سواليف:
2024-12-22@18:49:22 GMT

رحلة إلى عَرَفة..

تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT

رحلة إلى عَرَفة..
(هذا ما شهدته في #موسم_الحج …)

د. #علي_أحمد_الرحامنة

تتضارب المشاعر في الحديث عن #موسم_الحج هذا العام، … وها هي النيابة العامة الأردنية تقرر إغلاق 3 شركات في قضية الحجاج الأردنيين، والحجز على الأموال والمتحصلات الجرمية، كما ارتفع عدد المشتكى عليهم في #قضية_الحجاج الأردنيين إلى 54 شخصا، وارتفع عدد الموقوفين على ذمة القضية إلى 27 شخصا مشتكى عليهم، بعد وفاة نحو مئة من الحجّاج الأردنيين “غير النظاميين”، وهم الّذين سافروا باستخدام الفيزا السياحية، وهي تأشيرة زيارة، وكان هدفهم أداء فريضة الحج، وكل ذلك خارج إطار بعثة الحجّ الرسميّة الأردنية.

وكان في تجدّد إثارة هذا الموضوع، وعلى نطاق واسع، ما دعاني إلى كتابة هذه الكلمات، …
فمن جهة، تبقى هذه الرحلة محطة روحية دينية وإنسانية ذات خصوصية يصعب وصفها … كيف لا، والحاجّ في رحلة أدائه لهذه الفريضة السامية، يزور أقدس ما على هذه الأرض، ويعيش تجربة روحية قد لا يكون لها مثيلا. وفي الواقع، ما كنت أريد الخوض في بعض جوانب هذه التجربة الفريدة، لولا أن ما شهده موسم الحج لهذا العام كان في بعض جوانبه أحداثا مأساوية تمثلت في وفاة المئات من الحجاج من دول وجنسيّات عديدة، في ظرف استثنائي، وفي حدث غير مسبوق ربما، في مثل هذا الوقت من العام، الذي سُجّلت فيه درجات حرارة لاهبة، ما كان لكبار السن من الحجيج أن يحتملوها. وكيف لا، وكثير من هؤلاء كان عليهم أن يسيروا أكثر من 20 كيلومترا، من مكة إلى جبل عرفات، ذهابا، ومثلها إيابا، لأداء هذا الركن من المناسك! وهذا انطبق بشكل أخص، وكان ربما سببا في الغالبية الساحقة من الوفيات، بين “غير النظاميين” من الحجّاج الذين حُرموا من أي خدمات، بعكس الحجاج النظاميين الذين تُراعى مسائل عديدة من أجلهم متطلباتهم وحاجاتهم المعيشية والصحية والحياتية العامة وراحتهم ووسائل نقلهم، … ولكن، قدرّ الله وما شاء فعل. ويبقى أن يكون في هذا عبرة ودرسا حتى لا تتكرر هذه المأساة في أي وقت من الأوقات في المستقبل. ورحم الله من قضوا وغفر لهم وندعو لهم أن يكونوا إلى جوار ربهم وفي ظل مغفرته ورحمته الواسعة، فهم ما أرادوا إلاّ إداء فريضة، وما سعوا إلاّ إلى طاعة ربّهم وقضاء فروض دينهم.
ولو جاز لي أن أمّر بسرعة على بعض الانطباعات التي تشكلت لدي، وأنا الحاج المرافق لوالدتي، في هذه الرحلة الروحية المميزة، فإنني سأبدأ بحقيقة لعل لا خلاف عليها. فمن جهة، هناك أعداد كبيرة من الحجاج تقارب المليونين، واستقبال هذا العدد الكبير يتطلب جهودا استثنائية. ومن جهة أخرى، فإن أي جهد يُبذل في خدمة حجاج بيت الله الحرام معروف لا يذهب جزاءه عند الله والناس، وأثره كبير ومستدام، … فكل من يزور مكة والمدينة يعود وتبقى صور رحلته تلك في ذهنه طوال عمره، ويسأله الناس عنها حتى أدقّ تفاصيلها، ويتحدث الناس في لقاءاتهم وجمعاتهم عن تجربتهم بما فيها وما عليها، بالشكر والثناء أحيانا، وبالنقد أو الملاحظات حينا، وبأمل الأفضل والأفضل دائما، وهذا أمر طبيعي بكل تأكيد. ولعلّ آلاف المشاركات والمداخلات والمقالات والفيديوهات على الإنترنت من الشواهد على ذلك …
لقد لفت انتباهي على وجه الخصوص، الرقيّ والرفعة في نقطة الحدود السعودية في رحلة الذهاب ورحلة العودة أيضا. فقد كان يتم تقديم العصائر والخدمات الطبية الممتازة للعابرين، وبوجوه بشوشة مرحّبة واستقبال أخويّ إنساني مميّز، وكل هذا ترك بالفعل أثرا طيبا لا يُمحى أبدا، … وينطبق ذلك أيضا على كثير من المواقع في المشاعر المقدسة. ولكن، ومن جهة أخرى، ومن قبيل النقد الذي نريد منه الأحسن دوما، فإن بعض المظاهر السلبية يجب أن تُذكر، مثل الاستغلال المادّي الذي يصل إلى مضاعفة أسعار بعض الخدمات أو السلع مرّات ومرّات، والسلوكات الفردية لبعض الحراس مثلا، من عدم احترام كبار السن والحجّاج عموما، وكما يجب، إلى جانب التصرفات المنفّرة لبعض الأفراد المعنيين بالحجيج، وضعف بعض الخدمات الصحية السريعة، … صحيح أن ضبط كل شيء صعب، ولكن وفاة نحو 1500 حاج، مهما كانت التجاوزات التي رافقت دخولهم غير المنظم، أمر يستحق التوقف عنده، من أجل أن لا يتكرر، سواء من البلدان التي أتى منها هؤلاء، أو في الدولة المضيفة – المملكة العربية السعودية.
ولو جاز لي أيضا أن أذكر بعض الانطباعات الشخصية، فإنني لن أنسى بكل تأكيد فضيلة الدكتور محمد بني مفرّج، الذي مثّل، بوعيه وعلمه وسماحته ومجمل سلوكه، مثالا طيبا لنا جميعا، وكان أنموذجا للفقيه الذي يعي جوهر أن (الدين يسر وليس عسرا). وفي ذلك، توقفت مليا وقلت: اللهم كثِّر من مثل هؤلاء، فإنهم خير ممثّلين للإسلام الخيّر الإنسانيّ، وخير من يفقّه الناس بدينهم الحنيف.
ولا أنسى كذلك بعض من التقيتهم في مطعم أم القرى داخل فندق “انجم” في مكة المكرمة. فلا أنسى الآنسة الكريمة سارة الحازمي، السعودية، وهي كابتن في المطعم، والسيد صالح الجزار، اليمني الموظف في المطعم نفسه، وكيف كانوا يساعدون ضيوف المطعم بكلّ شهامة ولطف ومودّة. وهذه الصورة لن تمّحي من ذاكرتي أبدا. ولا أنسى أيضا زياد الرويلي (أبا أمجد)، وهو رجل معطاء شهم لا يبخل أبدا في تقديم المساعدة، وتميّز بانضباطه ونشاطه وكرم أخلاقه … ومثله، أذكر شابا اسمه محمد رحاحلة، صاحب الذوق والأدب الجمّ في التعامل والمساندة والمساعدة لكل محتاج، ومثلهما السيد مفلح الشقيرات (أبو أحمد) المواظب الحريص على أن يصحّي من حوله للصلاة ويرعاهم ويقدم لهم المساندة، وكذلك السيد محمد مهيدات، أحد مسؤولي بعثة الحج الأردنية، بشهامته وكرمه، وهو الذي كان يبحث عن أي محتاج للمساعدة، ولا ينتظر أحدا كي يطلب منه المساعدة، … ولكن، كانت لي ملاحظة على الفندق وربما غيره من الفنادق أيضا، وهي عدم وجود خدمات رعاية صحية مناسبة للحالات الطارئة، وهي حالات غير نادرة في مثل هذه المواسم، بوجود الآلاف من كبار السن فيها، فيا حبّذا لو توافرت هذه الخدمات.
هذه هي بعض الصور النقية الطاهرة التي حملتها وستبقى في ذاكرتي، ومعها ملاحظاتي النقدية الصادقة التي تريد الأفضل… وتبقى صور ما تم إنجازه على مستوى البنى التحتية والارتقاء بها في خدمة حجاج بيت الله الحرام، وتقديم ما يمكن تقديمه لهم لتيسير أمورهم، وهو ما يستدعي الشكر للسلطات السعودية القائمة على ذلك، … وما الملاحظات النقدية إلاّ ملاحظات الهدف منها أن نكون أكثر الناس فخرا في العالم بهذه الخدمات، لأن القادمين قادمون من كل أنحاء العالم، وهم يذهبون ويقدمون صورتنا جميعا إلى العالم أجمع!

مقالات ذات صلة المومني يكتب: أحمد حسن الزعبي..بتستاهل..! 2024/07/08

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: موسم الحج موسم الحج قضية الحجاج من الحج

إقرأ أيضاً:

روسيا في سوريا... انتكاسة ومرونة استراتيجية أيضاً

اعتبر البعض في الغرب انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، وقرار روسيا بالوقوف جانباً والسماح بحدوث ذلك، مؤشراً على التمدد الإمبراطوري المفرط لموسكو وتراجع نفوذها الإقليمي.

سقوط الأسد يمثل انتكاسة لروسيا، ولكنه أيضاً انعكاس لمرونة الكرملين

وحسب هذا التفكير من الواضح أن "العملية العسكرية الخاصة" الجارية التي يشنها الكرملين في أوكرانيا تضغط على الجيش الروسي إلى درجة جعلته عاجزاً عن وقف المد المتدحرج للمتمردين، فكان عاجزاً وغير راغب بدعم النظام أكثر من ذلك.

ورغم جاذبية هذه الرواية، دعا الباحث البارز في معهد الأمن القومي بجامعة ميسون جوشوا هيومينسكي المحللين الغربيين إلى الحذر من التركيز الكبير على فكرة أن روسيا كانت عاجزة عن المساعدة ومن عدم التركيز بشكل كاف على واقع بسيط مفاده أنها كانت غير راغبة بذلك.

وبحسب الكاتب فإن من المرجح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رأى في دعم روسيا للأسد ترتيباً منخفض الكلفة نسبياً وعالي التأثير، لكن مع تقدم المتمردين، خسر فائدته.

استخفاف بالدب الروسي

وكتب هيومينسكي في موقع "بريكينغ ديفنس" أن الاستراتيجية تتلخص أساساً في المقايضات، وهنا يبدو أن موسكو اتخذت قراراً واضحاً بأن الفائدة المترتبة على مواصلة دعم نظام الأسد لم تكن تستحق الكلفة. 

وشكل سقوط بشار الأسد انتكاسة لموسكو، فمنذ التدخل في سوريا سنة 2015، قدم الكرملين دعماً مالياً وسياسياً كبيراً للأسد، وهذا الاستثمار يعد صغيراً نسبياً عند تقييمه بالمقارنة مع الموارد التي ضختها أمريكا في المنطقة مثلاً، وبالمقابل اكتسب الكرملين موطئ قدم في الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط. وكانت قواعده البحرية في البلاد بمثابة محطة لإعادة التزود بالوقود في البحر المتوسط ونقطة انطلاق للعمليات في أفريقيا.

احتمالان متساويان

وسارع البعض للإشارة إلى تأثير أوكرانيا على العمليات الروسية في سوريا، لكن بحسب الكاتب، يشكل هذا سوء فهم لدور موسكو في البلاد، الذي اقتصر إلى حد ما على توفير القوة الجوية والمستشارين، مع بعض المقاولين العسكريين من القطاع الخاص.

والسؤال هو هل كانت روسيا لتكون أكثر استعداداً لمواجهة تقدم المتمردين دون الحرب الأوكرانية؟ هذا محتمل بحسب الكاتب، لكن من المحتمل أيضاً أن النظام قد أصبح قضية خاسرة، فالسرعة التي انهار بها، تعكس ضعفاً عسكرياً وتنظيمياً وتكتيكياً كبيراً، وأي هجوم مضاد بالنيابة عن النظام سيكون باهظ الثمن مادياً وعسكرياً.

كما أثبت نظام الأسد لموسكو أنه شريك متقلب وصعب، إذ رفض التعامل مع المعارضة،  جعل البلاد جزءاً من نفوذ إيران.

مصير القوات الروسية

ويضيف الكاتب أنت الموقف الروسي الجديد في سوريا ما زال غير معروف، وتشير التقارير الأولية إلى أن القوات الروسية تعيد تموضعها داخل قاعدة حميميم الجوية وميناء طرطوس، وربما تخلي البلاد بالكامل.

ومن المرجح وفق الكاتب أن تلعب الكراهية المؤكدة تجاه روسيا بسبب قسوتها بالنيابة عن نظام الأسد، وتمكينه من البقاء في السلطة، دوراً في التطورات.

ومع ذلك، لا يوجد ما يضمن أن تسعى هيئة تحرير الشام إلى طرد القوات الروسية بشكل دائم من البلاد، بل قد تسعى إلى تحويل موسكو من خصم إلى مجرد طرف محايد.

انتكاسة ومرونة وبحسب الكاتب فإن تقاعس الكرملين عن دعم الأسد، يرسل رسالة إلى الأنظمة الأوتوقراطية في أفريقيا، بأن موسكو مستعدة لمواصلة دعم النظام طالما كان فائزاً وقادراً على الاحتفاظ بالسلطة ــ وراغباً بالاستماع إلى نصيحة الكرملين. وعندما يصبح النظام غير قادر على القيام بذلك، يتخذ الكرملين قراراً استراتيجياً ويغير مساره.
ويختم الكاتب أن سقوط الأسد يمثل انتكاسة لروسيا، لكنه أيضاً انعكاس لمرونة الكرملين الاستراتيجية. والتركيز فقط على الانتكاسة وتفويت المرونة يخاطر بمفاجأة استراتيجية سواء في سوريا أو في أماكن أبعد.

مقالات مشابهة

  • حزب الله يكشف عن المعادلة الوحيدة التي تحمي لبنان
  • معاوية عوض الله: العقوبات التي تصدر تجاه قادة الجيش لن تزيدنا إلا قوة وصلابة
  • من هو النبي الذي قتل جالوت؟.. تعرف على القصة كاملة
  • التضامن: منح السيدات فرصة في التقديم للإشراف على حج الجمعيات الأهلية
  • علي جمعة: الصدق الذي نستهين به هو أمر عظيم
  • ‏وسائل إعلام إسرائيلية: الجيش الإسرائيلي يبدأ التحقيق في أسباب عدم اعتراض الصاروخ الذي أطلق من اليمن
  • بهجت العبيدي يدين الحادث الإرهابي المروع الذي وقع اليوم في ألمانيا
  • حكم طواف الإفاضة للحائض.. دار الإفتاء ترشد النساء للحل الشرعي
  • دعاء يوم الجمعة الذي يغير الأقدار للأفضل
  • روسيا في سوريا... انتكاسة ومرونة استراتيجية أيضاً