موزة المعمرية
في ليلتها الحالِمة، كانت ترتدي البذلة البيضاء وهي تبدو بأبهى حُلَّة، وهذه كانت ولا تزال طبيعتها الأنثوية التي لا تحيد عنها أو تتغيَّر، وهذا ما يُميز إطلالاتها الناعمة دوماً كأنثى مُكتملة، انشغلت بترتيب اللوحات التي رأتها مائلة قليلاً عن توازنها المُتفق عليه بزواياه الأربعة؛ فهي لا ترغب إلاَّ بالكمال بكل شيء حولها، هي لوحات فنية رسمتها من مدرستها التعبيرية، ها قد بدأ الناس بالتوافد لرؤية إبداع الرسامة الجميلة الناعمة، انقضت الساعات وغادر الحضور القاعة البيضاء، أخذت تنظر حولها للوحاتها ثم انتبهت لوجود رجل يقف أمام لوحة "الخلود"، هو أخذاً بتأملها بتمعن، اقتربت منه لتقول له:
"أعجبتك اللوحة؟".
التفت إليها ثم ابتسمت شفتيه الناظرة لها قائلاً:
"بل أعجبتني صاحبتها".
"فظٌ أنت أم ..........".
"إني كِلاهما، كم سعرها؟".
"ألف ريال".
"سأشتريها".
"ما رأيك أن تشتري غيرها؟ انظر حولك ستجد ما يُذهلك غيرها".
أخذ بالنظر حوله فوقعت عينه على ذات اللوحة التي تبغي أن تبيعها له في خلدها.
"أرغب بهذه".
"باهظة الثمن كثيراً".
"أشتريها، كم سعرها؟".
"مليون".
ابتسم قليلاً ثم قال: "سأشتريها".
اقتربت من اللوحة لتُنزلها من على الجدار، فاقتربت منه لتسأله سؤال يتراقص في ذهنها الحي:
"لم تقل لي، من تكون؟".
"السيد الكامل".
ضحكت قليلاً ثم قالت: "لا يوجد من هو كامل".
"إني كذلك، غداً سأهديكِ هدية".
"لستُ بمن يقبل الهدايا أو يُعطيها، عمت مساءً".
أخذت معطفها من على الكرسي البارد تبغي المُغادرة، فقال لها:
"مرسيدس جي كلاس".
توقفت لتذهلها الجملة، فهذه هي السيارة التي لطالما كانت تحلم بها.
"هل تقرأ أفكاري؟، أم أنك ساحر كذَّاب؟".
اقترب منها وهو يقول: "إني هو، ساحر ولكن ليس بكذَّاب".
"أهدها لغيري تُفتَتَن بها".
غادرت في بعض الغضب بينما هو ظل يبستم رؤيتها حتى المغيب.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً: