ماذا يعني انضمام بيلاروسيا إلى منظمة شنغهاي للتعاون؟
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
نشر موقع "المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات" تقريرا تحدث فيه عن مزايا انضمام بيلاروسيا إلى منظمة شنغهاي للتعاون التي تشمل الانخراط في مشاريع التكامل الأورو-آسيوي التي تضم روسيا والصين.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه تمت الموافقة على قرار ضم مينسك إلى منظمة شنغهاي للتعاون في قمة المنظمة التي انعقدت في الرابع من تموز/ يوليو في العاصمة الكازاخية أستانا.
أولاً، هذه أول مرة يصل فيها عدد أعضاء المنظمة إلى رقمين. وتضم منظمة شنغهاي للتعاون الآن عشر دول أعضاء. ولا تقلّ التغيرات النوعية أهمية عن التغيرات الكمية.
وقد تأسست منظمة شنغهاي للتعاون كمنظمة إقليمية للدول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
مع توسعها، اكتسبت المنظمة بعداً أوراسياً متزايداً. بالنسبة إلى بيلاروسيا، يعد انضمامها إلى منظمة شنغهاي للتعاون حدثاً بارزاً يشير إلى تحول السياسة الخارجية الرسمية لمينسك نحو الشرق. بدأ هذا التحول منذ أربع سنوات، عندما أصبح من الواضح عدم جدوى النهج السابق متعدد الاتجاهات الذي كان يعتمد على موازنة العلاقات مع الغرب وروسيا، و"الدول البعيدة" (خاصة الصين). وقد أصبح جليًا أن هذا النهج لا يوفّر الأمن الخارجي لبيلاروسيا، بل يجعلها أكثر عرضة للتهديدات الخارجية، ويضع الدولة في موقف خاص بين الأجانب من دون أن تكون مرتبطة بشكل واضح بأي طرف.
حسب الموقع، يعني انضمام بيلاروسيا إلى منظمة شنغهاي للتعاون زيادة في تنسيق السياسة الخارجية لموسكو ومينسك، حيث تعتمد العاصمتان الآن على المنظمات الدولية خارج الغرب الجماعي. ومن الواضح أن هذا سيساهم أيضًا في تعزيز العلاقات الثنائية. ففي السابق، كانت الاختلافات في السياسة الخارجية عاملًا مهمًا في تعقيد العلاقات داخل دولة الاتحاد.
حددت بيلاروسيا أولويات مشاركتها في منظمة شنغهاي للتعاون في تطوير التعاون الاقتصادي وتقليص الاعتماد على الدولار كعملة احتياطية عالمية. وتحدث عن ذلك بالتحديد لوكاشينكو خلال كلمته في القمة، حيث قال: "تعتبر بيلاروسيا من الأولويات إنشاء آلية للمدفوعات الثنائية بالعملات الوطنية ومؤسسة مالية جماعية لمنظمة شنغهاي للتعاون. نحن جميعاً نتحدث عن أننا كبار وعظماء. نحن حقاً عظماء. لدينا أكثر من 40 بالمئة من سكان العالم وحوالي ثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي بالدولار، وفقاً للقوة الشرائية، في منظمة واحدة تضم قائدي قوتين عظيمتين - الصين وروسيا. وكلنا نهتز أمام هذا الدولار. دعونا نتخذ خطوات معينة لتقليل الاعتماد على هذا الدولار".
وأضاف الموقع أن الزعيم البيلاروسي دعا إلى اعتماد الميثاق الأوروبي الآسيوي للتنوع والتعددية القطبية داخل منظمة شنغهاي للتعاون. وقد دعمه في ذلك الرئيس بوتين. ويؤكد انضمام بيلاروسيا إلى منظمة شنغهاي للتعاون مرة أخرى اختلاف مسار تطورها السياسي مع جيرانها في فضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي - دول البلطيق وأوكرانيا - حيث ساد الاتجاه نحو الاندماج في الهياكل الأوروبية الأطلسية مصحوبًا بتصاعد رهاب الروس وانهيار العلاقات مع روسيا.
في بداية التسعينيات، كان يبدو أن بيلاروسيا لديها كل الفرص لاتخاذ نفس المسار الخطر. فلماذا لم يحدث ذلك؟ أولاً، لم تكن تقاليد رهاب الروس السياسي القائم على القومية العرقية المحلية متجذرة في المجتمع البيلاروسي كما هو الحال في دول البلطيق وأوكرانيا. وهذا ما جعل من الممكن التعامل مع الجيران في الغرب والشرق بشكل أكثر هدوءاً وبراغماتية، دون قيود أيديولوجية أو قوالب نمطية.
وثانياً، قوبل تشكيل نموذج السلطة الشخصي في بيلاروسيا بالرفض من الغرب. أعلنت الجمهورية "آخر ديكتاتورية في أوروبا"، مما دفعها إلى التركيز على العلاقات مع روسيا والدول "البعيدة".
وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبحت بيلاروسيا بالفعل مشاركاً نشطاً في حركة عدم الانحياز وطورت تعاونها مع فنزويلا خلال رئاسة هوغو تشافيز. وفي الوقت نفسه، بدأت بيلاروسيا أيضًا التقارب مع الصين. وربما كانت بيلاروسيا واحدة من أوائل دول ما بعد الاتحاد السوفيتي التي نظرت في إمكانية التعاون مع هذه القوة العالمية الصاعدة. لذلك، يمثل الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون استمرارًا منطقيًا لهذا الخط في السياسة الخارجية البيلاروسية.
وأشار الموقع إلى أن المعلقين الغربيين تعاملوا مع توسع منظمة شنغهاي للتعاون بشكوك واستياء غير مخفي. وكان الهدف الرئيسي من هذه التعليقات إما التأكيد على أن منظمة شنغهاي للتعاون غير مهمة كرابطة دولية أو أنها مشروع جيوسياسي صيني. وفي إطار منظمة شنغهاي للتعاون سوف "تطفو" بيلاروسيا بعيدا عن روسيا في منطقة نفوذ الصين. وعليه، سيحاول الغرب بشكل نشط تحريك مسألة التناقضات الروسية-الصينية، وتحفيز المنافسة بين موسكو وبكين في الفضاء ما بعد السوفيتي.
ومن الواضح أن منظمة شنغهاي للتعاون ليست مشروعًا للهيمنة الصينية، على الرغم من أن بكين تعتبرها بالتأكيد أداة لتعزيز مصالحها. ومع ذلك، تضم المنظمة دولًا مثل الهند، التي تعد في العديد من الجوانب خصومًا جيوسياسيين للصين. وبالتالي، فإن منظمة شنغهاي للتعاون هي صيغة متعددة الأطراف حقًا وآلية للتنسيق بين المصالح المتناقضة أحيانًا للأطراف الفاعلة الرئيسية في أوراسيا.
أما بالنسبة للفضاء ما بعد السوفيتي، فإن النفوذ الاقتصادي الصيني في هذه المنطقة لا لبس فيه. ولكن هذا النفوذ لا يصاحبه دفع لائحة أعمال "صينية" محددة، كما يفرضها الاتحاد الأوروبي.
بالإضافة إلى ذلك، من الواضح أن الصين لا تهدف إلى تقويض المصالح الجيوسياسية لروسيا، التي تراها شريكاً مهماً لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة. وينطبق هذا تماماً على بيلاروسيا، التي تراها الصين عنصراً هاماً في مشاريعها الاقتصادية، وليس ورقة جيوسياسية موجهة ضد موسكو.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بيلاروسيا روسيا الصين بوتين الهند الصين روسيا الهند بوتين اسيا صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السیاسة الخارجیة من الواضح ما بعد
إقرأ أيضاً:
كيف تناور إندونيسيا بين الصين وأميركا؟
في ظلّ تصاعد حدة الصراع بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، تقف إندونيسيا كرقم صعب في هذا الصراع.
تقع إندونيسيا على الحافة الجنوبية لبحر الصين الجنوبي، وهي الدولة المحمَّلة بالموارد، ذات الاقتصاد سريع النمو بقيمة تريليون دولار، وعدد كبير من السكان، وهي جائزة كبيرة في المعركة الجيوسياسية بين واشنطن وبكين في آسيا، مع حوالي 17 ألف جزيرة تمتد على آلاف الأميال من الممر الحيوي البحري، وهي ضرورة دفاعية في ظل الصراع المحتمل على تايوان.
المعطى الأول الذي يمكن أن نقترب منه هو الجغرافيا، فالصين هي الجارة الأقرب لإندونيسيا في هذا الصراع، فضلًا عن وجود جالية صينية مؤثرة في إندونيسيا، لذا فالعلاقات بين الطرفين تمثل علاقات قرب وجوار.
من هنا تدرك الصين الأهمية الحيوية لإندونيسيا بالنسبة لها. عنوان التعاون بين الطرفين الآن هو الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، كما قدمت الصين استثمارات كبيرة، خاصة في تطوير استغلال رواسب النيكل، كما كانت شريكًا في دفع البنية التحتية، فأنشأت قطارًا فائق السرعة بين جاكرتا، وباندونغ.
الترابط الاقتصادي هو القوّة التي تقود العلاقات بين الطرفين، حيث وصل التبادل التجاري بينهما إلى 139.42 مليار دولار، فلمدة 11 عامًا متتالية، كانت الصين أكبر شريك تجاري لإندونيسيا، بل هي علاقات آخذة في النمو.
إعلانمن ذلك، على سبيل المثال، زار إندونيسيا في عام 2023 ما يزيد على 790 ألف سائح صيني، استكشفوا البراكين والجزر والمأكولات البحرية، بينما في النصف الأوّل من عام 2024 زارها حوالي 570 ألف سائح، مما يجعل الصين واحدة من أهم الدول الموردة للسياحة إلى إندونيسيا.
الاعتماد الإندونيسي على الصين يتزايد، ففي مجال الزراعة الحيوي في عام 2024، أطلقت وزارة الزراعة الإندونيسية والمعهد الوطني الصيني لأبحاث الأرز شراكة تهدف إلى تعزيز إنتاج الأرز لضمان الأمن الغذائي في إندونيسيا، يعتمد هذا التعاون على تقنيات الزراعة الحديثة.
وعلى جانب آخر، وسَّعت الصين حضورها في قطاع السيارات الكهربائية في إندونيسيا، حيث قامت بإنشاء مصانع تتماشى مع حلول النقل المستدام.
لكن على الجانب الآخر في العلاقات، تتزايد التوترات التجارية في عدد من القطاعات، مثل السيراميك والمنسوجات.
يغمر السيراميك الصيني السوق الإندونيسية بأسعار أقل بكثير من سعر المنتج المحلي، حتى اضطرت وزارة التجارة الإندونيسية إلى تدمير ملايين السلع الصينية غير القانونية، وفرضت تعريفات جمركية تتراوح بين 100% و200% على بعض الواردات الصينية، خاصة أن عددًا من مصانع المنسوجات الإندونيسية أغلق في ظل إغراق النسيج الصيني إندونيسيا، ويُخشى من رد الفعل الصيني إزاء هذه الإجراءات.
أدركت الصين بُعدين مهمين في العلاقة:
البعد الأول هو الإعلام، فقد وسَّعت الصين نطاق تواصلها الإعلامي في إندونيسيا، من خلال منتديات، مثل المنتدى الإعلامي الصيني-الإندونيسي، الذي عُقدت آخر جلساته في بكين أوائل سبتمبر/ أيلول 2024. البعد الثاني هو التنسيق الأمني، الذي وضع له مسؤولون من كلا الطرفين أسسًا للتعاون في عام 2024، فقد ركَّزوا على مكافحة الإرهاب، مع تبادل المعلومات الاستخباراتية والأمن السيبراني. ولا يزال بحر الصين الجنوبي قضية معقدة وحساسة في العلاقات الإندونيسية- الصينية، فالمنطقة الاقتصادية الخالصة لإندونيسيا في بحر ناتونا تتداخل مع مطالبات الصين الواسعة، مما يجعل إندونيسيا لاعبًا مهمًا في الأمن البحري الإقليمي. إعلانحدث تطور كبير في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، خلال زيارة الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو إلى بكين، عندما أصدرت إندونيسيا والصين بيانًا مشتركًا ملتزمًا بالتنمية في المنطقة المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، وخاصة حول جزر ناتونا.
العلاقات بين البلدين ليست جديدة، فقد كانت إندونيسيا أول دولة في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين بعد إعلان جمهورية الصين الشعبية في أكتوبر/ تشرين الأول 1949، إلا أن هذه العلاقات علقت بعد الانقلاب العسكري في 1965، لكنها شهدت إعادة إحياء خلال العقود الأخيرة، وتعمَّقت بعد انضمام إندونيسيا إلى مجموعة "بريكس" في عام 2024.
العلاقات مع أميركابدأت العلاقات الإندونيسية- الأميركية عام 1949، ومرّ عليها 75 عامًا في عام 2024، لذا أُقيم في واشنطن الحوار الثاني حول السلام والازدهار والأمن بين الطرفين. كان طرفا الحوار مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في جاكرتا، ومعهد الولايات المتحدة للسلام.
أدرك المشاركون في الحوار أن العلاقات لا تزال تفتقد العمق إلى حد كبير، فإندونيسيا لا تقترب من أفق الولايات المتحدة إلا كلما ظهرت قضية التعصب الديني، أو الهجوم الإرهابي، أو عندما تفتح الصين استثمارات جديدة في البلاد، وما إلى ذلك.
واصلت الولايات المتحدة دعمها الملموس لإندونيسيا لبناء قدراتها الدفاعية، كما تجلى في التدريبات المشتركة التي أصبحت الآن متعددة الأطراف، مثل تدريبات "درع سوبر جارودا"، ودعم خفر السواحل الإندونيسي.
لكن قد تؤدي سياسات الرئيس الأميركي ترامب إلى إلقاء عبء الأمن الإقليمي لبحر الصين الجنوبي (الملاحة الحرة) على إندونيسيا، وهو ما يجعلها فاعلًا إقليميًا.
على الجانب الآخر، أحجمت إندونيسيا عن شراء طائرات إف-15، واشترت 42 طائرة رافال من فرنسا، في الوقت الذي يعتمد فيه الجيش الإندونيسي على التسليح الروسي والغربي، وما زال تعامله مع السلاح الصيني محدودًا، لكن هذا قد يتغير إذا دخلت الصين في برامج تصنيع عسكري مع إندونيسيا.
إعلانعلى الصعيد التجاري، صدرت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 11 مليار دولار إلى إندونيسيا في عام 2023، بينما بلغت الصادرات الإندونيسية إلى السوق الأميركية 27.9 مليار دولار، ما يعكس تفوق الميزان التجاري لصالح جاكرتا.
ومع ذلك، وعلى الرغم من أن العلاقة بين البلدين جرت ترقيتها إلى مستوى "الشراكة الإستراتيجية الشاملة"، فإن هذه الشراكة تظل ذات طابع رمزي أكثر من كونها عملية، نظرًا لأن إندونيسيا تفضل عدم الانحياز في النزاعات الدولية.
وفي ضوء هذا المشهد، تبدو جاكرتا حريصة على عدم إغضاب بكين، وفي الوقت ذاته تحاول الحفاظ على علاقاتها بالولايات المتحدة، بينما تنكفئ واشنطن على ذاتها وتتبنى نهجًا براغماتيًا بحتًا في المنطقة.
لكن التحدي الحقيقي الذي تواجهه الولايات المتحدة، هو أن معظم دول جنوب شرق آسيا، بما في ذلك إندونيسيا، لا تفضّل الانخراط في أي حرب، لأن الصراعات العسكرية قد تطيح بالإنجازات الاقتصادية التي حقّقتها هذه الدول، وهو ما لم تدركه واشنطن بجدية حتى الآن.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline