عندما هزمت القيادات الإنجليزية التي استجلبها محمد علي باشا الخديوي، المارق على سلطة الباب العالي في اسطنبول العثمانية، لتقود جيوشه، إبان اضمحلال العثمانيين، فاستخدم المرتزقة الإنجليز من العسكريين، من أمثال غردون، وهكس، والنمساوي سلاطين وغيرهم، ليحكموا السودان بالوكالة، ويستذلوا أهله المسلمين، فبذروا الضغائن والشقاق والتردي الإداري في الحوكمة، وأورثوا السودان تركة التسلط العسكري، والحكم القهري.
ولما طال ظلام القهر بالسودانيين قيض الله لهم المهدية، التي أفلحت في حشد وتعبئة كافة أهل السودان، من الغرب، والشرق، والشمال، والوسط وحتى الجنوب، ممثلا في السلطان دينق ماجوك وغيره، من المجاهدين بإسم الحرية والوطن والعقيدة، فانتفضوا ضد الذل والاستعمار، والاستعباد الأجنبي المتعدد الأضلاع.
فلما قتل غردون عندما افتتح المجاهدون الخرطوم، واستمر في عناده بعدم الاستسلام للأمر الواقع، وهو مستعصم بالقصر الذي ظل يستذل فيه شعب السودان عدة سنوات، جاءه قدره المحتوم في 26 يناير 1885م، فدالت البلاد لحكم المهدية، والثورة الشعبية، فاتصلت السيادة الوطنية، المستلبة بالقهر والغزو الأجنبي، بما كان عليه الأمر منذ نشوء السلطنة الزرقاء عام 1504م، والتي تعززت على مدى ثلاثة قرون وتزيد، بإرادة السودانيين التوافقية، فأضفت على الدولة السودانية شخصيتها الحديثة، وأنتجت الإنسجام الوطني للهوية، التي اعتصمت منذئذ بمبدأ التحرر الذي زكته الروح الثورية، المتشربة بمدد وزخم العقيدة الإسلامية.
ولكن عندما وجدت انجلترا الاستعمارية أنها هزمت وكسرت جيوشا عرمرم، كانوا هم قادتها، وما سببه ذلك لهم من إحراج سياسي لسمعة الإمبراطورية، التي كان يشيعون على عالم ذلك الزمن، أنها لا تهزم، ولا تغيب عن أراضيها الشمس، بل ظلت على الدوام تهزم وتدهده الامبراطوريات العظمى؛ كما حدث مع الهند، والصين، وهولندا وإقصائها من سواحل الأطلسي وحتى رأس الرجاء الصالح وماليزيا.
ففكرت الإمبراطورية بدهائها العسكري الماكر، وصبرها الاستراتيجي في استرداد هيبتها والانتقام لسمعتها. وهذه المرة بتغيير التكتيك، فلجأت لسلاح التجويع. فتم تسخير العملاء، في الداخل والخارج وفي الجوار المحيط، وجر الخصم للإحتراب الداخلي، وشد أطرافه، بما في ذلك التعامل مع الطليان ليحتلوا كسلا. ثم إلهاء الدولة الحديثة، وقادتها قليلي الخبرة الإدارية، والدربة التنظيمية، بالمنازعات القبلية والمشاكسات الجهوية. وحيث لم تنتبه قيادة المهدية الخالفة لما يحاك بها، مضت تستنفر الجميع بحماس الانتصار الدافق، والانتصارات الميدانية الخاطفة، حتى أن المزارعين تركوا مزارعهم، والرعاة قطعانهم، فانخرطوا رجالا ونساءا وأطفالا في سلك الحرب، وتحت شعار: “أقبلوا على الله عرجى ومكاسير” .. وعلى نحو ما ذكره، العلامة بابكر بدري في سفره التاريخي الشهير : “أيام في حياتي”.. فما هي إلا سنوات معدودة، حتى حلت مجاعة سنة ستة، التي أخذت مسماها من تزامنها مع للعام الهجري 1306والموافق للعام 1889م، فضرب الجوع كافة أنحاء القطر، وتفاقمت ارقام ضحاياه، وقدره نعوم شقير، صاحب كتاب “تاريخ السودان” ونائب مدير استخبارات الجيش الانجليزي، بستة ملايين نفس.
وبنجاح ذلك المخطط الماكر، كان أمام الانجليز 9 سنوات فقط، ليجهزوا على دولة المهدية في كرري في 1898م والتي كانت جيوشها تعاني من نقص في المؤن، وليس من قلة العنصر المجند ولا القادة الأشاوس. فتحقق لكتشنر وكرومر ما خططا له، وتمت إبادة المهدية في كرري بمدفع المكسيم، الذي جرب فيهم لأول مرة، بينا كان غالب سلاحهم الحراب والسيوف، فاستشهد الخليفة عبدالله وكل القيادة السياسية معه في أم دبيكرات، وبانتقام حاقد من الضابط الانجليزي ريجنالد وينجيت، الذي لم يحترم قانون الحرب، ولا شرف الجندية، فذبحهم بدم بارد، وهم جالسون على الأرض، يفترشون فروات الصلاة، كعادة أهل السودان وفوارسها في الحروب التي يخسرونها ميدانيا، فلا يهربون من المعركة إذا انكسرت جيوشهم، بل يلاقون الموت بصدور مفتوحة؛ وكان من مأثور أخلاقهم في فقه الحرب، حرمة الفارس الذي يجلس على الأرض، وعدم قتله، لإنعدام الكفاءة، ولا يعد قتله في ذلك الوضع من الرجولة، وذلك بإمتثال قوله تعالى:
” فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا” الآية 90- سورة النساء..
ولكن هذا خلق، وتلكم قيم، لا يرتقي إليها وينجيت، ولا من يقتل بإسمهم وتحت راياتهم. فهذا درس معلم في تاريخنا، يتعين أن يستوعبه السودانيون وقادتهم في استراتيجية النصر والهزيمة، وفي مبادئ أسس التعامل مع الخصوم، فهو من شيم الحق وكريم المعتقد.
ومن تلقاء ما نحن بصدده تلكم المؤتمرات اللاهية، التي تنعقد في عواصم الشتات، بدعاوى إجماع أهل السودان، دون شورى ولا تفويض منهم، ولا أخذ رأيهم الغالب. فتلك ملهاة عابثة، قصد بها إفشال الموسم الزراعي الذي يستعد فيه السودانيون في مناطق الزراعة الآلية لإنتاج قوتهم وغذائهم. وهي تكرار لاستراتيجية كرومر، القصد منها تجويع السودانيين، بعد احتلال منازلهم، ليخرجوا من البلاد جملة، ثم تفرض الحلول الخارجية عليهم، لأن البطون الخاوية لا تقاتل.
ومن هذا تسليط المرتزقة على مناطق الإنتاج، في الجزيرة وسنار والدالي والمزموم والقضارف.
ولذا فقد وجب الحذر.. ففي الحرب جاء التوجيه الإلهي للمسلمين: ” يأيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا” الآية 71- النساء.
ومن تلقاء ذلكم فعلى الدولة، نفض غشاوات الأوهام والتقاعس المتردد، الذي صاحب سياساتها السالفة. إذ يتعين على كافة الولايات وحكامها الانتباه لهذه المهزلة الخادعة، والإلهاء الماكر لما يحاك ببلادهم وحولهم لإستئصالهم.
ولذا فيتعين وجوبا، وبصورة فورية، تشكيل فرق حماية مسلحة، سريعة الحركة والانتشار، تضم قوة ضاربة من الجيش، وبإسناد من المقاومين والمستنفرين والمزارعين، لإنجاز هذه المهمة الوطنية الاستراتيجية، التي لا تقل عن مهام وشرف وواجب ساحات القتال، بل بفشلها ستخسر البلاد كل الحرب.
ففضلا عن توفير الغذاء، فإن تأمين الموسم الزراعي سيوفر فرص العمل الشريف لكل النازحين، ليسهموا في الإنتاج المحلي الإجمالي، وحماية الوطن وتأمين سيادته بشعار:
“بالإنتاج لن نحتاج..
” ومن لا يملك قوته لا يملك قراره..”
فعلى مجلس السيادة أن يأخذ هذا الأمر بالحسم المستحق، كواجب سيادي، ويهتم به كأولوية قصوى، لحساسية الوقت، ومحدودية المدى الزمني، وبتوفير كافة المدخلات.
وعلى الفريق أول البرهان ألا يترك هذا الواجب للآخرين، دون متابعته الشخصية واليومية، حتى لا تتكرر أخطاء مجاعة سنة ستة تحت بصره. وهذا من أقدس موجباته، وسيحاسبه ومن معه التاريخ والشعب السوداني، وكل الأجيال القادمة والتي في أرحامها، على أي تردد أو تقاعس – لا سمح الله – ولذا فيتعين عمل ما ينبغي، وعمل ما لا بد مما ليس منه بد.
ما حدث في القاهرة وغيرها، وما سيحدث بعدها، يندرج في سلاسل المسرحيات المكرورة، سيئة الإخراج، وقميئة المونتاج، التي سبقته، والتي يقصد بها إضفاء مسوح زائف، لمكياج بايخ، قصد به خداع الرأي العام محليا وعالميا، لتزييف الحقائق، وصرف الأنظار عن إدانة وتجريم من يقف وراء النهب والقتل والاغتصاب. ثم لا يشعر من خلع شرف الوطنية، وباع العرض، بأي خجل، ولا يتوارى حياء، وبأنه يقف في الجانب الخطأ من الشرف، والتاريخ، وضد التيار الهام والرأي العام.
الشعب السوداني قرر تحرير نفسه بنفسه، وحمل السلاح للدفاع عن شرفه لئلا ينتهك ويمرغ، بل عاهد نفسه أن يسقط شهيدا، إذا ما لزم الأمر، دون سقوط شرفه؛ ولن يرهن أهل السودان مصيرهم لكائن من كان، ولن يمضى أي أمر عليهم، إلا برضاهم ومشورتهم واستشارتهم؛ فهم لم يفوضوا أحدا، لينصب نفسه زورا وتدليسا ناطقا بإسمهم. ولن يلتفت الشعب السوداني لأية دعاوى للتخذيل، من أبواق التجمعات الماكرة والملغومة، والطوائف المأجورة، والمتماهية بالتآمر الخارجي، وبالمال المنهوب، والغصب الحرام، فيطلب من أهله الركوع لأجندة الوافدين الغرباء، والاستذلال لأجندتهم، والجثو المهين بين أيديهم، بينا هم مشردون في الملاجئ، ومنبوذون في الصحارى والأحراش، وممتلكاتهم منهوبة، ومساكنهم محتلة بالمرتزقة، وشذاذ الآفاق والشتات.
فمن يريد السلم يجنح لمستحقاته، ومن أبسط مستحقاته، كف يد المجرم الصائل وإلقاء سلاحه.
فمن يمكر يمكر الله به..
ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
“يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون” الآية 9 سورة البقرة..
دكتور حسن عيسى الطالب
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: أهل السودان
إقرأ أيضاً:
دراما رمضان في السودان تحاول رصد واقع الحرب
وسط استمرار الصراع في السودان منذ قرابة عامين ونزوح كثيرين داخلياً ولجوء غيرهم لدول أخرى، حاول فنانون سودانيون تقديم أعمال درامية في شهر رمضان هذا العام ترصد واقع الأوضاع بينما يئن أبناء بلدهم تحت وطأة القتل والنهب والتشريد.
شهدت الدراما السودانية انتعاشة، تمثلت في زيادة الإنتاج، بعد أن تحررت من قيود الرقابة والسيطرة الأمنية، عقب سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير في أبريل 2019، لكنها تراجعت مرة أخرى بفعل الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، كما أدت الاشتباكات إلى تدمير أجزاء كبيرة من المسرح القومي، وتعرضت معظم دور السينما للنهب وتشتت صناع الدراما بين نازحين يقيمون بمراكز الإيواء في الداخل ولاجئين بدول الجوار.
وبجهود شخصية وإمكانات محدودة، حاول قائمون على هذه الصناعة تقديم أعمال فنية، رغم ما ينطوي عليه ذلك من صعوبات، سعياً لتجسيد واقع مرير يعيشه السودانيون، فلقيت انتقادات لاذعة من قطاع من الجمهور والنقاد، لضعف جوانبها الفنية بينما أشاد بها قطاع آخر؛ لأنها أنتجت في ظل ظروف قاسية.
وتقترب الحرب في السودان من إكمال عامها الثاني في أبريل المقبل، دون بوادر على حدوث أي تقدم نحو حل الصراع.
دراما رمضان وقضايا متنوعة
ومن بين الأعمال الأعلى مشاهدة هذا العام مسلسل “ديالا” الذي يعرض على موقع “يوتيوب”، وهو من بطولة أحمد الجقر، وإنتاج شركة “المزن” للإنتاج الفني. ويتناول المسلسل الذي تم تصويره بالكامل في مصر المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها معظم السودانيين في قالب كوميدي.
ويتناول مسلسل “هروب قسري” الانتهاكات التي يتعرض لها السودانيون، من قتل وهجمات إلى جانب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانون منها جراء الحرب، وهو من إنتاج مصعب عمر وخديجة محمد، وهما من صناع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي ومن تأليف وإخراج هيثم الأمين.
وقال عمر، المعروف على مواقع التواصل الاجتماعي باسم “زول سغيل” لـ”الشرق”، إن “المسلسل يوثق لحقبة زمنية مهمة من حياة الشعب السوداني، في إشارة إلى الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع”.
وأضاف: “نسلط الضوء على معاناة الناس من قتل ونزوح في ظل ظروف الحرب، فضلاً عن عكس الطريقة القاسية التي يهربون بها إلى دول الجوار بطرق غير شرعية”، مشيراً إلى أن إنتاج المسلسل جاء في ظل ظروف صعبة وضعف الإمكانيات ودون دعم من أي جهات، أنتجنا المسلسل بمجهود شخصي أنا وخديجة أمريكا من ترتيب اللوكيشن والمعدات وأجور الممثلين”.
وذكر أن تكاليف إنتاج المسلسل بلغت حوالي 20 ألف دولار أميركي.
تأثيرات الحرب
أما الممثل أبو بكر فيصل، فعاد خلال شهر رمضان بعد توقف سنتين بسبب الحرب عبر إنتاج “سلسلة جبريل”، وقال إن “هذا العمل كان من المفترض أن يكون مسلسلاً كاملاً، لكن للأسف وجودي خارج السودان وضيق الزمن منعني من ذلك”.
وأوضح فيصل لـ”الشرق”، أن السلسلة تشمل 15 حلقة تناقش تداعيات الحرب وآثارها وجرى تصويرها بين السودان ومدينة جدة السعودية، وتعرض على قناة “ويكاب” عبر اليوتيوب خلال رمضان.
وأكد أن للحرب تأثيرات مباشرة على الإنتاج الدرامي فهو عمل جماعي يتطلب وجود فريق متكامل في مكان واحد، لافتاً إلى أن هذا كان مستحيلاً؛ بسبب وجود صناع العمل في أماكن مختلفة جراء الحرب.
ويرى الناقد حسين علي، أن الدراما الرمضانية السودانية تحتاج إلى الكثير، مشيراً إلى أن الأفراد تطوروا كثيراً وبرز نجوم مثل محمود ميسرة السراج وإسلام المبارك ووضعوا بصمتهم في الوطن العربي، لكن المنظومة الدرامية الكاملة تحتاج إلى عمل كبير.
وقال علي لـ”الشرق”، إن أعمالاً مثل (ديالا وهروب قسري) تعاني من أخطاء فنية كبيرة، وشدد على ضرورة استفادة صناع الدراما الذين أجبرتهم الحرب إلى اللجوء خارج البلاد إلى الاستفادة من التجارب والخروج بأفكار واكتساب مهارات ومعارف جديدة لتقديم دراما حقيقية تعكس الواقع الاجتماعي خصوصاً في فترة ما بعد الحرب.
ضعف الإمكانات ونقص الأدوات
من جانبه قال الناقد هيثم الطيب، إن أغلبية الأعمال الدرامية “يمكن أن نصفها بأنها في دائرة اجتهاد ومحاولات إنتاج، هناك نقص حقيقي في أدوات العمل المختلفة، نحن نحاول فقط إنتاج دراما سودانية، وهي في الحقيقة مجرد صور مرئية متحركة هنا وهناك، الكتابة بها الخطايا الكثيرة من لغة وتناول القضايا والحوارات وفقرها الواضح في الأبعاد الأربعة في لغة السيناريو (توضيح، توصيف، تحليل، تفسير) وتكاد تكون كل الأعمال المنتجة خلال هذا الموسم متفقة في ضعفها”.
وأضاف:”نحن نفتقد مهنية في الكتابة أولاً لنصنع الصورة المرئية وعليه ما يأتي بعد ذلك يخرج بذات الضعف، لأن أساس العمل الدرامي (الكتابة بالمهنية والشكل الكامل لصناعة صورة درامية مرئية)، هل عرفت صورة درامية؟ إذن الكتابة الفقيرة في أدواتها لا تفعل ذلك والأغلبية من الإنتاج يدخل في تلك الدائرة المليئة بضعف هنا ونقص هناك”.
وذكر الطيب في مقابلة مع “الشرق” أن أغلبية الأعمال الدرامية تعاني من ضعف لغة تناول القضايا يتبع ذلك ضعف في لغة الحوارات نفسها وتوصيفها للأشياء المختلفة، مشدداً على أن “الكتابة صناعة كاملة ولها أدوات ووسائل رئيسة ومساعدة وتفاصيل متحركة ورؤية واضحة، لكن افتقدنا كل ذلك، كيف سيكون تقييمها أو وصفها بغير عبارة اجتهادات فقط، ولا زالت في نفس الاجتهادات كل عام بلا تطوير أو رؤية لرسم ملامح متميزة.. نحن نعمل على طريقة بالضرورة نكون هناك، وبالطبع هذه الطريقة العقيمة تضعنا أننا فاشلون كثيراً”.
وتابع: “لم نصل بعد لطريقة ممارسة النقاش الدرامي لقضية ما بوضعها وصفيا ثم تناولها إجرائياً، وبعد ذلك تفصيلاتها المتعددة وأشكال الصراع نفسها وتحليلية الأوضاع بشكل متحرك درامياً وليس بالطريقة التي نراها اليوم في أعمالنا تلك، وهي الطريقة التي تشبه صناعة صورة مرئية لتقارير إخبارية هنا وهناك”.
جواب لفكرة الحرب
ونوه إلى أن الدراما السودانية لم تقدم للعالم جواباً لفكرة الحرب القاتلة وما فيها، مشيراً إلى أنه “لا يوجد مسلسل وضع الحرب في محاصرة تقييمية كاملة وناقشها بالشكل المهني كصورة وأبعاد ورؤية، وكان يمكن للحركة الإنتاجية أن تكون قيمة دبلوماسية وتعريفية بشكل الحرب التي كانت في وطننا وتضعها كصورة وأبعاد للعالم وهذا ما كنا نطمح فيه”.
وقال:” يتحقق ذلك فقط لو كانت الأيادي التي تقوم بذلك ناجحة مهنياً وفكرياً، ولها الرؤية الراسخة في توظيف الصورة الدرامية إنسانياً ووطنياً، لكن الذي حدث إخفاق كامل”.
ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد قوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، بعد خلافات حول خطط لدمج الدعم السريع في القوات المسلحة في أثناء عملية سياسية للانتقال إلى حكم مدني.
وأدت الحرب إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون سوداني، كما تسببت في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.
الشرق
إنضم لقناة النيلين على واتساب