سعد الدين الهلالي: أمور الإرث ليست من الثوابت وتعد قرارا شعبيا وأهليا وليس دينيا
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أنه عندما يفقه الشعب دينه ويدرك الفرق بين النص القرآنى وبين الفقه، سيستوعب إمكانية التجديد بما يتراضى عليه، لافتًا إلى أن الأساس هو رضا الناس وقناعتهم وطمأنينتهم، حيث إن ترضيتهم هي المفتاح الذي يستطيعون من خلاله الإبداع في كل مناحي الحياة.
وأضاف «الهلالي» لـ«البوابة نيوز»، أن هناك مسافة بين الفقه والنص، كما يوجد فرق بين الإرث كحق والإرث كواجب، وأن المسألة تتعلق بتوافق الناس ورضاهم، وهذا ما يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة للتجديد والإبداع، مشيرًا إلى أن الله عز وجل يستخدم في كل آيات المواريث بلا استثناء حرف «لام» الملكية، وعليه فإن الناس يجب أن يفقهوا أن «الميراث حق وليس واجبا».
وأوضح أستاذ الفقه المقارن، أنه بناءً على ذلك، يستطيع كل منهم أن يقرر ماذا يفعل في حقه، كما يمكن التسوية بالتراضي، وذلك دون الحاجة إلى وصي أو فقيه. فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن في أيامه شيوخ يُفتون للأمة، وإنما كان الصحابة كلهم مثل النجوم في الوعي، "بأيهم اهتديتم اقتديتم". على هذا الأساس، عندما يفقه الشعب دينه، سوف يأخذ حقه.
واختتم تصريحاته قائلًا إن الحل الأخير عندما يفقه الناس أمور الميراث، وينجح أوصياء الفتوى في إقناعهم، بل وفي الضحك عليهم، بأن هذه الأمور ثوابت لا يمكن المساس بها بزعم أن المساس بها هو مساس بكيان الدين ومن ثم ضياعه، هو أن يكتب المُوَرِث وصية بتقسيم التركة قبل وفاته.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: سعد الدين الهلالي سعد الهلالي الميراث ثوابت الدين
إقرأ أيضاً:
تجارب الحياة.. ليست عبئًا
حياتنا عبارة عن تجارب متراكمة عبر السنين التي نقضيها في هذه الحياة الدنيا، ولا يوجد كائن عاقل لم يمر بكثير من التجارب ، وأشير هنا إلى كلمة عاقل؛ على اعتبار أنه المستفيد الأكبر من هذه التجارب، فالكائنات غير العاقلة؛ هي موجهة بفعل غريزتها - وفق خلق الله لها - أما الإنسان فهو المسنودة تصرفاته بالعقل الذي يحمله بين جوانحه، ويصوب مختلف ممارساته؛ مع بقاء الخيار المتاح لسلوكياته (وهديناه النجدين) وفق نص الآية الكريمة، ولأهمية هذه التجارب فإنها تظل الزيت الذي نستمد منه الاستمرار في العطاء، وهو الذي يضيء لنا الكثير مما قد يخفى علينا، ومما لا ندرك كنهه لولا استحضارنا الدائم للتجارب والمواقف التي مررنا عليها، واستفدنا بها، لكي نوظفها في حياتنا اليومية.
ولذلك نلاحظ الفروقات الشاسعة بين فردين: قضى أحدهما الجزء الكبير من عمر الحياة، والآخر للتو يبدأ مسيرة حياته، هذه الفروقات تظهر في كثير من التصرفات، وفي كثير من اتخاذ المواقف والقرارات، وفي الكثير من المعالجات لمختلف القضايا والمشكلات، ذلك؛ لأن الأول ينطلق من خبرة شهدت الكثير من الأحداث؛ سواء على مستواه الشخصي، أو على المستوى العام من حوله، ولذلك هو مستفيد من كل ذلك، أو على الأقل من كثير مما يحدث حوله، أما الآخر والذي يبدأ خطواته الأولى، فإنه سوف يلازمه الكثير من التعثر في تصرفاته، وفي مواقفه، وفي قراراته، لأن الرصيد الذي يستند إليه قليل جدا، لا يتيح له اتساع الرؤية لمساحة الحركة والتصرف، ومع ذلك قد يُقَيِّمُ البعض أن التجارب - في بعض الأحيان - معيقة، وذلك للأثر السلبي الذي تتركه في حياة الفرد، وهذه؛ من منظور آخر؛ قد تكون نادرة الحدوث، فلو تعرض شخص ما لأذى جسدي أو لفظي - على سبيل المثال - لأنه تدخل في إصلاح بين شخصين، فإنه لن يكرر ذلك الجهد مرة أخرى، وقد يردد مقولة: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين» ولأن ردات الفعل السلبية لمختلف المواقف والتجارب هي حالات نادرة، فلا يجب أن تؤخذ منهجا أو متكًأ، تكون قابلة للتعميم، فهي حالة ينظر إليها في حينها، ويراعى الحكم في ظرفيتها الآنية فقط، ولا أكثر، ويبقى الحكم العام؛ أن التجارب التي يعيشها الفرد لها مردود إيجابي كبير، ومن لم يستفد من تجاربه؛ فهو واقع في مأزق آخر؛ يشكل الإدراك فيه دورا كبيرا. وعندما نضرب مثالا أكبر شمولية؛ مثل الوظيفة - على اعتبار أن جميعنا في سن معين قد مررنا بهذه التجربة - فإننا علينا نصح من هم لا يزالون على كراسي الوظيفة، على أن الوظيفة ليست عبئا بالمطلق، بل هي تجربة حياة رائعة، يمتزج فيها الواجب الوطني المقدس، بالحاجة لاحترام الذات وتقديرها، وعدم السماح بإراقة الوجه الإنساني للابتذال، وبخدمة أفراد المجتمع بكل أطيافه دون المساس بقدسية الوظيفة، وإذن الوظيفة بهذا المعنى هي حياة زمنية رائعة تتجاوز حمولتها الفيزيائية من حيث الجهد المادي المبذول في لحظات فترتها الزمنية، ولذلك كنا - ومن خلال تجربة شخصية - لا ننظر إلى الزمن المستقطع في أدائها بتلك الحدية المطلقة نبدأ في الساعة الفلانية؛ وننهي واجبنا في الساعة الفلانية؛ إطلاقا؛ ولذلك استحوذت علينا الوظيفة العمر الزمني بكثير من السخاء، فتجاوزنا في حاضنتها الساعات السبع الرسمية المطلوبة، وطبعا؛ كل حسب اختصاصه، ومسؤولياته، وتذهب ذات المقاربة إلى تجربة تكوين الأسرة، وتجربة خدمة المجتمع، وتجارب السفر، وغيرها الكثير التي يعرفها الناس، ففي مجمل تجارب الحياة التي نخوضها تبقى رصيدا معنويا، وماديا، لا يختلف عليه اثنان.