“المحقق” يقف على كواليس مؤتمر القاهرة للقوى السياسية والمدنية
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
اختتمت القوى السياسية والمدنية السودانية مؤتمرها اليوم “الأحد” بالقاهرة بلقاء عدد من ممثلي الأحزاب والشخصيات التي حضرت المؤتمر مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك بعد أن اختلفت الآراء أمس على البيان الختامي للمؤتمر، والذي رفضت قيادات من الكتلة الديمقراطية التوقيع عليه، على رأسها مالك عقار رئيس الحركة الشعبية شمال ونائب رئيس المجلس السيادي ودكتور جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة ووزير المالية، ومني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان وحاكم إقليم دارفور، ومحمد الأمين ترك رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة والدكتور التيجاني سيسي رئيس الحراك الوطني وآخرون.
أسباب الرفض
وأخرجت المجموعة التي رفضت التوقيع بيانا حول هذا الرفض أوضحت فيه أسباب رفضها المباشر مع تنسيقية القوى المدنية “تقدم” في هذه المرحلة، وذلك لتحالفها مع مليشيا الدعم السريع وفقا لاتفاق موقع ومعلن بينهما، وذكر البيان أسباب أخرى لعدم التوقيع تتصل بعدم إدانة تقدم للانتهاكات الجسيمة لحقوق وكرامة الإنسان، و للممارسات المهينة، وانتهاكات العروض و السلب و النهب، وأوضح البيان أنه عطفا على ذلك تم رفض تشكيل آلية مشتركة مع تنسيقية تقدم، و لذلك امتنعت القوى السياسية والمدنية عن التوقيع على البيان الختامي لمؤتمر القاهرة، وأشار البيان إلى أن لقوى السياسية والمدنية قدمت رؤيتها بشكل منفصل حول القضايا الانسانية والسياسية وكيفية إيقاف الحرب للميسرين وتعديلاتها على المسودة الأولية للبيان الختامي، والإتفاق على أن يصدر بيان من الميسرين بالمخرجات باعتبار أن الدعوة قدمت بشكل شخصي.
وأوضحت هذه المجموعة في بيانها أن البيان الختامي الذي تم إصداره لم يستصحب ملاحظاتها وتعديلاتها ولم توقع عليه ولا يحظى بالتوافق، كما أن الشخص الذى تلى البيان غير متفق عليه، وقدمت هذه المجموعة الشكر لمصر على الدعوة لايجاد أفق لحل الأزمة السياسية وإنهاء الحرب، كما قدمت الشكر لمصر لاستضافتها لمواطنين سودانيين على أراضيها ووقوفها المستمر إلى جانب السودان وشعبه في مختلف المحافل، وأشاد البيان بكلمة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، والتي أكد من خلالها دعم ومساندة مصر لسيادة الدولة السودانية، وبقاء مؤسساتها وأمنها القومي.
عدم الإدانة
كما أوضح رئيس حركة تحرير السودان، حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، أن سبب رفضه مع عقار وجبريل إبراهيم التوقيع على بيان القاهرة الختامي لمؤتمر القوى السياسية والمدنية، يرجع إلى عدم إدانة البيان لانتهاكات لدعم السريع. وقال مناوي في تصريح خاص أمس السبت لـ ”المحقق” قلنا لهم طالما أنكم لا تريدون إدانة الدعم السريع في جرائمها في كافة أنحاء السودان، على الأقل علينا أن ندين ما يجري في الفاشر من الإبادة وحرق المستشفيات واستهداف التجمعات السكانية، وإدانة مجزرة ود النورة”.
وحول تأثير عدم توقيع مناوي وجبريل وعقار، على العلاقة بشركائهم في الكتلة الديمقراطية الذين وقعوا على البيان الختامي، قال مناوي إن ذلك لن يؤثر أبداً على علاقتنا بالشركاء في الكتلة الديمقراطية، مضيفاً: لا أدري إذا كانت القاهرة سوف تستمر في اجتماعاتها مع القوى السياسية والمدنية أم لا، متمنياً في الوقت نفسه أن تستمر مصر في مساعيها.
تفاصيل غير مهمة
وحول مدى تأثير ذلك على مكونات الكتلة الديمقراطية، والتي وقعت مجموعات منها على البيان الختامي، أكد مصدر قريب من الكتلة الديمقراطية أن رفض التوقيع على البيان لم يكن موفقاً، وقال المصدر لـ “المحقق” إن الرفض جاء في تفاصيل غير مهمة، وإن الأهم كان هذا التجمع الكبير للقوى السياسية والمدنية المختلفة لأول مرة تحت سقف واحد، وإن ذلك معناه التخلص من فكرة الإقصاء التي كانت موجودة من قبل، مضيفاً أن الهدف الأهم كان في تثبيت المنبر السياسي في مصر، وأن هذا يعد أكبر مكسب للعملية، بحضور كل الشركاء الاقليميين والدوليين، وأعرب المصدر عن استغرابه لرفض هذه المجموعة الجلوس مع مكونات تقدم والنقاشات معها بشكل مباشر، وقال على الرغم من أن مثل هذه النقاشات تدور بشكل مباشر في عواصم أوربية في جنيف وباريس وهلسينكي وغيرها، كاشفاً عن لقاء مباشر بين الطرفين أقيم في العاصمة السويسرية بداية الشهر الجاري لمدة 3 أيام، متسائلا لماذا يحدث ذلك هناك ولم يحدث في القاهرة، وقال المصدر رغم أن النقاشات في سويسرا كانت أعمق، لدرجة أن طلب الحاضرون أن تربط هذه النقاشات بمبادرة القاهرة، لاتفاق الجميع على أنها أفضل مكان يمكن النقاش والحوار فيه، وكشف المصدر عن أن مالك عقار كان موافقاً على البيان، وأنه لو كان ذكر اسمه من الموقعين لن يرفض، وعاد المصدر لتعجبه مرة أخرى قائلا نفس هذه المكونات كانت تقف على الحياد في الحرب لفترة طويلة، فماذا حدث الآن، وقال مع ذلك المواقف ليست بعيدة، مشددا على ضرورة الحفاظ على تحالف الكتلة الديمقراطية، وترك الباب مفتوحا أمام الحوار واستمراره تحت رعاية القاهرة، مضيفاً ليس صعباً التواصل بين الأطراف مرة أخرى، وعلى مصر أن تستمر في جهودها،
وعن عدم حضور المجموعة الرافضة للقاء الرئيس السيسي، أوضح المصدر أن الطرف المصري هو الذي حدد من سيحضر اللقاء.
خلاف جوهري
من جانبها أكدت المجموعة الرافضة على رغبتها في استمرار القاهرة في الحوار، موضحة أن الاعتراض كان على البيان الختامي وليس على صاحبة الدعوة، وأن “تقدم” رفضت من جانبها إدانة الدعم السريع، دون إدانة الجيش معه، كما أبانت مصادر قريبة من الإجتماعات أن تلبية المكونات للدعوة وتمثيلها على أعلى مستوى جاء لمكانة مصر ودورها، وقالت المصادر لـ “المحقق” إن التمثيل في أي عاصمة أخرى يكون بمستويات أقل، ولفتت المصادر إلى أنه كان من الصعوبة الإتفاق بين هذه المكونات المختلفة في يوم واحد، وكان ينبغي أن تستمر العملية السياسية، مبينة أن الخلاف حول البيان الختامي جوهريا، وتابعت أن المجموعة الرافضة كانت ترغب في تسميته مخرجات وليس بيانا، لأن البيان لديه التزامات أكبر.
الثوابت المصرية
ويبقى أن القاهرة أثبتت وتثبت دائما أنها على مسافة واحدة من كل الأطراف السياسية السودانية، وأنها جددت على لسان الرئيس السيسي خلال لقائه عدداً من المكونات السياسية والمدنية التي شاركت في المؤتمر التأكيد على ضرورة أن يتضمن الإنتقال للمسار السياسي للأزمة مشاركة كافة الأطراف، وفقاً للمصلحة الوطنية السودانية دون غيرها، وأن يكون شعار
“السودان أولاً” هو المحرك لجميع الجهود الوطنية المخلصة، فضلاً عن ضرورة أن ترتكز أية عملية سياسية ذات مصداقية، على احترام مبادئ سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، باعتبارها أساس وحدة وبناء واستقرار السودان وشعبه.
مؤكداً حرص مصر على التنسيق والتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين لحل الأزمة السودانية، مشدداً على أن مصر لن تألو جهداً، ولن تدخر أية محاولة، في سبيل رأب الصدع بين مختلف الأطراف السودانية، ووقف الحرب، وضمان عودة الأمن والاستقرار، والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني، مؤكداً ضرورة تكاتف المساعي للتوصل لحل سياسي شامل، يحقق تطلعات شعب السودان، وينهي الأزمة العميقة متعددة الأبعاد التي يعيشها السودان، بما تحمله من تداعيات كارثية على مختلف الأصعدة، السياسية والاجتماعية والإنسانية، كما أكد الرئيس أن الدولة المصرية تبذل أقصى الجهد، سواء ثنائياً، أو إقليمياً ودولياً، لمواجهة تداعيات الأزمة السودانية، وذلك عبر تقديم كافة أوجه الدعم، بما يعكس خصوصية العلاقات المصرية السودانية، حيث تستمر مصر في إرسال عدد كبير من شحنات المساعدات الإنسانية للأشقاء في السودان، فضلاً عن استضافة ملايين الأشقاء السودانيين بمصر.
القاهرة – المحقق – صباح موسى
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: القوى السیاسیة والمدنیة الکتلة الدیمقراطیة على البیان الختامی
إقرأ أيضاً:
هيئة تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية “تاجادوم”: بيان بشأن انسحاب هيئة بورتسودان من تصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل (IPC)
في سلسلة من القرارات غير المسؤولة والمتكررة، أعلنت هيئة بورتسودان انسحابها من تصنيف مرحلة الأمن الغذائي المتكامل (IPC)، وهو أداة دولية تستخدم للتحليل الشامل لتقييم حدة انعدام الأمن الغذائي عبر الولايات والأقاليم. يأتي هذا القرار وسط تصاعد الأزمة الإنسانية والاقتصادية الناجمة عن الحرب التي اندلعت في 15 أبريل بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع (RSF) والتي أعاقت بشدة قدرة الدولة على مواجهة التحديات الإنسانية الخطيرة.
برر وزير الزراعة بهيئة بورتسودان قرار وقف المشاركة في IPC باتهام التنظيم بإصدار تقارير غير موثوقة تقوض سيادة السودان وكرامته. هذا الانسحاب في أعقاب رفض لجنة المساعدات الإنسانية (HAC) في أغسطس الماضي لتقرير لجنة المساعدة الإنسانية يسلط الضوء على الجوع الشديد (المرحلة الخامسة) في أجزاء من ولاية شمال دارفور ومخيم زمزم للنازحين. تم تأكيد نتائج التقرير بشكل أكبر ببيان صادر عن أطباء بلا حدود، الذي كشف عن وفاة طفل كل ساعتين بسبب سوء التغذية في مخيم زمزم.
هذه السياسة اللاأخلاقية التي تنطوي على إنكار الأزمات التي يواجهها السكان والتخفيف من معاناتهم، تبرز افتقار هيئة بورتسودان إلى شفافية الوضع الإنساني. وهو يثير قلق شديد بشأن موثوقية بياناته عن الأمن الغذائي. وسيؤثر الانسحاب حتما على استجابة المنظمات الدولية التي تعتمد على لجنة مكافحة الإرهاب لتحديد المجالات التي تحتاج إلى المساعدة بشكل ملح. بدون بيانات دقيقة ومعتمدة دوليا، يخاطر السودان بفقدان الدعم المستهدف، مما يزيد الأزمة الإنسانية سوءا. إن غياب بيانات اللجنة الدولية سيعيق الجهود المبذولة لمعالجة انعدام الأمن الغذائي، ويعرقل التوزيع العادل للمعونة، ويعقّد التنسيق بين الجهات الفاعلة الإنسانية المحلية والدولية.
هذه السياسات هي استمرارا لإرث النظام السابق (نظام NCP) الذي أنكر الأزمات الإنسانية باستمرار ورفض التعاون مع المجتمع الدولي ومؤسساته المتخصصة. هذه السياسات تركت المواطنين السودانيين يواجهون تحدياتهم في عزلة، خالين من الجهود الهادفة للتخفيف من معاناتهم. تتطلب هذه الممارسات استجابة عاجلة من أصحاب الضمائر الحية والنزاهة الأخلاقية والقيم الديمقراطية الذين يعطيون الأولوية لحياة الشعب وسبل عيشه على المكاسب السياسية الوهمية.
نؤكد على ضرورة قيام المجتمع الدولي ومؤسساته بإعادة تقييم نهجها في الانخراط في هذه السياسات واتخاذ تدابير تحمي المدنيين وتضمن إيصال المساعدات الإنسانية بفعالية. يجب ممارسة ضغط أقوى لمنع أرواح السودانيين من أن تكون رهينة لهذه الأعمال غير المسؤولة التي لا تزال تؤدي إلى المرض والجوع والموت.
قطاع العمل الإنساني.
هيئة تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية.
23 ديسمبر 2024.