الإفراط في إصدار النقد الجديد: هل سيدفع الاقتصاد العراقي نحو الهاوية؟
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
يوليو 8, 2024آخر تحديث: يوليو 8, 2024
حسين الفلوجي*
في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها العراق، تظهر اهمية إصدار النقد الجديد كأداة مهمة من أدوات السياسة النقدية التي يمكن تحريكها لتحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار المالي. ولكن للأسف، تم توجيه هذه الأموال بشكل غير فعّال خلال السنوات العشرين الماضية نحو القطاعات الاستهلاكية بدلاً من الإنتاجية، إضافة إلى استخدام هذه الاداة لسد العجز في الموازنة لتغطية الرواتب والميزانية التشغيلية.
من هنا، تبرز الحاجة إلى إعادة النظر في استخدام هذه الأداة المهمة وتبني استراتيجية جديدة تركز على توجيه الأموال نحو القطاعات الإنتاجية المدرة للدخل بالعملات الصعبة ودعم القطاع الخاص.
الوضع الاقتصادي في العراق
وفقًا للإحصاءات المتاحة، بلغ حجم النقد المصدر في نهاية عام 2017 أكثر من 44 تريليون دينار عراقي، في حين تجاوز حجم الكتلة النقدية 103 تريليون دينار عراقي في نهاية عام 2023. كل هذه الأموال تم توجيهها نحو قطاع الرواتب والإعانات بدلاً من توجيهها نحو القطاعات الإنتاجية. ولو تم التعامل مع هذه الأموال بحكمة وعلمية وضخها في القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية وقطاع التعدين، لكان الوضع الاقتصادي في العراق أفضل بكثير مما هو عليه الآن.
إن التركيز على القطاعات الإنتاجية مثل السياحة، الصناعة، والزراعة يمكن أن يسهم بشكل كبير في زيادة الناتج المحلي الإجمالي وتحسين مستويات المعيشة. فعلى سبيل المثال، الاستثمار في تطوير البنية التحتية السياحية والترويج للسياحة يمكن أن يجذب السياح الأجانب ويزيد من الإيرادات بالعملات الصعبة. وبالمثل، دعم الصناعة والزراعة لسد احتياجات السوق المحلي يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي ويمنع خروج العملات الصعبة من خلال تبني تقنيات حديثة وتحسين جودة المنتجات، مما يعزز القدرة التنافسية في الأسواق العالمية.
إن إعادة النظر والتعامل العلمي مع أداة إصدار النقد الجديد يمكن أن يساعد في إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني بشكل فعال ومستدام.
تحسين ميزان المدفوعات والحد من التضخم
يمكن لهذه الاستراتيجية أن تسهم في تحسين ميزان المدفوعات من خلال زيادة الصادرات وتقليل الاعتماد على الواردات. إن دعم القطاع الزراعي لسد احتياجات السوق المحلي وتصدير الفائض باستخدام التكنولوجيا المتقدمة وتطوير مرافق التخزين والنقل يمكن أن يحسن من جودة المحاصيل ويزيد من حجم الصادرات. بالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير الصناعات المحلية يقلل من الحاجة إلى استيراد السلع، مما يحافظ على العملات الصعبة داخل البلاد.
إن توجيه الأموال نحو القطاعات الإنتاجية بدلاً من الاستهلاكية يساعد أيضًا في الحد من التضخم الناتج عن زيادة الطلب دون زيادة مقابلة في الإنتاج. كما أن زيادة تدفق العملات الصعبة إلى الاقتصاد يعزز من استقرار العملة المحلية ويقلل من تقلبات سعر الصرف. بهذه الطريقة، يمكن تحقيق استقرار اقتصادي مستدام يعزز من قوة الاقتصاد الوطني ويحقق تحسينات ملموسة في مستوى المعيشة.
التنفيذ والمراقبة
لضمان نجاح هذه الاستراتيجية، من الضروري وضع خطة شاملة ودراسات جدوى اقتصادية لتحديد الأولويات والمشاريع المستهدفة. يجب أن يكون هناك نظام مراقبة وتقييم لضمان استخدام الأموال بشكل فعّال وتحقيق الأهداف المرجوة. التعاون مع المؤسسات المالية الدولية والشراكات الاستراتيجية مع القطاع الخاص يمكن أن يعزز من فعالية التنفيذ.
وبهذه المناسبة، نطالب بوقف إصدار النقد لأغراض سد العجز في الميزانية التشغيلية، والتأكيد على الالتزام الصارم بتوجيه أي أموال جديدة تصدر نحو القطاعات الإنتاجية بدلاً من ضخها في القطاعات الاستهلاكية. هذا التوجيه الحكيم للأموال سيساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتحسين الوضع الاقتصادي في العراق.
*سياسي مستقل
مرتبطالمصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: العملات الصعبة إصدار النقد یمکن أن
إقرأ أيضاً:
زيادة ضريبة النمو والاستدامة في غانا تثير الجدل
أعلنت الحكومة الغانية عن رفع ضريبة النمو والاستدامة على شركات التعدين من 1% إلى 3%، في خطوة تهدف إلى تعزيز الإيرادات الحكومية وتحقيق استقرار اقتصادي. لكن القرار أثار جدلاً واسعًا بين الحكومة، وممثلي القطاع الصناعي والمستثمرين، إذ اعتبرته جمعية الصناعات الغانية عائقًا أمام النمو، بينما دافعت عنه الحكومة باعتباره ضرورة اقتصادية.
جمعية الصناعات الغانية تحذرأعربت جمعية الصناعات الغانية عن رفضها الشديد لهذه الزيادة، محذرةً من أنها قد تعيق قدرة الشركات على التوسع والاستثمار.
وأشار المدير التنفيذي للجمعية سيث توكوسبو، إلى أن رفع الضريبة إلى 3% قد يقلص أرباح الشركات ويجعل بيئة الأعمال في غانا أقل جاذبية للمستثمرين، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف التشغيل والتحديات الاقتصادية الأخرى.
وحذرت الجمعية من أن استمرار هذه السياسات قد يدفع بعض الشركات إلى إعادة النظر في استثماراتها أو تحويلها إلى دول توفر بيئة أعمال أكثر استقرارًا.
الحكومة تدافعمن جانبه، دافع وزير المالية الغاني عن القرار، مؤكدا أن زيادة الضريبة ضرورية لتعزيز الإيرادات الحكومية وضمان استدامة مالية طويلة الأمد.
وأشار إلى أن العائدات الإضافية ستُستخدم لدعم القطاعات الحيوية مثل البنية التحتية، الصحة، والتعليم، مما يساهم في استقرار المالية العامة. كما أوضح أن غانا لا تزال تتمتع بمعدلات ضرائب تنافسية مقارنة بدول أفريقية أخرى.
إعلانوبحسب تقرير نشره موقع غانا ويب GhanaWeb، فإن الضريبة الجديدة ستُطبق على الشركات الكبرى، ولا سيما شركات التعدين، باعتبارها من أكبر المساهمين في الاقتصاد الوطني.
تداعيات القراريشكل قطاع التعدين ركيزة أساسية في الاقتصاد الغاني، إذ يوفر فرص عمل، ويساهم في الإيرادات الضريبية، ويحقق عائدات تصديرية ضخمة. لكن مع زيادة الضريبة، يثار التساؤل حول مدى تأثير القرار على استثمارات القطاع.
ووفقًا لتقرير نشره موقع Business Week Ghana، فإن رفع الضريبة قد يؤدي إلى تراجع الاستثمارات الجديدة في قطاع التعدين، مما قد يؤثر على أرباح الشركات العاملة فيه.
كما حذر بعض المحللين من أن هذا القرار قد يدفع الشركات إلى تقليص عملياتها أو نقل استثماراتها إلى دول ذات ضرائب أقل، مما سينعكس سلبًا على الإيرادات الحكومية على المدى الطويل.
بين الإيرادات والاستثماراتوسط هذا الجدل، ينقسم الرأي بين مؤيدي القرار الذين يرونه خطوة ضرورية لتمويل التنمية وضمان الاستدامة المالية، وبين المعارضين الذين يعتبرونه عبئا إضافيا على الشركات والمستثمرين.
وبينما تؤكد الحكومة أن هذه الخطوة ستعزز الاستدامة المالية، يرى خبراء الاقتصاد أنه من الضروري إيجاد توازن بين تحقيق الإيرادات ودعم بيئة الأعمال، حتى لا تؤدي السياسات الضريبية إلى انخفاض الاستثمارات وتهديد استقرار الاقتصاد على المدى البعيد.
في ظل هذه التحديات، يبقى تأثير زيادة الضريبة على جاذبية الاستثمار في غانا موضع جدل، وستكشف الأشهر القادمة مدى انعكاس هذا القرار على الاقتصاد الوطني.