القدس المحتلة- أثار مرسوم صادر عن "بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والأردن للروم الأرثوذكس" كيريوس ثيوفيلوس الثالث، والقاضي بتشكيل "مجلس محلي لرعية الروم الأرثوذكس في القدس" ردود أفعال منقسمة رافضة ومتحفظة، رغم الترحيب الرسمي الفلسطيني به.

ويفسّر الرافضون موقفهم بالقول إن الأساس هو انتخاب المجلس وليس تعيينه وفق القوانين المعمول بها، فيما يرى المرحبون أن الخطوة ضرورية بعد عقود من شلل المجلس السابق.

وفي 26 يونيو/حزيران الماضي، أصدر البطريرك ثيوفيلوس الثالث مرسوما يقضي بتشكيل المجلس برئاسة حنا عميرة، الرئيس السابق للجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس بفلسطين، والعضو السابق في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن حزب الشعب اليساري.

ويأتي تعيين هذا المجلس بعد عقود طويلة من الجمود دون أن تجري انتخابات لتحديثه منذ عام 1967. وحدد مرسوم التعيين مهام المجلس الجديد بـ"تعزيز التعاون بين المؤسسات والجمعيات المقدسية ورفع شأن الرعية، وحماية وجودها، والحفاظ على مقدراتها".

ووفق تقديرات فلسطينية، يصل تعداد مسيحيي القدس إلى 9 آلاف، بينهم نحو 4 آلاف من الطائفة الأرثوذكسية.

مرسوم بطريركي بتشكيل المجلس المحلي لطائفة الروم الأرثوذوكس في القدس

القدس
٢-٧-٢٠٢٤

أصدر غبطة #البطريرك_ثيوفيلوس الثالث، بطريرك #القدس وسائر أعمال #فلسطين و #الأردن، مرسوماً بطريركياً سامياً يقضي بتشكيل المجلس المحلي لطائفة #الروم#الأرثوذوكس في #القدس، مستنداً إلى صلاحيات غبطته… pic.twitter.com/Q5ua5lt6YH

— ديمتري دلياني ????????Dimitri Diliani (@DilianiDimitri) July 2, 2024

لماذا الرفض؟

رغم قناعة متابعين لشؤون الكنيسة الأرثوذكسية بأهمية إعادة إحياء المجلس الذي يحتضر منذ سنوات، فإنهم اعتبروا تعيين رئيسه وأعضائه "تجاوزا لافتا لأن ذلك لم يجرِ من خلال الانتخابات".

يقول عضو المجلس المركزي الأرثوذكسي في فلسطين والأردن عدي بجالي، للجزيرة نت، إن إعادة إحياء المجلس المحلي للأرثوذكس بمدينة القدس هو "أمر هام وضروري نصّت عليه القوانين الانتدابية والعثمانية والأردنية".

لكنه أضاف أن اختيار أعضاء المجلس "حق انتخابي للأرثوذكس المحليين بالقدس كجزء من هيكلية نظامية جاءت بعد نضال طويل خاضه الأجداد، لضمان انتخاب مجالس محلية في كافة المدن والقرى التي يوجد بها العرب الأرثوذكس".

ولفت إلى أن الهدف من النضال آنذاك كان "إدارة أوقاف الكنيسة وشؤونها باستقلالية تامة بعيدا عن تدخلات البطريركية".

وأشار إلى وجود أوقاف مسجلة في "الطابو" باسم المجلس المحلي لرعية الروم الأرثوذكس الذي توفي أعضاؤه ولم يعد هناك من يمثله، وهذا الغياب -وفقا لبجّالي- قد يؤدي إلى مصادرة الأراضي من جهات استيطانية تحت مسمى "أملاك غائبين".

عدم وجود مجلس محلي لرعية الروم الأرثوذكس عطل مشاريع وأعاق استغلال أراض وقفية (الأناضول) تنقصها الانتخابات

على سبيل المثال، يشير بجالي إلى أنه مع تعطيل المجلس لم يكن بالإمكان استثمار قطعة أرض في بلدة بيت حنينا لمنفعة العرب في القدس وللأرثوذكس. ورغم أن المؤسسات الأرثوذكسية أعدت مخططا، لم يكن ممكنا التقدم في أي خطوة تنفيذية في ظل غياب الهيئة الرسمية، ومن هنا تنبع أهمية وضرورة إعادة إحياء المجلس المحلي.

وقال "إن مماطلة البطريركية في الالتزام بنظام المجلس المحلي الخاص للقدس يندرج ضمن تغييبها لكافة الهيئات العلمانية الأرثوذكسية وعلى رأسها "المجلس المختلط والذي كان قائما حتى احتلال القدس عام 1967، وما يزال ثيوفيلوس يرفض تشكيلته القانونية، وهو مجلس من المفترض أن يتألف من رجال دين وعلمانيين أرثوذكس، وهو الجسم المشرف على الأملاك والأوقاف والمدارس".

وفق بجالي فإن "كل البطاركة بعد احتلال عام 1967 رفضوا تشكيل المجلس المشترك المنتخب القانوني، لتسهيل تسريب وبيع الأوقاف والأملاك ونهب خيرات البطريركية، كون المجلس يشرف على أملاك وعقارات وأوقاف ومدارس ومؤسسات البطريركية، وتُعرض عليه ميزانية البطريركية وله ميزانية خاصة تُقتطع من الميزانية العامة".

مسيحيون يعترضون موكب البطريرك ثيوفيلوس في بيت لحم بعد اتهامات للبطريركية بتسريب عقارات للاحتلال (الجزيرة) الدور الرسمي

ورغم ذلك يؤكد بجّالي "أن الحكومتين الأردنية والفلسطينية تسمحان لثيوفيلوس، بهذا الخرق السيادي (رفضه للمجلس) القانوني دون أن يندى لهما جبين رغم اطلاعهما على تصفية الأوقاف الأرثوذكسية بصفقات فاسدة يقوم بها البطريرك ثيوفيلوس وخاصة بالقدس" أضاف بجّالي.

ويرى عضو المجلس الأرثوذكسي أنه "من المؤسف أن يتم تعيين رئيس للمجلس المحلي الجديد من البطريرك ثيوفيلوس دون إجراء انتخابات".

وتابع أن "من يريد أن يحمي القدس وعروبتها يجب أن يستخدم نفوذه لدى الحكومتين الأردنية والفلسطينية لإلزام البطريرك بتنفيذ قانون المجلس المختلط"، وحث النائب العام الفلسطيني على معالجة الشكوى المقامة ضد البطريرك "وهكذا تحمى القدس وعروبتها من أطماع الاستيطان وفساد الرهبان".

ويشير بجالي هنا إلى شكوى موقّعة من أكثر من 300 شخصية وجهة فلسطينية ضد بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية، والبطريرك ثيوفيلوس، بتهمة إساءة الائتمان وبيع أوقاف كنسية في أنحاء فلسطين، وقضايا أخرى.

وختم بجّالي بالقول إن أهالي القدس يفترض أن ينتخبوا رئيس وأعضاء المجلس المحلي بعملية انتخابية مباشرة لكن مع غياب هذا الانتخاب "أرحب بإعادة تشكيله ليحيا من جديد دون أي انتقاص من حقوق وواجبات هذا المجلس القانونية".

صباغ: من حق الطائفة أن تنتخب الذين سيمثلونها أمام البطريرك (الجزيرة) لماذا التعيين؟

أما الباحث في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية أليف صبّاغ فتساءل: بأي حق يعين البطريرك اليوناني مجلسا رعويا للطائفة المقدسية؟".

وأضاف "إذا كان هذا المجلس يمثل الطائفة المحلية، فمن حق الطائفة أن تنتخب الذين سيمثلونها أمام البطريرك لتحصيل حقوقهم من بطريركيتهم، ومراقبة عمل البطريرك وغيره من المسؤولين، أما إذا كان المجلس الرعوي يمثل البطريرك فلا قيمة له".

وتساءل الباحث الفلسطيني عن القانون الذي تم بموجبه التعيين، مضيفا "إذا كان بموجب القانون الأردني فلا يمكن قبول ذلك لأن البطريرك غير عنوان البطريركية ليصبح "أورشليم القدس" وفق التسمية الإسرائيلية بعد احتلالها للمدينة وتوحيد شطريها قسرا".

وأضاف "أما إذا كان التعيين وفق القانون الإسرائيلي -باعتباره قبِل واستسلم للاحتلال- فالقانون الإسرائيلي أقرّ منذ عام 1992 حق الطوائف المحلية بانتخاب ممثليها أو مجالسها بشكل ديمقراطي دون تدخل البطريرك".

وبالتالي، يقول صباغ "على البطريرك أن يقرر ما القانون الذي يسري على البطريركية، أم أنه كعادته يختار القانون المناسب له وبحسب مصالح اليونان، فتارة يختار الإسرائيلي وتارة الأردني وتارة العثماني".

حنا عميرة: توجد قضايا مهمة تجدر متابعتها ولا يمكن ذلك في ظل غياب المجلس (الجزيرة) استجابة للضرورة

في حديث سابق للجزيرة نت قال رئيس المجلس المعين حنّا عميرة، إن هناك "ضرورة لإعادة إحياء المجلس، لأن عدم وجوده شكّل فراغا رغم وجود مسؤوليات يفترض على هذا المجلس متابعتها، كموضوع الإسكان والعلاقة بين المؤسسات الوطنية والمسيحية، وحماية الوجود المسيحي في القدس".

وأضاف عميرة "توجد قضايا مهمة تجدر متابعتها ولا يمكن ذلك في ظل غياب المجلس، وبالتالي فإن وجوده الآن سيملأ هذا الفراغ".

وتابع أنه سيحاول من موقعه الجديد "تعزيز وجود المسيحيين في القدس عبر مواجهة سرطان الهجرة وعمليات التطفيش التي تمارسها سلطات الاحتلال على المواطنين، مسلمين ومسيحيين".

وجاء التعيين بعد وفاة آخر عضو من أعضاء المجلس القديم، إذ لم تجرِ انتخابات في القدس لاختيار رئيس وأعضاء المجلس المحلي لرعية الروم الأرثوذكس منذ عام 1967، وفقا لعدي بجّالي.

ويضم القانون الأردني لنظام تشكيل المجالس الطائفية المحلية (16) مادة ضمن "قانون بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية رقم (27) لسنة 1958″، ويفصّل القانون مؤهلات الناخبين وكيفية الترشح وتفاصيل المقاعد وصلاحيات وواجبات المجلس المكون من 10 أعضاء إضافة إلى الرئيس.

وكانت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين رحبت بقرار التعيين، ورأت فيه "أهمية في تثبيت الوجود الفلسطيني المسيحي الأرثوذكسي في القدس، بما يعزز التعاون بين المؤسسات والجمعيات المقدسية، ورفع شأنها، والحفاظ على مقدراتها".

ووفق تقديرات فلسطينية يعيش 45 ألف مسيحي في الأراضي المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس، ويشكل الروم الأرثوذكس ما نسبته 51% منهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المجلس المحلی إحیاء المجلس هذا المجلس فی القدس إذا کان منذ عام عام 1967

إقرأ أيضاً:

سلطة هزيلة جعلت بعض السياسيين المتنفذين فوق القانون

آخر تحديث: 18 مارس 2025 - 11:40 ص بقلم:د.كاظم المقدادي تميزت السلطة الراهنة في العراق طيلة عقدين من الزمن ليس فقط بمنظومة المحاصصة وتقاسم المغانم والفساد بين الطغمة الحاكمة، وإنما بإنتهاكات دستورية وقانونية مشينة، ومنها لفلفة القضايا الخطيرة للتغطية على جرائم المسؤولين المتنفذين. وهذا ما جرى عند البحث والتحقيق عن أسباب سقوط الموصل وإحتلال ثلث الأراضي العراقية، وقتل الآلاف من العراقيين، بأيدي الأرهابيين الدواعش.. فقد تباهت النائبة عالية نصيف قبل أيام في حوار تلفزيوني في قناة الرشيد بمناسبة رمضان، بأنها من أنقذ رئيس تحالفها- “دولة القانون”- نوري المالكي- من إستجوابه أمام مجلس النواب بشأن سقوط الموصل، بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، مستغلة رفض الأكراد إستجواب البرزاني- كما إدعت. وكشفت نصيف كيف نجا نوري المالكي من الاستدعاء للاستجواب بشأن سقوط الموصل: ” تم عقد تصويت مفاجئ في اللجنة لاستدعاء المالكي، وكان ينقصهم صوت أو صوتان، وبعد التشاور مع عدد من النواب، تم الاتفاق على أنه طالما استُثني مسعود بارزاني من الاستدعاء، فمن المفترض استثناء المالكي أيضًا لضمان العدالة “. وقالت أنها ” أثرت على النائبين أحمد الجبوري ونايف الشمري من نينوى،أعضاء لجنة التحقيق،ووافقا، وإمتنعا عن التصويت لصالح استدعاء المالكي، ما أدى في النهاية إلى إسقاط التصويت وفشله”. ورد النائبان الجبوري ولشمري، مكذبين مزاعم النائبة نصيف، مؤكدين أن مواقفهما كانت واضحة في تحميل المسؤولية للمقصرين وكشف الفساد الذي أدى إلى انهيار الأمن في المدينة عام 2014.ونشرا وثائق تثبت الأسماء التي لم توقّع، لأسباب سياسية، على تقرير لجنة سقوط الموصل، الذي حمّل المالكي المسؤولية. وأكدا ان الوثائق تثبت موقفهما، وهي متاحة، ومن يريد التأكد منها يمكنه مراجعتها.. وبغض النظر عن موقف النائبين المذكورين، إلا أن النائبة نصيف تفاخرت أمام الملايين بدورها المشهود في إنقاذ المالكي من تحميله مسؤولية سقوط الموصل بأيدي الإرهابيين الدواعش.
ونذَكِرُ بان المادة 78 من الدستور العراقي لعام 2005 النافذ نصت بان رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، وهو القائد العام للقوات المسلحة.. وهكذا، لم يتم إستدعاء المالكي من قبل اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق في أسباب سقوط الموصل في عام 2014، التي قرر مجلس النواب تشكيلها، وتألفت من 20 نائبا ونائبة،وتكونت من أعضاء لجنة الأمن والدفاع ،وممثلين من جميع الكتل السياسية- كما أعلن النائب حاتم الزاملي، رئيس اللجنة. وباشرت اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق عملها، وبعد نحو 8 أشهر، أنجزت تقريرها النهائي، وسلمته في اَب 2015 ،الى رئاسة مجلس النواب. وتضمن التقريرلائحة بأسماء مسؤولين عراقيين حملتهم اللجنة مسؤولية الانهيار الأمني الذي شهدته البلاد اَنذاك، وأوصت بإحالتهم إلى القضاء.وأدناه قائمة بأبرز الأسماء:
-1نوري المالكي-رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة السابق
-2أثيل النجيفي-محافظ نينوى
-3هدى زكي-عضو مجلس محافظة نينوى
4- الفريق أول فاروق الأعرجي- مدير مكتب القائد العام
5- سعدون الدليمي- وزير الدفاع السابق
-6الفريق أول بابكر زيباري- رئيس أركان الجيش
-7الفريق أول الركن عبود هاشم قنبر-قائد العمليات المشتركة
-8الفريق أول الركن علي غيدان-قائد القوات البرية
-9الفريق الركن حاتم المكصوصي-مدير الاستخبارات العسكرية
-10الفريق الركن عبد الكريم العزي-معاون رئيس أركان الجيش
-11الفريق الركن باسم حسين الطائي-قائد عمليات نينوى السابق
-12اللواء الركن كفاح مزهر علي-قائد الفرقة الثالثة في الشرطة الاتحادية
-13العميد الركن عبد المحسن فلحي-قائد الفرقة الثانية في الجيش
-14اللواء الركن خالد مسين الحمداني-قائد شرطة نينوى
-15حسن العلاف-نائب محافظ نينوى
-16الشيخ أبو بكر كنعان بشير-مدير الوقف السني في الموصل
-17عدنان الأسدي-الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية
-18العميد حسن هادي صالح-آمر اللواء السادس في الفرقة الثالثة للجيش
-19المقدم نزار حلمي-آمر الفوج الثاني في لواء المشاة الخامس في الفرقة الثانية
-20اللواء خالد سلطان العكيدي-مدير شرطة نينوى
-21العقيد عرفان مجيد-آمر فوج مغاوير الفرقة الثانية
-22العميد هدايت-قائد الفرقة الثالثة في الجيش
-23ناجي حميد-مدير مكتب مخابرات نينوى
-24نور الدين قبلان-نائب رئيس مجلس محافظة نينوى
-25العميد حماد-آمر اللواء الخامس -26 الفريق الركن مهدي الغراوي قائد عمليات نينوى وأعلن رئيس اللجنة البرلمانية حاكم الزاملي في مؤتمر صحافي عقده في بغداد، إن أعضاء اللجنة بذلوا جهودا كبيرة واستثنائية للوصول إلى الحقيقة ، بعيدا عن الميول والاتجاهات والمصالح ، ولم تخضع للضغوط أو لعمليات الابتزاز والتهديد.وأضاف أن التقرير تضمن توجيه الاتهام لـ 35 شخصية مدنية وعسكرية لها علاقة بالأحداث. وأكد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، خلال استقباله أعضاء اللجنة،وإستلامه تقريرها: ” أن مجلس النواب سيعرض التقرير في الجلسة المقبلة، وبشكل علني، ليطلع الشعب على حقيقة ما جرى من أحداث تسببت في سقوط الموصل بيد داعش وما تبعه من انهيارات أمنية. ومن ثم إرساله إلى الادعاء العام ليأخذ مجراه القانوني”. وأضاف: ” إن إنجاز التحقيق هو الخطوة الأولى في عملية محاسبة المتهمين، وإن على القضاء أن يأخذ دوره في محاسبتهم”، مبينا “أن هذا التقرير سيوثق مرحلة مهمة وخطيرة من تاريخ العراق الحديث”.. بيد ان أي شيء مما ذكره سليم الجبوري لم يتحقق.فلم تُعقد الجلسة العلنية لمجلس النواب لمناقشة تقرير لجنة التحقيق.ولم يقم الإدعاء العام بواجبه ليأخذ التقرير مجراه القانوني، ولم يُحاسب المسؤول الأول في الدولة- نوري المالكي، المتهم بمسؤولية سقوط الموصل بيد الدواعش، بحكم منصبه رئيسا لمجلس الوزراء وقائدا عاما للقوات المسلحة، وكان يتمتع بنفوذ واسع في المؤسسة العسكرية من خلال ” مكتب القائد العام للقوات المسلحة” ،الذي ارتبطت به مباشرة قيادات العمليات.
وأفادت الكثير من شهادات القادة العسكريين بأنه هو من أصدر أوامر انسحاب القطاعات العسكرية من الموصل.ووفقا لشهادات العسكريين الذين تم التحقيق معهم من قبل اللجنة، فقد اعتمد المالكي على قادة “لم يكونوا يمتلكون تصورا دقيقا عن خطورة الوضع، وكانوا يقدمون تقارير مضللة، ومارسوا كل أنواع الفساد”. وهو متهم أيضاً بالمسؤولية عن الفساد عبر تعيين ضباط تبعا لولائهم له ولحزبه بدلا من كفاءتهم والإخلاص للشعب والوطن.وعدا هذا، فهو متهم بتأجيج الطائفية وتمزيق المجتمع العراقي والتفريق بين المواطنين، وشهدت فترتا حكمه إستشراء الفساد والمحسوبية والمنسوبية، وهدر أكثر من ألف مليار دولار من أموال الدولة، وتأسيس ” الدولة العميقة” وما قامت به من جرائم القتل والتنكيل بالمواطنين الذين طالبوا بحقوقهم المشروعة على أيدي القوات القمعية التي أسسها. لم يُحاسب المالكي،لا بل ولم يتم إستدعاءه للتحقيق. وقد إعترفت النائبة عالية نصيف في الحوار التلفزيوني المذكور، متباهية، بأنها المسؤولة عن أنقاذه من الإستجواب، وفي لفلفة الموضوع للتغطية على مسؤوليته، بينما كانت غالبية الشعب تنتظر محاكمته ليكون عبرة لكل فاشل ومستبد وظالم ومستهتر. وكانت “الجمعية الأوروبية لحرية العراق”، وهي منظمة غير حكومية تتخذ من بروكسل مقرا لها، وتعنى بمتابعة الأوضاع الإنسانية والسياسية في العراق، ويترأسها إسترون إستيفنسون الذي كان رئيسا للجنة العلاقات مع العراق في البرلمان الأوروبي بين 2009 و 2014..هذه المنظمة طالبت في اَب 2015 بتقديم المالكي إلى المحاكمة، على خلفية “ارتكابه جرائم ضد الإنسانية وأعمال تعذيب وقتل وفساد”. وطالبت رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بتقديم نائب رئيس الجمهورية المقال، رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، للمحاكمة لارتكابه الجرائم المذكورة. وطالبته أيضاً “بطرد إيران من جميع المناطق العراقية التي توغلت فيها”. وشدد إستيفنسون على ضرورة أن يكون الجيش والشرطة العراقيان، هما القوتان الوحيدتان اللتين تمتلكان السلاح في العراق، وعلى ضرورة إجراء انتخابات مبكرة وعادلة تحت مراقبة الأمم المتحدة. وكان النائب عادل نوري أعلن بإن “المالكي هو المسؤول الأول عن سقوط الموصل، إلا أن المحاكم في العراق لن تكون حيادية في محاكمته”. وأوضح نوري – وهو عضو في اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق: ” أن قائد القوات البرية العراقية السابق الفريق علي غيدان، أدلى ببعض الاعترافات للجنة حول مسؤولية المالكي في سقوط الموصل بيد مسلحي التنظيم”.وأضاف ” أن غيدان أفاد بأن القادة العسكريين تلقوا أوامر من رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وقتها نوري المالكي، بالانسحاب من الموصل خلال هجوم تنظيم الدولة على المدينة في حزيران 2014، وهو الأمر الذي أدى لفرض التنظيم سيطرته الكاملة عليها”. ونختم بأسألة تطرح نفسها:
* أين صار تقرير اللجنة البرلمانية الذي إتهم المالكي بسقوط الموصل ؟!!
* ولماذا صمتت سلطات العراق التشريعية والقضائية والتنفيذية صمت الأموات عن محاسبة المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة عن إحتلال الأرهابيين الدواعش لثلث مساحة العراق وقيامهم بأفضع جرائم القتل بحق المواطنين العراقيين ؟
* هل ان المالكي فوق القانون ؟!!
* وأليس ذلكم دليل اَخر على هزالة السلطة، بمؤسساتها التشريعية والقضائية والتنفيذية، التي جعلت من بعض السياسيين المتنفذين فوق القانون.ويصولون ويجولون ولا يجرأ أحد في السلطة على محاسبتهم ؟!! ألا، تباً لهذه السلطة الهزيلة !

مقالات مشابهة

  • تعيين عبدالرحمان قنشوبة رئيسا للمجموعة البرلمانية لـ”الأرندي” بمجلس الأمة
  • القضية الفلسطينية أمام مجلس الأمن اليوم
  • غرامات مخالفات السير على طاولة مجلس الحكومة
  • سلطة هزيلة جعلت بعض السياسيين المتنفذين فوق القانون
  • 4 حالات يعاقب عليها مشروع قانون العمل الجديد.. احذرها
  • رئيسا الكنيسة الإنجيلية والروم الأرثوذكس يلتقون بمحافظ إدلب بسوريا
  • الصين تكشف خطة لتعزيز الاستهلاك المحلي
  • تفاصيل اجتماع الهباش مع رئيس مجلس الشورى الإندونيسي
  • "الأعلى للقضاء" يرد على مزاعم مواطن
  • إسرائيل تعتقل 2 من فلسطينيي الداخل بزعم تخطيطهما لإطلاق نار بالقدس