سودانايل:
2024-11-07@10:00:11 GMT

لحظات ما قبل الانهيار

تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT

فيصل محمد صالح
يبدو أنَّ السودان سيشهد تحولاً كبيراً خلال الأسابيع المقبلة تقوده نحو خيارين لا ثالث لهما، إما اتفاق سياسي وعسكري لوقف إطلاق النار، ومن ثم الدخول في حوار سياسي موسع حول مستقبل البلاد، وإما خيار الانهيار الشامل والدخول في متاهة لا يمكن التنبؤ بعمقها ولا احتمالات الخروج منها. لقد وصلت الحرب لنهاياتها المنطقية ولم يعد هناك مفر من مواجهة الخيارات المحدودة المتاحة.

واحد من المؤشرات هو حالة الانهيار التي تشهدها القوات المسلحة السودانية، حتى صارت الحاميات والمناطق العسكرية تتساقط مثل قطع الدومينو، ويشاهد السودانيون بحسرة وأسى احتلال «قوات الدعم السريع» المدن والقرى بوتيرة متسارعة. خلال أيام قليلة، هاجمت «قوات الدعم السريع» مدينة سنار، ثم التفت حولها لتحتل منطقة «جبل موية» الاستراتيجية، التي جعلتها تتحكم في تقاطع عدد من الطرق المهمة. ثم ما هي إلا ساعات وسقطت مدينة سنجة، ثم وصلت «قوات الدعم السريع» لمدينة الدندر، ثم المزموم، وكبري دوبا. في الوقت نفسه كانت «قوات الدعم السريع» تتحرك في ولايتي دارفور وكردفان، فتعود لمهاجمة الفاشر، وتحتل منطقة وحامية الميرم في كردفان. في كل هذه المواقع، ما عدا في جبل موية، لم يحدث قتال حقيقي، بل كانت قوات الجيش تنسحب من المناطق دون قتال، ما أثار علامات استفهام كثيرة في أذهان السودانيين. والمدهش أنه وبعد كل انسحاب كانت فيديوهات «قوات الدعم السريع» تظهر كميات العتاد العسكري والأسلحة والذخائر التي تركتها الوحدات المنسحبة خلفها، ما يظهر أن الأمر لا يتعلّق بحجم التسليح ولا الإمكانات القتالية، لكنه يتعلق بالروح المعنوية المنخفضة أو الغائبة من ناحية، والقيادة والتخطيط المفقودين من ناحية ثانية. وقعت القوات المسلحة لعقود تحت وطأة التسييس والاستغلال الحزبي من جانب حكم الحركة الإسلامية، الذي ظهر في عمليات التخلص من الضباط المؤهلين واستبدال أهل الولاء بهم، بغض النظر عن الكفاءة، ثم بعد ذلك ظهر النشاط الاقتصادي والصناعي للمؤسسة العسكرية الذي شغل القيادات العليا في الجيش وصرفها عن الاهتمام بالتجنيد والتدريب والتأهيل. وقد حانت الفرصة لإصلاح كل ذلك مع سقوط النظام القديم في أبريل (نيسان) 2019 وقيام مؤسسات الحكم الانتقالي، لكن المجموعة العسكرية، ومن خلفها بقايا النظام القديم، قاومت ذلك، واتجهت لتشكيل تحالف مع «قوات الدعم السريع» لمواجهة السلطة الانتقالية المدنية، ثم الانقلاب عليها في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. وكعربون للتحالف مع «الدعم السريع» فتحت المجموعة العسكرية الباب واسعاً للجنرال حميدتي للاتجاه لتجنيد عشرات الآلاف وتزويد قواته بأحدث الأسلحة، وإقامة علاقات إقليمية ودولية من خلال موقعه نائب رئيس مجلس السيادة. ولم تحاول قيادة الجيش وضع أي تصور لدمج «قوات الدعم السريع» في القوات المسلحة أو تسريحها بطريقة سلمية، بل كانت ترفض دعوات الشارع لذلك وتهاجم المطالبين بحل ودمج هذه القوات. وخلال عام ونصف العام ما بين الانقلاب العسكري وانطلاق الحرب في أبريل 2023، قتلت قوات الأمن ما لا يقل عن 150 ضحية في المظاهرات السلمية التي كانت تطالب بحل «قوات الدعم السريع» وعودة العسكر للثكنات. والحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الطرفين كانا يستعدان للحرب، كل بحسب قدراته، وكان الانطباع العام أن الجيش سيسحق «قوات الدعم السريع» في مدى أيام قليلة، لكن التخوف كان من الخسائر في الأرواح والمباني في العاصمة الخرطوم، ثم ما يمكن أن تحدثه مجموعات «الدعم السريع» المتفرقة التي ستلجأ لبوادي دارفور. كل هذه التصورات والتكهنات ظهر خطلها، واتضح أن الجيش الذي تم إهماله لعقود لم يكن مستعداً ولا جاهزاً، وأنه تم توريطه في حرب لم يستطع التعامل معها، وإن استمرت حالة الانسحابات وتسليم المدن والمواقع تسليم مفتاح، فمن المتوقع الوصول لحالة الانهيار الشامل، للوطن كله، وليس للجيش فقط، فلا يظنن أحد أن في مقدور «قوات الدعم السريع» إعلان انتصار وتشكيل حكومة وإدارة البلاد، بل ما سيحدث هو انحلال وتلاشي الدولة السودانية الموحدة. لا تزال هناك فرصة وحيدة للخيار الثاني، وهو وقف الحرب والاتجاه نحو حوار سياسي شامل لوضع تصورات لمرحلة ما بعد الحرب، وعملية إنزال الفرصة للأرض تحتاج إلى قرار وطني شجاع لمن يستشعرون خطورة الوضع، ثم حالة إجماع إقليمي ودولي حاسم يعمل على استثمار الفرصة وتوفير الإمكانات لتحققها .  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

كشف تفاصيل كارثية في الجزيرة على يد قوات الدعم السريع.. 1000قتيل وإحتجاز مواطنين رهائن وتهجير قسري وحصار

الجزيرة – تاق برس -اطلقت منصات راصدة للأوضاع في شرق الجزيرة ومدينة الهلالية بينها “منصة مؤتمرالجزيرة” ونداء الوسط” وهي مجموعة مبادرات طوعية، نداءات استغاثة وتحذيرات من كارثة كبيرة تواجه اكثر من 100 ألف مواطن ومواطنة محاصرون في تلك المناطق تحتجزهم قوات الدعم السريع رهائن يواجهون الموت بالرصاص والجوع والأمراض، واستنكرت الصمت المحلي والدولي تجاه ما يحدث للمدنيين في المنطقة.

 

وقالت منصة “نداء الوسط” – مبادارت طوعية- في بيان ان مدينة الهلالية شرق ولاية الجزيرة وسط السودان أضحت عبارة عن سجن كبير يواجه من بداخله موتٌ محتوم يسلب منا روحاً بريئة في كل لحظة تمر ، بينما يأخذ الجميع مقعد المتفرجين متجاهلين الكارثة التي يعايشها مايقارب ال100 ألف مواطن/ة بينهم شيوخ وأطفال يعانون الأمرّين تحت وطأة الحصار الذي فرضته عليهم من اسماها العصابات الإرهابية منذ 14 يوماً ، لم يتذوقوا فيها سوى السقم والمرض والجوع والعطش الذي فتك بأجسادهم ففاضت أكثر من 80 روحاً إلى بارئها.

 

وكشفت وفق البيان “المواطنين ومنذ اقتحام المدينة تم حصرهم ووضعهم داخل ثلاثة مواقع بالمدينة هي مسيد الشيخ الطيب، مسيد الشيخ عبدالباسط، ومسيد الشيخ أبسقرة، تحت حرارة الشمس يفترشون الأرض، ويفتقرون لأبسط وأقل مقومات الحياة من مأكل ومشرب ، إضافة للإنعدام التام للرعاية الطبية والأدوية والعقاقير ، وقد توفي العشرات منهم جراء تدهور الحالة الصحية لهم والجوع والعطش ، كما ظهرت العشرات من حالات التسمم الغذائي عقب تناولهم لطعام قامت من اسماها البيان بالعصابات بتوزيعه عليهم ، إضافة لتفشي الأمراض والأوبئة بينهم بسبب الظروف المكانية والبيئية التي أُجبروا على العيش فيها .

 

وحذرت المنصة من أن مايحدث لا يعد فقط إنتهاكاً لحقوق الإنسان بل يعتبر تصعيد من قبل العصابات وقياداتها ضد الشعب السوداني بأكمله .

 

وقال البيان ” ان المدينة وكما يعرف الجميع لم توجد بها أي قوات عسكرية او جيش أو حتى القوات المساندة له ، جل من فيها هم مواطنون أبرياء عزّل بينهم نازحين قدموا من مناطق تم تهجيرها واستباحتها سابقاً.

واضاف “ولم تتحرك أي جهة او تطالب بإنقاذ المواطنين المحاصرين وفك الحصار عنهم ، بل يجد الأمر تجاهل وصمت مخزي بينما تتداول النوافذ الإعلامية مايحدث كأنه سبقٌ صحفي وليس بكارثة عظمى .

وزاد ” نحن في المنظمة نؤكد على موقفنا الثابت المطالب بفك الحصار عن المدينة والسماح لمن فيها بإسعاف المرضى والمصابين وعدم التعرّض لهم . ونضم صوتنا لجميع الأصوات المطالبة للمنظمات الإنسانية والدولية بالتدخل من اجل إنقاذ المواطنين المحاصرين .

 

ونشرت قائمة بأسماء “79” متوفى بين قتل بالرصاص والمرض والتسمم.

 

في الاثناء أعلنت منصة “مؤتمر الجزيرة عن إرتفاع عدد القتلى الذين تحاصرهم قوات الدعم السريع بمدينة ” الهلالية” الى “67” شخصا ، إرتقى منهم ” 13″ شخص بأعيرة نارية مباشرة اطلقتها عليهم قوات الدعم السريع ، فيما إرتقى” 54″ نتيجة لحالات تسمم وسط المحتجزين لدى قوات الدعم السريع، والتي قدّمت لهم طعاما مخلوطا بسماد اليوريا، مما أدى لوفاتهم، بحسب منصة مؤتمر الجزيرة، من بينهم “31” سيدة، وطفلين.

 

وأضاف شاهد العيان (رغم أن الاسبوع الماضي شهد حالات تسمم مشابهة وسط المحتجزين بلغت “10” حالات، لكن الجوع الشديد للمحاصرين لم يترك لهم فرصة الإختيار)، وكشف ذات المصدر عن فرض قوات الدعم السريع رسوم مالية بلغت مليون جنيه لترحيل الفرد الواحد من المحتجزين إلى مدينة “أم ضوا بان”.

 

وقالت شبكة نساء القرن الأفريقي “صيحة”، إن الحملة الانتقامية والحشية الى شنّها الدعم السريع على ولاية الجزيرة وسط السودان، خلفت وراءها دماراً واسعاً ومجازر مروّعة، وأدت الى مقتل أكثر من 1000 مدني في هذه المناطق.

 

 

وأشارت في بيان إلى أن قوات الدعم السريع، ارتكبت انتهاكاتٍ خطيرة شملت تعذيب النساء واغتصابهن، مما دفع بعضهنّ للانتحار هرباً من هذه الجرائم الفظيعة.

 

 

ودعت شبكة صيحة مجلس الأمن الدولي اتخاذ إجراءات عاجلة لاستعادة السلام والأمن في السودان، والقيام بواجبه في حماية المدنيين.

 

وأضافت “يجب على الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي التعاون بشكل وثيق في هذا الجهد، والعمل على إنشاء آلية لحماية المدنيين مع مراعاة النوع الاجتماعي”.

 

وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان ان مناطق شرق الجزيرة، تواجه كارثة إنسانية نتيجة لهجمات عنيفة ومستمرة تشنها ما اسمتها مليشيا الدعم السريع.

واشارت في بيان الى ان المنطقة تشهد ، حملة انتقامية ممنهجة تستهدف المدنيين، مما أدى إلى مقتل وترحيل الآلاف وتهجيرهم قسرياً.

وحذرت بحسب البيان من تفاقم الوضع الصحي في المنطقة، وتفشي الإسهالات المائية في مدينة الهلالية والمناطق المجاورة.

وأكدت احتجاز من تبقى من سكان منطقة الهلالية رهائن في المساجد، مما أدى إلى وفاة أكثر من (73) شخصًا حتى الآن.

 

وطبقا لبيان لجنة أطباء السودان ازدادت حالات الإسهالات المائية في مدينة حلفا الجديدة شرقي السودان لتصل إلى (158) حالة، توفي منها أربع حالات، في ظل غياب شبه تام للدور الحكومي والمنظمات الإنسانية.

الدعم السريعالهلاليةشرق الجزيرة

مقالات مشابهة

  • كشف تفاصيل كارثية في الجزيرة على يد قوات الدعم السريع.. 1000قتيل وإحتجاز مواطنين رهائن وتهجير قسري وحصار
  • قائد لواء البراء بن مالك يكشف عن طلب من قوات الدعم السريع
  • السودان: قوات الدعم السريع تصفي 11 مواطناً في سنجة وتمنع الأهالي من المغادرة
  • الدعم السريع يدمر حاضر السودانيين وقادة الجيش والإسلاميون يدمرون مستقبلهم
  • الحكومة السودانية تلاحق وتقاضي دول جديدة متورطة في دعم قوات الدعم السريع
  • اتهممها تسليح الدعم السريع..السودان يشكو تشاد لدى الاتحاد الإفريقي
  • مقتل 18 مدنيا في هجوم لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة
  • «الدعم السريع» تجتاح مناطق جديدة بالجزيرة وسط تدهور مريع للأوضاع
  • مساجد السودان في بنك أهداف قوات الدعم السريع
  • منظمة الصحة العالمية: شعرنا بالفزع عندما علمنا أن 6 مستشفيات تعرضت للهجوم من قبل قوات الدعم السريع