وحتى يومنا هذا، استُشهد أكثر من 50.933 فلسطينيًا، معظمهم من النساء والأطفال، وأُصيب 116.450 آخرين، وفقًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
الرقم، وإن بدا جافًا في مظهره، يخفي خلفه تفاصيل مفزعة: عائلات محيت بالكامل، أجساد لم تُنتشل من تحت الركام، وأطفال تُركوا وحدهم بعد أن قتل أهلهم.
ومع ذلك، فإن الشهداء الذين سقطوا بسبب الجوع أو انعدام الرعاية الطبية لا يُحصون بدقة، لأنهم يموتون بصمت، دون ضجيج، دون أن تُسجل أسماؤهم على لائحة الشهداء.المجازر هنا لا تحدث فقط بالصواريخ، بل في مطبخ فارغ، وفي جسد صغير يحتضر دون أن يجد حليبًا، أو في مستشفى مغلق بقرار من قناص أو جنرال.