اليمنيون .. بين التحديات والتطلعات
تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT
اليمن الملاذ الآمن الذي يحتضننا ، والقلب الطيب الذي يحتوينا ، والحصن المنيع الذي يحمينا ، اليمن منبع الحضارات ، البلد الذي سطر جيشه أروع البطولات ، وحققوا رغم العدوان والحصار أغلى الانتصارات ، وتمكنوا بقوة الله وتأييده من قهر السعودية والإمارات ، وضربوا للعالم أجمع أجل وأسمى الأمثلة في البذل والتضحيات ، وهم يساندون غزة العزة على مختلف الأصعدة والمسارات ، بالصواريخ البالستية والزوارق المتفجرة والمسيرات ، وبالخروج المليوني الأسبوعي في مختلف الميادين والساحات ، وقفات شعبية وفعاليات ، مسيرات شعبية ومظاهرات ، في كل المدن والمحافظات ، يهتفون بصوت عال هيهات منا الذلة هيهات ، وفي وجه الأمريكي والإسرائيلي يرفعون الصرخات .
تواجه اليمن الميمون الكثير من التحديات ، وتعصف به وتحاصره الأزمات ، بلد معتدى عليه منذ ما يزيد على تسع سنوات ، محاصر من كل الجهات ، تحالف أرعن يشن عليه حربا هي الأقذر في تاريخ الحروب والصراعات ، السعودية والإمارات وإسرائيل والولايات ، تحالفوا ومعهم قطيع المرتزقة من مختلف الدويلات ، قتلوا وجرحوا وأعاقوا وشردوا وجوعوا الملايين من اليمنيين واليمنيات ، قصفوا ودمروا المنازل والمصانع والمنشآت ، تآمروا على اليمن واليمنيين وشنوا عدوانهم الغادر وفرضوا حصارهم الجائر دون أي مبررات ، أعلنوا الحرب على الشعب بنقل البنك وقطع المرتبات ، ونهبوا الموارد والثروات ، رفضوا اليد الممدودة للسلام وأصروا على وضع المزيد من العراقيل والعقبات ، للحيلولة دون الإفراج عن الأسرى والمعتقلين في مختلف السجون والمعتقلات ، أصروا على التصعيد في مختلف الجبهات ، ورفضوا كل الحلول والمبادرات ، ولم يتعاطوا بإيجابية مع كل ما قدمته سلطة صنعاء من تنازلات ، أعلنوا حرب العملات ، واتخذوا في هذا الجانب الكثير من القرارات ، نزولا عند رغبة الأمريكي والسعودي والإماراتي- والأمريكي بالذات- كل ذلك لأن صنعاء العروبة أعلنت وقوفها إلى جانب أطفال ونساء وشيوخ غزة الذين يرتقون شهداء يوميا بالمئات ، لأن صنعاء تمتلك قيادة متسلحة بالإيمان ، وثقافة القرآن ، قيادة عرفت في مواقفها بالثبات ، قيادة ترى في نصرة غزة من أوجب الواجبات ، وفي مقدمة الأولويات ، مهما كانت المخاطر ، ومهما بلغت التضحيات .
كل هذه التحديات والمدلهمات تواجهها قيادتنا الحكيمة ، و شعبنا الصابر الصامد بكل ثبات ، وهم يرقبون بعين الواثق بالله قرب تحقيق مصاديق ما جاء في القرآن من آيات ، تشير في مضامينها إلى نصر قريب يعز الله به المؤمنين والمستضعفين ، من اليمن ولبنان والعراق أسند بالعمليات ، و من غزة ترفع له الرايات ، وفي الشأن الداخلي عيون السواد الأعظم من اليمنيين شاخصة صوب التغييرات ، ينتظرون بفارغ الصبر انفراجا في الأوضاع ، وحلحلة في القضايا والملفات ، ونقلة نوعية في مختلف المجالات ، وبداية انطلاقة حقيقية لدولة النظام والقانون والمؤسسات ، يتطلعون إلى غد مشرق يحمل في طياته تحقيقا ملموساً لكل أحلامهم والأمنيات ، بعد سنوات عانوا خلالها الكثير من المنغصات ، وتعرضوا للكثير من الامتحانات والصفعات ، وآن الأوان كي يرسموا لوحة جديدة ، ليمن جديد ، يمن مستقل القرار ، لا يقبل بالوصاية والإملاءات ، يمن نفاخر به في صناعة أحدث الصواريخ والطائرات ، والأسلحة والمعدات ، يمن نأكل فيه مما نزرع من مختلف الحبوب والخضروات ، ونلبس من مختلف الملابس المحلية والمنسوجات ، يمن نعلن فيه الاكتفاء الذاتي في كل المجالات ، يمن يشهد في ربوعه الحبيبة ثورة تعليمية رائدة في مختلف المدارس والمعاهد والجامعات ، تعليم يلمس الشعب والوطن ثمار مكاسبه والمخرجات .
اليمنيون كلهم تطلعات إلى واقع جميل في مختلف الدوائر والمصالح الحكومية والمؤسسات ، يتطلعون إلى قضاء عادل يغربل كل القضايا والملفات ، يصدر الأحكام بلا مماطلات ، ويفصل سريعا في الخصومات، ليضع بذلك نهاية للاقتتال والثأرات ، قضاء يعيد الحياة للعدالة بعد الممات، ويتطلعون إلى نقلة نوعية في مجال الخدمات الصحية تعيد ثقة المريض اليمني بالطبيب اليمني ، وتمنح الأول حقه في العلاج المجاني، وتمنح الثاني كافة الحقوق والامتيازات والحوافز والمكافآت ، يتطلعون إلى طرق خالية من الحفر والمطبات ، يتطلعون إلى سد عملاق يستوعب سيول الأمطار المتدفقة على سايلة صنعاء ، يستفاد منه في توليد الطاقة الكهربائية، وتغذية المياه الجوفية ، لحوض مائي يهدده الجفاف ، في مدينة تستقطب الكثير من الهجرات من مختلف المدن و المديريات ، يتطلعون لنظام وقانون يسود البلاد ويخضع له الجميع ، لا امتيازات فيه ولا استثناءات ، ولا فوارق ولا طبقات ، الكل في رحابه متساوون في الحقوق والواجبات ، يتطلعون إلى مطار يليق باليمن عامة وصنعاء خاصة يعكس إرث وتاريخ وأصالة وعراقة اليمن ، مطار يستقبل أكبر الطائرات .
مزود بأحدث التقنيات و التجهيزات ، ويتطلعون ويتطلعون ، والأمل يحدوهم بأن تكلل جهود السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله في إصلاح الأوضاع بالنجاح ، وأن يتكاتف معه الجميع لبلوغ مجمل الأماني والغايات ، وتحقيق الأهداف والتطلعات ، ومعانقة المزيد من التحولات والمنجزات المنشودة منذ سنوات .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
شعوب تستنهض دولا وحكومات تعول عليها الكثير
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
القارئ لتاريخ العالم والبشرية جمعاء ونشأته وبقائه ووجوده حتى اليوم، يرى أنه لم تكن هناك على الإطلاق مصالحة وقناعة ورضا تاماً بين البشر، وما حدث ويحدث بينهم من صراع وحقد وكراهية وعداء وغيرة، يقود في أحيان إلى ارتكاب الجرائم، كما حدث في قصة ابني آدم هابيل وقابيل، وأول جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، تحدُث في عالم الإنسان ارتكبها قابيل ضد أخيه هابيل.
لتتوالى بعد ذلك الويلات واللعنات والخيبات على البشر أنفسهم، والسخط والطعنات عليهم، والغدر والخيانة والظلم بينهم، من بعضهم البعض، وبما كسبت أيديهم، وجنت نفوسهم.
ولا يوجد دين أو شريعة أو مذهب أو ملة، يستطيع أن يوقف الصراع بين الحق والباطل، ويكبح جماح الشعوب الثائرة وتمرد الحكومات والسلطات على الإنسان؛ فمن الممكن أن تكون هناك زوابع وقلاقل ومشاكل وفوضى وهرج ومرج وثورات.
وهنا نجد أن الدين الإسلامي جاء لينظم عملية التقاضي والحقوق والواجبات، وتبصير النَّاس بالحلال والحرام وبما يجب عليهم عمله وفعله أثناء المطالبة بالحقوق، وما على الحكومات فعله تجاه شعوبها، وحقهم عليها وواجباتها تجاههم، ويمنع الجور والظلم والاستبداد وكل ما يقود إلى الفساد واستشراء نار الفتنة وظلم العباد والكفر والإلحاد والشرك بالله.
وإذا أمعنا النظر في الوطن العربي ودوله التي أصبح الكثير منها مبعثرًا بفعل النزاعات والتدخلات الخارجية والداخلية والمعارضين والمؤيدين والحروب التي انهكت الأمم وفتت العضد الواحد، وبات بعض الدول غير آمنة وليست مستقرة وهزيلة وضعيفة وغير مُنظمة وتفتقد لأدنى مقومات العيش الكريم، بسبب غياب الإيمان والوازع الديني والرادع الأخلاقي والكثير الكثير.
ومع ذلك نستطيع القول إن دول مجلس التعاون الخليجي اليوم أفضل من غيرها؛ لأنها لم تشهد ما شهدته ليبيا والعراق وسوريا واليمن والسودان وفلسطين، من حروب ومشاكل ونزاعات مسلحة ودمار شامل.
وسلطنة عُمان جزء من هذا الوطن العربي الممتد، ومنذ القدم نجدها راعية للسلام ومع السلام واستقرار الشعوب، ونيل حقوقهم في الحرية والعيش الكريم. والسلطنة على مر التاريخ مُناصِرة للقضية الفلسطينية، وليست في موضع تحتاج إلى تذكير بهذا الواجب من الغير.
عُمان قدمت للشعب الفلسطيني وقضيته المشروعة الكثير، وتجسد ذلك في دعم مختلف ومنوَّع سواء بالمال أو بالكلمة.
فالرماح تأبى تكسرا إذا اجتمعت، وإذا تفرقن تكسرت آحادا، وهذا مثال أن الاتحاد يأتي بقوة ويشكل ضربة موجعة وقاتلة للعدو.
وإذا أردنا النصر على عدونا وتحقيق مآربنا في دنيانا تجاه من نريد، علينا أن نأخذ بالأسباب الشرعية والسلمية وامتثال أوامر الله تعالى الذي يقول: "إنَّ اللهَ لا يُغيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ"؛ أي إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ من النعمة والإحسان ورغد العيش، حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ بأن ينتقلوا من الإيمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية، أو من شكر نعم الله إلى البطر بها.
والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "تركت فيكم شيئين او أمرين لن تضلوا بعدهما إن اعتصمتم بهما كتاب الله وسنتي"؛ فالخلافات والنزاعات قبل أن تحدث، يجب أن نحتكم قبلا بالعقل والمنطق إلى كتاب الله وسنته، لنستنبط منهما الحلول وما يحافظ على الود والإخاء والتقدير والاحترام بيننا، وأن ينال كل منَّا حقه من الآخر بوجه شرعي وحسن.
إنَّ عُمان وأبناءها البررة مسيرة أُخوَّة وتلاحم ووطن وأرض وانتماء وولاء ووفاء لا يمكن للآخر أن يكون بمعزل عن توأم روحه وشقيقه؛ فالعُمانيون لبعضهم البعض.
حفظ الله عُماننا وسلطاننا المفدى من كل سوء.