منير أديب يكتب.. الحروب والصراعات الدينية بين إيران وإسرائيل
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وجود إسرائيل وإيران في المنطقة قد يكون السبب وراء الحرب الإسرائيلية الدائرة في غزة قبل تسعة أشهر من الآن؛ ولعل قيام الدولة الدينية في إيران في العام 1979 أعطى مبررًا لقيام دولة إسرائيل، صحيح أنّ الأخيرة قامت في العام 1948 ولكن مبررات القيام لحقت بهذه الدولة الوليدة والتي تمددت بفعل العوامل التي صنعتها الجهورية الإسلامية الإيرانية فيما بعد.
صحيح إيران لديها مشروع مواجهة لإسرائيل روجته في العالم العربي بعدما أطلقت عليه محور المقاومة، هذا المشروع أقنعت به بعض حركات المقاومة الفلسطينية، ومنها من بات أسيرًا لها ولهذا المشروع، رغم أنها في نفس الوقت أنشأت ميليشيات مسلحة في المنطقة العربية تحت نفس العنوان، مشروع هذه الميليشيات العريض هو تقسيم المنطقة العربية؛ بما يُعني أنّها تواجه العرب لا إسرائيل.
خطورة التوجه الديني للجمهورية الإسلامية الإيرانية لا يقتصر فقط على الصراع العربي الإسرائيلي، والذي باتت إيران محركًا له بل وأحد أدواته في المنطقة، سواء على مستوى تعزيز وجود إسرائيل كجسد ديني يعبر عن اليهود والصهاينة في المنطقة العربية، ولكن على مستوى تحريك الصراع وفق مصالحها السياسية، ومصالح إيران يمكن تلخيصها في جملة واحد عنوانها التمدد الإيراني.
خطورة إيران وإسرائيل، أنّ كلًا منهما يمتلكان مشروع توسعي يُشكل تهديدًا لأمن العرب، صحيح هناك صراع بين إيران وإسرائيل، ولكنه صراع للسيطرة على المنطقة؛ فإذا كانت إسرائيل تمثل العدو الأول للعرب فإنّ إيران تمثل تهديدًا بمشروعها للعرب كل العرب وعليها أنّ تثبت خلاف ذلك إذا كانت جادة في علاقات متوازنة مع الدول العربية.
الدولة الدينية في إيران أثارت وما زالت مخاوف الأوربيين، الذين بدأوا يستعيدوا اليمن المتطرف؛ فالحرب المتوقعة مع إيران، التي تهدد الغرب، دفعت الأخيرة لاستدعاء اليمن من كمونه، وهنا بات الدين جزءًا من الصراع السياسي، وتتحمل إيران مسؤولية إقحام الدين أو تعزيز وجوده في الصراع على الأقل على مستوى الصراع الإسرائيلي أو مستوى قيام هذا الكيان.
لا بد أنّ نوضح نقطة مهمة في هذا الصراع على الأقل بين إيران وإسرائيل، أنّ الصراع مرتبط بالسيطرة على المنطقة العربية، وأنّ كل منهما أعطى للصراع صبغة دينية، وهنا تُحاول إسرائيل أن تظهر في الخلفية لتطالب العرب بمناصرتها في صراعها مع إسرائيل.
والحقيقة أنّ صراع إيران ليس مع إسرائيل فقط ولكن مع العرب، وعليها أن تتطهر من فكرة الميليشيات المسلحة التي قسمت بها العالم العربي وحاولت استعماره من خلالها، فضلًا على أنّ وجود هذه الميليشيات يُعني غياب الدولة المستقلة والقوية، وهو ما يصب في مصلحة إيران ومشروعها الاستعماري.
صحيح حدث تقارب عربي إيراني أو خليجي إيراني خلال الفترة الأخيرة بسبب ملفات كثيرة وحروب تُهدد أمن المنطقة والعالم، ولكن هذا لا يُعني أنّ إيران باتت مقبولة في المنطقة، وعليها أن تتخلى عن كل سلوك عدواني تجاه أمن واستقرار المنطقة العربية.
صحيح نظام الحكم الديني جزء من بنية الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ حيث وضعت الثورة المرشد على رأس أهم المؤسسات الدينية المتحكمة بدعوى حمايتها وحماية التوجه الديني لهذه الجمهورية، منها مجلس صيانة الدستور والمجلس الأعلى للأمن القومي، على إيران الحديثة أن تتخلص من هذه المؤسسات وعليها أن تتآكل هذه المؤسسات حتى تُصبح إيران جزءًا من الجسد العربي والإسلامي إن أرادت.
هناك ثلاثة مشاريع في المنطقة إيران وإسرائيل وتركيا، نجحت الأخيرة في التخلص رويدًا رويدًا من هذه الفكرة التي باتت جزءًا من المشروع منذ أن وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السلطة، ولكنها قد تغيب وتختفي تمامًا مع الوقت في حال تغيير نظام الحكم في تركيا، ولعل أحد أسباب تقدم تركيا على المستوى السياسي والدبلوماسي والاقتصادي.
لا بد أن تُدرك الدول الثلاثة بأنّ أي حرب دينية تضرب المنطقة فإنما هي من صناعة أيديهم، وبقاء هذه المشروعات يُعني قيام الحرب في أي وقت وتحت أي ظرف، فالصراع لن يختفي وسوف يظل قائمًا طالما بقيت هذه المشاريع على وضعها.
أخطر ما يواجه المنطقة العربية هو الحروب الدينية التي ترفع شعارها الدول الثلاث ذات المشاريع الاستعمارية؛ كل منهما يُريد أن يوسع في رقعة أرضه أو أن يحتل دولة ما ويُصبح وصيًا عليها مسيطرًا على سياستها، ولذلك لا بد من وجود تحالف عربي قوي يواجه كل المشاريع التي تُهدد استقرار هذه الدول.
لا بد أن تكون مصر على رأس هذا التحالف وأن تُشارك فيه كل المنطقة العربية، وألا تأخذ دولة ما، لمصلحة ما، التحالف، عن مصلخته الأساسية في مواجهة مشاريع الاستعمار والاستيلاء والاستيلاب؛ صحيح هذه مهمة شاقة للغاية ولكنها مهمة، فمن الصعب أثناء نشوب حرب دينية بين إيران وإسرائيل أو بين حزب الله وإسرائيل إلا أن يقف التحالف العربي مع لبنان في مواجهة المشروع الإستعماري الإسرائيلي أو الصهيوني، وهنا تبقى أهمية التحالف في الوقوف دون الوصول لهذه النقطة.
أخطر ما في الصراع الحالي مع إسرائيل هو تحويله لصراع ديني والانتقال من الديني إلى الطائفي، صراع يدفع إلى التقسيم، صحيح إسرائيل لن تتخلى عن مفهوم الدولة الدينية ولكن هذا لا يُعني أن نظل متمسكين بخيارات إسرائيل في تشكيل الصراع والحرب القادمة.
سوف يظل الصراع قائمًا مع إسرائيل، لأن الأخيرة نجحت في صناعة وعي بين اليهود سوف يدفع لحرب طويلة مع صراع كنّا وما زلنا نشهده حتى الآن، ولكن مواجهة هذا الصراع لا بد أن يكون بأدوات العقل والسياسة لا بأدوات الدين والاستقطاب، فالأخيرين سوف يقسمان العرب قبل أن يدخلوا في هذه الحرب التي سوف تُفرض عليهم.
هذه الحرب لن تقتصر على العرب فقط، ولا يحب العرب أن يخوضوها ضد إسرائيل، ولكنهم فقط سيكونون مستعدين لها والكل يدفع في الاتجاه إليها، ولذلك على إيران أن تقطع دواعي العزلة التي فرضها توجهها الديني والطائفي حتى تُصبح جزءًا من الجسد العربي وحتى يتعافى هذا الجسد من الوجود الإيراني دون أن تهدده بتوجهها الضار والمضر.
أوروبا بدأت في استدعاء اليمن المتطرف ويكأنها تستحضر ملامح الحروب الصليبية، صحيح مفهوم هذه الحروب غاب عن العالم وبات مجرد جزء من سياق تاريخي، وتوجه العالم بات بعيدًا عن الدين، حتى أنّ الأحزاب اليمينية باتت جزءًا من سلطة السياسة وارتضت أن تكون كذلك، بخلاف اليمين في المنطقة العربية والذي يرفض أن يطرح برامجه السياسية وأن يكون جزءًا من السياسة لا أن يكون هو المشكل لعالم السياسة كما هو كائن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
الحرب القادمة قد تكون حربًا دينية، ولا بد للعالم أن يقف أمام هذا التوجه إذا كان العالم يُريد أن يحتوي لهيب هذه الحرب أو يُريد إطفائها قبل أن يكتوي بها العالم كل العالم، ولا بد أن يقف هذا العالم أمام توجه إسرائيل الديني والعنصري في أي صراع؛ الوقوف ليس فقط ضد توجهها في الاستمرار في الصراع والحرب ولكن أيضًا في أن يكون الصراع دينيًا عنصريًا، لأنها بطبيعة الحال سوف تتضرر كثيرًا كما سوف يتضرر العالم كله من وراء هذا الصراع.
على العالم أن يكون حذرًا من المضي قدمًا في الحرب الدينية المتوقعة، والتي تُشكل إيران وإسرائيل فيها مكونًا أساسيًا، وعلى أوروبا أن تُعيد حساباتها فيما يتعلق باستدعاء اليمن المتطرف.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إسرائيل إيران اليمين المتطرف في أوروبا منير أديب الإسلامیة الإیرانیة بین إیران وإسرائیل المنطقة العربیة فی المنطقة مع إسرائیل وعلیها أن لا بد أن جزء ا من أن یکون التی ت
إقرأ أيضاً:
خطاب تسليم تيران وصنافير يسبب أزمة بين مصر والسعودية وإسرائيل
كشفت وسائل إعلام عربية، أن "القاهرة أرسلت إلى كل من الرياض وتل أبيب نسخة أولية من خطاب التسليم النهائي لجزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، وهي خطوة إجرائية متمثلة في إرسال خطاب رسمي مصري إلى الأطراف ذات الصلة، ممثلة في السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل، نظرا لأن المنطقة خاضعة لتفاهمات معاهدة السلام الموقعة عام 1979".
وقالت، إن "الصياغة المصرية لاقت اعتراضات من الجانبين السعودي والإسرائيلي، بسبب بعض المصطلحات المتعلقة بالإجراءات المترتبة على الوضع الجديد للجزيرتين، إثر انتقال السيادة عليهما بشكل رسمي إلى السعودية".
وأضافت، أن "الاعتراضات الإسرائيلية والسعودية كانت تتعلق في مجملها بعبارتين متعلقتين بالترتيبات الأمنية والصلاحيات المصرية بشأن مضيق تيران، والمنطقة المطلة عليه من الجانب المصري، الخاضعة للترتيبات المتفق عليها ضمن المنطقة ج في الملحق الأمني لمعاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية الموقعة في عام 1979".
وبينت أن "هذه المنطقة يحظر الوجود العسكري المصري فيها، وتتم مراقبة الوضع عبر قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات".
كما أكد الجانب المصري في الصياغة المقترحة وفق وسائل الإعلام، التي وُجهت للمسؤولين في السعودية، ما وصف بتفاهمات ملحقة بالاتفاق الموقع بين الرياض والقاهرة في عام 2016 بنقل تبعية الجزيرتين.
ونصت تلك التفاهمات على أن دخول الاتفاقية حيز التنفيذ لا ينهي مبررات حماية مصر لتلك المنطقة في إطار دواعي الأمن القومي، ضمن المسؤولية المصرية عن ذلك. وهذه الصياغة لم تحظ بقبول سعودي، إذ طلبت الرياض تعديلها بصياغة أكثر وضوحاً تحدد أطر وحدود المسؤولية المصرية.
في المقابل، كان "الاعتراض الإسرائيلي مرتبطا بعدم حسم الترتيبات الأمنية البديلة لتلك التي تضمنتها اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، مع طلب تل أبيب اتفاقاً واضحاً مع مصر والسعودية برعاية أمريكية، بشأن ترتيبات الأمن في تلك المنطقة بما لا يعرض مصالحها للخطر".
وعلى الرغم من إيداع السعودية لاتفاقية تعيين الحدود البحرية مع مصر لدى الأمم المتحدة في عام 2017، إلا أن الرياض متمسكة بإتمام كافة الخطوات من الجانب المصري.
وآخرها إيداع مصر من جانبها خطاب نقل تبعية الجزيرتين في وقت لم يتم فيه حسم الترتيبات الأمنية الملحقة في ظل الوضع الجديد للجزيرتين.
وفي المقابل، تطالب تل أبيب بترتيبات أمنية وتنسيق واسع على المستويين الأمني والعسكري مع الرياض التي آلت إليها تبعية الجزيرتين، وهي الترتيبات التي تتطلب تطبيع العلاقات بين الجانبين.
ووقعت مصر والسعودية في إبريل/نيسان 2016 اتفاقية لتعيين الحدود البحرية بين البلدين، تم بموجبها نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.
وفي حزيران/ يونيو 2017، نشر مجلس الوزراء المصري تقريرا بعنوان "أبرز تساؤلات ونقاط التحفظ حول اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية"، ذكر فيه أن "الاتفاقية تنهي فقط الجزء الخاص بالسيادة ولا تنهي مبررات وضرورات حماية مصر لهذه المنطقة لدواعي الأمن القومي المصري السعودي في ذات الوقت".
وأكد التقرير أن فهم الجانب السعودي تمحور حول ضرورة بقاء الإدارة المصرية لحماية الجزيرتين وحماية مدخل الخليج، وأقرّ في الاتفاقية ببقاء الدور المصري إيماناً بدور مصر الحيوي في تأمين الملاحة في خليج العقبة.