ما أهمية نتائج الانتخابات البريطانية وما علاقة غزة بها؟
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
مع دخول الحرب الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة شهرها العاشر، أصبحت معظم الأحداث السياسية الكبرى في جميع أنحاء العالم تقاس من قبل الإنسان العربي والمسلم وأي مؤيد للحق الفلسطيني بحسب علاقتها بهذه الحرب. من آخر هذه الأحداث الانتخابات البرلمانية البريطانية، التي بات معروفا للجميع أن حزب العمال بقيادة "كير ستارمر" فاز فيها بأغلبية كبيرة من مقاعد البرلمان.
فما هي أهمية هذه الانتخابات للمتابع العربي؟ وما علاقتها وتأثيرها وتأثرها بالحرب على غزة؟
تأطير الصوت العربي والمسلم
بدأ المسلمون البريطانيون، والعرب بشكل أقل، في مناسبات انتخابية سابقة في بريطانيا محاولات خجولة للعب دور في صناعة توجهات انتخابية لمجتمعاتهم، بناء على مواقف الأحزاب والمرشحين من القضايا التي تهمهم، سواء كانت قضايا داخلية مثل الاقتصاد والبرامج الاجتماعية والإسلاموفوبيا، أو مشاغل تهم بلادهم الأصلية مثل فلسطين، وكشمير، وسوريا، وغيرها.
ولكن الانتخابات التي جرت يوم الخميس الماضي، شهدت جهودا غير مسبوقة من جهات عربية وإسلامية ومن قبل منظمات مؤيدة لفلسطين، لحشد الصوت العربي والمسلم والتأثير في توجهاته الانتخابية، بناء على قضاياهم، وعلى رأسها غزة.
أدت مواقف الحكومة البريطانية السابقة التي كان يقودها حزب المحافظين، وموقف حزب العمال المعارض تجاه الحرب على غزة، إلى تحفيز مؤسسات عربية ومسلمة وفلسطينية لبداية عمل نخبوي وجماهيري للتأثير في الانتخابات. ومع الإعلان عن انتخابات مبكرة قبل حوالي شهرين تكثفت هذه الجهود، وأنشئت عدة مؤسسات لتطبيقها على أرض الواقع. ولعل هذه هي المرة الأولى التي يحصل فيها مثل هذا العمل المنظم لرسم توجهات انتخابية للمجتمعات العربية والمسلمة وبهذا الحجم، وكان الهدف الرئيسي منها هو إرسال رسالة خصوصا لحزب العمال بأهمية الصوت المسلم والعربي والصوت المؤيد لفلسطين.
اعتاد حزب المحافظين أن لا يكترث بأصوات الأقليات -وخصوصا العرب والمسلمين- كثيرا، ولم يكن يهتم بأصواتهم، بينما كان حزب العمال يعتبر هذه الأصوات مضمونة له، باعتباره أصبح يمثل حزب الأقليات و من ضمنهم العرب والمسلمون. ولكن المجتمع العربي والمسلم أستطاع هذه المرة أن يوصل رسالة للحزب بأن أصواتهم غير مضمونة، وأنه يجب أن يقدم لهم برنامجا للسياسة الخارجية يحترم قضاياهم وخصوصا قضية فلسطين، ويأخذ بعين الاعتبار مشاغلهم الاقتصادية والاجتماعية كأقليات.
لقد وصلت هذه الرسالة للحزب قبل الانتخابات، وكتبت عنها عدة مقالات وتقارير في الصحف البريطانية، وغيرت قيادة الحزب خطابها بشكل جزئي بناء عليها، ولكنها وصلت بشكل أوضح وبصوت أعلى بعد نتائج الانتخابات، كما سيتم التفصيل فيها لاحقا.
كيف أثرت غزة على نتائج الانتخابات البريطانية؟
صحيح أن حزب العمال حصل على غالبية كبيرة من المقاعد البرلمانية، ولكن رسالة الصوت العربي والمسلم والمؤيد لفلسطين عموما ظهرت في النتائج، بعدة أشكال:
أولا: خسر حزب العمال 4 مقاعد آمنة له، من بينها مقاعد لوزراء محتملين في حكومته، لصالح مرشحين مؤيدين لفلسطين، قدموا أنفسهم في الانتخابات بناء على الموقف من غزة. ومن أهم الخاسرين من حزب العمال على خلفية العدوان على غزة "تانغام ديبونير" وهي وزيرة سابقة في حكومة الظل، وقد أطاحت بها زعيمة حزب الخضر كارلا دينيار. وينطبق الأمر نفسه على وزير آخر في حكومة الظل السابقة وهو "جوناثون آشويرث"، الذي خسر لصالح المرشح المؤيد لفلسطين "شوكت آدم".
ثانيا: خسر العمال مقعدا واحدا على الأقل لصالح المحافظين في دائرة كانت تعتبر آمنة للعمال. فقد ذهب مقعد دائرة "شرق ليستر" للمرشح المحافظ، بسبب خسارة مرشح العمال نسبة معتبرة من أصواته لصالح مرشحة مستقلة مؤيدة لفلسطين.
ثالثا: حققت الشابة الفلسطينية ليان محمد عددا كبيرا من الأصوات، وكادت أن تطيح بوزير في حكومة ستارمر، حيث فاز عليها بفارق لا يزيد عن 530 صوتا، وهي نتيجة تعتبر خسارة بطعم الانتصار لليان محمد، وخسارة معنوية لمرشح قوي عن حزب العمال.
رابعا: على الرغم من حصد "العمال" عددا كبيرا من مقاعد البرلمان، إلا أن عدد ونسبة ما حصل عليه من أصوات يعتبر قليلا، حيث قلت نسبته عن النسبة التي حصل عليها "جيرمي كوربين" عام 2017، كما كان عدد الأصوات التي حصل عليها أقل مما حصل عليه كوربين في انتخابات 2019. لقد لعب القانون الانتخابي لصالح حزب العمال وزعيمه "كير ستارمر"، ولكنه سيحتاج لدراسة نسب التصويت المنخفضة، وتداعياتها على الانتخابات القادمة بعد خمس سنوات. ولعل من أهم الأرقام التي تظهرها نسب التصويت هي أن كثافة المشاركة بشكل عام والتصويت للعمال بشكل خاص في المناطق ذات التواجد المسلم تراجعت بنسبة تتراوح بين 10 و 34 بالمئة حسب مصادر إعلامية بريطانية.
وحتى الآن فإن "نشوة الانتصار" قد تحجب الرؤية عند "ستارمر" عن هذه الدلالات، ولكنه سيدفع ثمنا في الانتخابات القادمة، إذا استمر بتجاهلها، وإذا استمر العرب والمسلمون ببناء جهد تراكمي للتأثير في التوجهات الانتخابية لمجتمعاتهم.
تأثير الانتخابات على غزة
قبل أشهر من الانتخابات بدأ حزب "العمال" يراجع بشكل بطيء وتدريجي سياساته تجاه العدوان على غزة، وذلك بعد ظهور استطلاعات وتقارير عن التأثير المحتمل لهذه السياسات على الانتخابات البرلمانية، وبسبب حصول استقالات في قيادة الحزب، وفي صفوف بعض أعضائه في البلديات.
وبعد ظهور نتائج الانتخابات فجر الجمعة الماضي، أكد وزير الخارجية الجديد "ديفيد لامي" أن حكومته ستعيد التوازن للسياسة الخارجية المتعلقة بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، فيما طالب رئيس الوزراء ووزير الخارجية عقب الانتخابات بوقف فوري لإطلاق النار في غزة.
ولكن هذه المواقف لن يكون لها تأثير حقيقي على أرض الواقع، أولا لأن أوراق الضغط الحقيقية هي في يد واشنطن، وثانيا لأن حكومة ستارمر لم تعلن عن عقوبات فعلية على الاحتلال مثل تجميد صفقات السلاح إذا لم يلتزم بوقف الحرب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الانتخابات العمال بريطانيا المحافظين بريطانيا غزة انتخابات العمال المحافظين سياسة دولية سياسة دولية حول العالم مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نتائج الانتخابات حزب العمال على غزة
إقرأ أيضاً:
ترامب يشن حملة على النشطاء المؤيدين لفلسطين وتهديدات تصل لحرم الجامعات الأمريكية
نشرت صحيفة "إل موندو" الإسبانية، تقريراً، سلّطت فيه الضوء على اعتقال السلطات الفيدرالية للهجرة في الولايات المتحدة، يوم السبت، ناشطا فلسطينيا لعب دورًا بارزاً في الاحتجاجات المناهضة لدولة الاحتلال الإسرائيلي في جامعة كولومبيا، في تصعيد كبير يتماشى مع تهديد إدارة ترامب باعتقال وترحيل النشطاء في الجامعات الأمريكية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنّ: "محمود خليل، طالب الدراسات العليا في جامعة كولومبيا، كان في مقر إقامته بالجامعة مساء السبت، عندما دخل عدة عملاء من وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية إلى المبنى واعتقلوه، وفقًا لما ذكرته محاميته إيمي غرير".
وذكرت الصحيفة أنّ: "غرير أجرت مكالمة هاتفية مع أحد عملاء وكالة الهجرة والجمارك خلال عملية الاعتقال، وأبلغها بأنهم ينفّذون أوامر صادرة عن وزارة الخارجية لإلغاء تأشيرة خليل. وعندما أخبرته بأن موكّلها يحمل بطاقة إقامة دائمة في الولايات المتحدة، رد العميل بأنهم بصدد إلغائها أيضًا".
وبحسب الصحيفة، فإنّ المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، تريشيا ماكلولين، أكّدت في بيان صدر يوم الأحد، اعتقال خليل، ووصفت العملية بأنها: "تطبيق للأوامر التنفيذية الصادرة عن الرئيس ترامب لمكافحة معاداة السامية".
عملية غير مسبوقة
اعتبرت الصحيفة أنّ: "اعتقال خليل يمثل أول محاولة ترحيل معروفة ضمن حملة القمع التي تعهد بها ترامب ضد الطلاب الذين شاركوا في الاحتجاجات المناهضة للحرب في غزة، والتي شهدتها الجامعات خلال الربيع الماضي".
وتؤكد الإدارة الأمريكية أنّ: "المشاركين في تلك الاحتجاجات فقدوا حقهم في البقاء في الولايات المتحدة بسبب دعمهم لحركة حماس"؛ فيما أشارت ماكلولين إلى أنّ: "الاعتقال مرتبط بشكل مباشر بدور خليل في الاحتجاجات"، متهمة إياه بـ"قيادة أنشطة تتماشى مع حماس، المصنفة كمنظمة إرهابية".
ووفقًا لما ذكرته غرير، عند وصول عملاء وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية إلى مبنى الحرم الجامعي يوم السبت، هدّدوا أيضًا باعتقال زوجة خليل، وهي مواطنة أمريكية حامل في شهرها الثامن،
وقالت الصحيفة إنّ: "عائلة خليل أُبلغت في البداية بأنه نُقل إلى مركز احتجاز للمهاجرين في إليزابيث بولاية نيوجيرسي، لكن عندما حاولت زوجته زيارته يوم الأحد، اكتشفت أنه لم يكن هناك. وأكّدت غرير أنها لم تكن على علم بمكان وجوده حتى مساء الأحد.
وأشارت إلى أنّ: "فريق الدفاع عنه لم يتمكن من الحصول على أي تفاصيل إضافية بشأن أسباب احتجازه"، واصفة ما جرى بأنه "تصعيد واضح"، فيما أكّدت في الوقت نفسه أنّ: "الحكومة تنفذ تهديداتها".
وصرّح متحدث باسم جامعة كولومبيا بأنّ: "على العملاء إبراز مذكرة رسمية قبل دخول الجامعة، لكنه رفض الإفصاح عما إذا كانت الجامعة قد تلقت مذكرة قبل اعتقال خليل، كما امتنع عن التعليق على احتجازه".
وفي منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي، مساء الأحد، قال وزير الخارجية، ماركو روبيو، إنّ: "الحكومة ستعمل على إلغاء تأشيرات الإقامة أو بطاقات الإقامة الدائمة لمؤيدي حماس في الولايات المتحدة تمهيدًا لترحيلهم".
إجراء غير قانوني
أشارت الصحيفة إلى أنّ: "وزارة الأمن الداخلي تمتلك صلاحية بدء إجراءات الترحيل بحق حاملي الإقامة الدائمة بسبب مجموعة واسعة من التهم، بما في ذلك دعم منظمات مصنفة في قوائم الإرهاب، لكن اعتقال شخص يحمل إقامة دائمة قانونية دون توجيه أي تهمة جنائية يعد حدثا غير مسبوق، ويستند إلى أساس قانوني غير واضح، وفقًا لخبراء في شؤون الهجرة".
ويقول كاميل ماكلر، مؤسس منظمة "إيميغرانت إيه أر سي" وهو تحالف لمقدمي الخدمات القانونية في نيويورك، إنّ: "ما حدث يبدو وكأنه إجراء انتقامي ضد شخص عبّر عن رأي لم يُعجب للحكومة".
وذكرت الصحيفة أنّ: "خليل، الحاصل حديثًا على درجة الماجستير من كلية الشؤون الدولية بجامعة كولومبيا، لعب دور الوسيط بين الطلاب وإدارة الجامعة خلال المفاوضات المتعلقة بإنهاء الاعتصام الذي أُقيم في الحرم الجامعي خلال الربيع الماضي، وهو الدور الذي جعله من أبرز الناشطين الداعمين للحراك، ما أدى إلى تصاعد المطالبات في الأسابيع الأخيرة من جهات مؤيدة لإسرائيل بضرورة أن تبدأ إدارة ترامب إجراءات ترحيله".
تحقيقات في الجامعة
وفقًا لوثائق اطّلعت عليها وكالة "أسوشيتد برس"، كان خليل من بين النشطاء الذين خضعوا لتحقيقات أجراها مكتب جديد أنشأته جامعة كولومبيا، وأسفرت عن توجيه اتهامات تأديبية لعشرات الطلاب الذين انتقدوا دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال خليل لوكالة "أسوشيتد برس"، الأسبوع الماضي: "هناك نحو 13 تهمة موجهة ضدي، معظمها تتعلق بمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي لا علاقة لي بها إطلاقًا".
وأضاف: "كل ما يسعى إليه المسؤولون هو إظهار أنهم يتخذون إجراءات أمام الكونغرس والسياسيين اليمينيين، بغض النظر عن العواقب التي ستطال الطلاب"، مشيرًا إلى أنّ: "الهدف الأساسي من المكتب الجديد هو: إسكات الخطاب المؤيد لفلسطين".
وتأتي هذه الإجراءات -حسب الصحيفة- بالتزامن مع تنفيذ إدارة ترامب تهديدها بقطع مئات الملايين من الدولارات من التمويل المخصص لجامعة كولومبيا، مبررة ذلك بما وصفته فشل الجامعة في التصدي لتنامي معاداة السامية داخل الحرم الجامعي.