تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

وجود إسرائيل وإيران في المنطقة قد يكون السبب وراء الحرب الإسرائيلية الدائرة في غزة قبل تسعة أشهر من الآن؛ ولعل قيام الدولة الدينية في إيران في العام 1979 أعطى مبررًا لقيام دولة إسرائيل، صحيح أنّ الأخيرة قامت في العام 1948 ولكن مبررات القيام لحقت بهذه الدولة الوليدة والتي تمددت بفعل العوامل التي صنعتها الجهورية الإسلامية الإيرانية فيما بعد.

صحيح إيران لديها مشروع مواجهة لإسرائيل روجته في العالم العربي بعدما أطلقت عليه محور المقاومة، هذا المشروع أقنعت به بعض حركات المقاومة الفلسطينية، ومنها من بات أسيرًا لها ولهذا المشروع، رغم أنها في نفس الوقت أنشأت ميليشيات مسلحة في المنطقة العربية تحت نفس العنوان، مشروع هذه الميليشيات العريض هو تقسيم المنطقة العربية؛ بما يُعني أنّها تواجه العرب لا إسرائيل.

خطورة التوجه الديني للجمهورية الإسلامية الإيرانية لا يقتصر فقط على الصراع العربي الإسرائيلي، والذي باتت إيران محركًا له بل وأحد أدواته في المنطقة، سواء على مستوى تعزيز وجود إسرائيل كجسد ديني يعبر عن اليهود والصهاينة في المنطقة العربية، ولكن على مستوى تحريك الصراع وفق مصالحها السياسية، ومصالح إيران يمكن تلخيصها في جملة واحد عنوانها التمدد الإيراني.

خطورة إيران وإسرائيل، أنّ كلًا منهما يمتلكان مشروع توسعي يُشكل تهديدًا لأمن العرب، صحيح هناك صراع بين إيران وإسرائيل، ولكنه صراع للسيطرة على المنطقة؛ فإذا كانت إسرائيل تمثل العدو الأول للعرب فإنّ إيران تمثل تهديدًا بمشروعها للعرب كل العرب وعليها أنّ تثبت خلاف ذلك إذا كانت جادة في علاقات متوازنة مع الدول العربية.

الدولة الدينية في إيران أثارت وما زالت مخاوف الأوربيين، الذين بدأوا يستعيدوا اليمن المتطرف؛ فالحرب المتوقعة مع إيران، التي تهدد الغرب، دفعت الأخيرة لاستدعاء اليمن من كمونه، وهنا بات الدين جزءًا من الصراع السياسي، وتتحمل إيران مسؤولية إقحام الدين أو تعزيز وجوده في الصراع على الأقل على مستوى الصراع الإسرائيلي أو مستوى قيام هذا الكيان.

لا بد أنّ نوضح نقطة مهمة في هذا الصراع على الأقل بين إيران وإسرائيل، أنّ الصراع مرتبط بالسيطرة على المنطقة العربية، وأنّ كل منهما أعطى للصراع صبغة دينية، وهنا تُحاول إسرائيل أن تظهر في الخلفية لتطالب العرب بمناصرتها في صراعها مع إسرائيل.

والحقيقة أنّ صراع إيران ليس مع إسرائيل فقط ولكن مع العرب، وعليها أن تتطهر من فكرة الميليشيات المسلحة التي قسمت بها العالم العربي وحاولت استعماره من خلالها، فضلًا على أنّ وجود هذه الميليشيات يُعني غياب الدولة المستقلة والقوية، وهو ما يصب في مصلحة إيران ومشروعها الاستعماري.

صحيح حدث تقارب عربي إيراني أو خليجي إيراني خلال الفترة الأخيرة بسبب ملفات كثيرة وحروب تُهدد أمن المنطقة والعالم، ولكن هذا لا يُعني أنّ إيران باتت مقبولة في المنطقة، وعليها أن تتخلى عن كل سلوك عدواني تجاه أمن واستقرار المنطقة العربية.

صحيح نظام الحكم الديني جزء من بنية الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ حيث وضعت الثورة المرشد على رأس أهم المؤسسات الدينية المتحكمة بدعوى حمايتها وحماية التوجه الديني لهذه الجمهورية، منها مجلس صيانة الدستور والمجلس الأعلى للأمن القومي، على إيران الحديثة أن تتخلص من هذه المؤسسات وعليها أن تتآكل هذه المؤسسات حتى تُصبح إيران جزءًا من الجسد العربي والإسلامي إن أرادت.

هناك ثلاثة مشاريع في المنطقة إيران وإسرائيل وتركيا، نجحت الأخيرة في التخلص رويدًا رويدًا من هذه الفكرة التي باتت جزءًا من المشروع منذ أن وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السلطة، ولكنها قد تغيب وتختفي تمامًا مع الوقت في حال تغيير نظام الحكم في تركيا، ولعل أحد أسباب تقدم تركيا على المستوى السياسي والدبلوماسي والاقتصادي.

لا بد أن تُدرك الدول الثلاثة بأنّ أي حرب دينية تضرب المنطقة فإنما هي من صناعة أيديهم، وبقاء هذه المشروعات يُعني قيام الحرب في أي وقت وتحت أي ظرف، فالصراع لن يختفي وسوف يظل قائمًا طالما بقيت هذه المشاريع على وضعها.

أخطر ما يواجه المنطقة العربية هو الحروب الدينية التي ترفع شعارها الدول الثلاث ذات المشاريع الاستعمارية؛ كل منهما يُريد أن يوسع في رقعة أرضه أو أن يحتل دولة ما ويُصبح وصيًا عليها مسيطرًا على سياستها، ولذلك لا بد من وجود تحالف عربي قوي يواجه كل المشاريع التي تُهدد استقرار هذه الدول.

لا بد أن تكون مصر على رأس هذا التحالف وأن تُشارك فيه كل المنطقة العربية، وألا تأخذ دولة ما، لمصلحة ما، التحالف، عن مصلخته الأساسية في مواجهة مشاريع الاستعمار والاستيلاء والاستيلاب؛ صحيح هذه مهمة شاقة للغاية ولكنها مهمة، فمن الصعب أثناء نشوب حرب دينية بين إيران وإسرائيل أو بين حزب الله وإسرائيل إلا أن يقف التحالف العربي مع لبنان في مواجهة المشروع الإستعماري الإسرائيلي أو الصهيوني، وهنا تبقى أهمية التحالف في الوقوف دون الوصول لهذه النقطة.

أخطر ما في الصراع الحالي مع إسرائيل هو تحويله لصراع ديني والانتقال من الديني إلى الطائفي، صراع يدفع إلى التقسيم، صحيح إسرائيل لن تتخلى عن مفهوم الدولة الدينية ولكن هذا لا يُعني أن نظل متمسكين بخيارات إسرائيل في تشكيل الصراع والحرب القادمة.

سوف يظل الصراع قائمًا مع إسرائيل، لأن الأخيرة نجحت في صناعة وعي بين اليهود سوف يدفع لحرب طويلة مع صراع كنّا وما زلنا نشهده حتى الآن، ولكن مواجهة هذا الصراع لا بد أن يكون بأدوات العقل والسياسة لا بأدوات الدين والاستقطاب، فالأخيرين سوف يقسمان العرب قبل أن يدخلوا في هذه الحرب التي سوف تُفرض عليهم.

هذه الحرب لن تقتصر على العرب فقط، ولا يحب العرب أن يخوضوها ضد إسرائيل، ولكنهم فقط سيكونون مستعدين لها والكل يدفع في الاتجاه إليها، ولذلك على إيران أن تقطع دواعي العزلة التي فرضها توجهها الديني والطائفي حتى تُصبح جزءًا من الجسد العربي وحتى يتعافى هذا الجسد من الوجود الإيراني دون أن تهدده بتوجهها الضار والمضر.

أوروبا بدأت في استدعاء اليمن المتطرف ويكأنها تستحضر ملامح الحروب الصليبية، صحيح مفهوم هذه الحروب غاب عن العالم وبات مجرد جزء من سياق تاريخي، وتوجه العالم بات بعيدًا عن الدين، حتى أنّ الأحزاب اليمينية باتت جزءًا من سلطة السياسة وارتضت أن تكون كذلك، بخلاف اليمين في المنطقة العربية والذي يرفض أن يطرح برامجه السياسية وأن يكون جزءًا من السياسة لا أن يكون هو المشكل لعالم السياسة كما هو كائن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

الحرب القادمة قد تكون حربًا دينية، ولا بد للعالم أن يقف أمام هذا التوجه إذا كان العالم يُريد أن يحتوي لهيب هذه الحرب أو يُريد إطفائها قبل أن يكتوي بها العالم كل العالم، ولا بد أن يقف هذا العالم أمام توجه إسرائيل الديني والعنصري في أي صراع؛ الوقوف ليس فقط ضد توجهها في الاستمرار في الصراع والحرب ولكن أيضًا في أن يكون الصراع دينيًا عنصريًا، لأنها بطبيعة الحال سوف تتضرر كثيرًا كما سوف يتضرر العالم كله من وراء هذا الصراع.

على العالم أن يكون حذرًا من المضي قدمًا في الحرب الدينية المتوقعة، والتي تُشكل إيران وإسرائيل فيها مكونًا أساسيًا، وعلى أوروبا أن تُعيد حساباتها فيما يتعلق باستدعاء اليمن المتطرف.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: إسرائيل إيران اليمين المتطرف في أوروبا منير أديب الإسلامیة الإیرانیة بین إیران وإسرائیل المنطقة العربیة فی المنطقة مع إسرائیل وعلیها أن لا بد أن جزء ا من أن یکون التی ت

إقرأ أيضاً:

بعد قصف الحديدة‬ :- توضحَ الصراع الحديث في منطقة الشرق الأوسط !

‫بقلم‬ : د. سمير عبيد ..

‫أولا‬:- باتَ المشهد واضحاً الآن ان إيران رأس حربة المحور الصيني الروسي الكوري الشمالي ولديها طموح الراعي الأكبر على منطقتي الخليج و الشرق الأوسط وهذا لن تقبله إسرائيل اطلاقاً … وإسرائيل رأس حربة المحور الاميركي البريطاني الغربي ” الناتو” ولديها طموح الراعي الأكبر على منطقة الخليج والشرق الأوسط ” الجديد” وايران ترفض ذلك ايضا . علما ان اسرائيل تتفوق على ايران لأن معظم العربية وبأغلبية ساحقة مع المحور الاميركي الغربي وبمقدمتها دول الخليج باستثناء سلطنة عُمان التي لزمت الحياد ومع ذلك ارسلوا لها رسالة أخيراً عبر ( جريمة داعش في منطقة الوادي الكبير ) لتعيد حساباتها وتعلن هي مع أي محور .اي ان جميع هذه الدول مع اسرائيل!
‫ثانيا‬ :إذن مايشهدهُ الشرق الأوسط والمنطقة العربية الآن هو صراع بين وكيلين منتمين إلى محورين وهما ( إيران وإسرائيل ) وبالعكس. فإيران ومثلما أشرنا أعلاه تمثل رأس حربة المحور الصيني الروسي وحلفاءها هم مايسمى بمحور المقاومة في ” لبنان وسوريا والعراق واليمن ” وجميعهم تمويلهم وتسليحهم من ايران اضافةً لِما يأخذونه من خزائن دولهم ” .باستثناء سوريا التي تحاول الخروج من هذه المعادلة بمساعدة الغرب اخيرا ” .أما إسرائيل فلديها حلفاء أقوى وهم دول وانظمة وجيوش نظامية وميزانيات ضخمة وهم دول الخليج ومصر والأردن بالمرتبة الاولى ومعظم الدول العربية الأخرى بالمرتبة الثانية.
‫ثالثا‬:-اما العراق فقلبه الحكومي والسياسي مع ايران ومظهره “التقية” مع امريكا. وبسبب ذلك تقرر اخيرا في امريكا والناتو والمجتمع الدولي تصحيح هذه الإشكالية الخطيرة بجعل العراق كله مع المحور الاميركي الغربي البريطاني . والقضية باتت مسالة وقت وسنوضحها بسياق هذا المقال !
‫رابعاً‬ :-إيران من جانبها اعتقدت انها عوضت نقص قوتها ونفوذها عندما نجحت بالاستيلاء على القضية الفلسطينية بعد تحييد العرب منها ” اي سلختها من الدول العربية” وخصوصا بعد الحرب في غزة. اي بعد السابع من اكتوبر 2023 لتوضفها كورقة استراتيجية .ولكن ايران لا تعلم كان فخّاً لها وها هي بدأت تداعياتها .وبسبب ذلك حسبت اسرائيل وأمريكا والغرب وبريطانيا ان معركة اسرائيل مابعد السابع من اكتوبر هي معركة ضد حركة حماس وايران. علماً لعبت ايران ومن خلال وزير خارجية إيران الراحل امير اللهيان دبلوماسية ناجحة بمنع تمدد حرب غزة والعمل على حصارها خصوصا عندما انفتح على مصر والأردن وروض حزب الله اللبناني. ولكن على مايبدو كان هناك طرفا ايرانيا لم تعجبه سياسات الراحل إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته اللهيان .بحيث بعد رحيلهما تطورت الأمور وباتت ساخنة وتمددت حرب غزة رويدا رويدا ولصالح نتنياهو الذي يريد لحرب غزة الانتشار والتوسع ليخرج من عنق الزجاجة الداكنة جداً. وهاهي الحرب سخنت وتصاعدت في جنوب لبنان ثم سخنت وتطورت من جانب اليمن بحيث تدخلت إسرائيل اخيرا وقصفت ميناء الحديدة اليمني . ونشطت من جهة العراق بولادة تحالف بين حلفاء إيران في العراق مع الحوثيين ” وهو التحالف الذي سوف يؤذي العراق كدولة وشعب واقتصاد و مثلما حدث في اليمن اخيرا “! والغريب مقابل صمت حكومي في العراق وكأنَّ العراق اقليم تابع لإيران مثلما هناك صمت حكومي تجاه التوغل التركي في محافظة دهوك العراقية. وهي مؤشرات ان هذا النظام السياسي في العراق عاجز وفاشل و لا يصلح عراقيا على الاطلاق ويجب انقاذ العراق والمنطقة والعالم منه !
‫خامساً‬: فباتت المؤشرات واضحة جدا ان الأشهر الثلاثة المقبلة مليئة بل حبلى بالاحداث والمفاجآت في منطقتنا . وبنسبة 90٪ سوف تشمل العراق لأن المجتمع الدولي وأمريكا وبريطانيا وحلف الناتو شخّص ان هناك علتين تواجهان المحور الاميركي الغربي البريطاني ويجب تصحيحهما وهما :-
1-سوريا:- التي يجب تصحيح الأمور فيها وجلبها نحو تركيا وحلف الناتو والغرب . وبالفعل باشروا بذلك .وروسيا لن تعارض لأن هناك وعود جيدة لها !
2-والعراق :الذي تبلور اخيرا رأي عام عنه في المجتمع الدولي وداخل مؤسسات القرار في أمريكا وبريطانيا والناتو وهو ” التغيير السياسي ” ليكون العراق بقيادة وطنية غير تابعه لإيران او غيرها لكي يواكب المحور الاميركي الغربي البريطاني . وسوف يحدث هذا بنسبة كبيرة جدا !
سمير عبيد
21 تموز 2024

سمير عبيد

مقالات مشابهة

  • العسومي: التحديات والصراعات التي تمر بها العديد من الدول العربية تعكس أهمية المشروعات التنموية
  • ياسين سعيد نعمان يكشف: إيران وإسرائيل متواطئتان في إدارة الصراعات بالشرق الأوسط
  • “الدفاع”: المملكة ليس لها أي علاقة باستهداف الحديّدة.. الخارجية تدعو لضبط النفس والنأي بالمنطقة عن مخاطر الحروب
  • هل يؤدي هجوم إسرائيل على اليمن إلى اتساع دائرة الصراع في المنطقة؟
  • بعد قصف الحديدة‬ :- توضحَ الصراع الحديث في منطقة الشرق الأوسط !
  • مغامرة خطيرة.. إيران تدين الغارات الإسرائيلية على الحديدة في اليمن
  • نتنياهو: لا يوجد مكان لن تصل إليه ذراع إسرائيل الطويلة
  • ترحيب دولي بالقرار التاريخي للعدل الدولية وإسرائيل تعترض وتتهم المحكمة بـ"معاداة للسامية"
  • هذا ما تسعى إليه إيران في المنطقة
  • بلينكن: هناك مستقبل لدمج إسرائيل في المنطقة