تظهر تقييمات الاحتلال الإسرائيلي بعد مرور تسعة أشهر على العدوان المستمر في غزة، أنه لا يشبه الحروب السابقة التي شنها جيش الاحتلال في العقود الأخيرة، نظرا لأن من يتم مواجهتهم كيانات غير حكومية، لكنهم أكثر عددا وتنسيقا وأفضل تجهيزا، وهو مزيج يخلق تهديدا استراتيجيا حقيقيا للاحتلال.

مايكل ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب، أكد أنه " قبل تسعة أشهر، اندلع الاستثناء في حروب الاحتلال، عدوان دون اسم متفق عليه، وليس من الواضح متى وكيف سينتهي، لكنه أصبح بالفعل الحرب الأطول منذ 1948، بل إنه يجسّد عدة سوابق تاريخية، أخطرها أن السابع من أكتوبر هو اليوم الأكثر دموية في تاريخ الصهيونية، صاحبها اجتياح غير مسبوق للمدن والتجمعات السكنية، وعمليات اختطاف، وإخلاء واسع للمستوطنات في الجنوب والشمال".



وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "الاستثناء الأهم لهذه الحرب يتمثل في الجانب الاستراتيجي الواسع، فقد جرب الاحتلال في السابق أنظمة متعددة الساحات وصراعات مع قوى غير تابعة للدولة، لكن هذه الأنظمة كانت محصورة في الغالب على حدودها المباشرة، ولم يتم نشرها في جميع أنحاء الشرق الأوسط بأكمله، لكننا هذه المرة نخوض مواجهة مع القوى المسلحة في لبنان واليمن والعراق، كما تضمنت المواجهة المباشرة الأولى مع إيران، التي تغذي جزءاً كبيراً من التهديدات الحالية، لكنها ليست بالضرورة مصدرها جميعها، خاصة حماس التي تعتبر تحركاتها مستقلة ضمن صدامها مع الاحتلال".



وأشار إلى أن "فكرة المقاومة التي تتبناها حماس وباقي عناصر المعسكر المناوئ للاحتلال، وبناء عليها يخوض صراعاته وحروبه منذ نصف قرن، لكنها تختلف عن الحروب السابقة التي خاضها ضد جيوش ودول، ترتكز على عدة أسس: القيادة من قبل جهات فاعلة غير حكومية تلتزم برؤية إسلامية؛ الصراع غير المتكافئ، من خلال قوة المدفعية وحرب العصابات؛ حروب قصيرة بلا قرار؛ مظاهر الصبر والصمود؛ ذوبان التنظيمات في الفضاء المدني، بحيث أن أي قتال ضدها يثير معضلات أخلاقية وضغوطاً دولية؛ الاستنزاف من خلال إيقاع الضحايا، ومنع نسيج الحياة المستقر لدى الاحتلال".

وأوضح أن "هذه الأسس موجودة في المعركة الحالية في غزة، لكن قوتها هذه المرة غير مسبوقة، تضاف إليها الابتكارات التي تشكل مجتمعة تهديداً استراتيجياً، فمقاتلو حماس لا يركزون فقط على حرب العصابات أو إطلاق الصواريخ، بل مجهزون بقدرات الجيوش التقليدية، كما تجسد في هجوم السابع من أكتوبر، وخطط حزب الله لغزو الجليل، ولم يعد المبدأ التوجيهي هو النصر من خلال عدم الخسارة، بل إلحاق الضرر بالأهداف العسكرية والمدنية الاستراتيجية في الاحتلال، وتحييد دفاعها واستخباراتها، باستخدام الأسلحة الدقيقة، والتنسيق العميق بين أعضاء معسكر المقاومة، والضغوط الدولية غير المسبوقة على الاحتلال، التي تدفعه تدريجياً لموقف المصاب بـ"الجذام".

وأكد أن "كل هذه التغييرات تعكس التحولات التي حدثت في تنظيمات المقاومة التي أصبحت ذات سيادة بحكم الأمر الواقع مثل حماس، أو شبه دول مثل حزب الله، دون التخلّي قط عن رؤيتها الأيديولوجية، فهم يتمتعون بالقوة العسكرية التي تتمتع بها الدولة، ويهيمنون على الأراضي، ويهندسون وعي جمهورهم، ويندمجون في أنشطتهم، بجانب تغيرات العالمية تتمثل بصعوبات تواجهها الولايات المتحدة في أداء دور "شرطي العالم"، وضعف العالم العربي، حتى يتحول الصراع الحالي تدريجياً إلى حرب استنزاف على جبهتين، بقوة خلافات داخلية داخل الاحتلال، وتوتره مع واشنطن في الخلفية".

استنتاجات الاحتلال من الحرب
وسلط الضوء على جملة استنتاجات من الحرب، "أولها أنها لن تؤدي لانهيار حماس، أو إطلاق سراح المختطفين، ولابد من الاختيار بين احتلال غزة، وبين صفقة تعني وقف القتال، وثانيها أنه في أي صفقة، يجب الإصرار على نظام جديد في محور فيلادلفيا، ومنع إعادة تأهيل غزة، لعدم منح حماس القدرة على الحفاظ على المقاومة والحكومة بنفس الوقت، وثالثها حصول سكان غزة على المساعدات الإنسانية، دون فتح الآفاق أمامهم، ورابعها بدلا من الاعتماد على حروب الاستنزاف جنوبا وشمالا يجب الإدراك أن إيران هي التهديد الاستراتيجي، وإقناع العالم بالتهديد الذي تمثله في العديد من الساحات، مما يحتم عزلتها والنشاط ضدها".



وأضاف أن "الاستنتاج الخامس هو التخلي عن المفاهيم التي قامت عليها الاستراتيجية الإسرائيلية في العقود الأخيرة، وعلى رأسها السلام الاقتصادي، والمعركة بين الحروب، واستبدالها بمبادرات هجومية واسعة النطاق، خاصة ضد حماس، وسادسها السعي للفصل المادي بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي، ومنع التهديد الوجودي الذي قد ينشأ عن الاستقلال الفلسطيني، خاصة السيطرة على البوابات الخارجية مع العالم، وسابعها التركيز على التهديدات الخارجية، والتخلي عن الانقسامات الداخلية التي أضعفت الدولة، وصرفت الانتباه عن التهديدات الوجودية".

يكشف هذا الاستعراض الإسرائيلي لتسعة أشهر من الحرب أن حماس في غزة، حتى بعد الضربات التي تلقتها، لا تزال هي العامل المهيمن في كل المناطق، ولا تسمح لأي بديل أن ينمو مكانها، بعد أن نجا جزء كبير من قيادتها، وذراعها العسكري ما زال فعّالا حتى بعد حلّ بعض كتائبه، وتهيمن الحركة على الفضاء المدني في غزة، ولم يتطور أي احتجاج واسع النطاق ضدها، ما يعكس فشل الاستراتيجية الإسرائيلية طوال الأشهر الماضية لتقويض حكم الحركة تدريجياً، دون السيطرة المباشرة والبقاء في الأراضي المحتلة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة الحرب حماس استنتاجات حماس غزة الاحتلال الحرب استنتاجات صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الحرب فی غزة

إقرأ أيضاً:

مسؤول إسرائيلي: صفقة غزة قريبة.. وحماس "مستعدة للتنازل"

كشف مسؤول أمني إسرائيلي بارز أن صفقة الرهائن في غزة باتت "أقرب من أي وقت مضى"، بسبب الضغط العسكري على حماس، قائلا إن الحركة مستعدة للتنازل عن شروط سابقة.

وقال المسؤول لصحيفة "جيروسالم بوست" الإسرائيلية، إن حماس "أصبحت تحت ضغط هائل، ولم تعد قادرة على التنسيق مع حزب الله اللبناني الذي يزيد انخراطه في الحرب، ولا مع إيران التي تواجه مشاكلها الخاصة".

وحسب تقرير الصحيفة، فإن "حماس مهتمة بالوصول إلى اتفاق، ومستعدة للتنازل عن مطلبها السابق بوقف الحرب تماما".

واعتبر المسؤول الإسرائيلي أن احتمال انتقال كبار مسؤولي حماس إلى تركيا "ساهم في تسهيل إمكانية التوصل إلى تسوية، مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين".

و"استنادا إلى المناقشات مع مصر وقطر والإشارات القادمة من تركيا، هناك احتمال للتوصل إلى اتفاق تدريجي خلال أسابيع، قبل تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة"، وفقا لـ"جيروسالم بوست".

لكن المسؤول قال إن عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة سيكون شرطا رئيسيا لإبرام الاتفاق.

كما أشار إلى أن قائد القيادة الجنوبية يارون فينكلمان وقادة الفرق، أبلغوا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس هذا الأسبوع أن "جباليا على وشك الانهيار"، في إشارة إلى منطقة شمال غزة تتعرض لهجوم وحصار من جانب إسرائيل.

وأوضح أن "ممر فيلادلفيا (على الحدود بين قطاع غزة ومصر) ليس قضية مركزية في المفاوضات مع حماس"، كما أكد أن "المناقشات لا تتضمن إنهاء الحرب، بل بتوقف مؤقت لتسهيل الاتفاق".

مقالات مشابهة

  • بعد التهدئة في لبنان.. بلينكن: قد تساعد في إنهاء حرب غزة
  • أول تعليق من حماس على "اتفاق" حزب الله وإسرائيل
  • مقتل 11 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة
  • ارتباك إسرائيلي حول توزيع المساعدات في غزة.. فشل في اختراق العشائر
  • بوب وودوارد وخبايا حرب غزة
  • مسؤول إسرائيلي: صفقة غزة قريبة.. وحماس "مستعدة للتنازل"
  • مسؤول إسرائيلي: صفقة غزة قريبة.. وحماس "مستعدة للتنازل"
  • تعرف على أشهر الكنائس التي تحمل اسم مارمينا
  • مسؤول أمني سابق للاحتلال: إنهاء حرب لبنان سيكون دافعا للتوقف في غزة
  • رئيس وزراء الاحتلال: معلومات هامة وحساسة للغاية تسربت إلى حماس وحزب الله