عربي21:
2024-11-23@15:58:27 GMT

من خُد دِي إلى خُد دُول!

تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT

في لحظة غضب وتبكيت (وما أكثر لحظات غضبه على المصريين وتبكيته لهم) قال الجنرال المنقلب: "والله العظيم أنا ما لقيت بلد.. أنا ما لقيتش بلد.. أنا لقيت أي حاجة.. وقالوا لي خُد دي".. تصفيق حاد من الحضور، وأغلبهم من العسكريين!

كيف صفق هؤلاء "القادة" في هذا الموقف الذي يستوجب الغضب؟ لا أعرف.. ألم يشعروا بالإهانة؟ غالبا لا.

. لم يشعروا بالإهانة؛ ذلك لأنهم معتادون عليها داخل المعسكرات، من الأعلى رتبة تجاه الأقل رتبة!

مصر لم تكن يوما دولة هزيلة، حتى وهي تحت الاحتلال.. غير أن عسكر يوليو الخمسينيات جعلوا منها دولة هزيلة بالفعل، ثم "أشباه دولة" حسب وصف الجنرال المنقلب، ثم أمست على يده المخضبة بدماء المصريين "أي حاجة" أو "دي"، وفي سبيلها إلى أن تكون "خرابة" تتناثر فيها بعض الواحات الغناء المغلقة على "الإيجيبتيين"!

وبما أن الدول يحكمها رجال، فإن "دي" التي يحكمها "ده" ليست لها إلا "دول"، وهو ما كان..

ففي الدول، يبحث رئيس الوزراء المكلف عن الكفاءات؛ كي ترتقي بالدولة، وتسهر على خدمة مواطنيها.. أما في "دِي" فيبحث مقاول الهدم المكلف بالبحث عن "دول" في قوائم المزوِّرين، والفاسدين، وأصحاب السوابق؛ ليستكملوا تدمير "دي" ونهب ما يمكن نهبه منها، مجاملة، أو ترضية، أو مشاركة!

يبحث رئيس الوزراء المكلف عن الكفاءات؛ كي ترتقي بالدولة، وتسهر على خدمة مواطنيها.. أما في "دِي" فيبحث مقاول الهدم المكلف بالبحث عن "دول" في قوائم المزوِّرين، والفاسدين، وأصحاب السوابق؛ ليستكملوا تدمير "دي" ونهب ما يمكن نهبه منها
فمن المعلوم بالضرورة، أن على المتقدم أو المكلف أو المختار لشغل وظيفة حكومية استخراج ما يُسمى "صحيفة الحالة الجنائية" التي يطلق عليها المصريون "فيش وتشبيه".. مش عارف ليه! ولا بد أن تكون هذه الصحيفة خالية من أي مانع (جنائي أو أخلاقي) يحول دون تولي الشخص الوظيفة.. ولأن وظائف "دول" في "دي" هي الهدم وليس البناء، والتخريب لا التعمير، فقد كان الجنرال المنقلب ومقاول الهدم المكلف يبحثان عن ذوي الصحف الجنائية "السوداء"، باعتبار الموانع الجنائية والأخلاقية (في عُرفهما) من مسوغات التوظيف في مناصب "دي" العليا!

"ده" مزوِّر شهادات ودرجات علمية، يبقى وزير التعليم! و"ده" تجسس على مواطنيه في ألمانيا، وحرامي، وسبَّاب، وشتَّام، يبقى وزير الخارجية! و"ده" لص تمت إدانته قضائيا، يبقى وزير الطيران المدني التي ارتكب في أروقتها جرائمه! و"ده" عضو مجلس إدارة مجموعة طلعت مصطفى التي ابتلعت أراضي مصر وتملكتها بالأمر (العسكري) المباشر، يبقى وزير المالية، و"دِي" عضو في مجلس إدارة بنك أبو ظبي (الإماراتي) تبقى وزيرة التخطيط والتعاون الدولي.. و"ده" لا يعرف سوى "تمام يا فندم"، و"أوامر يا فندم"، فيستحق أن يكون "وزيرين"؛ فيظل زيرا للنقل مكافأة عن "تمام يا فندم"، ويعين وزيرا للصناعة، مكافأة عن "أوامر يا فندم"، ونائبا لرئيس الوزراء "بونص"!

فماذا تتوقع من "دول"؟! أكيد مزيدا من تدمير "دي" وتخريبها، وهذا هو المطلوب "إنجازه"!

سيكولوجية العاملين بالجهات السيادية

المدة القصيرة التي قضيتها في رئاسة الجمهورية سمحت لي بالتعرف على سيكولوجية العاملين بالجهات السيادية، مع وجوب التنويه إلى وجود استثناءات من هذه القاعدة "المستقرة"، وعلى رأس هذه الاستثناءات الرئيس الشهيد محمد مرسي وفريقه الرئاسي، وقد بات ذلك من الحقائق التي لا تقبل النقاش أو الشك..

يبدو هؤلاء (من بعيد) أشخاصا ذوي هيبة، فضلا عن وقع مسمياتهم الوظيفية على الأذن الذي يبعث (تلقائيا) على التقدير والاحترام، ويُخيَّل إليك أن هؤلاء هم حماة البلاد، والأمناء عليها، والمتفانون في خدمتها، وما أن تتعامل معهم عن قرب حتى يتبدد هذا الانطباع، وتتلاشى هذه الصورة "المثالية"؛ لتظهر صورة قاتمة لا تسر إنسانا محبا لوطنه!

إنهم عبيد السلطة.. متمرسون على الطاعة العمياء.. رضا المسؤول غايتهم.. يقظون أو متيقظون على مدار الساعة، ليس لخدمة الوطن، وإنما خشية الوقوع فيما يستوجب غضب السلطة الأعلى، ومن ثم فقدان الوظيفة المرموقة، والمركز الاجتماعي، والمستقبل "الواعد".. نشيطون حتى وهم مرضى، مبتسمون وهم في قمة الغضب! هذا السلوك لا يتحلون بها إلا أمام السلطة الأعلى، أما أمام مَن دونهم وظيفيا، فلا تسمع منهم سوى الفاحش من القول!

هؤلاء يشعرون أنهم دفعوا ثمنا باهظا جرَّاء وجودهم في مواقعهم العليا.. دفعوا من كرامتهم حتى لم يعد لديهم رصيد منها.. دفعوا من استقرارهم العائلي حتى تفسخت أسرهم، دفعوا من راحتهم حتى أصابتهم الأمراض التي لا شفاء منها.. إنهم يتطلعون بشغف إلى اللحظة التي يعوضون فيها هذا الثمن الباهظ الذي يتحول إلى خسارة فادحة في حال إبعادهم عن دولاب السلطة! وإذا ما حانت لحظة "التعويض" فإن "السرقة" هي أول ما يفكرون به؛ لأن الراتب الحكومي هزيل جدا مقارنة بتطلعاتهم وأحلامهم، وبما أنفقوه من أعمارهم وراحتهم واستقرارهم.. وللسرقة ألف ألف باب، ولا ينجيهم من الفضيحة والمحاسبة إلا قربهم من رأس النظام!

هؤلاء يؤدون بأجسامهم صلاة المسلمين، أما قلوبهم فمعلقة بإلههم المتربع على عرش السلطة.. فهو الذي يضر وينفع، ويرضى ويسخط، ويُعطي ويمنع، ويرحم ويُعذب، ويُبعد ويُقرِّب.. أما الله الذي يصلون له، فهذا إله الآخرة الذي سيغفر لهم كل خطاياهم إذا كان لهم خطايا من الأساس، وكيف يكون لهم خطايا ونبيهم العظيم مكيافيللي يقول: "الغاية تبرر الوسيلة"؟! أما النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) فهذا يكفيهم الصلاة عليه بضع مرات في اليوم؛ لينالوا شفاعته يوم القيامة!

فلا تنتظروا خيرا (أبدا) من هكذا بشر..

هل من سبيل إلى الإصلاح؟

سبيل الإصلاح معروف، غير أن الوصول إليه والسير فيه مكلف، بل مكلف جدا.. لذا، يكتفي الجميع (إلا من رحم الله) بالحديث عن الإصلاح، وضرورة الإصلاح، وحتمية الإصلاح..

سبيل الإصلاح معروف، غير أن الوصول إليه والسير فيه مكلف، بل مكلف جدا.. لذا، يكتفي الجميع (إلا من رحم الله) بالحديث عن الإصلاح، وضرورة الإصلاح، وحتمية الإصلاح
طيب يا عم المصلح لماذا لا تصلح؟ فيجيبك بلسان الحال: ومَن يحكم إذا دفعتُ حياتي أثناء سعيي "الجاد" نحو الإصلاح؟ ماذا استفدت؟ أأموت ليحكم غيري؟ هل أنا غبي أو مجنون؟ صلِّ ع اللي هيشفع فيك..

ويواصل بلسان الحال، والمقال: عليك أيها الإسلامي أن تتصدي (بكل ما أوتيت من إمكانات) للسلطة الغاشمة المستبدة، فإن مت فأنت شهيد، وإذا بقيت حيا فأنت سجين، أو مطارد، أو منفي، وهذا جهاد في سبيل الله، وأنت سيد العارفين.. وإذا سقطت هذه السلطة المستبدة، فالحكم خالص لي؛ لأن وجودك في الحكم سيثير حنق وحساسية الغرب والصهاينة، وستصبح مصر محل تهديد، وهذا أمر لا تقبله ولا يرضيك، وأنت الذي حدثتنا كثيرا عن الإيثار والتضحية والإخلاص.. أما إذا أصررت على الاحتكام للشعب وصندوق الانتخاب، فلن نتردد في استدعاء الجيش (مرة ثانية وثالثة) لإنقاذ مصر من الفاشية الدينية..

يا عزيزي.. أنا معارض ليبرالي علماني "كيوت".. أغازل أمريكا والغرب، وأتلقى الدعم من كل حدب وصوب، وأناكف ياسر جلال، وأكتب بعض المنشورات على سبيل التسلية؛ أهنئ هذا، وأعزِّي ذاك، وأحكي تاريخي "النضالي" مع ذينك.. وهذا جهد لو تعلمون عظيم!

ليس لها من دون الله كاشفة..

x.com/AAAzizMisr
aaaziz.com

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصريين الوزراء الإصلاح مصر الإصلاح الفساد وزراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یبقى وزیر

إقرأ أيضاً:

بن براهيم الوزير المكلف بالإسكان: المعرض الدولي للبناء منصة لعرض التجربة المغربية

زنقة 20 | متابعة

افتتحت، اليوم الأربعاء، بمركز محمد السادس للمعارض بالجديدة، فعاليات الدورة الـ 19 للمعرض الدولي للبناء، المنظمة تحت شعار: “التنفيذ الاحترافي للأشغال، ضمان لجودة المواد والمباني”.

وينعقد هذا الحدث، الذي ترأست حفل افتتاحه وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، إلى غاية 24 نونبر الجاري، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وتسلط دورة هذه السنة، التي تجمع العديد من الفاعلين الوطنيين والدوليين الرئيسيين في قطاع البناء والأشغال العمومية، الضوء على ابتكارات واتجاهات وتحديات القطاع الصناعي.

ويستضيف هذا المعرض، الذي تنظمه وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بشراكة مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات وبتعاون مع جامعة صناعة مواد البناء والجامعة الوطنية للبناء والأشغال العمومية، أزيد من 1500 علامة تجارية تمثل 50 بلدا، في فضاء عرض يمتد على مساحة 30.000 متر مربع.

وخلال هذه السنة، تحل الجمهورية الإسلامية الموريتانية ضيفا خاصا على المعرض، وهو خيار يؤكد على الروابط القوية التي تجمع بين المغرب وموريتانيا، خاصة في مجال البناء.

وفي كلمة بالمناسبة، أكد كاتب الدولة المكلف بالإسكان، أديب بن إبراهيم، أن المعرض الدولي للبناء يشكل منصة فريدة لتبادل الخبرات، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي واستخداماته في الأساليب الجديدة للبناء.

وأبرز، أن استراتيجية الوزارة ترتكز على محورين رئيسيين، يتعلق الأول بتعزيز عرض السكن، فيما يهم الثاني تأطير العمليات واللوائح، من أجل ضمان مرافق صالحة للعيش وذات جودة عالية.

وفي معرض تطرقه إلى برنامج الدعم المباشر للسكن الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2023، ذكر بن إبراهيم بأن هذا البرنامج يهدف إلى تمكين المواطنين من الحصول على سكن لائق، مع إعادة تنشيط اقتصاد القطاع، وخلق فرص الشغل، وزيادة القيمة المضافة في مجال السكن.

من جانبه، أكد وزير الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي الموريتاني، نغالو مامودو نيانغ، خلال حضوره فعاليات هذا الحدث، أن مشاركة الوفد الموريتاني في المعرض الدولي للبناء، بجناح مخصص لعرض منتجاته، يعكس الاهتمام المتبادل بتعزيز الشراكة بين البلدين.

وأكد، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عزم بلاده تعزيز سبل التعاون مع المغرب، معربا عن أمله في “أن يمكن هذا اللقاء من وضع خارطة طريق طموحة لتعزيز المبادلات والخبرات في مجال مواد البناء والبناء”.

وخلص نيانغ إلى أن “هذا التعاون يعد بمواصلة تعزيز العلاقات الاستراتيجية والأخوية بين بلدينا”.

مقالات مشابهة

  • المال بين السلطة والشعب
  • بعد مجزرة بيروت.. من هو الشبح الذي تزعم إسرائيل اغتياله؟
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • البخيتي يوجه رسالة إلى الإصلاح
  • قيادي بارز.. كشف هوية عضو حزب الله الذي استهدفه غارة إسرائيلية في بيروت
  • هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
  • من هو الصحابي الذي جبر الله خاطره من فوق سبع سماوات؟.. تعرف عليه
  • جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فرنسا لأجل فلسطين
  • بن براهيم الوزير المكلف بالإسكان: المعرض الدولي للبناء منصة لعرض التجربة المغربية
  • ولاية المتغلب.. بين صيانة الدماء وتمكين الاستبداد