أعوذ بالله من كلمة "أنا"
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
زكريا الحسني
من الملاحظ كثيراً أن كلمة "أنا" عندما تأتي على ألسن بعض الناس، يعقبونها فورا بجملة: "أعوذ بالله من كلمة أنا"، وكأنهم بذلك قد نطقوا بشيء سيئ جدا، ولعل هذا الشعور نابع مما نقله القرآن الكريم عن لسان امرأة العزيز: "وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِىٓ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لَأَمَّارَةٌۢ بِالسُّوٓءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّىٓ إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ".
فهذه الآية ليست فقط تتحدث عن: "إِنَّ ٱلنَّفْسَ لَأَمَّارَةٌۢ بِٱلسُّوٓءِ"، وإنما تذكر كذلك: "إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّىٓ إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ"؛ أي أن الرحمة الإلهية تعمل على تنظيف النفوس من دعوتها للأعمال السيئة.
يذكُر القرآن الكريم "الأنا" في موارد مكروهً كما في قوله تعالى: "أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلْأَعْلَىٰ"، وفي قوله عز وجل: "قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ"، ولكن ذُكرت "الأنا" في إطار مُحبذ أيضا، كما في قوله عز من قائل: "إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ". "لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ".
ومن أعظم الموارد التي يتم فيها ذكر "الأنا" هو في كلمة التوحيد؛ حيث نقول بتعليم القرآن الكريم لنا: "إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ". إذن؛ ليست "الأنا" مُستنكرة وقبيحة دائمًا؛ بحيث يتطلب كلما قال المرءُ "أنا" وجب أن يتعوذ منها مباشرة، أو أن لا يتم توظيفها في الحديث والكلام، فهذا يتنافى طبيعة الإنسان ورغبته الفطرية في الإشارة إلى ذاته عندما يريد أن ينسب الفعل إلى نفسه، أو أن يشير إلى أمر يتعلق به. ولو تخلينا عن "الأنا" فقد يتوجب علينا أن نتواصل بطرق وأساليب أخرى مثل التخاطر!
وفي الأحاديث النبوية لكلمة "الأنا" ذكرٌ أيضا، ففي الخبر الذي يرويه البخاري، قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا"، وقوله عليه الصلاة والسلام الذي يرويه الإمام أحمد وصححه الألباني: "أَنَا أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِ اللهِ"، وقال أيضًا: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (رواه مسلم: 2278).
ويقول أهل العلم إنَّ "الأنا" إذا أتت في الكلام على نحو التواضع أو كما لو قالها في مقام التواضع والانكسار لله، أو الاعتراف بالذنب، أو إبداء الفقر والحاجة إلى رب العالمين، كما في الدعاء الذي يرويه مسلم: "اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ". وبصورة عامة، كل ذكر وحديث فيه "الأنا" يخلو من العظمة والغرور والعجرفة، ففي هذه الحالة لا ضرر من ذكر "الأنا" في الحديث.
قال ابن القيم رحمه الله "وَلْيَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ طُغْيَانِ "أَنَا"، "وَلِي"، "وَعِنْدِي"، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ ابْتُلِيَ بِهَا إِبْلِيسُ وفرعون، وقارون، "فَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ" لِإِبْلِيسَ، وَ"لِي مُلْكُ مِصْرَ" لفرعون، وَ"إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي" لقارون، وَأَحْسَنُ مَا وُضِعَتْ "أَنَا" فِي قَوْلِ الْعَبْدِ: أَنَا الْعَبْدُ الْمُذْنِبُ، الْمُخْطِئُ، الْمُسْتَغْفِرُ، الْمُعْتَرِفُ...وَنَحْوِهِ: "لِي"، فِي قَوْلِهِ: لِيَ الذَّنْبُ، وَلِيَ الْجُرْمُ، وَلِيَ الْمَسْكَنَةُ، وَلِيَ الْفَقْرُ، وَالذُّلُّ، و"َعِنْدِي"، فِي قَوْلِهِ: "اغْفِرْ لِي جِدِّي، وَهَزْلِي، وَخَطَئِي، وَعَمْدِي، وَكُلَّ ذَلِكَ عِنْدِي" انتهى من "زاد المعاد" (2/434-435)، ويُنظر: "معجم المناهي اللفظية" للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله.
بعد هذه التوضيحات، يتبيَّن المسار الصحيح الذي ينبغي فيه ذكر "الأنا" دون الحاجة إلى التعقيب بقولنا: "أعوذ بالله من الأنا"، أو اتهام الآخر إن ذكر "الأنا" في كلامه دون أن يعقب بجملة "أعوذ بالله من الأنا" باتهامات غير لائقة، وإلا فكم من معقب بهذه الجملة وهو لا يزال يتحدث بنفخة عالية عن ذاته وعن "الأنا" الطاغية لديه بحيث أن جملة "أعوذ بالله من الأنا" التي عقب بها لم تكن إلا لقلقة لسان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دعاء النبي في صلاة الوتر .. 22 كلمة داوم عليها كل ليلة بعد العشاء
دعاء النبي في صلاة الوتر ، لعله من الادعية التي يحبها الكثير، لأن صلاة الوتر سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبحث الكثير من المسلمين عن دعاء النبي في صلاة الوتر تأسيًا بالنبي صلى الله عليه، وصلاة الوتر تعتبر من قيام الليل حيث يبدأ قيام الليل من بعد صلاة العشاء، فكان النبي صلى الله عليه وسلم فى جوف الليل يحرص على قيام الليل، وكان يتخير الأدعية الجامعة الشاملة التي تشمل خيري الدنيا والآخرة، وصح عنه صلى الله عليه وسلم مجموعة من الأدعية التي كان يدعو بها في جوف الليل، لذا يقدم موقع “صدى البلد” دعاء النبي في صلاة الوتر.
دعاء النبي في صلاة الوترعَنْ أمير المؤمنين عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي وِتْرِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ».
دعاء صلاة الوتراللهم إنا نَسأَلُكَ من الخيرِ كُلِّهِ عاجِلِهِ وآجِلِهِ ما عَلِمْنَا منه وما لم نَعْلَمْ، ونعوذُ بك من الشر كله عاجِلِهِ وآجِلِهِ ما عَلِمْنَا من وما لم نَعْلَمْ.
نسألكَ الجَنَّة وما قَرَّبَ إليها مِنْ قولٍ أو عمل، ونعوذ بك من النارِ وما قَرَّب إليها مِنْ قولٍ أو عمل.
نسألك من خيرِ ما سألكَ عَبْدُكَ ونَبِيُّكَ، ونعوذُ بك من شر ما استعاذك منه عبدُكَ ونبيكُ.
نسألكَ أن تجعلَ كُلَّ قضاءٍ قَضَيْتَهُ لنا خيرًا.
اللهم إنا نسألكَ العَفْوَ والعافيةَ والمُعَافاةَ في الدنيا والآخرةِ، يا ذا الجَلالِ والإِكْرامِ، يا حيُّ يا قيوم.
اللهم إنا نعوذُ بك من جَهْدِ البَلاءِ، ودَرَكِ الشَّقَاءِ، وسُوءِ القَضَاءِ، وشَمَاتَةِ الأعْدَاءِ.
اللهم إنا نعوذُ بك من زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وتَحُوُّلِ عافيتكَ، وفَجْأَةِ نِقْمَتِك، وجميع سَخَطِك.
اللهم إنا نعوذُ بك من العَجْزِ والكسلِ والجُبْنِ والبُخْلِ والهَمِ وعذابِ القبر.
اللهم آتِ نفوسَنَا تَقْواها، وزَكِّها أنت خيرُ مَنْ زَكِّاها، أنت وَليُّها ومَوْلاها.
اللهم إنا نعوذُ بك من عِلْمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعوةٍ لا يُسْتَجَابُ لها.
دعاء بعد صلاة الوتر مستجابلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء محدد في هذا الامر ولكن يجوز لكل شخص ان يدعو الله بما شاء ، ويطلب من المولى عز وجل ما يتمناه ، ولكن هناك بعض الادعية التي نصح بها أهل الفضل منها :
( اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، أنك تقضي ولا يقضى عليك. إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لك الحمد على ما قضيت، ولك الشكر على ما أعطيت.
نستغفرك اللهم من جميع الذنوب والخطايا ونتوب اليك. اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا.
ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا. ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا الى النار مصيرنا. واجعل الجنة هي دارنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لايخافك فينا ولا يرحمنا.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي اليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر. اللهم انا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا، واذا أردت بقوم فتنة فتوفنا غير مفتونين. ونسألك حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربنا الى حبك، يا رب العالمين.
دعاء الوتراللهم اغفر لجميع موتى المسلمين، الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك. اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم وأعفو عنهم، واكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد. ونقهم كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وارحمنا اللهم برحمتك اذا صرنا الى ما صاروا اليه تحت الجنادل والتراب وحدنا. اللهم اغفر لنا، وارحمنا، وأعتق رقابنا من النار.
اللهم تقبل منا انك أنت السميع العلم، وتب علينا انك أنت التواب الرحيم ، وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللهم لك أسلمنا، وبك آمنا، وعليك توكلنا، وإليك أنبنا، وبك خاصمنا. اللهم إنا نعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلنا، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون.دعاء صلاة الوتر اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا من وما لم نعلم. ونسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
ونسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، ونعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ونبيك. ونسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لنا خيرا. اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة في الدنيا والآخرة، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم. اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.