حذر جنرال إسرائيلي متقاعد من تداعيات رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لصفقة التبادل المقترحة مع فصائل المقاومة الفلسطينية والتي استؤنفت المفاوضات بشأنها منذ أيام في العاصمة القطرية الدوحة.

ونقلت صحيفة هآرتس عن الجنرال المتقاعد إسحق بريك القول إنه "إذا رفض نتنياهو الصفقة هذه المرة أيضا، فسنفقد المختطفين إلى الأبد وسنكون على شفا حرب إقليمية، ستكبدنا خسائر فادحة"،  مشبها ما سيحدث "بتسرب إشعاعي أو إلقاء قنبلة نووية علينا دون قصد".

ويلقب بريك -الذي قاد سلاح المدرعات بين عامي 2009 و2018، ثم تولى قيادة "مفوضية شكاوى الجنود"- بـ"نبي الغضب" في إسرائيل، لأنه تنبأ بهجوم يشنه آلاف المقاتلين الفلسطينيين على مستوطنات غلاف قطاع غزة على غرار ما حدث بمعركة طوفان الأقصى، كما أنه تنبأ بهجوم فلسطيني عارم في المستقبل القريب على المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

لا يمكن وقف حماس

وبدأ بريك بوصف وضع جيش الاحتلال الإسرائيلي في الحرب، قائلا "إننا نواصل القتال في قطاع غزة ونشن غارات متكررة على الأراضي التي احتلت؛ غارات لا هدف لها، ولكن ثمن الدماء التي تدفع لأجلها باهظ".

وقال إن "الجيش ينجح في تدمير المباني، لكن ليس هناك ما يمكنه فعله لوقف حماس، التي تجلس بأمان في الأنفاق، والتي عادت بالفعل إلى حجمها قبل الحرب وملأت فراغ قتلاها بمقاتلين من الشباب".

وأضاف "لا تستطيع دولة إسرائيل أن تحقق أيا من أهداف الحرب، لأنها بعد أن قلّصت قواتها في السنوات العشرين الماضية، ليس لديها قوات للاستقرار بشكل دائم في الأراضي التي احتلتها، وفي هذه الحالة لن تكون إسرائيل قادرة على هزيمة حماس".

ووصل بريك إلى حد القول "يجب الاعتراف بأننا قد خسرنا الحرب، فاستمرار القتال لن يسهم إطلاقا في تحقيق النصر، بل على العكس: هزيمة إسرائيل ستكون أكثر إيلاما".

ثم ذهب لانتقاد حكومة نتنياهو في تعاملها مع الإدارة الأميركية التي تسعى لتسهيل التوصل لصفقة تبادل، قائلا  "مع ذلك فإن المستوى السياسي الوهمي يضايق الرئيس الأميركي جو بايدن بعد هزيمته في المواجهة مع دونالد ترامب، في وقت تحتاج فيه إسرائيل إلى مساعدة الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى".

وانتقد الجنرال المتقاعد تهديدات إسرائيل بشن هجوم واسع على لبنان، ليقول "لا يفهم قادتنا ما الكارثة التي سيجلبها الهجوم على لبنان، ففي نهاية المطاف، إذا لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي القدرة على هزيمة حماس، فمن المؤكد أنه لن يتمكن من هزيمة حزب الله، الذي يملك ترسانة قوامها 150 ألف صاروخ وقذائف ومسيرات".

وفي هذا السياق، كشف عن تصريحات لجنود تتحدث عن خيانة وفشل في تسيير المعارك وإحباط لدى القوات، وأيضا عن كذب وتلاعب في حجم الخسائر التي يتكبدها جيش الاحتلال.

فرضيات استمرار القتال

وأكد الجنرال الإسرائيلي المتقاعد أن استمرار القتال في قطاع غزة، سيؤدي أيضا إلى استمرار القتال في الشمال، معتبرا أن ذلك لا يأتي بأي حل "بل يؤدي إلى تآكل الجيش والاقتصاد وعلاقات إسرائيل الدولية وقدرتها على الصمود الوطني، وسيؤدي إلى حرب إقليمية ستدمر البلاد".

وألقى بريك باللوم في الاستمرار بهذه السياسة، دون التوصل لصفقة تبادل أسرى ووقف الحرب مع حماس على من أسماهم "الفرسان الثلاثة الباحثين عن المغامرة" وهم نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هاليفي وأمثالهم من السياسيين وأصحاب الرتب العالية في الجيش.

وقال بريك إن "استمرار الحرب هي ضمانتهم الوحيدة للاستمرار في مناصبهم، وإنهم يتركون المختطفين حتى الموت ويرسلون مقاتلينا ليقتلوا عبثا، وهذه جريمة لا تقل عن جريمتهم السياسية".

وخلص إلى المطالبة بوقف "القتال في القطاع فورا. وهذا أيضا سيجر حزب الله لوقف محاصرتنا بالنار، والسماح بعودة المختطفين عبر الاتفاق، لاستعادة الجيش والاستعداد لحرب إقليمية، عندما يكون الجيش جاهزا فإنه سيكون قادرا على مواجهة أي تحدٍ" على حد قوله.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات استمرار القتال القتال فی

إقرأ أيضاً:

لهذه الأسباب نتنياهو خائف

تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، شهد جمودًا في الأسابيع الأخيرة رغم استدامة الاتصالات السياسية، بسبب تهرّب نتنياهو وعدم التزامه، لا سيّما رفضه الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق، مع محاولاته المتكررة تمديد المرحلة الأولى والاستمرار في إطلاق سراح الأسرى، كشرط لعودة تدفّق المساعدات والأدوية إلى القطاع.

خطورة فكرة التمديد التي يعمل عليها نتنياهو، أنها لا تلزمه، باستكمال استحقاقات الاتفاق الأصلي، لا سيّما التعهّد بوقف العدوان والانسحاب التام من قطاع غزة لبدء الإعمار، وتخلق أيضًا مسارًا جديدًا عنوانه؛ المساعدات مقابل الأسرى على مراحل، حتى يتم سحب ورقة القوة والضامن الواقعي لدى الطرف الفلسطيني.

نتنياهو ومحاولة الهروب

يُفضّل نتنياهو عدم الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّع عليه مكرهًا بضغط من المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، لعدة أسباب أهمها:

أولًا: التزامه بوقف الحرب على غزة والانسحاب التام، حسب الاتفاق، قد يؤدّي لانهيار ائتلافه الحكومي، ومن ثم الذهاب لانتخابات برلمانية، ترجّح كافة استطلاعات الرأي أنه لن يفوز فيها، بمعنى تحوّله إلى أقلّية في الكنيست، وخروجه من رئاسة الحكومة، وهذا يشكّل له نهاية لحياته السياسية البائسة.

ثانيًا: سيتعرض نتنياهو للجنة تحقيق رسمية، ربما تحمّله مسؤولية تاريخية عن الفشل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول (طوفان الأقصى)، وعن فشله في تحقيق أهداف الحرب المتوحّشة على غزة، والتي كان لها تداعيات إستراتيجية على إسرائيل داخليًا وخارجيًا.

إعلان

ثالثًا: الاتفاق يُعدّه اليمين المتطرف هزيمة تاريخية لإسرائيل، التي فشلت في حربها على غزة، وفقدت صورتها كقوّة رادعة مُهابة في الشرق الأوسط، بفقدان جيشها سمة الجيش الذي لا يُقهر، في وقت تنظر فيه محكمة العدل الدولية بارتكاب إسرائيل إبادة جماعية، ورئيس وزرائها نتنياهو مطلوب بمذكرة اعتقال صادرة عن الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

تلك الأسباب لليمين الإسرائيلي المتطرف، ليست متطابقة بالضرورة مع وجهة نظر الإدارة الأميركية، التي تسعى لتحقيق:

وقف الحرب على قطاع غزة، لأن استمرارها قد يُلقي بظلال سلبية على زيارة الرئيس ترامب إلى السعودية بعد شهر أو شهرٍ ونصفٍ تقريبًا، في وقت يسعى فيه لعقد شراكات اقتصادية، وإحلال "السلام" من خلال التطبيع مع إسرائيل. إطلاق سراح الأسرى ولا سيّما حَمَلة الجنسية الأميركية، كاستحقاق يريد الرئيس ترامب توظيفه كإنجاز تاريخي لإدارته في شهورها الأولى.

هذا يفسّر سبب قيام المبعوث الأميركي لشؤون الأسرى آدم بولر بالتواصل مع حركة حماس مباشرة، ورده على قلق إسرائيل واتصال وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، بقوله؛ "إننا لسنا عملاء لإسرائيل، وأميركا لديها مصالح محدّدة تجعلها تتواصل مع حركة حماس".

هذا التباين في المواقف بين واشنطن ونتنياهو، لم يصل بعد إلى النقطة الحرجة التي تدفع فيها الإدارة الأميركية نتنياهو للمضي قدمًا في استحقاقات وقف إطلاق النار، لا سيّما المرحلة الثانية من الاتفاق، حيث يقوم نتنياهو باستنفار أصدقاء إسرائيل في واشنطن للضغط على إدارة ترامب لوقف تواصلها المباشر مع حركة حماس، والانحياز إلى شروطه، لأنه يخشى من توصّل الإدارة الأميركية لاتفاق مع حماس، واضطراره للموافقة عليه مكرهًا، لأنه لن يستطيع قول لا للرئيس ترامب.

علاوة على أن التواصل الأميركي المباشر مع حماس، يحرمه من حصرية المعلومات التي ترد واشنطن من طرف إسرائيل فقط، والمعنية بشيطنة حماس والفلسطينيين بوصفهم إرهابيين وحيوانات بشرية.

إعلان حماس والواقع الصعب

تواجه حركة حماس واقعًا إنسانيًا صعبًا ومعقّدًا في قطاع غزة، وهي تحاول جاهدة إحداث اختراق ما في جدار الحصار المضروب على غزة، بتوفير متطلبات الحياة الكريمة للشعب الفلسطيني مع المحافظة على الحقوق الوطنية.

ويلاحظ أن إستراتيجية حماس التفاوضية تتكئ على عدة محدّدات أهمها:

أولًا: المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع، والمعمّد بدماء الشعب الفلسطيني، حيث حقّق الاتفاق لقطاع غزة، استحقاقات مهمّة؛ كعودة النازحين، وإمكانية وقف إطلاق نار مستدام، وانسحاب كامل لجيش الاحتلال، وإعادة الإعمار وإدخال المساعدات. ثانيًا: أي مناورات تفاوضية أو مقترحات من الوسطاء، تتعامل معها الحركة بإيجابية، شرط أن تكون جزءًا من الاتفاق أو تُفضي لاستحقاقات الاتفاق الأساس، القاضية بانسحاب جيش الاحتلال ووقف العدوان والإعمار، بمعنى أن الحركة يهمّها الجوهر وليس الشكل.

وفي هذا السياق يجري تداول بعض الأفكار أو المقترحات، مثل؛ إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى، وقد يكون منهم حَمَلة الجنسية الأميركية، قُبيل الشروع في المرحلة الثانية وتفعيلها بالضرورة أو إطلاق سراح جميع الأسرى دفعة واحدة مع الالتزام بكامل استحقاقات الاتفاق الموقّع.

لكن نتنياهو يتهرّب ويحاول تجاوز نهاية الشهر الجاري مارس/ آذار، دون اتفاق يُلزمه بوقف الحرب، حفاظًا على ائتلافه الحكومي المتطرف، ولتمرير قانون الموازنة نهاية الشهر الجاري، لأن عدم المصادقة على الموازنة، قد يؤدي إلى سقوط الحكومة دستوريًا، ومن ثم الذهاب إلى انتخابات مبكّرة، ما يشكّل تحديًا لنتنياهو، ولشريكه وزير المالية سموتريتش الذي قد يفشل في العودة إلى الكنيست (البرلمان) مجدّدًا.

هل تحسمها واشنطن؟

أصبح واضحًا للجميع أن حسابات نتنياهو، هي حسابات شخصية تتعلق بمستقبله السياسي وبمستقبل ائتلافه الحكومي المتطرف، وهي حسابات لا ترقى إلى مستوى الإجماع ولا تحظى بتأييد أغلبية الرأي العام الإسرائيلي الذي يُطالب بإطلاق سراح الأسرى دفعة واحدة، ووقف الحرب، حتى لو بقيت حماس جزءًا من المشهد السياسي في غزة.

إعلان

مجريات التفاوض، تشير إلى أن الوسيط القطري والمصري معنيان بتنفيذ الاتفاق الموقّع، ولكن الإدارة الأميركية، مع أنها ضغطت على نتنياهو لتوقيع الاتفاق، إلا أنها تنحاز لإسرائيل وتحاول مساعدة نتنياهو في مناوراته السياسية التفاوضية، علّها تستطيع عبر التلويح بـ "الجحيم" لغزة، وسكوتها عن جريمة وقف المساعدات والبروتوكول الإنساني كاستحقاق من استحقاقات المرحلة الأولى، أن تنزع من حركة حماس تنازلات تتناسب مع اشتراطات نتنياهو التعجيزية.

المعركة التفاوضية مستمرّة، وهي تحمل في بطنها فرضيات متعدّدة، إلا أنها بعيدة عن استئناف الحرب والعدوان المفتوح على قطاع غزة لرفض الرأي العام الإسرائيلي الحرب التي تتعارض أيضًا مع رؤية الرئيس ترامب المعلنة إلى اللحظة.

وبسبب استبعاد فرضية الحرب، فإن الاحتلال الإسرائيلي لجأ لاستخدام منع دخول المساعدات والإغاثة كأداة حربية ضد المدنيين في غزة، لتحقيق أهداف سياسية، ما يعد عقابًا جماعيًا وجريمة ضد الإنسانية.

وإذا كان الفلسطيني يتعرّض لأزمة وكارثة إنسانية قاهرة، فإن نتنياهو ليس في أحسن حالاته لفرض شروطه، لا سيّما بعد فشله في المقاربة العسكرية، وتراجع ثقة الجمهور الإسرائيلي به، والصراع الدائر بينه وبين قيادات الأجهزة الأمنية، الذي كان آخره الاشتباك الإعلامي بينه وبين رئيس الشاباك رونين بار، والذي إحدى خلفياته ملف الأسرى المتهم نتنياهو بتعطيله لحسابات شخصية.

تعتقد الأجهزة الأمنية بأن الفرصة متاحة الآن لإطلاق سراح الأسرى، بعد أن ضيّع نتنياهو العديد من الفرص سابقًا، فيما يرى نتنياهو أن استمرار التصعيد ورفع شعار الحرب أولوية له تهرّبًا من المحاسبة الداخلية على فشله في أهداف الحرب، ما يجعل ملف الأسرى حلقة صراع إسرائيلية داخلية أيضًا.

يبقى العامل الحاسم في المشهد التفاوضي هو العامل الأميركي الأقدر على كسر الحلقة المفرغة التي صنعها بنيامين نتنياهو، فهل تفعلها إدارة الرئيس ترامب أم أن نتنياهو سينجح في جرّ الإدارة الأميركية الجديدة إلى متاهاته السياسية تهربًا من الاتفاق واستحقاقاته؟

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • بعد عودة القتال .. نتنياهو يوجه تعليمات صارمة لوزرائه
  • حماس: نتنياهو يستخدم الحرب للهروب من أزمات سياسية ويضحي بالرهائن
  • كيربي: حماس رفضت إطلاق الرهائن وتمديد وقف القتال واختارت الحرب
  • مكتب نتنياهو: استئناف الحرب على غزة
  • محللون: الصراع بين نتنياهو وبار يقرب إسرائيل من الحرب الأهلية
  • نتنياهو أعلن الحرب.. إقالة رئيس الشاباك تثير انقساما حادا في إسرائيل
  • الدكتور ماهر صافي في حواره لـ"البوابة نيوز": الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة هي الأنسب للمرحلة الحالية.. تصريحات نتنياهو بعودة القتال في القطاع مناورات للضغط على حماس
  • بريك: لا توجد استراتيجية إسرائيلية واضحة لتحقيق انتصار حاسم في غزة
  • لماذا غضب نتنياهو من صفقة تبادل الأسرى التي وافقت عليها حماس؟
  • لهذه الأسباب نتنياهو خائف