حكومة السيسي تستبق دعوات تظاهر الجمعة وتلوح بعقوبات قاسية
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
استبقت السلطات المصرية بعض دعوات التظاهر ضد عبدالفتاح السيسي، بقرارات حبس واعتقال وأحكام بالإعدام ضد نشطاء ومعارضين ومتظاهرين، ما اعتبره حقوقيون رسالة أمنية شديدة اللهجة موجهة لمنع المصريين من نزول الشارع.
والأحد، 7 تموز/ يوليو الجاري، كشفت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" عن صدور حكم حبس ضابط الصف في القوات الجوية بالجيش المصري حسن صبري، (43 عاما) مدة 8 سنوات وعزله من الخدمة، في محاكمة عسكرية جرت له عقب القبض عليه في مظاهرة غاضبة محدودة طالبت برحيل السيسي، بسبب الغلاء والفقر، في 11 آذار/ مارس الماضي، بحي الدخيلة بمدينة الإسكندرية (شمال غرب).
الشبكة الحقوقية ومقرها العاصمة البريطانية لندن، قالت إن الحكم الذي صدر في أيار/ مايو الماضي، شابه مخالفات قانونية وإخلال بالحد الأدنى من إجراءات المحاكمات العادلة، مشيرة إلى منع الدفاع لقاء المتهم، والحكم عليه بعد أقل من شهرين فقط من القبض عليه، ومحاكمته في جلستين فقط يفصلهما 3 أيام فقط.
وفي حكم قضائي مثير للجدل، يعيد سلسلة أحكام الإعدام المتواصلة منذ الانقلاب العسكري الذي ضرب البلاد وقاده السيسي، منتصف 2013، بحق المصريين وبعد فترة هدوء سابقة؛ قضت السبت الماضي 6 تموز/ يوليو الجاري، محكمة "جنايات أمن الدولة" بإعدام 9 مصريين من بين 43 بقضية "حرس الثورة"، و31 بالسجن المشدد 10 و15 سنة، و3 آخرين بالمؤبد 25 سنة.
وفي موقف لافت ثالث، أمرت "نيابة أمن الدولة العليا" في مصر الأربعاء 4 تموز/ يوليو الجاري، بحبس 12 معارضا مصريا، بينهم الفنان التشكيلي عبدالعزيز السماحي، 15 يوما على ذمة التحقيقات في تهم منها "التمويل والترويج للعنف المستهدف"، و"الانضمام لجماعة إرهابية"، وذلك بعد اعتقالهم واخفائهم قسريا.
وفي ذات اليوم، ووفقا لـ"المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، جددت "نيابة أمن الدولة" العليا، حبس الطالبين مازن أحمد دراز، وزياد محمد البسيوني، 15 يوما على ذمة التحقيقات في تدشينهما حركة "طلاب من أجل فلسطين"، واتهمامها بنشر أخبار وبيانات كاذبة، والإساءة للدولة المصرية، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
والاثنين الماضي، مطلع تموز/ يوليو الجاري، جرى اعتقال دينا مصطفى آدم، زوجة المدير الفني لمنتخب مصر لكرة القدم حسام حسن، بتهم نشر أخبار كاذبة عن انقطاع التيار الكهربائي، والانضمام إلى منظمة منشأة مخالفة للقانون، وذلك إثر نشرها تدوينة ساخرة عبر "فيسبوك"، من السيسي، حذفتها لاحقا، ليتم إخلاء سبيلها الثلاثاء الماضي، بكفالة مالية قدرها 5 آلاف جنيه، على ذمة القضية.
وتأتي تلك الأحكام والقرارات من قبل النظام المصري مستبقة ما يسمى بدعوة "ثورة الكرامة" التي تطالب المصريين بالخروج والتظاهر ضد السيسي، من كل مساجد مصر، الجمعة المقبلة 12 تموز/ يوليو الجاري، ما اعتبره البعض رسالة لمن ينوي التظاهر بأن مصيره سيكون الاعتقال والإخفاء القسري والحبس.
انزلوا نلحق اللي اتبقى من البلد.. الكل عايز يخلص من السيسي#احمد_رفعت #جمعه_الكرامه_١٢_٧ #حق_رفعت_لازم_يرجع
اشترك بقناة ثورة شعب علي تيلجرام https://t.co/55Rnrg9PBa http://pic.twitter.com/x7jgyamaqt — ثورة شعب (@thawretshaaab) July 7, 2024
وإلى جانب دعوة تظاهرات الجمعة، انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي بيان يحمل مطالب تظاهرات "طوفان مصر" في 16 آب/ أغسطس المقبل، التي تضم وفق البيان ما دعاهم بالضباط الأحرار من داخل الجيش والداعمين للمظاهرات.
تلك المجموعة تطالب بتنحي السيسي، ورئيس وزرائه مصطفى مدبولي، وتدعو لحل مجلس النواب، والإفراج عن المعتقلين، وعمل فترة انتقالية يتولاها وزير الدفاع محمد زكي، وتعيين حكومة تكنوقراط.
#عاجل: مطالب مظاهرات مصر 16 أغسطس، وقريبآ سيتم نشر بعض فيديوهات العديد من الضباط الأحرار الداعمين لمظاهرات طوفان 16 أغسطس #طوفان_مصر_16_اغسطس#ارحل_ياسيسي#ارحل_ياسيسي_كفاية_خراب http://pic.twitter.com/FJ1ZyxoRcB — طوفان مصر 16 أغسطس (@toufanmaser) June 27, 2024
"فرصة للخلاص أم مصيدة واستدراج"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، جرى سجال بين المؤيدين للتظاهرات ضد النظام، الذين اعتبروها فرصة لإيقاظ الشعب الغاضب، وبين المعارضين للفكرة، والذين أكدوا أنها فخ لاصطياد المعارضين والغاضبين ويزيد فقط من أعداد المعتقلين الذين يفوق 60 ألفا، يتكدسون في السجون ومقرات الاحتجاز، وفق تقديرات حقوقية.
وفي أحدث الأرقام، أكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أن "نيابة أمن الدولة العليا" قامت بالتحقيق مع 917 مصريا في النصف الأول من العام الجاري، ممن جرى توقيفهم بمدن وقرى مصر، منذ مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي، إلى 30 حزيران/ يونيو الماضي.
وعبر صفحتها بـ"فيسبوك"، طرحت الناشطة السياسية منى سيف، استطلاعا لأراء متابعيها حول دعوات النزول الجمعة المقبلة 12 تموز/ يوليو الجاري، وهو ما شهد سجالا بين الرفض والقبول، مع عرض الأسباب في الحالتين، بجانب اتهامات للدعوة بأنها دعوة أمنية مشبوهة، ومطالبات للمصريين بعدم التورط والاندفاع.
وفي رؤيته، طالب الحقوقي المصري أحمد العطار، المصريين بعدم نشر الدعوات المطالبة بنزول المصريين الجمعة المقبلة، معتقدا أنه "مصيدة لاعتقال المصريين"، وذلك خاصة مع فشل الدعوات السابقة التي الناشط محمد علي، في أيلول/ سبتمبر 2019 و2020، وغيرها، والتي خلفت وراءها عشرات المعتقلين.
وأكد الممثل المصري المعارض من فرنسا، عمرو واكد، عبر موقع (إكس) أنه مع حق التظاهر، لكنه قال إنه "لا رابح من أي دعوة للتظاهر سوى النظام نفسه"، مضيفا أن "النظام يستدرج الشعب لمواجهة هو الأقوى فيها"، مشددا على أهمية اتحاد المصريين قبل النزول.
وأوضح واكد، أن "علو أصوات النزول مجهولة المصدر في مظاهرات الآن وبسرعة؛ لكي يضرب النظام مشوار (الاتحاد أولا)، ثم ليستبدل شحنة الغضب بشحنة اليأس والخوف من جديد، ونعود إلى النقطة صفر".
ولو اني مع حق التظاهر والتعبير، ولكني ارى اليوم ان لا رابح من اي دعوة للتظاهر سوى النظام نفسه، فالنظام يستدرج الشعب لمواجهة هو الاقوى فيها، وقوته هي الأمن والسلاح، لذلك علينا ان نتحد قبل النزول، وهناك خطوات جيدة تتم الآن في هذا الاتجاه، ولو انتهينا من مشوار الاتحاد على الهدف… — Amr Waked (@amrwaked) July 3, 2024
وأوضح الخبير والباحث في الشؤون العسكرية محمود جمال، أن "الثورات لا تتم في يوم وليلة، ولتحقيق انتصار في معركة الحرية والتخلص من الاستبداد يجب إتباع سياسة النفس الطويل"، مشيرا إلى أن "التجارب الناجحة التي استطاعت تحقيق انتقال ديمقراطي في عدة دول، دليل على ذلك".
وأكد عبر موقع "إكس"، على ضرورة استمرار الحراك الشعبي لشهور أو لسنوات بوسائل مختلفة حتى يؤتي ثماره، مشددا على أن "الثورة جولات وعمل تراكمي".
الثورات لا تتم في يوم وليلة ولتحقيق إنتصار في معركة الحرية والتخلص من الاستبداد يجب إتباع سياسة النفس الطويل والتجارب الناجحة التي أستطاعت تحقيق إنتقال ديمقراطي في عدة دول دليل على ذلك حيث استمر الحراك الشعبي لشهور أو لسنوات بوسائل مختلفة حتى أتى بثماره، الثورة جولات وعمل تراكمي. — mahmoud gamal (@mahmoud14gamal) July 7, 2024
ومع ذلك الجدل يثار التساؤل، بشأن ما إذا كان حكم حبس ضابط الصف المتظاهر، وعودة أحكام الإعدام للواجهة، ومواصلة حبس النشطاء والمعارضين، رسالة من النظام لوأد أية محاولات للتظاهر ضده؟، وحول مدى اعتبار دعوات التظاهر تلك سيفا مسلطا على رقاب المصريين وتزيد من أزماتهم الأمنية والحقوقية؟.
"حقهم طوال الوقت"
وفي إجابته، قال الحقوقي المصري محمد زارع: "أحكام غليظة وأخرى بالإعدام؛ هذا كلام يرفضه أي حقوقي، وخاصة تطبيق عقوبة الإعدام في القضايا السياسية، ويجب أن ينتهي تماما شبح هذه العقوبة على كل معارض سياسي".
رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أضاف لـ"عربي21": "وبالنسبة للتظاهر فهو حق من حقوق الإنسان، والدستور المصري ينص على هذا الحق وفق ترتيبات معينة، ولكن لابد من تيسيرها على الناس".
ولفت إلى أن "خروج الناس للتظاهر وطلب تغييرات سياسية هذا حق لأي مواطن، وتصدي الدولة له وقيامها بإجراءات ضد المواطنين وتغليظ الأحكام ضدهم، هذا شيء غير مقبول بالمرة، ودعنا نقول إن الوضع صعب على المواطن، والحكومة وقعت في كثير من الإخفاقات الفترة الماضية اقتصادية وسياسية".
وتمنى الحقوقي المصري، أن "يتحلى الجميع بالعقل"، موضحا أن "المخاطر أكبر من أن يتصورها أحد"، داعيا "الدولة لعمل انفراجة حقوقية ليعبر الناس عن أنفسهم، وانفراجة اقتصادية حتى يتمكنوا من العيش، وفي الوقت ذاته يلتزم الناس بالقانون ويحتجون بدون عنف، وهذا حقهم طوال الوقت".
وفي أمنية ثانية، قال زارع: "أرجو أن يبعد القضاء المصري نفسه عن شبح تسييس الأحكام"، مذكرا بـ"مئات الأحكام التي صدرت في جلسات قليلة ربما وصلت 500 حكما بالإعدام"، معتبرا أنه "شيئ غير مقبول بالمرة، وأتصور أن القضاء صصح بعض الأحكام أو ألغى معظمها ولكن كان يجب ألا تحدث من البداية".
ويرى كذلك أن "أي تغليظ للعقوبة الآن غير مطلوب، وفي المقابل مطلوب من الناس احترام القانون، وأن يُقابل ذلك من الدولة والقضاء بعدالة ناجزة تراعي الأوضاع ودون تغليظ للعقوبة".
ويعتقد أن "قضية خروج ضابط الصف للتظاهر، واقعة في حد ذاتها ربما يكون فيها خرق للقانون"، متسائلا: "هل من حق من ينتمي للمؤسسة العسكرية أن يتظاهر أم لا، بغض النظر عن نوع التظاهر؟"، مبينا أنه "كان يجب بحث الموضوع بشكل قانوني أفضل".
وأكد أن "هناك كثيرون تظاهروا في الإسكندرية ضد الإجراءات التي قام بها رئيس الجمهورية، ولذا أتمنى حدوث مراجعة من الدولة، وأن يكون لديها رؤية اقتصادية تنصف الناس أفضل من محاكمة الناس".
وعن قرار التظاهر من عدمه، قال: "الشعب صاحب القرار، بالتظاهر من عدمه أو الخروج في ثورة، والمصري يقدر على حسم أمره كما حسمه في 25 يناير 2011، أو أن تقديره بأن الوقت غير مناسب، ولكن ما يهمني أن يعيش المصري في ظروف اقتصادية وسياسية أفضل في ظل عدالة ناجزة تحترم المواطن وحقوقه".
"لحماية النظام"
من جانبه، قال الحقوقي المصري أحمد العطار: "بالتأكيد النظام المصري، بأجهزته المختلفة يعمل ليل نهار لأجل القضاء على أي دعوات أو تحركات سواء فردية أو جماعية للتظاهر، أو أي خطوة معارضة للنظام".
المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان أضاف لـ"عربي21": "بل إنه يعتبر كل رافضي سياساته التي أضرت بالأمن القومي المصري، مثل (التنازل عن مياه النيل، وجزيرتي تيران وصنافير، وغاز البحر المتوسط، أو حتى التظاهرات الداعمة لفلسطين) أصحابها جميعهم متهمين ويجب اعتقالهم ومحاسبتهم عليها".
ولفت إلى أنه "من أجل ذلك يعمل دائما وباستمرار في فرض حصار أمني صارم على كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب المصري، وقام بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، واعتقال من يقوم بنشر أي دعوات للنزول والتظاهر، حتى لنصرة غزة".
وتابع: "فضلا عن اعتقال كل من يقوم كأفراد بالاعتراض والتذمر على الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة، وطليقة حسام حسن نموذج لذلك، أو كجماعات في الشوارع أو المصانع".
وألمح العطار، إلى "دعوات التظاهر بالأزهر الشريف، والإسكندرية دعما لغزة، أو إضرابات العاملين بمدينة المحلة الكبرى (دلتا مصر)، وغيرها من المصانع والشركات ضد أصحاب العمل والمطالبة بمستحقاتهم".
وأكد الحقوقي المصري، أن "فكرة المطالبة ببعض الحقوق مرفوضة من قبل النظام، وإن كانت الدولة ليست طرفا مباشرا فيها، بل واعتقال عددا من العاملين كنموذج لذلك".
وفي نهاية حديثه، أشار إلى أن النظام يقوم أيضا بـ"إصدار أحكاما صادمة جدا لا تتناسب مع الجرم؛ كما حدث في واقعة ضابط الصف بالقوات الجوية المصرية حسن صبري، والحكم عليه بالسجن 8 سنوات فقط لأنه تجرأ وتظاهر".
وختم بالقول: "ويقوم بكل ذلك من أجل الحفاظ على رأس النظام وهيكله".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصرية السيسي المعتقلين مصر السيسي الإخوان المعتقلين الاعدامات المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التواصل الاجتماعی یولیو الجاری أمن الدولة ضابط الصف من الدولة إلى أن
إقرأ أيضاً:
أكاديمي إسرائيلي يهاجم حكومة الاحتلال بشدة.. أدخلتنا عصر جمهورية الموز
في الوقت الذي يزعم فيه الاحتلال أنه يقاتل أعداءه على سبع جبهات حربية عسكرية، فإن هناك جبهة ثامنة لا تقل شراسة عن تلك الجبهات، وتتمثل بالجبهة الداخلية، حيث تتمثل استراتيجية الحكومة في "قصفها" من خلال وضع العديد من القضايا الإشكالية على أجندة الجمهور، وبالتالي إرهاقه، وتعزيز الأغراض التي لا يمكن الترويج لها في سياق الشؤون العادية، وبعضها قد تكون مجرد كلام فارغ.
البروفيسور يديديا شتيرن، رئيس معهد سياسة الشعب اليهودي (JPPI) وأستاذ القانون بجامعة "بار إيلان"، أكد أن "آخر عمليات القصف التي تقوم بها الحكومة على جبهتها الداخلية تمثلت بقرارها حجب الثقة عن المستشارة القانونية، وهذه خطوة دعائية لن تؤدي لنتائج عملية، إذ تقف في طريقها عقبات قانونية لا يمكن التغلب عليها، وفي حالات أخرى، يكون الهدف تغيير الواقع، مثل مشروع قانون تغيير تشكيل لجنة اختيار القضاة، الذي يوشك أن يدخل القانون الأساسي، دون أي احتجاج شعبي تقريباً، رغم خطورته الهائلة".
وأضاف في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، وترجمته "عربي21"، أن "قرارات الحكومة تشعل بكل قوتها الجبهة الداخلية الثامنة: "إسرائيل ضد إسرائيل"، فالحكومة ووزراؤها يدفعون الإسرائيليين إلى حافة خلاف عميق حول القضايا الأكثر محورية في حياتهم، وكأنها "تقطع اللحم الحي أثناء الحرب"، وعشية التعبئة الواسعة النطاق لجيش الاحتياط، وتثير عواقبها قلقاً هائلاً وإحساساً واضحاً بالطوارئ بين غالبية الجمهور، بما في ذلك أنصارها".
وأشار إلى أن "كل واحدة من هذه القضايا هي قضية رئيسية بحد ذاتها، في حين أن قضايا أخرى أكثر خطورة لا تستحوذ على اهتمام الحكومة، لاسيما معضلة إعادة المختطفين في مواجهة الحرب المتجددة في غزة، مما يثير أسئلة مهمة ذات طبيعة وجودية، وأخلاقية، وأمنية، صحيح أن اختيار القتال هو قرار الحكومة، لكن الاحتجاج ضده خشية ان يؤثر على عودة المختطفين، لا يجب أن يكون مرتبطا بالاحتجاجات الأخرى ضد تحركات الحكومة الأخرى ذات الطابع الإشكالي".
وأوضح أنه "كان ينبغي أن تنتهي محاكمة رئيس الوزراء منذ زمن طويل، وقد تم اقتراح أفكار بشأن صفقة إقراره بالذنب، والوساطة الجنائية، وأكثر من ذلك، وعرضت الدوائر القانونية كثيرا من المقترحات لحلّ هذه الإشكالية، لاسيما من قبل أهارون باراك الرئيس الأسبق للمحكمة العليا، المسمى "قائد الدولة العميقة"، وأفيخاي ماندلبليت المستشار القانوني الأسبق للحكومة، الذي قدم لائحة الاتهام ضد نتنياهو".
وأضاف أن "الجهات القانونية الحالية في الدولة تتجاهل هذه الصيغ الوسط لحل معضلة محاكمة نتنياهو، وهي في ذلك لا تتخذ القرارات الشجاعة التي ترى الصورة الكبيرة، وبالتالي تتحمل المسؤولية عن مستقبل الدولة، ومقدمة لـ"هدم المعبد على رؤوس الإسرائيليين جميعاً" وفق صيغة علي وعلى أعدائي، وهذا منهج لا ينبغي لنا أن نسير على خطاه، مما يجعل من خطوة إنشاء لجنة تحقيق حكومية في كل أخطاء الحكومة وإخفاقاتها أمرٌ بالغ الأهمية لتعزيز بقاء الدولة".
ولفت إلى أنه "سيتم الاتفاق مسبقًا على أن يقتصر تفويض اللجنة على التحقيق في العمليات والمؤسسات، وليس بالضرورة العثور على الجناة، الأمر الذي يتمثل بعدم توجيه إصبع الاتهام إلى فرد بعينه، بل التحقيق في إخفاقات البنية التحتية في عمليات التفكير والتشغيل للنظام المسؤول عن أمن الدولة، وأن يكون هدف اللجنة هو تصحيح مسارها، وهنا يُمكن إجراؤه بكفاءة أكبر، دون تحذيرات أو محامين، وبصورة علنية، ودون أن تُصبح نتائجه موضع جدل، وبالتالي يتم تقويضها من قبل صناع القرار في الدولة".
وأكد أن "العديد من إخفاقات حكومة الاحتلال بحاجة لتوضيح كامل، بمهنية، وسرعة، لأن تقويض النظام السياسي للدولة هو الخطر الأكبر على مستقبلها، وهذا ممكن بعد أن نجحت التحركات الحكومية في خلق حالة من عدم الثقة لدى الكثيرين تجاه الأفراد والمؤسسات المسؤولة عن سيادة القانون، ويجب أن نعترف بصراحة أن قرارات وسلوك أجزاء من النظام القضائي ساهمت أيضًا في هذه النتيجة الكارثية، مع أن جزءً أساسياً منها قد يكون استوحاه بنيامين نتنياهو من أفكار الرئيس دونالد ترامب".
وحذر من أن "القلق الكبير والفوري أن تحكم المحكمة العليا بأن إقالة رئيس جهاز الشاباك رونين بار غير قانونية، لكونها إجراءً غير سليم، ولأن المعايير القانونية المنصوص عليها في القانون الإداري، وتشكل شرطاً لشرعية الإقالة، لم يتم استيفاؤها".
وختم بالقول إنه "في هذه الحالة سيجادل رئيس الوزراء بأن المحكمة تجاوزت سلطتها، ولا ينبغي الامتثال لحكمها، وفي هذه الحالة قد يُرسّخ رئيس الشاباك نفسه في منصبه، وهنا سيسأل الجميع: من سيقرر، أم ستصبح دولة الاحتلال "جمهورية موز"، وتدخل في مواجهة مباشرة ومصيرية بين مراكز قواتها".