الجزيرة:
2025-04-01@00:49:25 GMT

اقتصاد السودان.. ضغوط الحرب ووعود إعادة الإعمار

تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT

اقتصاد السودان.. ضغوط الحرب ووعود إعادة الإعمار

مع مطلع كل يوم تتوالى الأسئلة في ذهن سعيد يوسف وهو يستعد للتنقل إلى مكتبه في إحدى الجهات الحكومية بمدينة بورتسودان شرق السودان، أسئلة تخص تكاليف الحياة وكيف سيواجهها براتبه الذي اقتطعت نسبة منه منذ بداية الحرب في أبريل/نيسان من العام الماضي، ولم يعد يحصل سوى على نحو 50 دولارا بالكاد تكفي لتغطية حاجياته لأيام كشاب أعزب في الثلاثينيات من العمر.

لا يملك يوسف الكثير من الأجوبة لأنها مرتبطة بعوامل خارجة عن إرادته، ولكنه يتحرك في نطاق المتاح بحثا عن فرصة لتعزيز دخله الذي تهاوى بعد بداية الحرب.

لا يختلف الحال مع صديقه محمد علي الذي التقينا به وهو يعمل في خدمة نقل المواطنين بعربة صغيرة (ركشة) بحثا عن مدخول إضافي بعد تراجع قدرته الشرائية بسبب تقليص راتبه من وظيفته الحكومية.

الموظف محمد علي لجأ مثل غيره من الموظفين إلى عمل إضافي لتغطية مصاريفه (الجزيرة)

يقول علي إن تكاليف الحياة تضاعفت بشكل مبالغ فيه، ولم يعد أمام أمثاله من الموظفين سوى البحث عن عمل إضافي يخفف أعباء الحياة والتزاماتها.

حال سعيد ومحمد علي انعكاس لواقع الأرقام الرسمية بشأن الوضع الاقتصادي للبلاد التي تأن تحت وطأة الحرب منذ ما يقارب 15 شهرا.

مؤشرات الانهيار

بدوره، يرصد الخبير الاقتصادي حسن أيوب أبرز تأثيرات الحرب في تدهور القدرة الشرائية للمواطنين مع ارتفاع نسبة التضخم بنحو 140% خلال العام الماضي وزيادة كبيرة في الأسعار بلغت 5 أضعاف في بعض الحالات، فمثلا كان من الممكن استئجار منزل مناسب في بورتسودان بـ100 ألف جنيه، واليوم قد تبلغ تكلفة استئجار أبسط بيت في أطراف المدينة 500 ألف جنيه (سعر الصرف الرسمي: نحو 600 جنيه للدولار، ويرتفع إلى 1900 جنيه في السوق السوداء).

وأوضح الخبير الاقتصادي أن الدخل الأدنى المضمون في السودان والمقدر بـ35 ألف جنيه لا يغطي سوى النزر القليل من الاحتياجات، مشيرا إلى أن الأسرة المكونة من 5 أفراد ستحتاج إلى نحو 20 ألف جنيه يوميا لتغطية الاحتياجات الأساسية، دون حديث عن الطوارئ مثل المرض.

حسن أيوب: بعض التقارير العالمية تحدثت عن تكبد السودان خسائر بنحو 100 مليار دولار (الجزيرة)

وأشار إلى غياب تقديرات دقيقة لخسائر الحرب، وقال إن بعض التقارير العالمية تحدثت عن تكبد السودان خسائر بنحو 100 مليار دولار، والرقم قابل للارتفاع مع استمرار الحرب.

وفي قراءة للمؤشرات الكبرى للاقتصاد السوداني أكد وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم أن الوضع الاقتصادي سيئ، وقال إن إيرادات الدولة تراجعت بأكثر من 80% وانخفضت الصادرات بأكثر من 60%، وترافق ذلك مع ضغط كبير على العملة المحلية بسبب الطلب الكبير على السلع المستوردة لتعويض السلع التي كانت تنتجها المصانع التي توقفت عن العمل.

وأشار الوزير إلى أن تحويلات المغتربين توقفت، كما تأثر إنتاج البترول وتراجع من 55 ألف برميل يوميا قبل الحرب إلى 18 ألفا.

رواتب الموظفين

وتحدث إبراهيم عن مواجهة الوزارة تحديات من أجل توفير الميزانية المناسبة لضمان رواتب الموظفين الاتحاديين والانتظام في دفعها حتى بعد اتخاذ قرار بمنح 60% فقط من الرواتب لموظفي عدد من الجهات الحكومية.

ورغم تلك المصاعب فإن جبريل إبراهيم يقول إن وزارته لم تتخل عن التفكير لما بعد الحرب عبر تأسيس لجنة برئاسة وزير المالية لوضع خطة إعادة إعمار تشمل تعزيز الموارد المختلفة للسودان، وإقامة علاقات إستراتيجية مع دول مختلفة.

وزير المالية السوداني أكد أن مصاعب الحرب لم تمنع التفكير في خطط إعادة الإعمار (الجزيرة)

ويرى الخبير الاقتصادي حسن أيوب أن السودان بحاجة إلى "خطة مارشال" لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، ونبه إلى ضرورة عدم تكرار أخطاء الماضي، ومن أبرزها تركيز النشاط الاقتصادي في منطقة الخرطوم.

ويضيف أيوب أنه بعد أن اندلعت الحرب في تلك المنطقة شلت حركة المصانع التي كانت تزود السودان بأغلب السلع، ولذلك يجب أن تتوزع المصانع وفقا لطبيعة مناطق السودان ومميزاتها، فمثلا لا يعقل أن تكون مصانع الزيوت في الخرطوم على بعد مئات الكيلومترات من مناطق إنتاج المواد الزراعية التي تدخل في تلك الصناعة، وفقا لتعبيره.

ويربط الخبير نجاح أي خطة اقتصادية مستقبلية بضرورة التوصل إلى توافق سياسي على مشروع وطني يضمن استقرار البلاد والتداول السلمي على السلطة، مما يتيح لاحقا جلب الاستثمارات الأجنبية.

وأكد أيوب أن استقطاب الاستثمارات الأجنبية ضروري لاستغلال الموارد الطبيعية المتعددة التي يزخر بها السودان، لأن القدرات المحلية غير قادرة على توفير الموارد المالية اللازمة والتكنولوجيا المناسبة لاستغلال تلك الموارد.

ورشح عددا من القطاعات لأن تكون الرافد الأساسي للموارد اللازمة لإنجاح خطة الإعمار، ومن بينها قطاع المعادن والصيد البحري والموانئ والسياحة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ألف جنیه

إقرأ أيضاً:

(أكل تورك و أدِّي زولك)

بعد زيارة محمد إدريس دبي (محمد كاكا) الرئيس التشادي إلى أبو ظبي في يونيو 2023 أي بعد شهرين من إندلاع تمرد و حرب مليشيا الجنجويد الإماراتية المجرمة الإرهابية ، و بعد أن دفعت له أبوظبي خلال تلك الزيارة مبلغ مليار و نصف المليار دولار كمنحة ، أذكر أنني وجهت إليه رسالة قلت فيها : نحن في السودان لدينا مثل شعبي تقول كلماته ( أكل تورك و أدي زولك ) و هو لا يحتاج إلى تفسير !!

و أذكر حينها أن أحد الأصدقاء من دولة تشاد تواصل معي و طلب مني شرحاً للمثل و المناسبة التي قيل فيها و عندما فعلت إنفجر صديقي من الضحك و ذكر لي لاحقاً أن هذا المثل أصبح موضوعه الرئيسي في أي جلسة أنس تجمعه مع أصدقائه !!

في تلك الرسالة ذكرت أن تشاد تدرك جيداً أن مصالحها الإستراتيجية ترتبط بالسودان مباشرة و أن أمنها القومي و استقرارها مرتبط بأمن و استقرار السودان لذلك عليها أن تراعي هذا الأمر و ألا تتورط في الحرب !!

و مع مرور الأيام أصبحت تشاد في ظل قيادة محمد كاكا جزءاً من معسكر الحرب على شعب و دولة السودان و ما يزال (مطار أم جرس) بالقرب من الحدود بين البلدين حتى اليوم يمثل أكبر قاعدة إماراتية في غرب أفريقيا لإمداد المليشيا بالسلاح و العتاد !!

السودان يمتلك كل الأدلة التي تثبت تورط نظام محمد كاكا في الحرب لذلك نقدم بشكوى رسمية ضدها في مجلس الأمن ، و أعلن كذلك على لسان الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة عضو مجلس السيادة أن (مطار أم جرس) الذي ينقل عبره الدعم العسكري للمليشيا أصبح هدفاً مشروعاً للجيش السوداني !!

جاء في أخبار اليوم أن السعودية رتبت للقاء يجمع رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق البرهان الذي يزورها حالياً بالرئيس التشادي الذي سبقه إلى هناك و ذلك بغرض تسوية الخلاف المتصاعد خاصة بعد تصريحات العطا الأخيرة !!

عموماً نتمنى أن يكون محمد كاكا قد وعى الدرس و عرف أين تكمن مصالح بلاده و شعبه الحقيقية و أن يؤدي ذلك إلى تغيير موقفه من الحرب ، و نتمنى للمبادرة السعودية النجاح ..
سوار
28 مارس 2025

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • اللواء شقير جال في ميس الجبل.. هذا ما أكّده عن إعادة الإعمار
  • خارطة طريق نحو استقرار السودان بعد تحرير الخرطوم
  • عزلتهم أم عزلهم !!
  • أيوب من فرنسا: قيمة لبنان تكمن في بناء علاقات مميزة مع الخارج
  • الصراع الإقليمي بين الدول ليس معادلة صفرية بالضرورة، بل عملية إعادة تموضع مستمرة
  • حميدتي: الحرب في السودان لم تنته وسنعود إلى الخرطوم أشد قوة
  • مواقف الإمارات ومحنة السودان
  • (أكل تورك و أدِّي زولك)
  • القائد العام : درنة تنهض من جديد وتتحول إلى رمز للحياة والأمل
  • بعد تحرير الخرطوم: الرياض تفتح كتاب إعادة إعمار السودان