عصب الشارع -
الإجتماع الأول الذي يجري هذه الأيام بالعاصمة التشادية (انجمينا) للآلية الوزارية لدول الجوار السوداني يتزامن مع ما يجري من مفاوضات في جده التي وصلت إلى مراحلها النهائية وهناك ترتيب وثيق بين الطرفين واتصالات متبادلة حيث يؤمن المجتمعون بتشاد أن مقررات جده هي الأساس لحل الأزمة السودانية وماهم إلا جزء مكمل لذلك الحل فلا يتوهم الفلول بان هناك إمكانية لإختراق إجتماع دول الجوار لخلط أوراق الحوار الذي يجري في جده فقد قضي الأمر ودول الجوار تجتمع اليوم لترتيب أوراقها لتنفيذ توصيات إجتماع جده التي تعتبر جزء أصيل في تنفيذها.
تصريح المتحدث بإسم الحرية والتغيير جعفر حسن والذي أكد فيه أن آليات المراقبة للفصل بين القوات المتصارعة أمر قد تم حسمه ووافق عليه الطرفان وتجري ترتيبات تنفيذه على أرض الواقع هو الأمر الذي فجر الصراع بين المجموعة الكيزانية المتشددة داخل اللجنة الأمنية ومجموعة البرهان كباشي والتي مازالت موجودة بجده بينما إنسحبت المجموعة العسكرية والتي كانت تمثل ذلك الجناح ليكتنف الغموض مايدور داخل البدروم..
طرفا الصراع (الكيزاني) تم بينهما إتفاق (سري) بأن يقوم كل طرف بتحريك آلياته في هذا الصراع الداخلي (الصامت) فحاول الجناح المتشدد تحريك كافة كتائبه لدعم الجيش لحسم المعارك لصالحه على الأرض لإعطاء الجناح الاخر الثقة بأن الأمر يمكن أن يحل عسكرياً لكنه فشل في ذلك بسقوط معسكر الشجرة والفشل ايضاً في فك الحصار عن المهندسين والقيادة العامة بينما الجانب الآخر حاول إرسال رسائل إيجابية للمجتمع الدولي بالابقاء على وفده داخل صالات التفاوض حتي لا يفقد فرصة الحل السلمي ويبدو أن جناح (البرهان) قد كسب الرهان وأعطى الإشارة للمواصلة في تنفيذ الاتفاق بعد فشل الحسم العسكري..
ويبدو أن الإجتماعات المتواصلة في كلا من جدة وإنجمينا كانت تنتظر تلك الإشارة والتي تأخرت لإعطاء الفرصة للجناج الكيزاني المتشدد حسب رغبته لحسم الأمر عسكرياً حتي وصل به الأمر بعد الخسائر المتكررة لمحاولة اقناع (البرهان) لإستخدام (غاز الخردل) الممنوع دولياً لحسم ذلك الصراع قبل وصول الرقابة الدولية إلا أن العديد من القيادات العسكرية عارضت الأمر ليقف الجناح المتشدد اليوم في موقف لايحسد عليه..
ونحن نقف ونترقب القرارات النهائية لكافة الأطراف (دول الجوار بانجمينا والآلية الافريقية والمجتمع الدولي بجده والتي ستصدر خلال هذه الأيام لمعرفة الخطوات القادمة والتي بكل تأكيد ستكون مع ترقب الخطوة القادمة للفلول والتي يتوقع لها أن تكون (إنتحارية) ستقضي عليهم وعلي خبثهم وتريح البلاد منهم إلى الأبد بإذن الله فكل الأوراق قد سقطت من يدهم ولم يتبقْ لهم إلا الإنتحار أو النهاية الحتمية بتنفيذ مقررات جده بحكومة مدنية تقضي على كافة أحلامهم
والثورة ستظل مستمرة
والقصاص يظل أمر حتمي
والرحمة والخلود للشهداء
الجريدة
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الناظر تِرك في لا شيئيته
كتب الأستاذ الجامعي د.محمد عبد الحميد
كلما أستمع لذلك الرجل السوداني البسيط المظهر، العفوي الكلمات، الأصيل الملامح، المألوف القسمات.. أجد نفسي سابحا في خيالات من وحي كلماته القصيرة، فأعيد كلامه مرات ومرات... ثم أحدق في الفضاء العريض منفقاً دهراً من التأمل في فحوى كلماته.. فالرجل يظهر في مقطع فيديو من بضع ثواني في ذلك المشهد الدرامي وهو يحتسي الشاي. فبعد أن يرتشف الرشفة الأولى بشفط هوائي هادر ، يُلمظ شفتاه، ويتمطق بلسانه مستطعماً نكهة الشاي. وعلى حين فجأة يلتفت، ومن بين أسنانه المثرمة تخرج الحروف من فمه مدغومة ومتشاكسة متسائلاً :(شايكو دا سويتوا براكو ولاّ جابو ليكو جيب؟؟) بهذه الكلمات المنغمسة في الاشئ يحاول الرجل أن يعبر عن إعجابه بطعم الشاي بعد أن تلذذ بالرشفة الأولى، فقد عبر بطريقته الخاصة التي تحمل على التأمل واستخلاص ما كان يريد أن يقول بتلك العفوية التي لا تحمل أي مضمون غير انك لا تملك إلا ان تعجب بمستوى البساطة المتطابقة مع احساس النشوة بالشاي حتى لتكاد تشاركه الشعور بالنشوة وهي تسري في أوصاله.... الأمر مع الناظر تِرك يطنبق بذات المستوى والنوع ولكن في إتجاه معاكس، فترك لا يترك لك شيئآ تشاركه إياه، فلا يتلمظ شيئآ، لأنه لا يكاد يتذوق بلسانه شئياً. ولا يلفظ بشفتيه شيئاً. لأنه لا يعكس من ذاته وعياً بشئ.
فهو يتحدث في شؤون السياسة بغير قليل من عدم دراية العواقب حتى يجعلك تسرح بفكرك في اللاشئ. وعلى عكس مقام ذلك الرجل الذي يدور حديثه حول نشوة مفرطة بطعم الشاي. فالزعيم القبلي ورغم أنه متسم بذات المستوى من البساطة ومنطلق من ذات قيمة السذاجة، وسابح في بحر من التسطيح العميق. إلاِّ أن الأمر معه ليس كوب شاي يُحتسى. ولكن أمر وطن يضيع.
د. محمد عبد الحميد
wadrajab222@gmail.com