كن عصاميًّا ولا تكن عظاميًّا…
بقلم المهندس #مدحت_الخطيب
من قصص العرب قبل الإسلام، أن عاملاً متواضعاً يدعى عصام الجرمي كان في بلاط النعمان بن المنذر، ملك الحيرة وأشهر ملوك المناذرة، وقد استخدمه النعمان في قصره، وبدأ يتقرّب إلى الملك حتى أصبح بجهده وذكائه وتفانيه في خدمته، حاجباً له.
وهكذا ظل يرتقي ويصعد إلى أن أصبح من أقرب المساعدين للنعمان، من بعد أن أثبت جدارته وحنكته الإدارية وشجاعته، حتى قال عنه الملك : « إن عصام بن شهبر الجرمي بألف جندي».
ذاع صيت عصام بعد ذلك حتى صار من أعلام العرب في الجاهلية، من هنا صار عصام مثلاً يُضرب للذي يعمل بجهده ويتفانى في عمله ويرتقي للمعالي، لا يعتمد في ترقياته وعلوه على آبائه وأجداده، حتى قالت العرب : كُن عصامياً ولا تكُن عظامياً ؛ أي افخَر بنفسك وليس بعظام أجدادك لوحدها..
اليوم ومع اقتراب #الاستحقاق_الانتخابي وتشكيل الكتل والقوائم الانتخابية على مستوى الوطن والدائرة المحلية ،اصبحنا نسمع عن اسماء مرشحين لم نسمع بها من قبل في ميدان السياسة أو العمل الخدمي او التطوعي يتم تداولها إعلاميًا أو في المجالس العامة ستخوض غمار المعترك الانتخابي.
من حقنا كناخبين أن نسأل ونستفسر عن هذه الاسماء وان نعرف ولو بالقليل عن المقومات والدعامات التي تؤهلها للترشح ؟؟
من حقي كمواطن أن أفهم من يقف خلفها ويدعمها؟؟؟ لكي نقتنع بها ونصوت لها.
من حقي كناخب أن أعرف ما هي القدرات العلمية والسياسية والخبرات العملية التي يتميز بها مرشح عن اخر؟؟؟
من حقي أن أسأل عن شخص سأمنحه صوتي ليقر باسمي و يستطيع ان يوصل صوت المواطن والدفاع عن حقوقه أمام الحكومات.
من حقي أن أطلع على البرامج التي سيعمل عليها كمرشح وما هي القدرات التي يتمتع بها ، والأهم ماذا قدم خلال السنوات الماضية للمجتمع وللناخب والوطن ..
هذا كله من حق الناخب على من وافق ان يدخل عِراك العمل العام ولكن الغريب ان تجد من يتصدر المشهد ويعين نفسه محامي للدفاع عن المرشحين لا بل يصل الحد ببعضهم الى التهكم أو الحدية في الرد على كلامك واستفساراتك مع أنها مشروعة؟؟
فيقول لك ، يا أخي هذا كان جده كذا !!!!، وعمه خدم بالمكان الفلاني!!! وخاله كان من أصحاب المال والأعمال!!
وابن عمه مدعوم من الجهة كذا او من الحزب كذا أو الرئيس كذا وجاي بتسأل عنه؟؟
نعم جميل جدا أن يكون للمرشح دعامات أخرى تُحترم كالأصل والنسب والعشيرة والمال الحلال والمكانة ولا اقول انها لا تهمنا !!!!
ولكن ما يعنينا كأبناء هذا اليوم هو الشخص بذاته فتزداد قيمته واحترامنا له إذا كان من بيت أصل يشهد له الجميع ، ولكن يجب علينا أن لا نتوقف عندها ونصمت ونبصم بالقبول والرضا.
…
لا يجوز أن تتحول المجالس الحوارية والجلسات النقاشية والجولات الإنتخابية والمناظرات التلفزيونية الى كان أبي…و كان جَدِّي… وكان عمي وبتعرف مين أنا!! ومن يقف خلفي ويدعمني !!
لكي تكسب صوتي قل لي مَن أنت؟ وهل تَسير على ذات الدَّرْب الذي سار عليه أبوك وجَدُّك أو عمك ؟
إذا كُنتَ كذلك وكان الدرْبُ الذي ساروا عليه قبْلك دربَ أخلاقٍ وعِلم ورقيٍّ وسُموٍّ وأدبٍ واحترام للاخر – فأنت نِعْم الخلفُ لخير سلفٍ،
ولكنَّ المُشكلةَ تَكمُن في مَن يَفتخر في كل مَجلس بأبيه وجَدِّه واهله ، وهو بعيد كلَّ البعد عن نهْج أبيه ونهْج جدِّه..
من يطرح نفسه للعمل العام عليه أن يكون مستقلا بذاته فاهما لأفكاره قادرا على تحقيق أهدافه يجب أن يكون عِصاميًّا لا عِظاميًّا، فهناك فرقٌ كبير بين العصاميِّ والعظاميِّ؛ فالعظاميُّ: يَفتخرُ بعظامٍ لآبائه وأجداده ربَّما تكون قد نَخِرت، والعصاميُّ: مَن يُبني نفسَه بنفْسِه
قيل- وبها أختم كبيرُ الهمَّة عِصاميٌّ يَبني مجده بشرف نفسِه، لا اتِّكالاً على حسَبِه ونسَبِه، ولا يَضيرُه أن يكون ذا نسَبٍ، فحسبُه هِمّتُهُ شرفًا ونسبًا…
المهندس مدحت الخطيب
كاتب ونقابي أردني
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: مدحت الخطيب الاستحقاق الانتخابي أن یکون من حقی
إقرأ أيضاً:
كيف يمكن التخلص من الكربون؟ دفنه قد يكون حلا
تشير الدراسات إلى أنه ينبغي خفض انبعاثات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي بنسبة تراوح بين 80 و90% لتحقيق الاستقرار المناخي، ومع ذلك ستبقى خطورة مليارات الأطنان من غاز ثاني أكسيد الكربون -التي ينبغي إزالتها من الغلاف الجوي سنويا حتى 2050- هي ما يستوجب حلولا خلاقة.
ويعد التخفيض من ثاني أكسيد الكربون مصدر قلق بالغ لمن يسعون إلى مناخ مستقر على الكوكب، وإذا كان ذلك متاحا عبر التخفيض في مصدر الانبعاثات والأنشطة البشرية والعوامل الطبيعية، فتبرز محاولات أخرى من بينها امتصاص الكربون ودفنه تحت سطح الأرض.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4ما غازات الدفيئة؟ وكيف تغير المناخ على الكوكب؟list 2 of 4"احتكار الغلاف الجوي".. ما ديون المناخ؟ وبكم تقدر؟list 3 of 4هل تصبح جبال الأرض مصدرا لوقود المستقبل؟list 4 of 4منكرو تغير المناخ يروجون دراسة أنجزها ذكاء اصطناعي تابع لإيلون ماسكend of listوناقشت دراسة -نشرت في موقع "تطوير علوم الأرض والفضاء"- إمكانية
تخزين ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض أو ما يسمى "الحجز الجيولوجي لثاني أكسيد الكربون".
وتقوم العملية على حقن كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون في تكوينات جوفية بهدف التخزين الدائم، وتُعد هذه العملية أساسية في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي ودعم التحول بمجال الطاقة، حسب الدراسة.
وبعد عملية الحقن يتحد ثاني أكسيد الكربون مع المياه (المحلول الملحي) ويبقى محاصرا بثبات في التكوين، مما يمنع تسربه إلى الغلاف الجوي. ويعتمد ذلك على الديناميكيات المتعلقة بخصائص السوائل والصخور، ومورفولوجيا التكوين.
إعلانوتشير الدراسة إلى أن ثاني أكسيد الكربون لا يختفي ببساطة بمجرد ضخه تحت سطح الأرض، بل يشغل مساحات في الصخور الجوفية ويختلط بالمياه الجوفية، وهي عملية تبدو أكثر تعقيدا مما عليه للوهلة الأولى.
ويتساءل العديد من العلماء عما إذا كان من الممكن أن يعود الماء إلى السطح بعد عقود من الزمن، فكثافة ثاني أكسيد الكربون النقي أقل من كثافة الماء، ولكن الوضع يتغير عندما يذوب ثاني أكسيد الكربون في الماء.
وتشير التجارب التي قامت عليها الدراسة إلى أنه بمجرد ذوبان ثاني أكسيد الكربون في الماء، يصبح السائل الناتج أكثر كثافة من الماء وحده.
والكثافة عامل حاسم في تفاعل السوائل تحت الأرض، فعندما تكون المياه الغنية بالكربون أثقل، تميل إلى التحرك نحو الأسفل بدلا من الطفو إلى السطح،
وتخلف هذه الحركة الداخلية الغارقة طبقات من السوائل تبقى مختبئة تحت الأرض، مما يعني أن التخزين يمكن أن يكون أكثر من مجرد حل مؤقت.
ويعتقد المسؤولون المعنيون بالسياسات البيئية أن هذه العملية القائمة على الكثافة فرصة حقيقية لإبقاء ثاني أكسيد الكربون محصورا تحت طبقات الصخور، مما يسهم في الحد من التسربات التي قد تُهدد الأهداف المناخية طويلة الأجل.
ومع ذلك، تشير الدراسة إلى أنه ليست كل المواقع مناسبة لتخزين ثاني أكسيد الكربون، ويجب أن تكون هناك طبقة صخرية سميكة نسبيا فوق طبقة تخزين المياه الجوفية. ويعد الغطاء السميك والآمن أمرا حيويا للحفاظ على ثاني أكسيد الكربون في مكانه حتى يذوب تماما ويبدأ النزول إلى الأسفل.
ويشير ماركو دي باولي، الأستاذ جامعة توينتي في إنسخيده بهولندا والمشارك بالدراسة، إلى أن مثل هذه الظروف الجيولوجية ليست نادرة، فهناك العديد من المواقع التي تستوفي هذه المعايير بالفعل، بما في ذلك المناطق الواقعة تحت قاع المحيط. ويقترح بعض الخبراء حقول النفط المهجورة والمياه الجوفية المالحة باعتبارها مواقع واعدة.
إعلانوطرحت الدراسة كيفية تفاعل الصخور نفسها عندما تتسلل المياه المحملة بالكربون عبر قنواتها الصغيرة، فبعض الصخور قادرة على الذوبان أو التحول كيميائيا، مما يُنشئ قنوات تسرب جديدة. بينما تبقى صخور أخرى سليمة وتغلق الماء المحمل بالكربون بإحكام أكبر.
وقد استخدم الباحثون تقنيات متقدمة لمعرفة ما إذا كانت هذه التغيرات الكيميائية تُقوي بنية الصخور أم تُضعفها، بهدف تجنب المفاجآت التي قد تُعيق خطة التخزين الدائم.
ويدرس العلماء تصميم أساليب حقن تُرسل ثاني أكسيد الكربون مباشرة إلى المنطقة المثالية، حيث يلتقي ويندمج مع المياه الجوفية، ثم يستقر السائل الأثقل في أعماق أكبر، بعيدا عن الشروخ المحتملة.
وقد نجحت فعليا البرامج القائمة في أماكن مثل حقل "سليبنر" في بحر الشمال في حقن ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون، وتشير عمليات المراقبة طويلة الأمد هناك إلى أنه إذا تم ذلك بشكل صحيح، فإن الكربون سيبقى في مكانه ويتحول تدريجيا إلى مناطق مستقرة.
وبمجرد ذوبان الكربون يقل عمليا احتمال انزلاقه إلى الهواء -حسب الدراسة- وتصبح الطبقة الصخرية السفلية أقل أهمية بمجرد نزول الخليط الثقيل إلى الأسفل، وحتى حتى الهزات القوية قد لا تؤدي إلى دفع السائل إلى السطح.
ويشكل الجانب المتعلق بالسلامة السبب الرئيسي وراء رغبة العديد من العلماء في مواصلة استكشاف آفاق تخزين ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم تحت الأرض. وتشير الحسابات إلى وجود فرص واسعة النطاق لالتقاط كميات كبيرة من الكربون والاحتفاظ بها بمرور الوقت، رغم أن ذلك يختلف من موقع إلى آخر.
وقد تسهم هذه الدراسة في تحسين خطط تخزين الكربون المستقبلية، فإذا عرف العلماء بدقة كيفية اختلاط السوائل على أعماق مختلفة، فسيتمكنون من توسيع نطاق التصاميم بثقة، باستخدام أساليب قائمة على البيانات الدقيقة.
إعلانوعام 2024، شهدت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أسرع زيادة سنوية على الإطلاق، بحوالي 3.58 أجزاء في المليون، ويتطلب وقف ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي التوقف التام عن مراكمة الغازات المسببة له في الغلاف الجوي، ثم بدء تقليصها.