مؤتمر القاهرة أحدث اختراقاً إيجابياً وأتاح التعرف على نقاط الاختلاف وذلك خطوة في طريق حل الأزمة السودانية- وفق ما رأى مراقبون.

تقرير: التغيير

خلافاً للتجمعات الأخرى، حقق مؤتمر القاهرة الذي انعقد قبل يومين تحت شعار “معاً من أجل وقف الحرب” هدفه في جمع القوى السياسية السودانية المختلفة، واستطاعت هذه الكيانات أن تخرج الهواء الساخن كمرحلة أولى لتحقيق الهدف السامي بوقف الحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قبل عام وثلاثة أشهر.

وانعقدت بالعاصمة المصرية السبت، جلسات مؤتمر القاهرة للقوى السياسية والمدنية السودانية، في إطار جهودها لبحث سبل إنهاء الصراع السوداني، ووقف الأعمال القتالية.

وحرك الاجتماع جهود إنهاء الحرب في السودان، بعد فشل الجهود السابقة، بما في ذلك محادثات جدة التي توسطت فيها الولايات المتحدة والسعودية بين الجيش وقوات الدعم السريع، لإنهاء القتال.

وشارك في المؤتمر العديد من المنظمات والجماعات السودانية، بما في ذلك تحالف الأحزاب السياسية والجماعات المؤيدة للديمقراطية بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك.

كما شارك بعض قادة الحركات الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان، من بينهم  مالك عقار من الجبهة الثورية السودانية، وجبريل إبراهيم من حركة العدل والمساواة ومني أركو مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان.

5 أولويات

حددت مصر 5 أولويات دفعتها لعقد مؤتمر للقوى السياسية لإنهاء الحرب في السودان.

وقال وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج بدر عبد العاطي، إن الأولويات المصرية، هي: البحث عن آلية لدفع الأطراف المتحاربة لوقف إطلاق النار، والبدء في مفاوضات جادة للوصول إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وتشكيل لجان عمل فرعية تمثل الأطراف السودانية، بمشاركة القوى السياسية والمدنية وممثلي المرأة والشباب للبدء في عملية سياسية شاملة تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار والديمقراطية، علاوة على السعي لتوحيد منصات الوساطات الإقليمية والدولية، لضمان أن يكون عملها مفيدًا وغير متضارب.

أجواء المؤتمر

وبحسب مصادر (التغيير) فإن الكتلة الديمقراطية والكيانات المكونة لها أحدثت توتراً حتى قبل دخول القاعة، وأن الليلة التي سبقت المؤتمر حدث فيها خلاف بشأن من يقدم البيانات في الجلسة الافتتاحية، وكانت الكتلة اقترحت أكثر من 4 كلمات لعقار ومناوي، وآخرين، فيما اكتفت تنسيقية “تقدم”  بكلمة واحدة يتلوها د. حمدوك، لكن سكرتارية المؤتمر رأت أن الكلمات كثيرة لوجود كلمة للاتحاد الأفريقي والأوروبي والجامعة العربية، وتقرر الاتفاق على شخص واحد يتلو الكلمة وتم التوافق على د. الشفيع خضر.

ثلاث جلسات

وقالت المصادر إن السكرتارية كانت ترتب لعقد ثلاث جلسات؛ الأولى لمناقشة وقف الحرب، وثانية تناقش المساعدات الإنسانية وإيصالها للمتأثرين، والثالثة عن العملية السياسية، إلا أن الوساطة تفاجأت بأن كيانات الكتلة الديمقراطية لم تدخل القاعات لمناقشة القضايا المقترحة، مما زاد التوتر، وأصروا على عدم الجلوس مع تنسيقية (تقدم)، وتم التقدم باقتراح أن تجلس أي جهة  لوحدها وتأتي برؤيتها، إلا أن القيادي بـ(تقدم) جعفر حسن والقيادي بالكتلة نبيل أديب أصرا على الجلوس مع بعض، وتدخل الشفيع خضر والواثق كمير والمحبوب عبد السلام وعالم عباس مع سكرتارية المؤتمر، ورغم ذلك تمسكت الكتلة بموقفها وناقش أي طرف لوحده.

فيما جلس رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل في الغرفة الثالثة لأنه رأى ضرورة مناقشة القضايا بشكل مشترك.

خلافات

وبعد الفراغ من الجلسات تم اقتراح ثلاثة أشخاص ممثلين لكل طرف بحضور 4 ميسرين سودانيين “الشفيع خضر، الواثق كمير، المحبوب عبد السلام وعالم عباس”، ليكون العدد 10 أشخاص ويكون حواراً سودانياً سودانياً، واختارت تقدم بكري الجاك وخالد عمر وأسامة سعيد كممثلين لها، واختارت الكتلة محمد زكريا وآخرين.

وأرسل الطرفان المناديب لصياغة البيان الختامي وتم الاتفاق حوله وإجازته، واتفقوا على تكوين لجنة مشتركة لتطوير النقاش، لكن محمد زكريا طلب التشاور مع قيادات الكتلة، وذهب بالمسودة ولم يأت للميسرين لأن عقار ومناوي وجبريل رفضوا أن يكون هناك بيان ختامي يتلى.

انتهاكات الطرفين

وأثارت انتهاكات طرفي الحرب حالة من الشد والجذب لرفض الكتلة الديمقراطية ذكر انتهاكات الجيش منفصلة عن الدعم السريع التي اقترحتها تنسيقية (تقدم) وطلبت ذكر انتهاكات طرفي الحرب، وتم التوافق على هذا المقترح بعد نقاش طويل.

كتابة بيان

فيما اقترحت الوساطة كتابة بيان ختامي كحل للأزمة كما حدث في الجلسة الافتتاحية، لكن لم تتم الموافقة على المقترح وتم إبعاد المجموعة الرافضة، وأضيفت فقرة للبيان كحل للمشكلة (كافة المشاركين في أعمال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية في القاهرة بتاريخ 6 يوليو 2024 طبقاً للقائمة المرفقة بالبيان) القوى والشخصيات المتوافقة على البيان.

اعتراض الثلاثي

واعترض نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، ووزير المالية جبريل إبراهيم، على البيان الختامي، باعتبارهم جزء من طرفي الحرب.

وقالت مصادر لـ(التغيير)، إن عقار ومناوي وجبريل، اشترطوا أن تتم مناقشة قضاياهم بشكل منفصل ولا يكونوا جزءاً من الجيش السوداني الذي تقاتل قواتهم معه. وأوضحت أن الثلاثي أراد إضافته إلى المفاوضات التي تجري بين الجيش والدعم السريع في كل المنابر.

وأكد عقار وجبريل ومناوي والتجاني سيسي ومحمد الأمين ترك وآخرين في بيان- التزامهم بالسلام والتحول الديمقراطي وبدعمهم للجهود المصرية لإنجاز الحوار السوداني وتحقيق السلام والاستقرار.

ورفضت هذه القوى الجلوس المباشر في هذه المرحلة مع (تقدم) لما أسمته تحالفها مع “مليشيا الدعم السريع”، وعدم إدانتها الانتهاكات الجسيمة لحقوق وكرامة الإنسان والممارسات المهينة وانتهاكات الأعراض والسلب والنهب- وفقا للبيان.

وقال مناوي في تصريحات صحفية، إن رفضه التوقيع، جاء بسبب تجنب البيان الختامي لما وصفها بـ”جرائم قوات الدعم السريع الكبيرة، مثل التي جرت في الفاشر والجنينة ومنطقة ود النورة بولاية الجزيرة”.

موقف غير مبدئي

وانتقد نائب رئيس تنسيقية (تقدم) الهادي إدريس، موقف الثلاثي الرافض للبيان الختامي، وأكد أنه ليس موقفاً مبدئياً بل هو موقف جهات تريد إفشال المؤتمر، ورأى أن ما يحدث يعكس عدم رغبة مجموعات بحكومة بورتسودان في السلام.

وقال: “كنا نتوقع من الكتلة الديمقراطية وأغلبهم ممثلين في حكومة بورتسودان، أن يتحلوا بالمسؤولية ويتعاطوا مع أهداف المؤتمر بشكل أكثر إيجابية”.

وأضاف: “هذا المؤتمر هو الأول من نوعه في جمعه للفرقاء السياسيين، والجانب المصري بذل الكثير من المجهودات في إنجاح هذا المؤتمر”.

ووجدت مخرجات المؤتمر الداعية لوقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية واعتماد الحوار السوداني كحل للأزمة السودانية إشادة وترحيب من قوى سياسية ومدنية، ورأت أنها خطوة لتوحيد السودانيين، ورحبت (تقدم) بما تم الاتفاق عليه، كما رحب حزبا الأمة القومي والاتحادي الأصل بزعامة محمد عثمان الميرغني.

اعتراض واعتذار

واعترض حزب المؤتمر الشعبي على عدم دعوته للمشاركة في المؤتمر، وقال في بيان إن مصر تقدمت بالدعوى للفئة المفصولة من الحزب.

كما اعتذر الحزب الشيوعي عن المشاركة، وأكد أنه سيواصل نضاله مع الجماهير ويعمل على تنظيم ورص القوى السياسية والاجتماعية صاحبة المصلحة في الثورة من أجل إيقاف الحرب واسترداد الثورة.

خطوة البداية

ورأى القيادي بالكتلة الديمقراطية، رئيس لجنة فض اعتصام القيادة د. نبيل أديب، أن مؤتمر القاهرة خطوة البداية لمواصلة الحوار للتوصل إلى تفاهم مشترك لحل الأزمة التي جعلت تاريخ السودان المستقل هو تاريخ حروب داخلية.

وقال في مقابلة مع (التغيير)، إن الحوار السوداني السوداني الذي لا يقصي أحداً هو السبيل لحل أزمة السودان التي قادت إلى الحرب.

وأضاف أن الميسرين حاولوا جمع الفرقاء تحت سقف واحد لكي يتحاوروا بغية الوصول لفهم مشترك في أزمة السودان، ونجح الداعون في ممارسة دورهم ووفروا للمؤثرين في حل الأزمة من الفرقاء المساعدات اللوجستية التي توفر جواً يمكنهم من تبادل الأفكار للوصول لفهم مشترك لحل الأزمة التي أنتجت الحرب”.

ولفت أديب إلى أن الفرقاء لم يقطعوا شوطاً محسوساً في التوصل لمفهوم مشترك لحل الأزمة السودانية، حيث ظلت نقاط الاختلاف أقوى وأبعد أثراً من نقاط الاتفاق.

وتابع: “مجرد التعرف على نقاط الاختلاف هو خطوة في طريق حله”.

اختراق كبير

وحول إمكانية  اتفاق القوى السياسية على تجاوز الخلافات، قال الصحفي والمحلل علاء الدين بابكر، إن السودانيين لديهم تجارب متعددة في مواجهة التحديات والانتصار عليها لكنهم لا يستطيعون الاستمرار في هذا النجاح، منذ أكتوبر وأبريل وديسمبر، ولا يتفقون على برنامج سياسي لإنهاء الحرب.

وأوضح في مقابلة مع (التغيير)، أن المهدد لهذا هي التقاطعات الداخلية والخارجية التي تؤثر عليها، ومن الملاحظ أن المؤتمر شاركت فيه مجموعات داعمة للحرب وهو معنون لبحث حلول لإنهاء الحرب وهذا يعد اختراقاً كبيراً”.

ولفت بابكر، إلى أن الأسباب التي أدت إلى استمرار الحرب وتمددها أن طرفي الصراع يجدان مساندة وتأييداً شعبياً، وفي حال اتفاق القوى المدنية يتم عزل الطرفين عن أي بعد وعمق شعبي وهذه خطوة يمكن أن تؤدي لإنهاء الحرب.

الوسومالجيش الدعم السريع السودان القاهرة الكتلة الديمقراطية تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية- تقدم جبريل إبراهيم مؤتمر القاهرة للحوار السوداني مالك عقار إير مبارك الفاضل مصر مني أركو مناوي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع السودان القاهرة الكتلة الديمقراطية تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم جبريل إبراهيم مالك عقار إير مبارك الفاضل مصر مني أركو مناوي الکتلة الدیمقراطیة القوى السیاسیة مؤتمر القاهرة الدعم السریع لإنهاء الحرب

إقرأ أيضاً:

الإقليم السني في العراق: وسيلة ضغط أم خطوة نحو تقسيم البلاد؟

20 يوليو، 2024

بغداد/المسلة الحدث: تشهد الساحة السياسية العراقية تزايد المطالبات بإقامة إقليم “عربي سني” يضم عددًا من المحافظات ذات الأغلبية السنية، ويبدو أن هذه المطالبات تنطلق بشكل أساسي من محافظة الأنبار. هذه الدعوات أثارت جدلاً واسعًا حول دوافعها الحقيقية وما إذا كانت مجرد وسيلة للضغط على القوى السياسية الشيعية أم مشروعًا جديًا مدعومًا من قوى إقليمية ودولية. يواجه هذا المشروع تحديات كبيرة، ويتداخل مع مصالح داخلية وإقليمية معقدة.

وترى تحليلات ان المطالبات بالاقليم هي وسيلة للضغط على القوى السياسية الشيعية في إطار عملية انتخاب رئيس البرلمان والحصول على المزيد من التنازلات السياسية.
و القوى السنية قد تستخدم ورقة الإقليم للحصول على تنازلات فيما يتعلق بالمشاركة السياسية وتوزيع المناصب الحكومية.

وتتحدث معلومات عن توجه لتحويل العراق إلى ثلاث أقاليم سنية وشيعية وكردية، بما يضمن لكل طائفة إدارة ذاتية واستقلالية في إدارة شؤونها.
وبعض الدول الإقليمية قد تدعم هذا المشروع لتحقيق أهداف جيوسياسية معينة، مثل تقليل النفوذ الإيراني في العراق وضمان توازن القوى في المنطقة.

وبعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق، قد ترى الولايات المتحدة في إنشاء إقليم سني في غرب العراق وسيلة لتعويض انسحابها، مع إمكانية التمركز في المنطقة الغربية بعيدًا عن الصدام المباشر مع الحكومة والفصائل الشيعية.

وقد تعتبر الولايات المتحدة، هذا الإقليم جزءًا من استراتيجية لضمان استقرار المنطقة ومنع تصاعد النفوذ الإيراني.

سكان المناطق الغربية مثل هيت، وحديثة، وعنه، ورآه، والقائم، والرطبة قد يفضلون إنشاء محافظة جديدة بدلاً من إقليم، وذلك لعدم ثقتهم بالأحزاب السنية المحلية التي قد تنفرد بإدارة الإقليم وامتيازاته، مما قد يؤدي إلى ديكتاتورية جديدة.

و التركيز على إدارة محلية قد يكون أكثر قبولاً من قبل سكان تلك المناطق لضمان تحقيق العدالة والتمثيل المناسب.

وقال الشيخ رعد السليمان أن المطالبة بإقليم سني ليست جديدة، بل تمتد لعقد كامل، وأنها مطلب دستوري وضعته الكتل السياسية الشيعية في الدستور.

ويشير إلى أن القيادات السنية في بغداد تشعر بالحرج من المطالبة بالإقليم وتواجه معارضة شديدة عند الحديث عنه، مبرزا  الأسباب الرئيسية للمطالبة بالإقليم التي تشمل التهميش والتضييق الذي يعاني منه أبناء المحافظات السنية، وغياب التوازن الوظيفي، مما يعزز الشعور بضرورة الحصول على حكم ذاتي لتحقيق العدالة والمساواة.

والمطالبات بإقامة إقليم “العربي السني” في العراق تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية معقدة. بين كونها وسيلة ضغط للحصول على تنازلات سياسية وبين كونها مشروعًا جديًا مدعومًا من دول إقليمية ودولية، يبقى الهدف الأساسي هو تحقيق العدالة والمساواة لأبناء المحافظات السنية الذين يعانون من التهميش. مع ذلك،

ويواجه هذا المشروع تحديات كبيرة تتعلق بالثقة بالأحزاب المحلية والقدرة على تحقيق إدارة فعالة ومستدامة.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية المصري ومفوض الشؤون السياسية الأفريقي يؤكدان أهمية توحيد القوى السياسية السودانية
  • ترخّص القضايا الثمينة ونهاياتها خيانة.. لماذا الخلافات الكردية لاتشبه الصراعات السياسية الأخرى؟
  • ترخّص القضايا الثمينة ونهاياتها خيانة.. لماذا الخلافات الكردية لاتشبه الصراعات السياسية الأخرى؟ - عاجل
  • المأساة السودانية.. والنزوح إلى المدن المستحيلة
  • الإقليم السني في العراق: وسيلة ضغط أم خطوة نحو تقسيم البلاد؟
  • اختناق حكومة بورتسودان ونهاية السياسة
  • لقاء مرتقب بين حميدتي والبرهان بوساطة الاتحاد الأفريقي
  • حراك دبلوماسي تقوده 3 دول لوقف الحرب في السودان.. ما فرص نجاحه؟
  • مكالمة البرهان وابن زايد.. تفاصيل ما جرى!
  • اتصال البرهان برئيس دولة الامارات .. هذا لايليق بالسودان وشعبه الصامد العظيم