ـــــــــــــــــــــــــ القصيدة الأولى ــــــــــــــــــــــــــــــــ
سما غارقة في الحلم
طاهر العميري
أنا غابة الأحجار.. في ظلها أكبر
وفوضى أغاني الأمس، ورْياح أوهامك!
في متاهة الكلمات تكمن القصيدة، توزع إرثها على المارة، وتسقي قوافل الغيث من مائها، تسارع إلى السماء دون أن تلتفت إليك، تجعل من السماء ماء، ومن الماء قصيدة، ذلكم هو الشعر حين يتكلم، وحين يقول الشاعر كلمته، وحين يصطاد الطائر فريسته، وحين يكون العشق سيدا كريما يوزع الابتسامات على الآخرين، ويسافر معهم في خيالات الحلم، ويرتفع مع العاشق إلى الغيم، حيث يكمن الشِعر بجبروت الواثق من حروفه المارقة.
الشاعر طاهر العميري يرحل مع الحلم إلى سماء بعيدة، يحلق فيها مع ذلك المسافر إلى حيث لا يوجد إلا كائن شعري هلامي، لا يكاد يًرى بغير عين العاشق.. لنقرأ..
أحبك أنا العاشق، أنا زهرة أيامك
أنا الذكريات الخضْر في حَقْل أحلامك
أنا غابة الأحجار.. في ظلها أكبر
وفوضى أغاني الأمس، ورْياح أوهامك!
تعالي قَمر أزرقْ تدلّى على شُرفة
وغيمةْ مطرْ تِنساب، تتبلل أعْوامك
تعالي، سِياج الورْد قلبيْ، هنا دربك
هنا يضحك الماْ.. تِرتعش خَطوة أقدامك
وتُدهشْ سماْ من رقتك والهوا يثمل
وتتلوّن الأشجار بالضوءْ وأنْسامك
بِرُغْم السنين الجارحة، لحظة إشراقك
بِرُغْم الدُّموع الغامضة، ونار آثامك
أحبك وسرب طيور في الصَدْر يرحل لك
وقطرةْ نَدى سالت على بابْ أيامك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ القصيدة الثانيةـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محكمة الأيام
سيف بن علي الرحبي
لو ملك أموال شتى دون عدّي
دون ناسه ما يفيده مول ماله
في محكمة الأيام يقف الناس حيارى، ينظرون إلى ساعة أيديهم، وهي تمر ببطء، يحاولون أن يتذكروا سواحل أحلامهم، ويعيدون شريط أيامهم، ويرحلون إلى تلك السنين الخوالي، حيث كان كل شيء يبدو هادئا، وأنيقا، فإذا هو بعد حين بحر هائج، يكنس كل ما يمر أمامه، ونجد أنفسنا وجها لوجه مع خيارات صعبة، وقاسية، لا نملك معها غير الاستسلام، تسليم الراية البيضاء، والنظر بدهشة نحو ما اقترفته الأيام، أو اقترفناه دون أن نعي أبعاده، وآثاره..
الشاعر سيف الرحبي يقف في محكمة الأيام ليرى ما آلت إليه ثقته بمن حوله..
محكمة الأيام تصدر حكم ضدي
وإن بغيت أستأنف الحكم..استحالة
كيف أقدر والضلوع العوج ندّي
وأنا كنت أحسب بهن تاتي السهالة!
لا غدى العكاز لي أمسّه في يدي
ينسلخ ويسلّم الأفعى بداله
يحسب أنه أسلوبه الخادع يودّي..
للبعيد وهكذا يوهم خياله
ما دري أنه كشف معنى التعدّي
يوم ثوّر في يده بضعة حثالة
محترف في المكر ويمينه يبدي
كذب يحلف من غباءه ومن جهالة
لو ملك أموال شتى دون عدّي
دون ناسه ما يفيده مول ماله
كم ملك قارون واستهوى التحدي
وخالي الكفين فارقهم عياله
أكتم إمّا بي ولا بيّحت سدّي
بس أجبرني الشعر أترك رسالة!!
شامخٍ لكنني ما درت خدّي
من عزاني صرت أقرب من ظلاله
للقريب وللبعيد أحفظت ودّي
وما سعيت أن الوصل أبتر حباله
يا زمن أجبلت به معنى التصدي
كل ما ودعت حاله جات حاله
معتصم بالله وصبري زاد جِدّي
والوقت أجتازها بحوره وجباله
حيل من يجتار بالله ما يهدّي
تضحك الأيام له ويا سعد فاله
ـــــــــــــــــــــــــــ القصيدة الثالثة ــــــــــــــــــــــــــــ
لا تزعل
عبير البوادي
حاضر أنا أبغيك، لا تزعل
الروح روحك، وأنا قلبك
يبقى العتاب واردًا بين الأحباب، وتبقى رائحة الود تعطر المكان، فمهما بعدنا إلى مكان غريب، يبقى حنيننا إلى المكان الأول، والحبيب الأول، نعيد معه الذكريات، ونرسمه في خيالنا، ونبتسم حين نتذكر مواقفه، ونحاور طيفه حين يغيب عنا، ويبقى الود ما بقي العتاب، فلكل شيء حل، وخير الحلول الكلام الطيب.
الشاعرة عبير البوادي تشاركنا للمرة الأولى بالقصيدة التالية..
حاضر أنا أبغيك، لا تزعل
الروح روحك، وأنا قلبك
كلما بغيتك، علي تبخل
وتشير عينك..أنا أحبك
خلك..وانشد علي واسأل
ما رحت عنك، خف ربك
أرجوك..لا تزعل، وترحل
القلب كله..فدا حبك
كلما بغيتك، تشب، تشعل
تحرق سكوني، وأنا جنبك
هانت..ترى يومنا عاذل
يشمت بنا، ويرحل بسبّك
يا آسر القلب لا تزعل
الروح لأجلك، وانا أحبك
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
التنافس على قيادة هيئة الحشد الشعبي يهدد وحدة الإطار التنسيقي
بغداد- مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في العراق المقررة في ديسمبر/كانون الأول المقبل، تظهر بوادر تفكك في الاتفاقات داخل الإطار التنسيقي الشيعي، ويرجع ذلك إلى تعارضها مع الحملات والمشاريع الانتخابية التي بدأت تلك القوى في تدشينها مبكرا.
وفي هذا السياق، يتصاعد الصراع بين الكتل السياسية على منصب رئاسة هيئة الحشد الشعبي، حيث تحول قانون "تقاعد الحشد الشعبي" من مسألة تشريعية إلى صراع سياسي حاد، ويعود جوهر الخلاف إلى أن القانون بصيغته الحالية سيؤدي إلى إحالة أكثر من 400 من قادته إلى التقاعد، بمن فيهم رئيس الهيئة فالح الفياض، وهو ما أثار تنافسا شديدا بين الكتل والفصائل للاستئثار بمنصبه.
وتولى فالح الفياض قيادة هيئة الحشد الشعبي في العراق عام 2015، بعد أن تم تعيينه من قبل رئيس الوزراء العراقي آنذاك حيدر العبادي، وقد جاء تعيينه آنذاك بعد أن تسلم مناصب أمنية عدة، منها مستشار الأمن الوطني العراقي.
يذكر أن الحشد الشعبي العراقي تم تشكيله من فصائل شيعية مسلحة منتصف عام 2014، استجابة لفتوى المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني لمحاربة "تنظيم الدولة الإسلامية"، بعد سيطرته على 4 محافظات شمال وشمال غرب البلاد، واقترابه من حدود بغداد آنذاك.
إعلانوتقدر أعداد الحشد الشعبي بعشرات الآلاف من فصائل مختلفة، كمنظمة بدر، وكتائب حزب الله (العراقي)، وعصائب أهل الحق، وحركة النجباء، فضلا عن حشود عشائرية سُنية، وفصائل مسيحية مثل "كتائب بابليون".
قالت يسرى المسعودي، وهي عضو في كتلة "صادقون"، التشكيل السياسي لعصائب أهل الحق، إن نقطة الخلاف الحالية حول بقاء فالح الفياض في منصبه كرئيس لهيئة الحشد الشعبي تتعلق بالسن القانوني، وإن هذا الأمر يسري على جميع موظفي الدولة العراقية وفقًا لقوانين التقاعد وتنظيم العمل بالقطاع العام النافذة.
ونفت المسعودي في تصريح للجزيرة نت وجود صراع على منصب رئيس الهيئة، مشيرة إلى أن هناك إصرارًا على تنظيم الهيئة عسكريًا وترتيبها، وإبعادها عن أي تأثير سياسي، وأعربت عن أسفها لتفسير هذا الترتيب على أنه صراع انتخابي.
وأوضحت أن المرشحين لمنصب رئيس هيئة الحشد الشعبي يجب أن يكونوا من داخل الهيئة، وضمن الإطار القانوني والعسكري، مؤكدة أن "الحشد مؤسسة عسكرية محترمة تحتاج إلى تنظيم وإبعاد عن التأثير السياسي"، كما أشارت إلى أنه "من غير المقبول تعطيل استحقاق آلاف المنتسبين بسبب التمسك بالمنصب"، مؤكدة المضي في تشريع قانون الخدمة والتقاعد لأبناء الحشد.
وشددت المسعودي على ضرورة ترتيب الأوراق والعمل بالوضع القانوني لجميع مؤسسات الدولة، بما في ذلك هيئة الحشد الشعبي، وأشارت إلى وجود عدد من الأسماء المرشحة، مع التأكيد على أن المرشح يجب أن يكون من داخل مؤسسة الحشد حصرا.
حماية الحقوقأكد وليد السهلاني، النائب عن كتلة بدر، أن الصراع الدائر حول منصب رئيس هيئة الحشد الشعبي لا يتعلق بشخص معين أو استهداف لشخصية بعينها، بل هو في الأساس سعي لتشريع قانون يهدف إلى حماية حقوق المقاتلين، ووضع معايير قانونية للسن التقاعدي، بغض النظر عن المنصب ضمن هيكلية الهيئة.
إعلانوأوضح السهلاني في حديث للجزيرة نت أن "موضوع قانون الحشد الشعبي يعد من أهم القوانين التي يعتبر تشريعها واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا، ولكن ضمن السياقات السليمة التي تهدف إلى خدمة المقاتل والمجاهد والهيئة عمومًا، بدءًا من رئاسة الهيئة كمسؤولين، وكذلك المقاتل والمجاهدون".
وأشار إلى وجود إشكالات فنية وإدارية فيما يتعلق بالعمر التقاعدي، وأنها يجب أن تحل من خلال إيجاد هيكلية واضحة لعملية الوصف الوظيفي لكل مسؤول في الهيئة، بدءًا من رئيس الهيئة إلى نائبه إلى المديرين العامين، وشدد على أن مغزى القانون هو خدمة المقاتلين، "وهذا أقل ما يقدم لهم" حسب قوله.
وبشأن الشخصيات والأسماء المقترحة لشغل المنصب، أشار السهلاني إلى أن "الموضوع غير مطروح في الأروقة السياسية، لكنْ هناك سعي لأن يكون رئيس الهيئة خارج إطار الأحزاب، وهي حوارات قد تكون بشكل ظاهري أو خلف الكواليس، لكنها فعليًا موجودة ضمن أروقة السياسة".
إثبات وجود
يوضح الخبير الأمني والعسكري مخلد حازم أن الصراع الدائر حول رئاسة هيئة الحشد الشعبي هو صراع "إثبات وجود وكسر إرادات"، مشيرا إلى أن قرب الانتخابات يساهم في تشكيل تحالفات وخرائط جديدة، حيث يؤدي بقاء فالح الفياض في منصبه إلى "كسب أصوات لا تصب في صالح الطرف الآخر".
وأوضح حازم في حديثه للجزيرة نت، أن منصب رئيس هيئة الحشد الشعبي أصبح "من المناصب المهمة في البلد، وله نفوذ وتواجد في جميع المحافظات"، مضيفًا أن "الفياض استطاع من خلال هذا المنصب أن يكون له اسم سياسي في محافظات سنية كنينوى والأنبار وصلاح الدين، وأن يفاوض على مناصب مهمة".
وأشار إلى أن هذا الأمر لن يطيب للشركاء في الإطار التنسيقي، الذين يرون أن صلاحية ومفعول الرئيس الحالي قد انتهت، ويطالبون برحيله بسبب كبر العمر، وأوضح أنهم يسعون إلى وضع "آليات ومحددات في قانون الحشد الشعبي".
إعلانوأكد أن "الاعتراض الحالي هو اعتراض شيعي شيعي بالنسبة لقائمة الحشد الشعبي، ولا يوجد اعتراض سني أو كردي"، مشيرا إلى وجود طرف مؤيد "لا يريد رئيس الهيئة الحالي أن يغادر منصبه لأنه مستفيد"، وطرف آخر رافض "يسعى للحصول على هذا المنصب له، أو من خلال التحالف مع أطراف أخرى لإيجاد شخصية تتبع لهم".
وانتقد حازم استغلال اسم هيئة الحشد الشعبي لأغراض شخصية وحزبية وولائية، محذرًا من أن ذلك "يتناسى المحددات والأهمية التي يحتاجها الحشد الشعبي في وجوده، كقوة تابعة لرئيس الوزراء وقوة مدافعة عن البلد".
وكشف حازم عن وجود "نية خارجية لحل هذه الهيئة لاعتبارات أن لها ارتباطات خارجية"، مؤكدًا أن هذا هو "أصل الموضوع وأصل الصراع"، وتوقع أن "يحل هذا الصراع عن قريب بوضع محددات للتمديد أو غيره وصلاحية لرئيس الوزراء ضمن هذا القانون".