صحيفة البلاد:
2025-03-17@15:29:20 GMT

والدي

تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT

والدي

لئن كان حليب الأم غذاء للعظام والعضلات والأعصاب والدورة الدموية ، فإن ثقافة الأب وتربيته وتجاربه كنز من المعرفة ليس من السهل العثور عليه. ولقد كنت مبهورا بثقافة والدي الواسعة رغم أنه لم يدخل جامعة. وقد علمني بنفسه القرآن الكريم. لم يترك ذلك لأحد سواه. وكتب لي نسبي. وكان دائما يردِّد الهمة اسم الله الأعظم.

وممّا سمعت منه أن البيت هو أول ما تكسبه وآخر ما تبيعه. وقدمت هذه النصيحة لأخ مصري. فقد كان ينوي شراء سيارة، لكن سماعه لنصيحة أبي حلت مشكلته في بلده. فهو يشكرني عليها طيلة عمره.

ومن القصص الكثيرة التي حكاها لي والدي ، قال:
رأى أنصار الإمام علي وخاصة أهله أن يحملوا الجثمان الشريف على جمل ليلاً ويتركوا الجمل يسير وحده إلى حيث يأذن الله أن يحط رحاله. فلا يعلم أحد أين دفن احتراساً من الأعداء أن ينبشوا قبره. وإلى اليوم لم يعرف الفتى المبهور مصدر هذه القصة.
وحين كان ساكناً في حي البغدادية بجدة ،التزم المسجد القريب من سكنه يحفظ فيه القرآن وحده وهو قريب من الخمسين من عمره. وقد رأيته أكثر من مرة يدور في المسجد بعد العصر وحيداً ويدندن بحفظه من الكتاب الكريم. وبعد المغرب ربما ألقى درساً في الدعوة إلى الله.

وفد قال لي صديقه المرحوم الحبيب محمد بن عبد الله المحضار: لوالدك خاصية عجيبة وهي أنه يستحضر من صدره آية قرآنية ثم يقرأ لك ما بعدها وأيضا ما قبلها. يقصد أن الحفَّاظ يسهل عليهم قراءة الآية وما بعدها. أما إذا قلت للحافظ :هات ما قبلها ،فإنه يحتاج أن يرجع لأول السورة.

وفي تطبيق علم الهمة ،فإن أبي قد حج أكثر من ثلاثين مرة ، أما العمرة فحدث ولا حرج. فقد كان يتوجه بسيارة تاكسي كل جمعة صباحاً من جدة إلى الحرم المكي ويعتمر ويصلي الجمعة ثم يعود إلى جدة قبيل العصر.
وقد تعلم والدي من أبيه قوله: إذا طلب منك أحد حاجة ما ،فاجعلها نصب عينيك. لا تسوِّف ولا تتلكأ.

وكان والدي لا يترك صلاة الجماعة في المسجد في شبابه وحتى بعد أن وصل إلى السبعين من عمره. وكان يلبس لكل صلاة أجمل الثياب ويتطيّب وكأنه ذاهب إلى حفل. وهي خصلة ورثها عن أبيه عن أسلافه حتى جده الأعلى علي بن أبي طالب عليه السلام.
وفي الأدب ،كان والدي كثير المطالعة لديوان المتنبي وكتاب نهج البلاغة الذي جمعه الشريف الرضي من كلام الإمام علي عليه السلام. وكان إذا حضر درسا من الدروس واحتاج طلبة العلم إلى استذكار بيت شعر، قال العلامة عبد القادر السقاف اسألوا علي بن حسن.
إنني عاجز عن مكافأته وتعبه عليّ(1343-1418ه). اللهم ارفع درجته وأحبابه في رياض الجنة. الفاتحة.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

أستاذ عقيدة بغزة: أهل القطاع يمثلون تطبيقا حيا للوفاء بعهد الله


وتناولت حلقة برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" الكيفية التي اتبعها النبي صلى الله عليه وسلم في بناء الإنسان المسلم ليصل بالصحابة إلى جيل فريد أطاح بأكبر إمبراطوريتين على وجه الأرض.

وسلطت الحلقة، التي شارك ضيفها الدكتور نسيم ياسين من المسجد العمري الكبير في غزة، الضوء على أهل القطاع باعتبارهم نموذجا معاصرا للقوة الإيمانية في مواجهه أشرس عدوان واجه البشرية في هذا الزمان.

وأوضح ياسين أن النبي محمد بدأ تأسيس الدولة الإسلامية ببناء المسجد، كونه حصنا لترسيخ العقيدة وتنمية الروح الجهادية، لافتا إلى أن المسجد لم يكن مكانا للصلاة فحسب، بل مؤسسة تُخرّج رجالا قادرين على تحرير الأوطان.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4قصة إسلام إنجيلي أميركي.. كيف أصبح تديّن الغزيين نموذج هداية؟list 2 of 4"إيمان أهل غزة" يدفع متظاهرة بريطانية لاعتناق الإسلامlist 3 of 4غزة العصية على الفهم والقراءة الإيمانية!list 4 of 4سيكولوجية التديّن.. البنية التحتيّة للمقاومة في غزةend of list

وأشار في هذا السياق إلى ازدياد عدد المساجد في غزة من 70 مسجدا في السبعينيات إلى أكثر من 1200 مسجد اليوم، ما يعكس عمق الارتباط بالهوية الإسلامية، كما لفت إلى أن المساجد تحوّلت إلى مراكز تربوية تُعنى ببناء الشباب عبر حلقات القرآن والدروس الشرعية.

الثبات النفسي

وتطرق ياسين إلى الثبات النفسي لأهالي غزة رغم فظاعة الحرب، واستشهد بما كان يشاهد من نساء يُزغردن لاستشهاد أبنائهن، ورجال يحتضنون أحفادهم الشهداء بقولهم: "كلنا مشاريع شهادة". وأضاف في هذا السياق: "الناس هنا لا يقولون سقط شهيدا بل ارتقى إلى الجنة، لأنهم يؤمنون بأن الموت في سبيل الله حياةٌ أبدية".

إعلان

وسلط الضوء على نماذج التكافل في غزة، حيث يستوعب المنزل الواحد 250 نازحا، مضيفا أن هذه التجمعات الإنسانية كشفت قوة التماسك رغم القصف المُمنهج، وأن تشكيل لجان شعبية لإدارة الأزمات، مثل توزيع المساعدات وتأمين المأوى، أعطى صورة أبهرت العالم، وفندت روايات الاحتلال المزيفة.

وأكد ياسين أن مشاريع تحفيظ القرآن في غزة حققت طفرة غير مسبوقة، حيث شارك 3500 حافظ في مسابقة "سرد القرآن في يوم واحد"، قائلا: "هذا الجيل يُقاتل بالقرآن قبل السلاح"، ولفت إلى أن الجامعات تُعفي طلابها من الرسوم مقابل حفظ القرآن، ما حوّل القطاع إلى قلعة للعلم الشرعي "تخرج قادة سيحررون الأقصى".

ووجّه ياسين نداء عاجلا للأمة العربية والإسلامية، لاستنقاذ غزة التي تموت عطشا بسبب المعابر المغلقة والمساعدات المحتجزة، واستنكر صمت الحكومات العربية، كما دعا الشعوب إلى الضغط على حكوماتها، مؤكدا أن فلسطين ليست قضية الغزيين فحسب.

15/3/2025

مقالات مشابهة

  • نجل أبوعجيلة: والدي يواجه السجن مدى الحياة دون محاكمة أو أدلة
  • ما حكم وشروط الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان 2025؟
  • مشروع السعودية لتطوير المساجد التاريخية يرمّم مسجد السعيدان بالجوف
  • يوم هزم بيريز ريال مدريد وكان قريبا من حراسته
  • رانيا محمود ياسين: «قشر البندق» بوابة دخولي للفن.. وتعلمت الكثير من والدي
  • من جلحة بقى نجم الميديا وكان برهب الناس بالقرعة للمدينة القادمة
  • فُرِضَ الحصار وكان وعدُ السيد حقًّا
  • بطل في الثالثة من عمره.. طفل أمريكي ينقذ جدته رغم إصابتها
  • هل الاعتكاف في المسجد ضرورة .. وماهي أشكاله الشرعية؟
  • أستاذ عقيدة بغزة: أهل القطاع يمثلون تطبيقا حيا للوفاء بعهد الله