اليمن يئن بفقره تحت قيظ الحر والظلام
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
اندبندنت عربية
يواجه اليمن مع الفقر الذي طاول 80 في المئة من سكانه فصلاً صيفياً تتجاوز درجات الحرارة في بعض مناطقه 45 درجة مئوية، مع صعوبة حصول كثير من السكان على التيار الكهربائي بسبب ارتفاع كلفتها بخاصة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
ويعيش نحو 3 ملايين من سكان محافظة الحديدة (غرب اليمن) التي تسيطر عليها الجماعة في ظروف صعبة "حولت حياتهم إلى جحيم لا يطاق"، وتعاني المدينة الساحلية مع بقية مديرياتها المترامية من الحر والفقر لاسيما المرضى من كبار السن والأطفال في ظل سلطة يصفها السكان أنها "لا تعرف غير فرض الجبايات"، وتصل درجة الحرارة في الحديدة خلال فصل الصيف إلى 45 مئوية وتتراوح نسبة الرطوبة العالية بين 70 و85 في المئة.
وعاشت المدينة في وقت سابق تحت الظلام لعامين متتاليين منذ عام 2018 وحتى 2020 بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي عاد بشكل تجاري لم يتمكن غالبية الناس من الاستفادة منه بسبب أسعاره المرتفعة، إذ تبلغ تكاليف الاستهلاك الشهري للكهرباء لإحدى العائلات المتوسطة ما يقارب 260 دولار أميركي بحسب ما تحدث به السكان لــــ"اندبندنت عربية".
ويؤكد السكان أن الشوارع والأرصفة باتت "بدائل كبار السن للنوم والبحث عن نسمة هواء باردة"، ويقول أحدهم واصفاً المشهد إن "المدينة تحولت إلى فوهة بركان".
وتقول رنا الحبيشي وهي إعلامية يمنية تعيش في محافظة الحديدة، إن "معاناة السكان متعددة ومختلفة ومؤلمة خصوصاً أولئك الذين يعانون أمراضاً مزمنة"، وتضيف "أنا شخصياً لدي مرضان هما الضغط والسكر، لا أستطيع النوم من دون تكييف، لكنه وللأسف الفواتير تكلفنا فوق 70 و80 ألف ريال يمني" أي ما يعادل 150 دولاراً.
وتسعى الحبيشي إلى محاولة تخفيف استهلاك الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية، وتقول "درجات الحرارة في مدينة مثل الحديدة وضواحيها والمدن الساحلية تدفعنا عنوة إلى استخدام التكييف".
ويعاني اليمنيون انقطاع رواتبهم منذ عام 2016 في المناطق التي تسطير عليها جماعة الحوثي، وبدورها تقترح الشابة اليمنية للخروج من أزمة الكهرباء "خفض تسعيرة الكهرباء إلى 20 ريال يمني مع عودة الرواتب".
وتقول إيناس علي (اسم مستعار) إن "الناس باتوا يفترشون الأرض عراة هرباً من المنازل والمخيمات الحارة"، وتضيف "أجهزة التكييف باتت كالزينة في أغلب المنازل ونادراً ما تسمع صوتها لأن الناس لا تستطيع تحمل تكاليف تشغيلها".
ويستهلك المكيف الواحد بحسب إيناس كل ثلاث ساعات نحو 700 ريال يمني، أي ما يعادل 2.8 دولار أميركي، وتضيف "من أين نأتي بها ونحن نعيش بلا مرتبات منذ سنوات؟".
ويلجأ السكان كما تقول الفتاة اليمنية إلى بدائل لمواجهة الطقس الحار "كالخروج في الساحات والأحواش وأسطح المنازل التي تبرد بالماء".
ويخشى السكان تفاقم أزمات صحية خصوصاً لدى المسنين والأطفال جراء الطقس الحار، تشير إيناس إلى أن أعراضاً بدأت تظهر على الأطفال بسبب عدم تحمل درجات الحرارة في المدينة الساحلية الرطبة.
مصدر دخل
من جهته يرى الصحافي اليمني مصعب عفيف أن الحوثي منذ سيطرته على البلاد في عام 2015 بات ينظر إلى الكهرباء بوصفها مصدر دخل للجماعة المدعومة من إيران، وبدأ الحوثيون رحلتهم مع الكهرباء بعد تعطيل المحطة الكهربائية في الحديدة وتسريح موظفيها والتوقف عن صيانتها، بمبرر عدم القدرة على استيراد مادة المازوت المشغلة للمحطة تحت حجة منع التحالف دخول سفن المازوت والوقود، لكن هذا المبرر سقط مع السماح لسفن الوقود على أنواعها بالوصول إلى ميناء الحديدة.
ومع عودة تدفق مادة المازوت عبر ميناء الحديدة، يقول عفيف "استحدث الحوثيون نظام الخط الساخن وحصروا خدمة الكهرباء بالمستشفيات والمنشآت التجارية بمقابل مالي كبير، وانتعشت تجارة الحوثيين عبر هذه العملية، إضافة إلى استيراد منظومات الطاقة الشمسية وبيعها لأبناء المدينة".
محطة كهرباء تجارية
ولم يكتف الحوثيون بهذا بل بدأوا مرحلة جديدة، فأنشأ عدد من قياداتهم شركات كهرباء تجارية داخل أحياء الحديدة وعموم محافظات اليمن باستخدام مولدات كهربائية حكومية نهبت من مرافق وزارة الكهرباء، وبدأوا بالمتاجرة بالكهرباء بمبالغ باهظة، واضطر بعض سكان الحديدة الميسورين إلى الاشتراك فيها.
عقب ذلك أنشأ الحوثيون "صندوق دعم كهرباء الحديدة" وفرضوا استقطاع خمسة ريالات على كل طرد وثمانية ريالات على كل لتر وقود يدخل ميناء الحديدة، بمعدل 30 إلى 40 مليون ريال يمني (ما يصل إلى 159 ألف دولار) يومياً في حينها. وخلال أول شهرين للهدنة الأممية التي انطلقت في أبريل (نيسان) 2022، جمع الحوثيون في صندوق الكهرباء 3 مليارات ونصف مليار ريال يمني (نحو 11 مليون دولار أميركي) من 18 سفينة دخلت الميناء، وذلك بعيداً من أموال الجمارك والضرائب التي تجنيها الجماعة من سيطرتها على الميناء.
إضافة إلى كل هذا التربح من كهرباء الحديدة، استولى الحوثيون في سبتمبر (أيلول) 2020 على أرض مساحتها 16 مليون متر مربع في مديرية الصليف بمبرر إنشاء مشروع محطة توليد كهرباء بالفحم الحجري بقدرة توليدية ألف ميغاواط، ولم تبن أية محطة حتى اليوم. ويضيف عفيف "لذلك معاناة اليمنيين في الحديدة وكل مناطق سيطرة الحوثي مع الكهرباء لن تتوقف، لأن قيادات الحوثي حولت هذه الخدمة إلى تجارة مربحة تدر عليهم ملايين الريالات، ولا يمكن أن يعيدوا تشغيل الكهرباء ويخسروا هذا المورد المالي المهم".
الكهرباء في مناطق الشرعية
ولا يختلف الحال كثيراً في المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة الشرعية، إذ تخضع مديريتين من إجمالي 26 مديرية في المحافظة الساحلية لسلطة "الشرعية"، وهي الأخرى تعاني مع حلول فصل الصيف الأزمة ذاتها.
ويقول سامي عوض الذي يسكن في إحدى المديريات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، "أصبح فصل الصيف بالنسبة إلى المواطنين في مديرية حيس والخوخة كابوساً على السكان، لعدم تأهيل وتشغيل الكهرباء الحكومية".
وعلى رغم وجود محطات كهربائية في هذه المناطق إلا أنها لم تؤهل منذ سيطرة الشرعية عليها، مما أدى إلى العبث بكابلات التيار العمومية في المدينتين. وأضاف أن الكهرباء التجارية موجودة بأسعار مرتفعة إذ يقدر سعر الكيلوواط من الكهرباء التجارية بـ700 ريال يمني، أي بمقدار نصف دولار أميركي وفق سعر الصرف في مناطق الحكومة الشرعية.
الحوثيون يعلقون
في المقابل قال ممثل محافظة الحديدة محمد عياش قحيم في حديث تلفزيوني لإحدى الوسائل التابعة للحوثيين إن "هناك عروضاً قدمت من التجار لتوليد الكهرباء للحديدة ببدائل وبسعر 65 ريالاً يمنياً للكيلوواط (أقل من دولار أميركي) لوزارة الكهرباء، غير أنها لم تسمح للتجار بالاستثمار بهذا السعر". وطالب المكتب الإشرافي في مكتب الحديدة بالقيام بدوره وعدم ترك المواطنين يعيشون ظروفاً عصيبة.
وفي نهاية العام الماضي أعلنت الجماعة عائدات الكهرباء في المدينة وقدروها بـ3 مليارات ريال يمني شهرياً، بحسب وسائل تابعة للحوثيين، أي ما يقارب 11 مليون دولار أميركي.
المصدر: اندبندنت عربية / هشام الشبيلي
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: دولار أمیرکی الحرارة فی ریال یمنی
إقرأ أيضاً:
خطة الإستجابة الإنسانية في اليمن خلال 2024 هي الأسوأ منذ 5 سنوات بحسب الأمم المتحدة
قالت الأمم المتحدة أن خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2024 لم يتم تمويلها سوى بنصف المبلغ المطلوب، كأسوأ تمويل خلال السنوات الخمس الأخيرة.
ووفق آخر تحديث صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA)، فإن خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن (YHRP) للعام 2024، لم تحصل سوى على 1.36 مليار دولار، وهو ما يعادل 50.2% من إجمالي المبلغ المطلوب والمقدر بـ2.71 مليار دولار أمريكي.
وأضاف أن فجوة التمويل في خطة الاستجابة للعام الماضي ومع انتهائه، بلغت 1.35 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 49.8% من إجمالي المبلغ المطلوب.
وتُعد خطة الاستجابة الإنسانية للعام المنصرم هي الأقل في تلقي التمويلات خلال الخمسة الأعوام الأخيرة، مقارنة مع 1.78 مليار دولار عام 2023، و2.32 مليار في عام 2022، و2.42 مليار في 2021، و1.99 مليار دولار في عام 2020.
أما من حيث نسبة تلقي التمويل من إجمالي المبلغ المطلوب، فقد كان تمويل خطة الاستجابة للعام 2024 هو ثاني أسوأ معدل بعد العام 2023 الذي لم تتجاوز فيه 41%، بينما كانت أعلى نسبة في عام 2021 والتي بلغت 62.9%، يلي عام 2020 بنسبة 58.9%، ثم عام 2022 وبنسبة 54.2% من إجمالي التمويل المطلوب.
وبحسب تقديرات أممية، فإن أكثر من 18 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية، وأجبر نقص التمويل العديد من الوكالات الأممية والمنظمات الدولية على إغلاق برامج حيوية وحرمان ملايين الأشخاص من الخدمات والمساعدات المنقذة للحياة.