المسؤولية الأمنية والأخلاقية للدعم السريع في مناطق سيطرتها
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
يقولون، إن لم تكن على قدر المسئولية، فلا تحاول، ويقولون، أبقى قدرها، ومن البديهي، ألاّ يستتب الحكم لمن يسمح بالفوضى، أو العاجز عن ضبط الأمور، ووضع الأشياء في نصابها التقديري، الذي يسمح باستمرار دوران دولاب الحياة بصورة طبيعية، دون هواجس أو مخاوف المواطن من التعّسف والبطش والظلم. ومن حكم قهراً، سيستمر قاهراً، لمن ينازعه الحكم، مستبداً لمن يسخر أو يتهاون بتوجيهاته، وقيل: "إنما العاجز من لا يستبد" ولا يستقيم القهر والاستبداد مع الفوضى إلا بسوء نوايا.
شاهدنا وسمعنا قائد ميداني لقوات الدعم السريع يخاطب حشد من قواته تحت كبري من كباري الخرطوم، في لقاء تنويري بقرارات قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، حسب قوله، عن المتفلتين، موضحا أن لجنة لمحاربة الظواهر السالبة تم تشكيلها بقيادة اللواء ركن عصام الدين صالح فضيل، منوط بها حسم هذه الظاهرة، وعدم التهاون مع المنتحلين صفة الدعّامة، لتلطيخ سمعتها بالعمل الإجرامي المشين. حسبما يفهم من سياق التنوير الميداني.
نعتقد أن تشكيل هذه اللجنة تأخرت كثيرا، ولكن أن تأتي متأخرا، خير مما ألاّ تأتي، ذلك في ظل سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق واسعة، وأحياء عديدة في العاصمة، يتوجب عليها أخلاقياً عدم السماح لأيّ كائناً من كان المساس بأمن المواطن، أو الاعتداء على عرضه وممتلكاته، وإن حدث ذلك تحت أي مصوغ، ومن أية جهة، من منسوبيها أو من غيرهم، فإن قوات الدعم السريع هي المسئولة أخلاقياً وجنائيا، ولا أحد سواها.
هذه المسئولية الأمنية والأخلاقية، تتعاظم في الولايات، والمناطق التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع في غرب ووسط وشمال دارفور، من الجنينة ومستري ومورني، وزالنجي وسربا وكتم، والتي أعلنت بسط سيطرتها التامة عليها، عليها أن تضلع بمسئولية الدولة العضوضة، في هذه المناطق، وتحرص كل الحرص، وتبذل كافة الجهود، لتأمين حياة الناس، وبث الطمأنينة في نفوسهم، وتحريك دولاب الحياة، واستئناف الخدمة المدنية، وأن تتحمل مسئولية أي شكل من أشكال التفلتات، سيما الأمنية، والتصدي لأي مظهر من مظاهر المواجهات القبلية. سيما وأنّ اللواء عصام الدين فضيل، هو قائد قطاعات دارفور بقوات الدعم السريع.
إن اتخذت قوات الدعم السريع الحياد في السابق حيال التحشيد العشائري، قبل سيطرتها على هذه المناطق، فإن هذا الموقف الآن غير أخلاقي، وغير مبرر البتة، عليها أن تتصرف كقوات دولة، وليست كمليشيا، أو قوات متمردة، وقد نفى القائد الميداني، المذكور في صدر المقال، هذه التهمة الدعائية عن قواته، حسب توصيفه، وبالتالي، على قوات الدعم السريع، التدليل على أنها على قدر هذا التحدي عملياً (البيان بالعمل) الميداني المحسوس والملموس في واقع حياة الناس في مناطق ارتكازاتها وولايات سيطرتها.
أخلاقياً، على قوات الدعم السريع، أن تحرص كل الحرص، على فتح المدارس والجامعات، وعدم التهاون بمستقبل الأجيال، وهذه المسألة لا نظنها، محل خلاف أو محور مزايدة، لأيّ سوداني، غض النظر عن موقفه من طرفي الحرب الدائرة الآن. وفي سبيل ذلك عليها أن تتعاون وتتواصل مع كافة الجهات المعنية، وأن تتعاون مع القوى الأمنية لقوات الكفاح المسلح في دارفور، على ضمان سلاسة وصول الإغاثات والمؤن الغذائية، إلى كافة ربوع إقليم دارفور، وبقية أقاليم السودان، أو أن تضلع هي بهذه المهمة على أكمل وجه، إذا فقدت الثقة في هذه القوات.
على قوات الدعم السريع، أن تتعاون مع الجهات المعنية، لتسهيل نقل وصرف مرتبات موظفي الدولة، وأن تشرف على التحصيل الضريبي المعين على الإيفاء بهذا الاستحقاقات الضرورية لإبقاء أسر عديدة على قيد الحياة، وعليها أن تساهم بقدر معقول من مواردها الخاصة في هذا الأمر، أي صرف مرتبات موظفي الخدمة المدنية، سيما في مناطق سيطرتها الولائية.
نتمنى ألا تكون لجنة اللواء ركن عصام الدين صالح فضيل للظواهر السالبة، مجرد لجنة دعائية، ونأمل الاطلاع على تقاريرها بشكل يومي، وأن نرى نتائجها ميدانياً، ونتطلع أن تحقق هذه اللجنة انتصارات موازية للانتصارات المتتالية لقوات الدعم السريع، على جيش دولة ــ 56 ربيبة الفساد، وراعية الظلم والاستبداد.
كانت القوات النظامية، تحت قيادة اللجنة الأمنية للكيزان، قبيل 15 أبريل، تتفرج باستمتاع على جرائم إصابات 9 ــ طويلة والنيقرز، وهي تعبث بأمن المواطنين، في وضح النهار، على مرأى ومسمع من قواتها في قلب العاصمة الخرطوم، دون أن تحّرك ساكنا، بل الجهات النيابة تتثاءب حتى من فتح البلاغات المكثفة التي ترد النيابات العامة من هذه الجرائم، تلك التصرفات غير المسؤولة، ليست بمعزلٍ عن هزائم الجيش السوداني المتتالية، وخيباتها ميدانياً الآن.
نتمنى ألاّ ترتكب قوات الدعم السريع ذات الخطأ، وهي تتهيأ لتّصدر المشهد السياسي والأمني في البلاد، حسب معطيات الأحداث، المجردة عن العواطف، والأماني الخلّب.
ebraheemsu@gmail.com
//أقلام متّحدة ــ العدد ــ 110//
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع علیها أن
إقرأ أيضاً:
مشروع قرار في مجلس النواب الأمريكي لحظر بيع الأسلحة للإمارات بسبب الدعم السريع
قدم السيناتور الأمريكي كريس فان هولين مشروع قرار يسعى إلى وقف مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات إلى حين تأكد الولايات المتحدة بأن الإمارات لا تسلح قوات الدعم السريع وفقا لرويترز.
وتقدم فان هولين بمشروع قرار مشترك في هذا الشأن إلى مجلس الشيوخ، بينما قدمت زميلته الديمقراطية سارة جاكوبس مشروع قرار مماثل إلى مجلس النواب، إلا أنه من غير المرجح أن تحظى جهودهما بدعم كبير في الكونجرس، إذ اعتبرت الإدارات الأمريكية بقيادة رؤساء من كلا الحزبين الإمارات شريكا أمنيا إقليميا محوريا، ولكنها ستسلط الضوء على صراع أصبح من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
وقال فان هولين في بيان، "الإمارات شريك مهم في الشرق الأوسط، لكن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تبقى مكتوفة الأيدي بينما تدعم وتؤجج الكارثة الإنسانية في السودان. علينا أن نستخدم نفوذنا لمحاولة حل هذا الصراع سليما".
وينص القانون الأمريكي على أن يراجع الكونجرس صفقات الأسلحة الكبيرة، ويسمح لأعضاء مجلس الشيوخ بفرض إجراء التصويت على قرارات رفض من شأنها وقف تلك المبيعات. ورغم أن القانون لا يسمح لأعضاء مجلس النواب بفرض مثل هذا التصويت، إلا أن القرارات يتعين أن تحصل على موافقة مجلسي الكونجرس، وألا يعطلها البيت الأبيض بحق النقض، لكي تدخل حيز التنفيذ.
والأسبوع الماضي، دعت السيناتور في الكونغرس الأمريكي، سارة جاكوب، إلى حظر الأسلحة عن الإمارات العربية المتحدة بسبب دعمها قوات الدعم السريع في السودان، وذلك على وقع تقارير تفيد بقيام هذه الأخيرة بتسميم طعام مئات السودانيين في ولاية الجزيرة.
وقالت جاكوب، الأربعاء، إن "التقارير التي تفيد بأن قوات الدعم السريع سممت الطعام في السودان، حيث يعاني الملايين من الناس من المجاعة، مخزية".
وأضافت في تدوينة عبر حسابها الرسمي على منصة "إكس" (تويتر سابقا): "لا بد من محاسبة قوات الدعم السريع وداعميها الخارجيين، وخاصة الإمارات العربية المتحدة".
وشددت السيناتور الأمريكية على ضرورة قيام "الولايات المتحدة بقطع الأسلحة عن الإمارات حتى تتوقف عن تسليح قوات الدعم السريع".
ويتهم السودان دولة الإمارات بتقديم الدعم لقوات الدعم السريع التي تخوض صراعا ضد الجيش للعام الثاني على التوالي، الأمر الذي أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية وانتشار المجاعة.