رغم استطلاعات الرأي التي كانت تشير إلى تقدم اليمين المتطرف على منافسيه، إلا أن المفاجأة جاءت وحصد تحالف «الجبهة الشعبية الجديدة» أكبر عدد من المقاعد في البرلمان الفرنسي، ولم يحقق أي حزب أغلبية مطلقة، ما أدى إلى وضع سياسي غير مسبوق في فرنسا، ولا تزال هوية رئيس الوزراء المقبل غامضة، مع احتمالية تشكيل حكومة ائتلافية، فمن المقرر أن يبدأ المشرعون الجدد العمل في البرلمان اليوم الاثنين، مع انطلاق أولى جلساتهم الجديدة في 18 يوليو، بحسبما ذكرته وكالة «أسوشيتد برس».

برلمان معلق

وبرزت ثلاث كتل سياسية رئيسية، ولكن لم تستطع أي منها تحقيق الأغلبية المطلقة في البرلمان، التي تتطلب 289 مقعدًا من أصل 577، وعلى الرغم أن هذا ليس أمرا غير مألوف في البلدان الأوروبية الأخرى، فإن فرنسا الحديثة لم تشهد قط برلمانا بدون حزب مهيمن.

ونتيجة عدم حصول أي حزب على الأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية الفرنسية، أصبح من الضروري التوصل إلى توافق بين الأحزاب لتشكيل حكومة وتمرير التشريعات، ولكن هناك انقسامات عميقة بشأن الضرائب والهجرة  تجعل هذه المهمة صعبة للغاية، فقد يواجه حلفاء ماكرون من الوسط صعوبة في تنفيذ سياساتهم المؤيدة للأعمال، بما في ذلك إصلاح إعانات البطالة، كما قد يصبح تمرير الميزانية أكثر صعوبة.

هل يتمكن ماكرون من عقد صفقة مع اليسار؟

وتشير بعض التوقعات إلى أن ماكرون سوف يسعى إلى التوصل إلى اتفاق مع اليسار المعتدل لتشكيل حكومة مشتركة، برغم من أن المتوقع حدوث مثل هذه المفاوضات تكون صعبة للغاية.

وقال «ماكرون» إنه لن يتعاون مع حزب فرنسا اليساري، ولكنه قد يمد يده إلى الاشتراكيين والخضر، ولكنهم قد يرفضون ذلك، وفي حالة لم يتمكن ماكرون من التوصل إلى اتفاق سياسي، فيمكنه تعيين حكومة من الخبراء غير المنتمين إلى أحزاب سياسية، ومن المرجح أن تتعامل مثل هذه الحكومة في الغالب مع الشؤون اليومية اللازمة لإدارة شؤون فرنسا، ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن أيًا من هذه الخيارات يتطلب موافقة البرلمان.

هل اليسار منقسم؟

وأشار التقرير إلى أن اليسار يشهد انقسامات خلال الأشهر الماضية، وخاصة بعد عملية «طوفان الأقصي» الذي شنتها الفصائل الفلسطينية على الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر.

وتعرضت حركة فرنسا المتمردة لانتقادات حادة من جانب اليساريين الأكثر اعتدالاً بسبب موقفها من العدوان، حيث أدان زعماء اليسار المتشدد بشدة سلوك الاحتلال الإسرائيلي في حربه ضد المقاومة واتهموها بالسعي إلى ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.

وخاض الاشتراكيون انتخابات الاتحاد الأوروبي بشكل مستقل الشهر الماضي، وحصلوا على حوالي 14% من الأصوات، بينما حصل حزب فرنسا المتمردة على أقل من 10% والخضر على 5.5%، ولكن تحرك ماكرون للدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة دفع الزعماء اليساريين إلى الاتفاق بسرعة على تشكيل ائتلاف جديد، تحت مسمى الجبهة الشعبية الجديدة.

لماذا هناك حاجة إلى حكومة «مؤقتة»؟

وقدم رئيس الوزراء جابرييل أتال استقالته اليوم الاثنين، لكن ماكرون طلب منه بدلاً من ذلك البقاء «مؤقتًا» كرئيس للحكومة بعد أن تركت نتائج الانتخابات الفوضوية الحكومة في حالة من الغموض.

وقال «أتال» إنه مستعد للبقاء في المنصب خلال دورة الألعاب الأولمبية المقبلة في باريس ولفترة طويلة حسب الحاجة، ولكن ستتولى حكومة أتال إدارة الشؤون الحالية في انتظار إجراء المزيد من المفاوضات السياسية.

وقال مكتب ماكرون إنه «سينتظر حتى تنظم الجمعية الوطنية الجديدة نفسها» قبل اتخاذ أي قرارات بشأن الحكومة الجديدة.

ماذا عن ماكرون؟

وتستمر ولاية ماكرون حتى عام 2027، وقال إنه لن يتنحى قبل نهايتها، ونظرا لعدم عدم وجود أغلبية وإمكانية ضئيلة لتنفيذ خططه، خرج ماكرون من الانتخابات أمس ضعيفا.

ووفقًا للدستور الفرنسي، لا يزال الرئيس يتمتع ببعض الصلاحيات فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والشؤون الأوروبية والدفاع، وهو المسؤول عن التفاوض والتصديق على المعاهدات الدولية، كما أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة في البلاد ويملك الشفرات النووية.

وهناك احتمال أن يكون رئيس الوزراء الجديد غير قادر أو غير راغب في تحدي سلطات ماكرون الدفاعية والخارجية بشكل جدي، وسيركز بدلاً من ذلك على السياسة الداخلية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: فرنسا الانتخابات الفرنسية ماكرون الانتخابات البرلمانية البرلمان الفرنسي ماکرون من

إقرأ أيضاً:

ماكرون: فرنسا ستحشد الدعم الدولي للجيش ولن نتراجع عن دعم لبنان

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن فرنسا ستحشد الدعم الدولي للجيش اللبناني لتنفيذ ما تمّ الإتفاق عليه في إتفاق وقف إطلاق النار.   وأكد ماكرون خلال تصريح له في ختام زيارته إلى لبنان، اليوم الجمعة، أنّ لبنان سيكون سيادياً وموحداً ومزدهراً، معلناً أن بلاده لن تتراجع عن دعم لبنان.   وذكر ماكرون أنّ النازحين بسبب القصف الإسرائيليّ على لبنان يعيشون ظروفاً صعبة، موضحاً أن فرنسا ناضلت دبلوماسياً من أجل تحقيق وقف إطلاق النار في لبنان، وتابع: "انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان لا بدّ أن يحدث وعلى لبنان ضبط الحدود عبر الجيش الذي يجب أن يحتكر حمل السلاح في لبنان".   وعن الحكومة الجديدة، قال ماكرون إنه "واثق من أنّ الأيام المقبلة ستحمل تشكيل حكومة لبنانية فعالة"، كاشفاً أن الخطوط الجوية الفرنسية ستعيد تنظيم رحلاتها من وإلى لبنان قريباً.   وفي ما خصّ ملف تفجير مرفأ بيروت والتحقيقات المرتبطة به، أكد ماكرون أنه لا بُدّ من الشفافية قضية ضحايا انفجار المرفأ.

مقالات مشابهة

  • ماكرون سيتصل بنتنياهو بشأن التقيد بمهلة الانسحاب من جنوب لبنان
  • الأحزاب الديمقراطية بالعالم العربي: اتفاق وقف إطلاق النار خطوة لوقف آلة القتل الإسرائيلية
  • تحالف الأحزاب الديمقراطية:وقف إطلاق النار في غزة خطوة مهمة لإنهاء القتل والدمار الصهيوني
  • حكومة الاحتلال ترضخ .. وقف إطلاق النار في غزة يدخل حيز التنفيذ غداً
  • زعيم اليسار الفرنسي ينتقد ماكرون: “لا نريد الحرب مع الجزائر”
  • زيارة ماكرون إلى لبنان.. مراسل "القاهرة الإخبارية" يرصد أبرز عناوين الصحف الفرنسية
  • زيارة ماكرون إلى لبنان..مراسل «القاهرة الإخبارية» يرصد أبرز عناوين الصحف الفرنسية
  • زيارة ماكرون إلى لبنان.. مراسل «القاهرة الإخبارية» يرصد أبرز عناوين الصحف الفرنسية
  • ماكرون: فرنسا تنظم مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار لبنان
  • ماكرون: فرنسا ستحشد الدعم الدولي للجيش ولن نتراجع عن دعم لبنان