إلى اليسار دُر.. كيف تحولت الجمهورية الفرنسية إلى بطة عرجاء؟
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
استدارت فرنسا بشكل غير متوقع نحو اليسار بعد أن كانت تسير مسرعة نحو اليمين المتطرف، لكنها الآن تحولت إلى "بطة عرجاء" بعد أن تقاسمت ثلاثة أطياف مختلفة البرلمان دون غالبية مطلقة لأي منها؛ حيث حل اليسار المتطرف في المرتبة الأولى، يليه معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون الوسطي، وثالثا اليمين المتطرف الذي كان يحلم قبل أيام بتشكيل حكومة "تعايش" لإدارة البلاد.
ما المهم؟
لم يكن في حسبان أحد أن اليسار المتطرف (الجبهة الشعبية الجديدة) سيسيطر على المشهد السياسي في البلاد، وكانت السيناريوهات هي أن يدير اليمين المتطرف البلاد عبر حكومة "تعايش" أو يبقى الوسط في الصدارة بعد انسحاب مئات المرشحين لصالحه في محاولة لإحباط تقدم اليمين المتطرف، لكن اليسار المتطرف فاجأ الجميع.
وبرلمان بلا أغلبية مطلقة سيجعل من الصعب على أي طرف تمرير أي أجندة محلية، ومن المرجح أن يضعف دور فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه.
ماذا بعد؟
بدأت الأطراف الثلاثة الآن بحث خياراتها وتحالفاتها بغية الوصول لكتلة كبيرة كافية لطرح اسم رئيس جديد للحكومة، فيما قرر ماكرون التريث والطلب من رئيس وزرائه الذي قدم استقالته على إثر نتائج الانتخابات، جابرييل أتال، البقاء في المنصب لضمان استقرار البلاد.
ماذا قالوا؟
◼أعلن قصر الإليزيه أن ماكرون سينتظر "تشكيلة" البرلمان النهائية، ليقرر من سيعين في منصب رئيس الوزراء.
◼قال رئيس الحزب الاشتراكي الفرنسي أوليفييه فور: ينبغي أن نتمكن خلال الأسبوع الراهن من تقديم مرشح لمنصب رئيس الوزراء.
◼قال الناطق باسم الحزب الشيوعي السناتور إيان بروسا: "سنضطر على صعيد عدد كبير من المسائل لتوسيع غالبيتنا لأنها لن تكون كافية".
◼قالت زعيمة حزب الخضر مارين توندولييه إن ماكرون يجب أن يدعو اليسار إلى اقتراح اسم رئيس جديد للحكومة.
◼قال المنسق الوطني لحزب فرنسا الأبية مانويل بومبار إن اختيار مرشح لرئاسة الوزراء قد يحول عبر التوافق وليس التصويت داخل الجبهة الشعبية الجديدة.
◼قالت زعيمة التجمع الوطني اليميني المتطرف ماري لوبان، إن الانتخابات وضعت الأساس "لانتصار الغد".
◼قال الباحث في مركز البحوث السياسية في كلية سيانس بو تشكيكه، مارسيل فوكو، إن اليسار يبقى مجموعة سياسية أقلية مع أقل من 200 مقعد في البرلمان.
نظرة على البرلمان
1️⃣ حصل تحالف اليسار الفرنسي (الجبهة الشعبية الجديدة) على 177 إلى 198 نائبا وخالف جميع التوقعات التي كانت تنظر نحو اليمين.
2️⃣ حقق تحالف ماكرون أو ما يعرف بـ"الغالبية الرئاسية" المرتبة الثانية بعد أن صمد بفعل انسحاب مئات المرشحين لصالحه وحصل على 152 إلى 169 نائبا.
3️⃣ حقق اليمين المتطرف الذي كان من المتوقع أن يسيطر على البرلمان في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية المرتبة الثالثة مع توقع حصوله على 135 إلى 145 نائبا.
◼ تحتاج الغالبية المطلقة في البرلمان الفرنسي إلى 289 نائبا.
هل يمكن أن يتجاهل ماكرون الفائزين؟
نعم يمكنه ذلك، إذ لا يوجد في دستور "الجمهورية الخامسة" لعام 1958 ما يجبر الرئيس على تسمية رئيس الوزراء من التحالف الفائز في الانتخابات التشريعية، لكن التحالف قادر على عرقلة أو إسقاط أي حكومة لا تعجبه، غير أن رؤساء فرنسا دأبوا على أخذ توازن القوى في البرلمان بعين الاعتبار عند تكليف رئيس للوزراء بتشكيل حكومة.
ما هي خيارات ماكرون؟
◼ محاولة تشكيل تحالف بين الأحزاب الرئيسية. ومثل هذا التحالف لا وجود له حاليا ولكن ماكرون يحث الأحزاب على الاتحاد سويا لإبعاد اليمين المتطرف.
◼ تكليف رئيس للوزراء من اليسار لتشكيل "حكومة أقلية"، لكنها ستكون منتقدة في البرلمان.
◼ ليست الانتخابات المبكرة خيارا، لأنه لا يمكن تشريعيا عقد انتخابات برلمانية جديدة قبل عام من انتهاء الانتخابات الحالية.
وإذا لم تتفق الأطراف؟
قد تتعرض فرنسا لحالة من الشلل السياسي يتم خلالها إقرار القليل من التشريعات أو عدم إقرارها على الإطلاق مع وجود حكومة مؤقتة تدير الشؤون اليومية الأساسية على غرار حكومة تسيير الأعمال.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية فرنسا اليمين المتطرف اليسار المتطرف ماكرون الانتخابات فرنسا انتخابات اليمين المتطرف البرلمان الفرنسي ماكرون المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الیمین المتطرف فی البرلمان
إقرأ أيضاً:
حرب الجغرافيا
اليمين المتطرف الذى يحكم فى إسرائيل لا يتوقف عن الإعلان عن نيته التوسّع جغرافيًا فى المنطقة العربية وفقًا لمزاعم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، وهو ما ينسب لمرجعيات يهودية وسياسية فى أكثر من مناسبة يكفى على سبيل المثال التوقف عند تصريحات الوزيرين المتطرفين فى حكومة الحرب الإسرائيلية إيتمار بن جفير وزير الأمن القومى وبتسلئيل سموتريتش وزير المالية فى أكثر مناسبة.
فى السياق ذاته يمكننا قراءة حديث الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب عندما قال إنه كلما نظر إلى خارطة العالم ووجد إسرائيل صغيرة يحزن!! وكذلك حديث نتنياهو عما أسماه حرب الاستقلال الثانية، كل هذا يقول إن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ربما عازمتان على إعادة رسم الجغرافيا السياسية فى الشرق الأوسط.
بالتدقيق فى المواقف والتصريحات واتجاه الصراع فى المنطقة وشروط إسرائيل لإنهاء الحربين فى غزة ولبنان, يتضح أن هدف نتنياهو ومعه اليمين المتطرف هو تأمين عمق جغرافى لإسرائيل, وهذا لن يحدث إلا بضم الضفة الغربية والقدس وغزة ولا أستبعد أن يصل شطط نتنياهو إلى التفكير فى احتلال أجزاء من لبنان وسوريا والأردن، بذريعة تأمين حدود إسرائيل، وكل هذا بالطبع مع ضوء أخضر من دوناد ترامب.
تأتى كل المواقف السياسية الإسرائيلية لتؤكد صحة هذه القراءة لأهداف نتنياهو, فهل علينا مثلا أن نمرر تصريحات وزيرة الاستيطان أوريت ستروك بأنها تعمل على قدم وساق لإعلان السيادة الإسرائيلية على أكبر مساحة ممكنة من الضفة الغربية، وبأنه لا ينبغى وضع إستراتيجية للخروج من قطاع غزة وكذلك مطالبات سموتريتش من قسم إدارة المستوطنات فى وزارة الدفاع، وكذلك الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلى فى الضفة الغربية قبل أيام، بالبدء فى إعداد البنية التحتية اللازمة للسيطرة على الضفة الغربيّة, من دون أن نفهم أن محطتهم التالية هى الضفة والقدس فسموتريتش نفسه قالها علنا: «آن الأوان لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية فى عام 2025، فى ظل وجود ترامب فى البيت الأبيض».
الفكرة الصهيونية التى تنتصر للدولة اليهودية الخالصة تسعى عمليًا إلى احتلال كل فلسطين التاريخية، ولخدمة هذه الفكرة يرى اليمين المتطرف أن الخروج من غزة كان خطأ وأنه لابد من إعادة السيطرة عليها وأن الطريقة الوحيدة لإزالة التهديد المتمثّل فى قيام دولة فلسطينية هو السيطرة على الضفة الغربية عبر التوسّع الاستيطانى.
القضية الفلسطينية من وجهة النظر العادلة لا يمكن أن تحل من دون الرجوع إلى الشرعية الدولية وتطبيق قرار حل الدولتين وفقا لحدود الرابع من يونيو 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وهذا ما يطالب به المجتمع الدولى والزعماء العرب فى كل محفل وفى مقدمتهم الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي, ولكن إسرائيل تعمل كل ما فى وسعها لمنع إقامة دولة فلسطينية فالكنيست سنّ قانونًا فى يوليو الماضى، برفض الدولة الفلسطينية بأغلبية ساحقة، حيث صوّت 99 نائبًا لصالح القانون من أصل 120 عضوَ وأيضًا شرّع الكنيست فى عام 2018، قانون القومية اليهودية، لدعم الاستيطان، ولحصر حق تقرير المصير باليهود على أرض فلسطين التاريخية، أى عدم الاعتراف بالفلسطينيين كشعب أو قومية يحق لهم الاستقلال فى دولة فلسطينية.
كل ما حدث ويحدث الآن فى قطاع غزة من محو لكل مظاهر الحياة فى القطاع ليجبر الفلسطينيون على التهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم طلبا للحياة، هدفه فى المقام الأول تحويل قطاع غزة إلى واحة من المستوطنات ومن جانب آخر يقنن الاحتلال سياساته فى الداخل الإسرائيلى منذ سنوات عبر قوانين استعمارية لاحتلال الضفة الغربية والقدس.
فى تصورى أن الأيام القادمة ستدفع الاحتلال الإسرائيلى إلى تنفيذ مخططاته بغطاء أمريكي, لاسيما مع التفاءل الإسرائيلى بقدوم دونالد ترامب والذى أغدق بالوعود على اليمين المتطرف خاصة مع أعلانه أثناء حملته الانتخابية دعمه لفكرة توسيع الحدود الجغرافية لإسرائيل، على حساب الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة, وقد ظهرت مؤشرات تدعم هذا التفاؤل ممثلة فى الشخصيات المرشّحة لتشكيل إدارة ترامب، مثل المرشحين لحقائب الخارجية والدفاع ومستشار الأمن القومى ومدير المخابرات والسفير الأمريكى فى إسرائيل، كلها شخصيات صهيونية رافضة لفكرة الدولة الفللسطينية.
مع الأسف الحرب القادمة هى حرب جغرافيا بامتياز.