حكم إقامة الحضرة التي تشتمل على قراءة القرآن وذكر الله تعالى
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن إقامةُ المجالس التي تشتمل على ذكر الله تعالى بأنواع الذكر الواردة من تسبيح وتكبير وغيرهما، وعلى تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى، وانتداب الناس للاجتماع إليها -أمر مشروع في الإسلام، وبذلك جاءت نصوص الوحي من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وجرى على ذلك عمل الأمة سلفًا وخلفًا.
أوضحت الإفتاء، أن من الآيات التي دلَّت على ذلك قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: 152]، وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ [البقرة: 200]، وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾ [آل عمران: 191]، وقوله تعالى: ﴿وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا﴾ [الحج: 40]، وقوله تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ﴾ [النور: 36-37]، وقوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا﴾ [الشعراء: 227]، وقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 10].
وتابعت: ومِن الأحاديث النبوية التي صَرَّحت باستحباب إقامة مجالس الذكر وحضورها والمداومة عليها، ورغَّبَت فيها، وعظَّمَت مِن شأنها وبركاتها وفضائلها وثوابها الجزيل عند الله تعالى ما وَرَد عن أَنَسٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: «إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا» قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: «حِلَقُ الذِّكْرِ» أخرجه الإمامان: الترمذي في "سننه" وحَسَّنه، وأحمد في "مسنده".
وعن ابن عمرو رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، ما غَنِيمَةُ مَجالِسِ الذكر؟ قال: «غَنِيمَةُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ: الْجَنَّةُ الْجَنَّةُ» أخرجه الإمامان: أحمد في "المسند"، والطبراني في "الكبير".
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ للهِ عَزَّ وَجَلَّ سَرَايَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ تَقِفُ وَتَحُلُّ عَلَى مَجَالِسِ الذِّكْرِ، فَارْتَعُوا فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ»، قلنا: أين رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: «مَجَالِسُ الذِّكْرِ، فَاغْدُوا وَرُوحُوا فِي ذِكْرِ اللهِ، وَذَكِّرُوهُ بِأَنْفُسِكُمْ، مَنْ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَعْلَمَ كَيْفَ مَنْزِلَتُهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ مَنْزِلَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ، فَإِنَّ اللهَ يُنْزِلُ الْعَبْدَ حَيْثُ أَنْزَلَهُ مِنْ نَفْسِهِ» أخرجه الأئمة: أبو يعلى في "مسنده"، والطبراني في "الأوسط"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
وقد نُقل الإجماع على استحباب إقامة حِلَق الذكر لله تعالى، والاجتماع عليها، والترغيب فيها من غير نكير، ما لم يكن علو الصوت فيه ضرر على أحدٍ كمريض ينزعج من الصوت أو غير ذلك، أو أن يكون فيها ما يخالف الشرع الشريف.
قال الإمام شهاب الدين الحَمَوِي في "غمز عيون البصائر": [وقد ذكر الشيخ عبد الوهاب الشعراني في كتابه المسمى بـ"بيان ذكر الذاكر للمذكور والشاكر للمشكور" ما نصه: وأجمع العلماء سلفًا وخلفًا على استحباب ذكر الله تعالى جماعة في المساجد وغيرها من غير نكير إلا أن يشوش جهرهم بالذكر على نائم أو مُصَلٍّ أو قارئ].
ثانيًا: الحضرة الصمدية:
مثلها مثل الحضرة السابقة حيث يشتمل الاجتماع فيها على الذكر من التسبيح والاستغفار وقراءة سورٍ من القرآن كالإخلاص، والفاتحة، وهي أمورٌ كلُّها مستحبةٌ كما سبق بيانه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء الذكر تلاوة كتاب الله الآيات القرآنية الأحاديث وقوله تعالى الله تعالى رسول الله الله ع
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: السنة النبوية ليست كلامًا بشريًّا مجردًا بل وحيٌا من عند الله
أكّد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن السنة النبوية تدخل في إطار الوحي الإلهي، وليست مقصورة على القرآن الكريم فقط.
وأشار إلى أن هذا السؤال من القضايا القديمة المتجددة، إذ لم تخلُ العصور من محاولات الطعن في السنة والسعي إلى إخراجها من دائرة الوحي، بالرغم من تعارض هذا الطرح مع ما جاء في القرآن الكريم، الذي يُستند إليه في كثير من الأحيان للتشكيك بها.
جاء ذلك خلال حديثه الرمضاني، حيث أوضح أن السنة النبوية هي وحي من عند الله، وأن العلاقة بينها وبين القرآن الكريم علاقة وثيقة، مشيرًا إلى قول الله تعالى:
{هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} [الجمعة: 2]، وقال العلماء إن المقصود بـ"الكتاب" هو القرآن الكريم، أما "الحكمة" فهي السنة النبوية.
وأضاف أن هذا المعنى يتأكد أيضًا في قوله تعالى: {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علّمه شديد القوى} [النجم: 3-5]، ما يدل على أن كل ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم هو وحي محفوظ من الله تعالى.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن السنة تأتي مفسِّرة للقرآن الكريم، بل إن النظر إليها يتم في ضوء ما أُضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، أو حتى من صفاته الخُلقية والخَلقية، وما صدر عنه في اليقظة أو في المنام، سواء قبل البعثة أو بعدها.
وبيّن أن من أبرز ما يدل على أن السنة وحي إلهي العلاقة الوطيدة بينها وبين القرآن الكريم، حيث إنها تؤكد ما جاء فيه، وتشرح المجمل، وتقيِّد المطلق، وتخصص العام، وتزيل الإشكالات، بل قد تنفرد أحيانًا بتأسيس أحكام جديدة، ويأتي ذلك في ضوء قوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7].
وفيما يتعلق بكتابة السنة وتدوينها، أوضح أن من يشكك في حجية السنة بحجة أنها لم تدوَّن في بداياتها، يتناقض حين يقبل بصحة القرآن، رغم أن نقلة القرآن هم أنفسهم من نقلوا السنة ووثقوها. ولفت الانتباه إلى أهمية التفريق بين مرحلتين: مرحلة الكتابة والتدوين التي بدأت منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومرحلة الجمع والتأليف التي جاءت لاحقًا، وخضعت لمنهج علمي دقيق ميّز الأمة الإسلامية بعلمين فريدين هما: علم الجرح والتعديل، وعلم أصول الفقه.
وأكد أن عملية النقد والتمحيص لنصوص السنة بدأت مبكرًا، وهو ما يدل على وعي العلماء بأهمية هذه المهمة، وإدراكهم لمسؤوليتهم العلمية والدينية.
وفي ختام حديثه، أشار مفتي الجمهورية إلى أن من أبرز أسباب الطعن في السنة اليوم: سوء الفهم، وقلة العلم، وعدم إدراك السياقات والدلالات النصية، وهي أمور لا يتقنها إلا من راسخ في العلم.