زهير عثمان حمد

يحتاج السودان إلى استراتيجية أمنية وطنية لتوجيه إصلاحات قطاعه الأمني من أداة قمع لإدامة النظام القديم إلى قوة مهنية تحمي المواطنين في ظل نظام ديمقراطي. يتألف قطاع الأمن السوداني من حوالي 227,000 فرد، ويشكل تحديًا كبيرًا بسبب تجزؤه وعدم احترافيته. لتحقيق التحول الديمقراطي، يجب دمج الجماعات المسلحة في هذا القطاع.



التحديات المستقبلية
يجب على السودان وضع استراتيجية للأمن القومي تأخذ في الاعتبار التحديات المحتملة والتغييرات المستقبلية. يتطلب الإصلاح أيضًا التكامل بين الجهات الأمنية المتباينة في كيان وطني واحد.

قطاع الأمن: تحدٍ أمام المرحلة الانتقالية
ستُشكِّل الخيارات المتخذة في معالجة أولويات أي انتقال سياسي ووتيرته وتسلسله درجة الفعالية في إزالة الفجوات المتعلقة بتفكيك النظام الاستبدادي القديم واستبداله بنظام ديمقراطي جديد. هذا ينطبق بشكل خاص على قطاع الأمن الذي يجب أن يتحول من أداة قمع إلى أداة تحمي المواطنين في ظل الديمقراطية.

الإصلاح والتكامل
القطاع الأمني الذي أنشأه نظام البشير مجزأ للغاية وكبير بشكل استثنائي، حيث يتألف من حوالي 227,000 فرد، بعيدًا عن مختلف الجماعات المسلحة المنتسبة إليه، التي يُنظر إلى العديد منها على أنها غير مهنية. ومع انخفاض النفقات العسكرية من ذروتها خلال الحرب الأهلية الطويلة مع جنوب السودان، فإن النفقات العسكرية ما تزال تمثل ما يقرب من 10 في المائة من الميزانية الوطنية، فضلاً عن انخراط الجيش بشكل كبير في أجزاء أخرى من الاقتصاد.

التحديات الخاصة بإدماج الحركات المسلحة
الحركات المسلحة التي تحارب الحكومة، والتي تتميز أيضًا بجنود غير مدربين جيدًا وغير منضبطين، سيتعين الآن إدماجها في هذا القطاع الأمني. تم ترك مسألة عدد المقاتلين الذين يتعين إدماجهم بيد المؤسسات العسكرية المشتركة.

تاريخ جهاز الأمن والمخابرات السوداني: من التأسيس إلى اليوم
فترة نظام جعفر النميري (1969-1985)
التأسيس: تم تأسيس جهاز الأمن والمخابرات السوداني في عهد الرئيس جعفر النميري بعد انقلابه العسكري عام 1969.
الأهداف: كان الهدف من إنشاء الجهاز هو حماية النظام الحاكم ومراقبة المعارضة السياسية وتأمين النظام من الانقلابات والمحاولات الثورية.
الهيكلة: شهد الجهاز في هذه الفترة تنظيمًا داخليًا متواضعًا نسبياً، لكنه تطور تدريجياً ليصبح أكثر تأثيرًا في المشهد السياسي والأمني.
فترة الديمقراطية الثالثة (1985-1989)
التغيرات: بعد سقوط نظام النميري في انتفاضة أبريل 1985، شهد الجهاز بعض التغييرات في هيكليته ووظائفه.
التوجهات الجديدة: تم توجيه الجهاز بشكل أكثر نحو مكافحة الجريمة وتأمين الحدود، لكن ظلت السياسة جزءًا من مهامه.
فترة نظام عمر البشير (1989-2019)
التوسع والتعزيز: بعد انقلاب 1989 بقيادة عمر البشير، تم إعادة تنظيم الجهاز وتسليحه بشكل كبير. أصبح جهاز الأمن والمخابرات الوطني (NISS) أحد أهم أدوات النظام في قمع المعارضة وحماية النظام الحاكم.
تسليح الجهاز: بدأ تسليح الجهاز وتشكيل كتائب مقاتلة تحت مسمى "كتائب الظل" و"كتائب الدعم السريع"، والتي كانت تُستخدم في العمليات الأمنية والعسكرية الداخلية.
التوسع في المهام: بالإضافة إلى مهامه التقليدية، توسع الجهاز ليشمل مكافحة التمرد في مناطق النزاعات مثل دارفور وجنوب السودان.
التورط في انتهاكات حقوق الإنسان: تعرض الجهاز لانتقادات واسعة النطاق بسبب تورطه في انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب والاختفاء القسري.
فترة الانتقال الديمقراطي بعد سقوط البشير (2019-الآن)
التفكيك والإصلاح: بعد سقوط نظام البشير في أبريل 2019، أعلنت الحكومة الانتقالية عن نيتها إصلاح الجهاز الأمني وتفكيكه إلى حد ما.
إعادة التنظيم: تم تغيير اسم الجهاز إلى جهاز المخابرات العامة، مع توجيه تركيزه نحو جمع المعلومات الاستخبارية بدلاً من المهام القتالية.
محاولات الإصلاح: رغم الجهود المبذولة لإصلاح الجهاز وتقليص نفوذه، لا تزال هناك تحديات كبيرة في تحقيق هذه الأهداف بالكامل، نظراً للتعقيدات الأمنية والسياسية في البلاد.
تسلسل زمني لأهم الأحداث
1969: تأسيس جهاز الأمن والمخابرات السوداني في عهد الرئيس جعفر النميري.
1985: سقوط نظام النميري وانتقال الجهاز إلى مرحلة جديدة مع بعض التغييرات في مهامه.
1989: انقلاب عمر البشير وتعزيز وتسليح جهاز الأمن، وتشكيل كتائب مقاتلة.
2003-2005: توسع دور الجهاز في دارفور ومناطق النزاع.
2019: سقوط نظام البشير ومحاولات إصلاح الجهاز من قبل الحكومة الانتقالية، وتغيير اسمه إلى جهاز المخابرات العامة.

شهد جهاز الأمن والمخابرات السوداني تطورات وتحولات كبيرة منذ تأسيسه في عهد نميري، حيث انتقل من كونه جهازًا أمنيًا بسيطًا إلى أحد أهم أدوات السلطة في قمع المعارضة وحماية النظام الحاكم خلال فترة البشير. بعد الثورة السودانية وسقوط نظام البشير، تتواصل محاولات إصلاح الجهاز لتتناسب مع تطلعات السودانيين نحو نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان.

الحاجة لتوجه استراتيجي
يتطلب إصلاح قطاع الأمن السوداني مع الجمع بين الجهات الفاعلة الأمنية المتباينة في كيان وطني واحد وقتًا وتفكيرًا جديدًا. يشمل ذلك تغيير طريقة النظر إلى الأمن والتخطيط له وإدارته وتسليمه إلى الشعب السوداني. المضي قدمًا بدون هذا التوجه الاستراتيجي يمكن أن يؤدي إلى انهيار عملية الإصلاح برمتها بسهولة.

دور المدنيين في الأمن
في ظل الديمقراطية، يكون للمدنيين دور حيوي في تحديد رؤية القطاع الأمني وسياساته الاستراتيجية. يجب أن يضطلع أعضاء البرلمان والمجتمع المدني بمهام رقابية مهمة. بالإضافة إلى ذلك، تلعب وزارات مثل العدل والمالية والهجرة والجمارك دورًا في ضمان أمن السكان.

تحديات تسلسل مراحل الانتقال الأمني
تسلسل مراحل الانتقال الأمني في “اتفاق السلام” يطرح تحديات. تحديد حجم القوات المسلحة الجديدة وإصلاحها يحدثان دون أي توجيه استراتيجي.

التمثيل والكفاءة المهنية
التوفيق بين التمثيل والكفاءة المهنية في قطاع الأمن يمثل تحديًا في المرحلة الانتقالية بعد انتهاء الصراع. تهيمن بعض الجماعات العرقية على الفصائل المسلحة، وتميل إلى أن تكون ممثلة تمثيلاً زائدًا في الحكومة الانتقالية، التي تكافئ بدورها أولئك الذين يحملون الأسلحة، كما هو الحال في جنوب السودان.

التجزؤ والتشتت
يعاني قطاع الأمن في السودان من تجزؤه وتشتته بين مختلف الجهات الأمنية، مما يؤثر على التنسيق والتعاون بينها. يجب توحيد الجهود وتحقيق التكامل لتحقيق الكفاءة المطلوبة.

التدريب والتحديث المهني
يحتاج أفراد الأجهزة الأمنية إلى تدريب مستمر وتحديث مهني لمواكبة التطورات الأمنية وتحسين أدائهم. يجب تعزيز القدرات الفنية والتكنولوجية للأجهزة الأمنية.

الشفافية والمساءلة
يجب تعزيز الشفافية وتعزيز آليات المساءلة للأجهزة الأمنية، مما يساهم في تحسين الأداء والكفاءة.
إصلاح قطاع الأمن في السودان يتطلب توجهًا استراتيجيًا شاملاً يأخذ في الاعتبار التحديات المختلفة ويسعى لتحقيق التكامل بين الجهات الأمنية المتباينة. التدريب المستمر، الشفافية، والمساءلة كلها عوامل حيوية لضمان نجاح هذه الإصلاحات وتعزيز أمن واستقرار السودان في ظل نظام ديمقراطي.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: نظام دیمقراطی إصلاح الجهاز نظام البشیر قطاع الأمن سقوط نظام الأمن فی جهاز ا

إقرأ أيضاً:

لمساعدة ذوي الإعاقة البصرية.. اليابان تبتكر جهاز اهتزازي محمول على الأحذية

أطلقت شركة ناشئة مدعومة من شركة هوندا موتور اليابانية جهاز اهتزازي يمكن ارتداؤه على الأحذية لمساعدة ذوي الإعاقة البصرية في التنقل.

وذكرت وكالة أنباء كيودو اليابانية أن الجهاز الذي طورته شركة آشيراسي، يرتبط بتطبيق على الهاتف الذكي، ويحيط بالقدم ليقدم إشارات عبر الاهتزاز. ويحتوي على مستشعر حركة يكشف موقع المستخدم ويشير إلى الاتجاه المناسب في الوقت المناسب.

ويوفر التطبيق أيضًا توجيهات صوتية، ويختار أكثر الطرق وصولاً للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، ويتيح تحديد الوجهات مع خيارات بحث متنوعة مثل "أقرب مرحاض"، ويصدر تنبيهات صوتية للمخاطر المحتملة مثل تقاطعات السكك الحديدية والطرق.

وتقول الشركة إن استخدام الاهتزاز يضمن أن المستخدمين لن يفوتوا إشعارات التنقل حتى في الأماكن الصاخبة.

ويزن النموذج الأخير من جهاز آشيراسي 60 جرامًا، وهو أخف وأصغر من النسخة السابقة التي تم تقديمها العام الماضي. و سعر الجهاز هو 54، 000 ين (370 دولارًا)، مع رسوم شهرية أساسية تبلغ 550 ين.

مقالات مشابهة

  • هيكلة جهاز المخابرات العراقي …..!!
  • رئيس "مكافحة الإرهاب العراقي" يشيد بالقوات الأمنية في تقليص قدرات داعش وقطع تمويلاته
  • حماد: قطاع التعليم واجهته تحديات في مختلف عناصره خاصة المباني
  • لينوفو تستعد لإطلاق جهاز Legion Y700 للأسواق العالمية قريباً
  • المستقبل الحضاري في السودان «2- 3»
  • لمساعدة ذوي الإعاقة البصرية.. اليابان تبتكر جهاز اهتزازي محمول على الأحذية
  • الإتحاد الأفريقي: دواعي التجميد وتدابير إصلاح البيت
  • مجمع البحوث الإسلامية يطلق حملة بعنوان «أكتوبر إرادة الماضي ووعي المستقبل»
  • الإثنين.. مزاد وحدات الطعام المتنقلة في العاشر من رمضان
  • أفريقيا في القمة الأممية.. حضور بحجم هموم وتطلعات القارة