قالت مجلة «لوبوان» إن الجنرالين عبد الفتاح البرهان رئيس القوات المسلحة السودانية ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) رئيس قوات الدعم السريع قد أغرقا السودان في حرب أهلية بعد أن قادا انقلابا معا ضد الرئيس السابق عمر البشير، ثم انقلابا ثانيا ضد الحكومة الانتقالية المدنية العسكرية، ليقتتلا على تقاسم الموارد الطبيعية -ولا سيما الذهب والنفط- والهيمنة على البلاد.

التغيير ــ وكالات

ونتيجة لهذا الصراع يمكن أن تؤدي أزمة الغذاء في السودان -وفقا للأمم المتحدة-إلى أخطر مجاعة منذ 40 عاما، ويعاني اللاجئون الذين يصلون إلى تشاد أيضا من الجوع، لأن المنظمات غير الحكومية تفتقر إلى الأموال اللازمة لإطعام وإغاثة ضحايا الكارثة.
وتنقل المجلة -في تقرير لمبعوثها الخاص في تشاد بوريس مابيار- ما يرويه لاجئون سودانيون هناك عن الفظائع التي ارتكبها رجال مليشيات الدعم السريع في بلادهم التي أغرقها الجنرالان في حرب أهلية لا ترحم.
نازحون من الجنينة

وينطلق تقرير المجلة من وصول مجموعة من اللاجئين إلى الحدود على عربات تتأرجح وهي تعبر الوادي الجاف الذي يمثل الحدود بين السودان وتشاد، حيث تصل فاطمة مع نساء سودانيات وأطفال صغار وهم قادمون من بلدة الجنينة التي تعرض سكانها إلى انتهاكات فظيعة من قبل الدعم السريع، لينزلن بمنطقة أدري في تشاد حيث نهاية الرحلة ولكنها ليست نهاية المحنة.

وفي هذه النقطة أنشأت الجمارك والسلطات التشادية مكتبا لتسجيل اللاجئين، وهو عبارة عن طاولة وكرسيين بلاستيكيين، في ظل الامتداد الوحيد للجسر الذي توقف العمل عليه لسنوات، والذي تتمثل مهمته النهائية في توفير المأوى لنوم الجنود التشاديين.
استهداف السكان المدنيين

هنا يتولى فريق من منظمة أطباء بلا حدود مسؤولية تطعيم الوافدين الجدد، ويعطي مئات اللقاحات يوميا للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و15 عاما، كما يسجل حالات سوء التغذية الحاد كما هي حالة طفل فاطمة الصغير.

ومع أن المتحاربين معسكران -أحدهما تمثله القبائل العربية المتحالفة مع مليشيات حميدتي حسب المجلة، والآخر تمثله المساليت والقبائل غير العربية- فإن النازحين يوجهون أصابع الاتهام إلى المليشيات، إذ يقول جلال آدم يايا الذي بترت ذراعه بعد أن أطلق أحد أفراد مليشيا حميدتي النار عليه “إنهم الجنجويد الذين يكرهوننا لأننا سود، يسموننا النوبيين، أي عبيدهم السابقين”.

وأشارت الصحيفة إلى أن جميع أطراف النزاع تستهدف السكان المدنيين، في تحد للقانون الإنساني الدولي، مشيرة إلى أن هناك دراما تجري خلف الأبواب المغلقة في مدينة الفاشر المحاصرة، حيث قطعت شبكة الاتصالات مع تواصل الهجمات والتفجيرات، مؤكدة أنه ما لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإنشاء ممر إنساني فإن المدينة تتجه نحو الكارثة.
تدفق اللاجئين إلى تشاد

وفي بلدة أدري التشادية يعيش 184 ألف لاجئ في ملاجئ مفتوحة تحت الأغطية البلاستيكية والناموسيات والأقمشة الممزقة، في انتظار قبولهم في المخيمات التي تديرها المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشركاؤها المحليون.

ويستمر تدفق اللاجئين الجدد -حسب المجلة- إلى مدينة أدري التي يبلغ عدد سكانها 26 ألف نسمة، وتستضيف اليوم أكثر من 200 ألف شخص دون احتساب المخيمات المقامة على أطرافها.
وهنا تقوم المفوضية بإدارة المخيمات وتوفر الخيام والقماش المشمع، ويوزع برنامج الغذاء العالمي الحصص الغذائية، في حين تدير منظمة أطباء بلا حدود جناحا للولادة وجناحا للأطفال والمستشفى المحلي الوحيد الذي يضم قسما للجراحة، كما تقوم منظمة غير حكومية بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بحفر الآبار لجلب المياه الضرورية، حسب المراسل.

ويقول رئيس مكتب المفوضية في أدري بليز بوكوندي -الذي يرى أن الموارد المالية لا تواكب الأوضاع- “لم يتم سوى تمويل 10% من برنامج المساعدات رغم استمرار وصول اللاجئين وعدم توفر المياه والطعام بالقدر الكافي”.
يبحثون عن الرجال لقتلهم

فقد أبو بكر كل شيء بعد أن دخلت المليشيات قريته كوندوبي شمال الجنينة، ويقول “كانوا يبحثون عن رجال القرية ليقتلوهم، رأيت ابن عمي يقتل ورأيت جارا ثم آخر يُقتلون، كان رجال المليشيات يطلقون النار في كل الاتجاهات، اضطررت إلى الهرب بأسرع ما يمكن تاركا كل ممتلكاتي وعائلتي، كان لدي تلفزيون وثلاجة و50 بقرة و200 دجاجة وأرض كنت أزرعها، نهبوا المنزل وسرقوا كل شيء ذي قيمة، ولكنني على قيد الحياة”.

وفي ظل شجرة العناب وعلى الحصائر الممتدة على الرمال يتذكر اللاجئون هجوم المليشيات “إنهم يريدون قتل الرجال في سن القتال إلا من يوافقون على التجنيد معهم، أما النساء فليس لهن إلا الفرار، إنهم يسعون إلى الاستيلاء على ممتلكاتنا وأرضنا، نحن ضحايا إبادة جماعية جديدة”.

وعندما يدعو أحد متطوعي المفوضية عبر مكبر الصوت اللاجئين للذهاب إلى المخيمات يهز أبو بكر ورفاقه أكتافهم، مفضلين البقاء حيث هم على بعد بضعة كيلومترات من الحدود.

ويقول أبو بكر إن المخيمات بعيدة عن كل شيء في الصحراء “في حين أننا هنا بجوار أدري وسوقها، يمكن للمحظوظين منا العثور على بضع ساعات من العمل في الحقول أو صناعة الطوب أو تفريغ الأكياس من الشاحنات”.

ويقوم موظفو مفوضية اللاجئين بجمع روايات عن الانتهاكات التي تستهدف المدنيين عمدا، ولا سيما حالات الاغتصاب، وهم يطالبون بمحاسبة المتحاربين ويذكرونهم بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، كما يقول المراسل.
أطلقوا النار على ستيني

وتتذكر إيناس يوم 15 يونيو/حزيران 2023 عندما اقتحمت قوات الدعم السريع منزل الأسرة في الجنينة وأسلحتهم في أيديهم، قاموا بفصل الأب الستيني عن عائلته ثم أطلقوا النار على رأسه من مسافة قريبة، وسط صرخات النساء اللاتي حاولن التدخل، لكن إصابة الأب لم تكن قاتلة وتم علاجه.

بعد هذه المأساة هربت النساء إلى أدري، لكنهن عدن إلى الجنينة، كل حسب دورها لرعاية الرجل المريض، وعندما جاء دور إيناس للذهاب ألقي القبض عليها، واتهمتها المليشيات بالتجسس لصالح الجيش السوداني، وتعرضت للضرب، وتقول “لقد ضربوا وجهي ورأسي، وكان الدم يسيل ثم حبسوني 8 أيام”.

وتضيف إيناس “هددني أحدهم -وهو رجل عجوز- بأنه كان صائما ولكنه سيدعو المقاتلين الصغار ليفعلوا معي ما يريدون”، وهي اليوم مثل أي شخص آخر ترغب في أن تنتهي الحرب حتى تتمكن من العودة إلى دارها.
المصدر : لوبوان

الوسومالبرهان الحرب الأهلية اللاجئين حميدتي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: البرهان الحرب الأهلية اللاجئين حميدتي

إقرأ أيضاً:

بعد قطيعة دامت 8 سنوات.. البرهان يتسلم أوراق اعتماد سفير إيران بالخرطوم

تسلّم رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان اليوم الأحد أوراق اعتماد سفير إيران لدى السودان حسن شاه الحسيني، ليكون أول سفير إيراني بالخرطوم بعد انقطاع العلاقات بين البلدين نحو 8 سنوات.

وأفاد مجلس السيادة -في بيان له- بأن "رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان تسلّم اليوم أوراق اعتماد سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى السودان، حسن شاه حسيني، سفيرًا ومفوضا فوق العادة لبلاده لدى السودان".

وأكد وكيل الخارجية السودانية حسين الأمين -في البيان ذاته- متانة العلاقات بين البلدين.

وأضاف أن "تقديم السفير الإيراني لأوراق اعتماده يعدّ إيذانا ببدء مرحلة جديدة في مسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين".

من جانبه، قال السفير الإيراني حسن شاه حسيني إن "تقديم أوراق اعتماده يأتي في إطار التوافق المشترك بين البلدين بشأن تبادل السفراء وترقية العلاقات الثنائية"، وفق البيان.

كما أكد أنه "سيبذل قصارى جهده من أجل تعزيز علاقات التعاون بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسودان".

وأضاف أن "بلاده تدعم السيادة الوطنية ووحدة الأراضي السودانية وسلامتها".

يشار إلى أن وزارة الخارجية السودانية كانت قد أعلنت في 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن الخرطوم وطهران قررتا استئناف العلاقات الدبلوماسية، بعد 7 سنوات من القطيعة.

وفي يناير/كانون الثاني 2016، خلال حكم الرئيس السوداني السابق عمر البشير (1989-2019)، قطع السودان علاقاته الدبلوماسية مع إيران، ردا على اقتحام محتجين لسفارة السعودية في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد (شرق)، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بتهمة الإرهاب.

وقبل قطعها، كانت العلاقات بين الخرطوم وطهران وثيقة، وكانت إيران مصدرا وموردا للأسلحة إلى الخرطوم منذ تسعينيات القرن الماضي، كما تضمنت العلاقات آنذاك اتفاقيات تعاون عسكرية.

مقالات مشابهة

  • «تمهيدية نقابة الأطباء»: مسلحون يهاجمون آلاف اللاجئين السودانيين بمعسكر « أولالا» بإثيوبيا
  • بعد قطيعة دامت 8 سنوات.. البرهان يتسلم أوراق اعتماد سفير إيران بالخرطوم
  • البرهان يتسلم أوراق إعتماد السفير الإيراني لدى السودان
  • «البرهان» يتسلم أوراق اعتماد السفير الإيراني لدى السودان
  • يا الله السودان ولا الكيزان !
  • اللاجئون السودانيون في تشاد: تفشي الأمراض الوبائية
  • سياسة اللا متوقع في السياسة
  • تفاصيل مكالمة هاتفية اقلقت الشعب !
  • قطر تقدم مساعدات للاجئين في جنوب السودان
  • مزمل أبو القاسم والخطاب الإعلامي المتلهف