الانتقائية.. والعقل العربي العدواني .. “حتى العيونُ الزرقُ.. يأكلُها العرب”
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
الأول من أغسطس ٢٠٢٣
فرنسي من اصول مالية او شادية لا اعلم بالضبط، كان أحد أصدقاء الأسافير، على الأقل حتى ليلة البارحة. محلل اخباري مهندم ومثقف.. كثيرا ما تستضيفه الفرنسية ٢٤ في شئون جنوب الصحراء، كما أنه لا يخفي ولاءً في دعمه لفاكت التي تتربص بإنجمينا من الشمال.
ما صدمني فيه، رغم أنه من عرب جنوب الصحراء، ويبدو كرجل مثقف ومتعلم وينشط في صفحته ضد الإستعمار الفرنسي.
والله إن الأمر لينعقد له اللسان أن تصادف رجلا مثقفا ومتعلما في القرن الحادي والعشرين، يمتلك الجرأة أن يجهر بمساندة غير مشروطة لأكبر جريمة نهب وسلب وتنكيل وسفكٍ للدماء، تهجير قسريّ لمئات الآلاف من المدنيين العُزًل ليس في الخرطوم ودارفور وحدهما وإنما في كافة المدن جنوبي الصحراء، في الجزائر وفي باماكو، في واقادوقو وفي بانقيه، يحدث كل ذلك العنف البدويّ والعالم في القرن الأول من الألفية الثالثة. عنفا همجياً لم يشهد الناس له مثيلا إلا في حملات الفايكينغز المتوحشين على الممالك الأوروبية، أو في غارات البرابرة والحشاشين، إبّان القرون الوسطى. الشئ الذي تمخض آخر الأمر عن إنهيار الإمبراطورية الرومانية لتغرق بعدها أوروبا في ظلام دامس.. لماذا يسعى متعلمون متأنقون بربطات عنق وبذلات أفرنجية من هذه الشاكلة، لتحويل أفريقيا الناهضة لإمبراطورية أخرى من الظلام؟!
أجبرني هذا النفاق والإزدواجية والتطفيف، والكيل بالف مكيال، لحظر الرجل، والتخلص من المنشورات التي تُروِّج في صفحته، للعدوان البربري وللجرائم المنافية للأخلاق وللإنسانية. كائنُ بهذه الإنتقائية والتطفيف لجدير بنسفه إسفيريا كعِجلِ السامريّ، رغم صداقة جمعتنا ودامت بيننا لثلاث سنوات كالحاتٍ عجاف، ليتها لم تدم ولا لليلة واحدة.
هذا الرجل ليس نسيج وحده.. لكنه نموذج لموقف الكثيرين من المثقفين العرب المجاهرين منهم والكاظمين الغيظ والعدوان، موقفهم من حريق الخرطوم ومن التنكيل بأهلها واتخاذ أهلها عبيدا وسبايا في أسواق نخاسة أقامها أوغاد في نواحي نيالا والجنينة. هذا نموذج لما يحمله العرب نحو بلادنا وأهلينا، حضرا مستنيرين كانوا، أم كانوا أجلافا غارقين في الغي والعدوان. سيّان، كانوا في افريقيا أو كانوا هناك في جزيرة العرب..
لقد كنا لغبائنا نعتقد أن ماحدث في دارفور وما يحدث اليوم في الخرطوم لا يعدو انها جريرة تولى كِبرَها بدو الصحراء من ذرارى جهينة وبذورها لما بهم من تيهٍ ومن عزلة حضارية وفظاظة حرمتهم عن فضائل الإنسانية ومابها من رافة ودماثة.. لكن يبدو انهم جميعا كعرب لا يهم متعلمين كانوا أم جهلاء، حضرا كانوا أم كانوا بدوا جوابو آفاق، اكثرهم مساندون لهذه الغزوات البربرية الجائرة، وللتنكيل الذي يتعرض له أهل السودان.
القرينة في ذلك مانراه من عجز كل دولهم، تنظيماتهم في الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي والمجلس العالمي لعلماء المسلمين، إذ فشلوا جميعا في الجهر بتعاطفهم ومساندتهم للسودانيين في محنتهم الراهنة.. ناهيك عن إدانتهم لما يتعرض له السودان من الإجتياح والعدوان.
ربما كانت هذه السانحة على بؤسها، درسا ذي ثمن فادح كيما يتعلم الناس بعد جهل وأن يَعُوا بعد غفلة بدا أنها قد دامت طويلا، أن غزو الناس وهم آمنين في ديارهم، سلب ثرواتهم ومواردهم، الفتك بهم وإخراجهم من ديارهم واتخاذهم عبيدا وإماء إنما هو عدوان فادح لا يعتمد ذلك على ديانة المعتدين او الضحايا ولا على اعراقهم واختلاف ألسنتهم وألوانهم.. ألا ان لعنة الله على الظالمين..
كم هو مؤسف ان نُسرِفَ في الغفلة حتى اللحظة التي تُدركُ فيها النيران اطراف خيمتنا، لنكتشف كم كنا بسطاء ومغفلين ونحن ننحت من التماثيل والنُصُب، ونخط من السرديات الطويلة والقوافي، ما نمجد به غزاةً معتدين قاموا عبر التاريخ بالتنكيل بالآمنين في شتى رِقَاعِ الأرض، سلبهم بساتينهم وثرواتهم، وإخراج الناس من ديارهم واتخاذهم عبيدا وسبايا، إحراقهم واعينهم مفتوحة. كم مجدنا في تاريخنا من الغزاة والنخاسين.
إنتهى..
nagibabiker@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
رئيس البرلمان العربي: الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم
أكد محمد أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، أهمية الدور المحوري والتاريخي الذي تلعبه جامعة الدول العربية في تعزيز مسيرة العمل العربي المشترك وتوحيد الصف العربي، كونها رمزًا للوحدة العربية، وبيتًا جامعًا للأمة العربية، مؤكدًا حرص البرلمان العربي على التشاور والتنسيق الدائم مع جامعة الدول العربية في كل ما يخدم العمل العربي المشترك.
جاء ذلك خلال لقاء رئيس البرلمان العربي مع أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية وذلك بمقر الأمانة العامة للجامعة بالقاهرة.
وشدد اليماحي على أنّ المسؤولية التي تتحملها جامعة الدول العربية في الوقت الحالي هي مسؤولية ثقيلة وكبيرة جداً، لا سيما في ظل تعاظم حجم التحديات والأزمات التي تواجهها الدول العربية في مختلف المجالات.
الدفاع عن القضايا العربيةوأكد اليماحي أنّ البرلمان العربي داعم ومساند بكل قوة للدور الذي تقوم به جامعة الدول العربية، وسيعمل على تسخير كل أدوات الدبلوماسية البرلمانية، على نحو يخدم أهداف الدبلوماسية الرسمية التي تقودها جامعة الدول العربية في الدفاع عن القضايا العربية وخدمة مصالح الشعب العربي.
وبدوره جدد أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية التهنئة لليماحي بمناسبة انتخابه رئيسًا للبرلمان العربي، معربًا عن ثقته في قدرته على إدارة دفة البرلمان العربي بكل كفاءة واقتدار في خدمة وتعزيز العمل البرلماني العربي المشترك.
تعزيز مسيرة العمل العربي المشتركوأكد أبوالغيط أنّ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لن تدخر أي جهد من أجل دعم ومساندة البرلمان العربي وستحرص على توفير كل التسهيلات التي يحتاج إليها للقيام بدوره، منوهًا بأنّ البرلمان العربي يمثل البعد الشعبي في تعزيز مسيرة العمل العربي المشترك، ويقوم بدور مهم في الدفاع عن القضايا العربية.
حضر اللقاء من جانب البرلمان العربي المستشار كامل فريد شعراوي الأمين العام للبرلمان العربي، والدكتور أشرف عبدالعزيز المستشار السياسي لرئيس البرلمان العربي