نشر موقع "المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات" تقريرا تحدث فيه عن مزايا انضمام بيلاروسيا إلى منظمة شنغهاي للتعاون التي تشمل الانخراط في مشاريع التكامل الأورو-آسيوي التي تضم روسيا والصين.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه تمت الموافقة على قرار ضم مينسك إلى منظمة شنغهاي للتعاون في قمة المنظمة التي انعقدت في الرابع من تموز/ يوليو في العاصمة الكازاخية أستانا.

ويعتبر انضمام بيلاروسيا إلى منظمة شنغهاي للتعاون حدثًا مهمًا من عدة جوانب.

أولاً، هذه أول مرة يصل فيها عدد أعضاء المنظمة إلى رقمين. وتضم منظمة شنغهاي للتعاون الآن عشر دول أعضاء. ولا تقلّ التغيرات النوعية أهمية عن التغيرات الكمية.

وقد تأسست منظمة شنغهاي للتعاون كمنظمة إقليمية للدول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

مع توسعها، اكتسبت المنظمة بعداً أوراسياً متزايداً.  بالنسبة إلى بيلاروسيا، يعد انضمامها إلى منظمة شنغهاي للتعاون حدثاً بارزاً يشير إلى تحول السياسة الخارجية الرسمية لمينسك نحو الشرق. بدأ هذا التحول منذ أربع سنوات، عندما أصبح من الواضح عدم جدوى النهج السابق متعدد الاتجاهات الذي كان يعتمد على موازنة العلاقات مع الغرب وروسيا، و"الدول البعيدة" (خاصة الصين). وقد أصبح جليًا أن هذا النهج لا يوفّر الأمن الخارجي لبيلاروسيا، بل يجعلها أكثر عرضة للتهديدات الخارجية، ويضع الدولة في موقف خاص بين الأجانب من دون أن تكون مرتبطة بشكل واضح بأي طرف.

حسب الموقع، يعني انضمام بيلاروسيا إلى منظمة شنغهاي للتعاون زيادة في تنسيق السياسة الخارجية لموسكو ومينسك، حيث تعتمد العاصمتان الآن على المنظمات الدولية خارج الغرب الجماعي. ومن الواضح أن هذا سيساهم أيضًا في تعزيز العلاقات الثنائية. ففي السابق، كانت الاختلافات في السياسة الخارجية عاملًا مهمًا في تعقيد العلاقات داخل دولة الاتحاد.

حددت بيلاروسيا أولويات مشاركتها في منظمة شنغهاي للتعاون في تطوير التعاون الاقتصادي وتقليص الاعتماد على الدولار كعملة احتياطية عالمية. وتحدث عن ذلك بالتحديد لوكاشينكو خلال كلمته في القمة، حيث قال: "تعتبر بيلاروسيا من الأولويات إنشاء آلية للمدفوعات الثنائية بالعملات الوطنية ومؤسسة مالية جماعية لمنظمة شنغهاي للتعاون. نحن جميعاً نتحدث عن أننا كبار وعظماء. نحن حقاً عظماء. لدينا أكثر من 40 بالمئة من سكان العالم وحوالي ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي بالدولار، وفقاً للقوة الشرائية، في منظمة واحدة تضم قائدي قوتين عظيمتين - الصين وروسيا. وكلنا نهتز أمام هذا الدولار. دعونا نتخذ خطوات معينة لتقليل الاعتماد على هذا الدولار".

وأضاف الموقع أن الزعيم البيلاروسي دعا إلى اعتماد الميثاق الأوروبي الآسيوي للتنوع والتعددية القطبية داخل منظمة شنغهاي للتعاون. وقد دعمه في ذلك الرئيس بوتين. ويؤكد انضمام بيلاروسيا إلى منظمة شنغهاي للتعاون مرة أخرى اختلاف مسار تطورها السياسي مع جيرانها في فضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي - دول البلطيق وأوكرانيا - حيث ساد الاتجاه نحو الاندماج في الهياكل الأوروبية الأطلسية مصحوبًا بتصاعد رهاب الروس وانهيار العلاقات مع روسيا.


في بداية التسعينيات، كان يبدو أن بيلاروسيا لديها كل الفرص لاتخاذ نفس المسار الخطر. فلماذا لم يحدث ذلك؟ أولاً، لم تكن تقاليد رهاب الروس السياسي القائم على القومية العرقية المحلية متجذرة في المجتمع البيلاروسي كما هو الحال في دول البلطيق وأوكرانيا. وهذا ما جعل من الممكن التعامل مع الجيران في الغرب والشرق بشكل أكثر هدوءاً وبراغماتية، دون قيود أيديولوجية أو قوالب نمطية.

وثانياً، قوبل تشكيل نموذج السلطة الشخصي في بيلاروسيا بالرفض من الغرب. أعلنت الجمهورية "آخر ديكتاتورية في أوروبا"، مما دفعها إلى التركيز على العلاقات مع روسيا والدول "البعيدة".

وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبحت بيلاروسيا بالفعل مشاركاً نشطاً في حركة عدم الانحياز وطورت تعاونها مع فنزويلا خلال رئاسة هوغو تشافيز. وفي الوقت نفسه، بدأت بيلاروسيا أيضًا التقارب مع الصين. وربما كانت بيلاروسيا واحدة من أوائل دول ما بعد الاتحاد السوفيتي التي نظرت في إمكانية التعاون مع هذه القوة العالمية الصاعدة. لذلك، يمثل الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون استمرارًا منطقيًا لهذا الخط في السياسة الخارجية البيلاروسية.

وأشار الموقع إلى أن المعلقين الغربيين تعاملوا مع توسع منظمة شنغهاي للتعاون بشكوك واستياء غير مخفي. وكان الهدف الرئيسي من هذه التعليقات إما التأكيد على أن منظمة شنغهاي للتعاون غير مهمة كرابطة دولية أو أنها مشروع جيوسياسي صيني. وفي إطار منظمة شنغهاي للتعاون سوف "تطفو" بيلاروسيا بعيدا عن روسيا في منطقة نفوذ الصين. وعليه، سيحاول الغرب بشكل نشط تحريك مسألة التناقضات الروسية-الصينية، وتحفيز المنافسة بين موسكو وبكين في الفضاء ما بعد السوفيتي.

ومن الواضح أن منظمة شنغهاي للتعاون ليست مشروعًا للهيمنة الصينية، على الرغم من أن بكين تعتبرها بالتأكيد أداة لتعزيز مصالحها. ومع ذلك، تضم المنظمة دولًا مثل الهند، التي تعد في العديد من الجوانب خصومًا جيوسياسيين للصين. وبالتالي، فإن منظمة شنغهاي للتعاون هي صيغة متعددة الأطراف حقًا وآلية للتنسيق بين المصالح المتناقضة أحيانًا للأطراف الفاعلة الرئيسية في أوراسيا.

أما بالنسبة للفضاء ما بعد السوفيتي، فإن النفوذ الاقتصادي الصيني في هذه المنطقة لا لبس فيه. ولكن هذا النفوذ لا يصاحبه دفع لائحة أعمال "صينية" محددة، كما يفرضها الاتحاد الأوروبي.

بالإضافة إلى ذلك، من الواضح أن الصين لا تهدف إلى تقويض المصالح الجيوسياسية لروسيا، التي تراها شريكاً مهماً لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة. وينطبق هذا تماماً على بيلاروسيا، التي تراها الصين عنصراً هاماً في مشاريعها الاقتصادية، وليس ورقة جيوسياسية موجهة ضد موسكو.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بيلاروسيا روسيا الصين بوتين الهند الصين روسيا الهند بوتين اسيا صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السیاسة الخارجیة من الواضح ما بعد

إقرأ أيضاً:

القماطي: العلاقات المصرية الإماراتية نموذج للتعاون العربي ومشروع رأس الحكمة واجهة سياحية عالمية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال النائب عمرو القماطي عضو لجنة السياحه والاثار بمجلس الشيوخ، إن العلاقات المصرية الإماراتية أصبحت نموذجًا يُحتذى به في التعاون العربي، على صعيد مستوى الشراكات الوثيقة في مختلف المجالات، كالسياسة، الاقتصاد، والثقافة، لتصبح العلاقات بين البلدين رمزًا للتكامل والتلاحم العربي، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين قائمة على احترام مزيد من القيم المشتركة والتفاهم العميق حول أهمية الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وتعزيز التنمية المستدامة في المنطقة.

وأكد القماطي"، في تصريح صحفي اليوم، أن التوافق السياسي بين مصر والإمارات يمثل أحد أبرز أوجه هذه العلاقة، حيث تشارك البلدان رؤية واضحة نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة العربية، والعمل على مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وتعزيز السلم والأمن، وانعكس هذا التفاهم على كثير من القضايا الإقليمية والدولية، حيث تعمل مصر والإمارات على دعم الحلول الدبلوماسية للأزمات، مع التركيز على ضرورة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

ولفت الي أن مشروع "رأس الحكمة" أحد أهم المشاريع التي تعكس متانة التعاون المصري الإماراتي، ودوره الكبير في دفع عجلة التنمية في مصر، مشيراً إلى أن المشروع يعد نموذجًا للاستثمار في البنية التحتية والسياحة، حيث يتم تطويره ليصبح وجهة عالمية، مما يسهم بشكل مباشر في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر.

وأضاف القماطي أن الموقع المتميز لرأس الحكمة والاستراتيجي على الساحل الشمالي، جعله مشروعًا رائدًا يُسهم في النهوض بالاقتصاد المصري، ويعزز من مكانة البلاد كوجهة استثمارية واعدة في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • عدد الجرحى تجاوز الـ 10 آلاف.. ماذا عن المستشفيات التي خرجت عن الخدمة؟
  • المقاولون العرب تزور زيمبابوي للتعاون في مجالات البناء والتشييد والتنمية
  • زيارة وفد أعمال مصري إلى هونج كونج للتعاون في التكنولوجيا المالية والتمويل
  • ألكاراز يصطدم بـ «الصينيين» في شنغهاي
  • ماذا نعرف عن “المسيّرة العراقية” الحديثة التي ضربت إسرائيل وأوقعت عشرات من جنودها بين قتيل وجريح؟
  • مسؤول أمريكي يتهم الصين بتشجيع الحوثيين في البحر الأحمر ويقول إنها ترفض دعوات أميركية للتعاون مع الأزمة (ترجمة خاصة)
  • القماطي: العلاقات المصرية الإماراتية نموذج للتعاون العربي ومشروع رأس الحكمة واجهة سياحية عالمية
  • "القاصد" يعلن انضمام جامعة المنوفية إلى الدفعة الثانية من "رواد وعلماء مصر"
  • انضمام جامعة المنوفية إلى الدفعة الثانية من برنامج «رواد وعلماء مصر»
  • رضا عبدالعال: كنت أتمنى انضمام سام مرسي للمنتخب الوطني