تونس- تتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بأنه يسعى لإزاحة منافسيه من سباق الانتخابات الرئاسية في السادس من أكتوبر/تشرين الأول القادم عبر فرض شروط انتخابية على المقاس أو تحريك قضايا ضدهم، في وقت تعتبر هيئة الانتخابات أن الضمانات متوفرة لإجراء انتخابات نزيهة.

وعدّلت هيئة الانتخابات القرار الترتيبي المتعلق بقواعد وشروط الترشح للانتخابات الرئاسية بإضافة 3 شروط جديدة جاء بها دستور 2022 الذي صاغه الرئيس سعيد عقب إلغائه دستور 2014 وحله البرلمان السابق إثر اتخاذه التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021.

وهذه الشروط التي أدرجتها هيئة الانتخابات تتمثل في الترفيع في شرط السن من 35 إلى 40 عاما، وأيضا منع ترشح حاملي الجنسية المزدوجة، إضافة إلى شرط التمتع بالحقوق المدنية والسياسية للتأكد من خلو ملف المترشحين من السوابق العدلية التي تمنعهم من الترشح.

البطاقة عدد 3

كما تشترط هيئة الانتخابات على المترشحين للانتخابات الرئاسية عند تقديم "البطاقة عدد 3″، بمعنى بطاقة السوابق العدلية من أجل التثبت من نقاء ملف المترشح من أي موانع أو أحكام بالسجن تحرمهم من حقهم في الترشح.

وتتمثل تلك الموانع في صدور أحكام نهائية ضد أي شخص تمت إدانته بالحصول على تمويل أجنبي لحملته الانتخابية بانتخابات سابقة أو تقديم رشاوى للناخبين للحصول على تزكيات، وغيرها من الجرائم الانتخابية أو محكوم عليه بعقوبة تكميلية بحكم قضائي نهائي.

وحول دوافع إدراج تلك الشروط، أوضح عضو هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري في تصريح إعلامي أن تعديل القرار المتعلق بقواعد شروط الترشح يهدف إلى التطابق مع دستور 2022 الذي رفع في سن المترشح ومنع الجنسية المزدوجة وفرض شرط التمتع بالحقوق المدنية.

وقال المنصري إن المرسوم الرئاسي 55 لسنة 2022 الذي عدل بمقتضاه الرئيس قيس سعيد بعض أحكام قانون الانتخابات، نصص خصوصا في الفصل 163 على منع كل مترشح من سباق الانتخابات تمت إدانته بالحصول على تمويلات أجنبية أو مجهولة المصدر لحملته الانتخابية.

وبرر عضو هيئة الانتخابات اشتراط الهيئة على المترشحين تقديم بطاقة السوابق العدلية (بطاقة عدد 3) لكونها الوثيقة الرسمية الوحيدة التي تمكن الهيئة من التثبت من السجل القضائي للمترشحين من أجل فرز الملفات وقبول المترشحين الذين يستوفون الشروط فقط.

الطعن بنزاهة الانتخابات

ورغم انتقادات المعارضة لهيئة الانتخابات ونزاهة العملية الانتخابية، يؤكد المنصري أن هناك ضمانات كبيرة للقبول بنتائج الانتخابات الرئاسية بالنظر إلى وجود ضمانات قضائية كبيرة لمراقبة مسار الانتخابات، لا سيما من قبل المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات والملاحظين.

لكن القيادي بحزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني يقول للجزيرة نت إن المناخ العام بالبلاد لا يشي بالتوجه لانتخابات حرة ونزيهة تضمن تكافؤ الفرص، معتبرا أن هيئة الانتخابات غير مستقلة وتأتمر بأوامر الرئيس قيس سعيد الذي يرجح أن يعلن عن ترشحه بالفترة المقبلة.

وبالنسبة إليه، فإن الضمانات لإجراء انتخابات نزيهة غير متوفرة بسبب هيمنة الرئيس على هيئة الانتخابات والقضاء والإعلام العمومي وأجهزة الدولة، فضلا عن فرض شروط غايتها التقليص من حظوظ المترشحين في قبول ملفاتهم والترشح في سباق الانتخابات.

ويرى العجبوني أن هناك سوء نية من قبل هيئة الانتخابات في اشتراطها على المترشحين تقديم بطاقة السوابق العدلية (بطاقة عدد 3)، لأن المحكمة الإدارية أسقطت في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 شرط إرفاق هذه الوثيقة.

وكانت المحكمة الإدارية اعتبرت في 2014 أن الإدلاء بوثيقة من السوابق العدلية يبقى رهين وزارة الداخلية ويخرج عن إرادة المترشح لذلك فإن إلزامه بإرفاق مطلب ترشحه بالبطاقة المطلوبة يجعله أمام وضعية حرجة ومستحيلة، لذلك قررت إعفاء المترشحين من تلك الوثيقة.

ويتطلب استخراج هذه الوثيقة شهرا أو أكثر، فوفق المعارض العجبوني هناك مرشحون للانتخابات معتقلون بالسجون أو ملاحقون قضائيا تقدموا بطلب للحصول على تلك الوثيقة منذ الأول من يونيو/حزيران الماضي، لكنهم لم يحصلوا عليها إلى غاية اليوم.

ويؤكد العجبوني أن التأخير في منح البطاقة عدد 3 للمترشح، إضافة إلى قصر آجال المدة الزمنية الممنوحة من قبل هيئة الانتخابات إلى المترشحين لجمع 10 آلاف تزكية وغيرها من الشروط هدفها إزاحة المنافسين الجديين من سباق الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس قيس سعيد.

غلق الباب

وندد مرشحون للانتخابات الرئاسية بما اعتبروها شروطا إقصائية لصد الباب أمام منافستهم للرئيس قيس سعيد الذي تنتهي عهدته في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وقالت المرشحة ألفة الحامدي إن الرئيس سعيد أعدمها سياسيا بعد إقرار الترفيع في سن الترشح إلى 40 عاما.

واعتبر المرشح عبد اللطيف المكي الذي استدعي للمثول في 12 يوليو/تموز الجاري أمام قاضي التحقيق في قضية وفاة رجل الأعمال الجيلاني الدبوسي في السجن عام 2014، قبل أيام من إعلانه الترشح للانتخابات، أن هناك توظيفا للقضاء لإزاحة منافسي الرئيس بتحريك القضايا.

كما تم منذ أيام توقيف المرشح للانتخابات الرئاسية لطفي المرايحي في شبهة تتعلق بتبييض الأموال، وفق الناطق باسم المحكمة الابتدائية بتونس، وقد نشر المرايحي مقطع فيديو على صفحته قبل ساعات من اعتقاله يعلن فيه أنه سيكون ضحية اعتقال متعمد لإزاحته من سباق الانتخابات ضد الرئيس.

وقبل أيام كذلك، تداولت وسائل الإعلام خبرا مفاده الحكم على الصافي سعيد المرشح للانتخابات الرئاسية والكاتب والنائب السابق بالبرلمان بتهمة شراء ذمم ناخبين خلال جمعه للتزكيات في انتخابات 2014. وباتت هذه الأخبار عن توقيف المرشحين محل سخرية لدى الرأي العام.

ويقبع في السجن على ذمة التحقيق سياسيون من مختلف التيارات أعلنوا ترشحهم للانتخابات الرئاسية بينهم أمناء عامون ورؤساء أحزاب مثل زعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسى، وأمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي، وغيرهم من رموز المعارضة على غرار زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي.

تهديد بالمقاطعة

وتهدد قوى معارضة على غرار جبهة الخلاص وتنسيقية الأحزاب الديمقراطية التي تضم عددا من الأحزاب بمقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة، والعمل على التشكيك في مصداقيتها لدى الرأي العام إذا استقر رأيها على أنها لا تتوفر بها أدنى شروط النزاهة والتعددية ومبدأ تكافؤ الفرص.

ويقول القيادي بحركة النهضة وجبهة الخلاص المعارضة عماد الخميري إن الشروط الجديدة للترشح للانتخابات ارتبطت بدستور 2022 الذي صاغه الرئيس قيس سعيد بمفرده وعلى مقاسه خارج أي شرعية، مؤكدا أنه يقع تسييج الانتخابات بعديد الأحكام الاستثنائية لإقصاء خصوم الرئيس سعيد.

ويضيف للجزيرة نت أن الإشكال يكمن في هيمنة النظام الحالي على دواليب الدولة والإدارة، وبالتالي فإن حصول منافسي الرئيس على الوثائق المطلوبة يصبح أمرا صعبا أو مستحيلا، قائلا "كل المؤشرات تدل على أننا لا نذهب نحو تنافس انتخابي نزيه في ظل هذا المناخ العام المتسم بتجريم المترشحين وتخويفهم".

ويعتبر أن الانتخابات المقررة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل ستكون محطة انتخابية فارغة لسباق الرجل الواحد في إشارة إلى الرئيس قيس سعيد، وأنها ستعمق الأزمة السياسية المركبة في البلاد وستزيد في معاناة التونسيين الذي تدهورت أوضاعهم بشكل ملحوظ خلال فترة الرئيس سعيد.

في المقابل، يرى أنصار سعيد أنه ما زال يحتفظ لنفسه بشعبية أكثر من بقية المترشحين بسبب حبه للبلاد وسعيه لمحاربة الفساد عكس ما كانت تسعى إليه الأحزاب السياسية من تحقيق مصالح ضيقة والصراع على السلطة واستشراء الفساد، مما أدى إلى تدهور الأوضاع وفق رأيهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الانتخابات الرئاسیة للانتخابات الرئاسیة من سباق الانتخابات هیئة الانتخابات السوابق العدلیة الرئیس قیس سعید الرئیس سعید بطاقة عدد 3

إقرأ أيضاً:

الأولى منذ عقد.. ترحيب أميركي بإعلان نتائج الانتخابات البلدية في ليبيا

رحبت الولايات المتحدة الأميركية وأربع دول أوروبية هي فرنسا وإيطاليا وألمانيا والمملكة المتحدة، الاثنين، بإعلان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عن نتائج الانتخابات البلدية في ليبيا، داعية إلى استغلال هذه "الخطوة المهمة" من أجل "تطوير خارطة طريق موثوقة" لإجراء "انتخابات وطنية  ناجحة كجزء من عملية تسيرها الأمم المتحدة".

وقالت سفارات الدول الخمس إن "القادة البلديين المنتخبين حديثا حصلوا على تفويض من الشعب الليبي"، داعية السلطات الليبية إلى "دعم أداء عملهم لخدمة المصالح الفضلى للشعب الليبي".

بيان مشترك من سفارات ???????????????????????????????????????? عن نتائج #الانتخابات_البلدية #ليبيا pic.twitter.com/wTTRTES6l3

— U.S. Embassy - Libya (@USEmbassyLibya) November 25, 2024

وجاء ذلك بعد يوم واحد من ترحيب  بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الأحد، بإعلان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات للنتائج الأولية للانتخابات، داعية إلى "مواصلة الالتزام بالحفاظ على بيئة سلمية" مع بدء مرحلة الطعون اليوم الاثنين.

وذكرت البعثة أن الانتخابات البلدية "فرصة بالغة الأهمية للشعب الليبي لممارسة حقوقه في اختيار ممثليه وتعزيز الحكم المسؤول الذي يلبي طموحات الشعب". 

ترحب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بإعلان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات للنتائج الأولية للبلديات الثمانية...

Posted by ‎UNSMIL بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا‎ on Sunday, November 24, 2024

وقالت إنها "تقف على أهبة الاستعداد لدعم العمليات السياسية والانتخابية التي يقودها الليبيون ويملكون زمامها لتحقيق الشرعية والاستقرار طويل الأمد والتقدم الملموس للبلاد".

والأحد، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا عن النتائج الأولية لاقتراع البلديات التي شارك فيها نحو 77 بالمئة من الناخبين المسجلين.

وأدلى الليبيون بأصواتهم لاختيار ممثليهم في مجالس 58 بلدية، يوم 16 نوفمبر الجاري، على أن تجرى المرحلة الثانية في 59 بلدية مطلع العام المقبل.

وتنافس في هذه الانتخابات 2331 مترشحا على 426 مقعدا، بينها 68 مقعدا مخصصا للنساء.

#تغطية_مصورة للمؤتمر الصحفي لإعلان النتائج الأولية لانتخاب المجالس البلدية " المجموعة الأولى 58 بلدية "

Posted by ‎المفوضية الوطنية العليا للانتخابات - High National Elections Commission‎ on Sunday, November 24, 2024

وهذه الانتخابات هي الأولى من نوعها في هذا البلد المغاربي منذ نحو عقد من الزمن، وينظر إليها على أنها مقياس لمعرفة مدى إمكانية تنظيم انتخابات تشريعية.

وبعد أزيد من أربعة عقود من حكم القذافي، نظمت ليبيا في العام 2012 أول انتخابات وصفت بالحرة وذلك في يوليو 2012 لاختيار أعضاء البرلمان، قبل تنظيم انتخابات بلدية في نوفمبر 2013.

وفي العام 2014، نظمت ليبيا انتخابات برلمانية شهدت مشاركة ضعيفة بسبب ارتفاع منسوب العنف في ذلك الوقت.

مقالات مشابهة

  • الباروني: غياب الإرادة السياسية يعطل الانتخابات في ليبيا
  • الأولى منذ عقد.. ترحيب أميركي بإعلان نتائج الانتخابات البلدية في ليبيا
  • بيطري يتفوق على أستاذ تاريخ في انتخابات الرئاسة بأوروغواي
  • مؤيد لروسيا يفاجئ الجميع في انتخابات الرئاسة في رومانيا
  • حزب يرشح مؤرِّخا للانتخابات الرئاسية في بولندا
  • المفوضية تصدر بياناً حول التقارير المالية لمرشحي الانتخابات
  • الخراز: تأخير إعلان نتائج الانتخابات البلدية يثير مخاوف من التزوير
  • الناخبون الرومانيون يدلون بأصواتهم بالانتخابات الرئاسية وسط منافسة بين 13 مرشحا
  • الرومانيون يدلون بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية
  • الأوروجواي تشهد جولة إعادة للانتخابات الرئاسية