مجزرة خلف الأبواب المغلقة.. فظائع الدعم السريع في السودان
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
قالت مجلة "لوبوان" إن الجنرالين عبد الفتاح البرهان رئيس القوات المسلحة السودانية ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) رئيس قوات الدعم السريع قد أغرقا السودان في حرب أهلية بعد أن قادا انقلابا معا ضد الرئيس السابق عمر البشير، ثم انقلابا ثانيا ضد الحكومة الانتقالية المدنية العسكرية، ليقتتلا على تقاسم الموارد الطبيعية -ولا سيما الذهب والنفط- والهيمنة على البلاد.
ونتيجة لهذا الصراع يمكن أن تؤدي أزمة الغذاء في السودان -وفقا للأمم المتحدة-إلى أخطر مجاعة منذ 40 عاما، ويعاني اللاجئون الذين يصلون إلى تشاد أيضا من الجوع، لأن المنظمات غير الحكومية تفتقر إلى الأموال اللازمة لإطعام وإغاثة ضحايا الكارثة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2انتصار أقصى اليسار بفرنسا يثير قلق يهود بارزينlist 2 of 2ليبراسيون: 10 خيارات لما بعد الانتخابات التشريعية الفرنسيةend of listوتنقل المجلة -في تقرير لمبعوثها الخاص في تشاد بوريس مابيار- ما يرويه لاجئون سودانيون هناك عن الفظائع التي ارتكبها رجال مليشيات الدعم السريع في بلادهم التي أغرقها الجنرالان في حرب أهلية لا ترحم.
نازحون من الجنينةوينطلق تقرير المجلة من وصول مجموعة من اللاجئين إلى الحدود على عربات تتأرجح وهي تعبر الوادي الجاف الذي يمثل الحدود بين السودان وتشاد، حيث تصل فاطمة مع نساء سودانيات وأطفال صغار وهم قادمون من بلدة الجنينة التي تعرض سكانها إلى انتهاكات فظيعة من قبل الدعم السريع، لينزلن بمنطقة أدري في تشاد حيث نهاية الرحلة ولكنها ليست نهاية المحنة.
وفي هذه النقطة أنشأت الجمارك والسلطات التشادية مكتبا لتسجيل اللاجئين، وهو عبارة عن طاولة وكرسيين بلاستيكيين، في ظل الامتداد الوحيد للجسر الذي توقف العمل عليه لسنوات، والذي تتمثل مهمته النهائية في توفير المأوى لنوم الجنود التشاديين.
معارك في الفاشر نشرتها منظمة العفو الدولية على موقعها الإلكتروني استهداف السكان المدنيينهنا يتولى فريق من منظمة أطباء بلا حدود مسؤولية تطعيم الوافدين الجدد، ويعطي مئات اللقاحات يوميا للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و15 عاما، كما يسجل حالات سوء التغذية الحاد كما هي حالة طفل فاطمة الصغير.
ومع أن المتحاربين معسكران -أحدهما تمثله القبائل العربية المتحالفة مع مليشيات حميدتي حسب المجلة، والآخر تمثله المساليت والقبائل غير العربية- فإن النازحين يوجهون أصابع الاتهام إلى المليشيات، إذ يقول جلال آدم يايا الذي بترت ذراعه بعد أن أطلق أحد أفراد مليشيا حميدتي النار عليه "إنهم الجنجويد الذين يكرهوننا لأننا سود، يسموننا النوبيين، أي عبيدهم السابقين".
وأشارت الصحيفة إلى أن جميع أطراف النزاع تستهدف السكان المدنيين، في تحد للقانون الإنساني الدولي، مشيرة إلى أن هناك دراما تجري خلف الأبواب المغلقة في مدينة الفاشر المحاصرة، حيث قطعت شبكة الاتصالات مع تواصل الهجمات والتفجيرات، مؤكدة أنه ما لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإنشاء ممر إنساني فإن المدينة تتجه نحو الكارثة.
تدفق اللاجئين إلى تشادوفي بلدة أدري التشادية يعيش 184 ألف لاجئ في ملاجئ مفتوحة تحت الأغطية البلاستيكية والناموسيات والأقمشة الممزقة، في انتظار قبولهم في المخيمات التي تديرها المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشركاؤها المحليون.
ويستمر تدفق اللاجئين الجدد -حسب المجلة- إلى مدينة أدري التي يبلغ عدد سكانها 26 ألف نسمة، وتستضيف اليوم أكثر من 200 ألف شخص دون احتساب المخيمات المقامة على أطرافها.
وهنا تقوم المفوضية بإدارة المخيمات وتوفر الخيام والقماش المشمع، ويوزع برنامج الغذاء العالمي الحصص الغذائية، في حين تدير منظمة أطباء بلا حدود جناحا للولادة وجناحا للأطفال والمستشفى المحلي الوحيد الذي يضم قسما للجراحة، كما تقوم منظمة غير حكومية بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر بحفر الآبار لجلب المياه الضرورية، حسب المراسل.
ويقول رئيس مكتب المفوضية في أدري بليز بوكوندي -الذي يرى أن الموارد المالية لا تواكب الأوضاع- "لم يتم سوى تمويل 10% من برنامج المساعدات رغم استمرار وصول اللاجئين وعدم توفر المياه والطعام بالقدر الكافي".
يبحثون عن الرجال لقتلهم
فقد أبو بكر كل شيء بعد أن دخلت المليشيات قريته كوندوبي شمال الجنينة، ويقول "كانوا يبحثون عن رجال القرية ليقتلوهم، رأيت ابن عمي يقتل ورأيت جارا ثم آخر يُقتلون، كان رجال المليشيات يطلقون النار في كل الاتجاهات، اضطررت إلى الهرب بأسرع ما يمكن تاركا كل ممتلكاتي وعائلتي، كان لدي تلفزيون وثلاجة و50 بقرة و200 دجاجة وأرض كنت أزرعها، نهبوا المنزل وسرقوا كل شيء ذي قيمة، ولكنني على قيد الحياة".
وفي ظل شجرة العناب وعلى الحصائر الممتدة على الرمال يتذكر اللاجئون هجوم المليشيات "إنهم يريدون قتل الرجال في سن القتال إلا من يوافقون على التجنيد معهم، أما النساء فليس لهن إلا الفرار، إنهم يسعون إلى الاستيلاء على ممتلكاتنا وأرضنا، نحن ضحايا إبادة جماعية جديدة".
وعندما يدعو أحد متطوعي المفوضية عبر مكبر الصوت اللاجئين للذهاب إلى المخيمات يهز أبو بكر ورفاقه أكتافهم، مفضلين البقاء حيث هم على بعد بضعة كيلومترات من الحدود.
ويقول أبو بكر إن المخيمات بعيدة عن كل شيء في الصحراء "في حين أننا هنا بجوار أدري وسوقها، يمكن للمحظوظين منا العثور على بضع ساعات من العمل في الحقول أو صناعة الطوب أو تفريغ الأكياس من الشاحنات".
ويقوم موظفو مفوضية اللاجئين بجمع روايات عن الانتهاكات التي تستهدف المدنيين عمدا، ولا سيما حالات الاغتصاب، وهم يطالبون بمحاسبة المتحاربين ويذكرونهم بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، كما يقول المراسل.
أطلقوا النار على ستينيوتتذكر إيناس يوم 15 يونيو/حزيران 2023 عندما اقتحمت قوات الدعم السريع منزل الأسرة في الجنينة وأسلحتهم في أيديهم، قاموا بفصل الأب الستيني عن عائلته ثم أطلقوا النار على رأسه من مسافة قريبة، وسط صرخات النساء اللاتي حاولن التدخل، لكن إصابة الأب لم تكن قاتلة وتم علاجه.
بعد هذه المأساة هربت النساء إلى أدري، لكنهن عدن إلى الجنينة، كل حسب دورها لرعاية الرجل المريض، وعندما جاء دور إيناس للذهاب ألقي القبض عليها، واتهمتها المليشيات بالتجسس لصالح الجيش السوداني، وتعرضت للضرب، وتقول "لقد ضربوا وجهي ورأسي، وكان الدم يسيل ثم حبسوني 8 أيام".
وتضيف إيناس "هددني أحدهم -وهو رجل عجوز- بأنه كان صائما ولكنه سيدعو المقاتلين الصغار ليفعلوا معي ما يريدون"، وهي اليوم مثل أي شخص آخر ترغب في أن تنتهي الحرب حتى تتمكن من العودة إلى دارها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
40 قتيلا بهجوم لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة بوسط السودان
الخرطوم - قُتل أربعون شخصا في هجوم شنه عناصر من قوات الدعم السريع مساء الثلاثاء على قرية في ولاية الجزيرة التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط السودان الذي دمرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف، على ما أفاد طبيب الأربعاء 20نوفمبر2024.
وقال طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم لوكالة فرانس برس إن "القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص". وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفا على سلامته بعد تعرض الفرق الطبية لهجمات.
وقال شهود في قرية ود عشيب إن قوات الدعم السريع التي تخوض حربا مع الجيش السوداني منذ منتصف نيسان/أبريل 2023، شنت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني.
وقال شاهد في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس إن "الهجوم استؤنف صباح" الأربعاء، موضحا أن المهاجمين يرتكبون "أعمال نهب".
ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها قوات الدعم السريع خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في تشرين الأول/أكتوبر.
ومنذ ذلك التاريخ، وثقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسية كانت تعد سلة الخبز في السودان.
وحذر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الجمعة من أن اندلاع أعمال العنف هناك "يعرض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر".
- نازحون ينقصهم كل شيء -
خلفت الحرب بين قوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو والجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي يمسك بالسلطة، عشرات الآلاف من القتلى معظمهم من المدنيين.
ولم يتم تسجيل الضحايا، بحسب الأطباء. وتتراوح التقديرات بين 20 ألفا و150 ألفا.
كما أدت الحرب إلى نزوح أكثر من 11 مليون شخص، فر منهم أكثر من ثلاثة ملايين إلى البلدان المجاورة.
واتُهم كلا الجانبين بارتكاب جرائم حرب. فقد حاصر مقاتلو قوات الدعم السريع قرى بأكملها، وقاموا بتنفيذ عمليات إعدام بإجراءات موجزة ونهبوا ممتلكات المدنيين بشكل منهجي.
وتعرضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة، مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية.
وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأصيب العشرات منهم بالمرض.
ويصل العديد من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد "السير لعدة أيام ... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها"، وفق ما قال دوجاريك الجمعة.
وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية.
وقال دوجاريك "إنهم مضطرون للنوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى".
وتقدر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80% من المرافق الصحية في المناطق المتضررة.
وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حاليا واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص من الجوع الحاد.
Your browser does not support the video tag.