لماذا لا يستطيع العالم التغلب على التضخم المرتفع؟
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن مواجهة العالم، مشكلة ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم، وقالت إنه وفقا للخبراء الاقتصاديين، فإن هذا الوضع طويل الأمد، مشابه للصدمة الاقتصادية الواقعة في السبعينيات.
ونقلت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، عن الخبير الاقتصادي ووزير المالية الروسي السابق، ميخائيل زادورنوف أن وضع أسعار الفائدة المرتفعة والتضخم في العالم سيستمر لفترة طويلة.
وقال زادورنوف: "سأسلط الضوء على ثلاثة أسباب، العجز المستمر الحالي في الميزانية، في المقام الأول في البلدان المتقدمة وأيضًا في بعض البلدان النامية والمطالبات بزيادة الإنفاق الدفاعي لتغطية تكاليف التحول الأخضر وخدمة الديون وسلسلة كاملة من نفقات الميزانية الإضافية الكبيرة، التي ينبغي تحملها. تلاشت قضايا الكفاءة الاقتصادية الآن في الخلفية. كل دولة تريد إنشاء إطار معين للسلامة التكنولوجية".
وأشار زادورنوف إلى أن نفقات الميزانية تلعب دورا كبيرا في التضخم، خاصة في الأسواق المتقدمة، مضيفا: "سأعطيك بعض الأرقام. ماذا حدث؟ تُرجم التحفيز المالي الضخم للفترة 2020 و 2021 إلى دعم الميزانية لتعريفات الطاقة للأسر والشركات في أوروبا. بلغ الدعم لمكافحة كوفيد 18 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 و9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الفترة أي أن الولايات المتحدة أنفقت بحسب بيانات صندوق النقد الدولي الرسمية 5.3 تريليون دولار على الإعانات، نصفها عبارة عن دعم مباشر للسكان".
وأضاف زادورنوف أنه في ألمانيا بلغ الدعم لمكافحة كوفيد لمدة عامين 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي بريطانيا 9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2020 و 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2021.
وحسب المحلل المالي في "زينيت بنك" فلاديمير إيفستيفيف:"تاريخيا، تستغرق فترات الركود التضخمي بين 5و 10 سنوات. وهذه المرة، استمر مستوى التضخم المرتفع لفترة طويلة، حتى بالمعايير التاريخية. منذ 2008 و2009، بدأ عدد من البنوك المركزية في الدول المتقدمة في تنفيذ سياسة التيسير الكمي، والتي كانت في الواقع مسألة غير مضمونة".
ومن جانبها، ذكرت إيكاترينا نوفيكوفا، الأستاذة المساعدة في قسم النظرية الاقتصادية بجامعة بليخانوف الاقتصادي:"نستطيع القول إن العالم كله دخل عصر النمو التضخمي وارتفاع أسعار الفائدة. أعتقد أيضًا أن المشاكل بدأت مع الأزمة المالية العالمية في الفترة 2008 و2009، عندما استمرت الاقتصادات المتقدمة في العيش من خلال الاقتراض أكثر والبحث عن أسواق جديدة لسلعها وخدماتها".
وتابعت نوفيكوفا: "تفاقم الوضع في الوقت الراهن بسبب إعادة توزيع السوق العالمية بأكملها. بسبب تجزئة الاقتصاد العالمي، فقدت أوروبا مصادر الموارد الطبيعية الرخيصة، وهذا بدوره تسبب في زيادة أسعار العديد من السلع والخدمات. علاوة على ذلك، وبسبب ارتفاع الأسعار لا تستطيع الشركات الأوروبية التنافس في السوق العالمية مع الشركات المصنعة من الصين، مما يعني أن أرباح هذه الشركات آخذة في الانخفاض، مما يترتب عنه انخفاض في عائدات الضرائب وعجز الميزانية في العديد من الدول الأوروبية".
الزيادات الضريبية أمر لا مفر منه
حسب الرئيس السابق لوزارة المالية الروسية ستشهد العديد من الدول زيادة في الضرائب، وقد شرعت روسيا بالفعل في هذا المسار. وقال في هذا الصدد: "استنادا إلى مثال بريطانيا، أنا متأكد تماما من أن الحكومة المقبلة سوف تزيد الضرائب عاجلا أم آجلا والأمر سيان بالنسبة لعدد من الدول نظرا لأن هذه إحدى الأدوات لتحقيق التوازن في وضع الميزانية الصعب اليوم".
وذكرت ناتاليا ميلتشاكوفا، المحللة البارزة في فريدوم فاينانس جلوبال، إن رفع أسعار الفائدة في دول مجموعة السبع لا يزال له تأثير هبوطي على التضخم، وإن لم يكن بالسرعة التي ترغب بها البنوك المركزية العالمية، مضيفة أن التضخم المرتفع يمكن أن يستمر لبضع سنوات، بدأ من سنة 2022، ولكن من غير المرجح أن يستمر لعقود من الزمن.
وأوردت ميلتشاكوفا: "تطور وضع مشابه جدًا بالفعل في العالم في السبعينيات من القرن العشرين، عندما شهد العالم الغربي وعدد من البلدان النامية ذات اقتصادات السوق فترة من التضخم المرتفع بسبب ارتفاع أسعار النفط. لكن الصدمة الاقتصادية في السبعينيات من القرن الماضي استغرقت حوالي أربع سنوات، أي بحلول عام 1974 تم حل المشكلة. لم تلعب فقط أسعار الفائدة المرتفعة دورًا مهمًا، بل الانخفاض الحاد في الطلب من الدول الغربية على السلع والسيارات باهظة الثمن بشكل متزايد". ومع ذلك، فإن تكرار سيناريو أوائل السبعينيات من القرن الماضي يكاد يكون مستحيلا اليوم.
وأوردت الصحيفة أن أوبك بلس لا تزال تؤثر بشكل خطير على أسعار النفط. ومع ذلك، يوجد خارج المنظمة منتجون كبار آخرون للنفط يمكنهم من خلال زيادة إمدادات النفط تقليل فعالية تأثير أوبك بلس على الأسعار. وتشمل هذه البلدان، على سبيل المثال، الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والبرازيل.
وأشارت ميلتشاكوفا إلى "هناك عوامل لا يمكن تنظيمها بعد مثل تعطيل سلاسل التوريد مما يؤدي إلى نقص السلع أو المواد الخام أو المكونات. لقد أصبحت هذه المشاكل متواترة في العشرينيات من القرن الحادي والعشرين خلال جائحة فيروس كورونا، ولا تزال قائمة لأسباب جيوسياسية".
وقالت الخبيرة الاقتصادية الروسية أوكسانا خولودينكو: "دون الصدمات الاقتصادية، يمكن أن يعود الوضع حول أسعار الفائدة إلى طبيعته في غضون ثلاث سنوات. إن "البجعات الرمادية" التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم مشكلة التضخم في السنوات الخمس إلى العشر القادمة تتمثل في الركود في الولايات المتحدة والصدمة النفطية وتفاقم المشاكل الجيوسياسية، والكوارث من صنع الإنسان. ولكن عبء الديون والتركيبة السكانية هي مشاكل ذات طبيعة محدودة في حد ذاتها".
وحسب ميلتشاكوفا: "يتم تصدير التضخم المرتفع من خلال تكلفة السلع المستوردة. روسيا لم تتغلب بعد على اعتمادها الحاسم على الواردات. ومن هنا ارتفعت نسبة التضخم السنوي في شهر حزيران/ يونيو الماضي بنسبة 9.2 بالمئة. يمكن توقع النجاحات الأولى في مكافحة التضخم في نهاية عام 2024 – بداية عام 2025، عندما يكون لأسعار الفائدة المرتفعة تأثير على الاقتصاد".
من جانبه، أشار المحلل المالي في "زينيت بنك" فلاديمير إيفستيفيف إلى أن هناك أسبابًا داخلية تجعل من الصعب خفض أسعار الفائدة، وهي زيادة النشاط الاستهلاكي تزامنا مع زيادة الإقراض وزيادة في نفقات الميزانية.
وفي ختام التقرير، قال خولودينكو إنه فيما يتعلق بالسياسة النقدية، تعمل روسيا بشكل مستقل عن الدول المتقدمة. وفي السنة المقبلة، قد يتحول البنك المركزي الروسي إلى طريقة خفض سعر الفائدة الرئيسي، ربما في الخريف اقتداء بتصرفات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي العالم أسعار الفائدة الاقتصاديين التضخم التضخم العالم الاقتصاد أسعار الفائدة المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بالمئة من الناتج المحلی الإجمالی فی الولایات المتحدة التضخم المرتفع أسعار الفائدة من الدول من القرن
إقرأ أيضاً:
جولد بيليون: ارتفاع محدود للذهب العالمي وسط ترقب بيانات التضخم الأمريكية
ارتفع سعر الذهب العالمي خلال تداولات اليوم ولكنه في طريقه إلى تسجيل انخفاض أسبوعي بعد أن تأثر الذهب بشكل سلبي كبير بإعلان البنك الفيدرالي الأمريكي عن تباطؤ عمليات خفض أسعار الفائدة خلال العام القادم، بينما تنتظر الأسواق اليوم صدور بيانات التضخم الأمريكية.
وسجل سعر أونصة الذهب العالمي ارتفاع اليوم بنسبة 0.4% ليسجل أعلى مستوى عند 2607 دولار للأونصة بعد أن افتتح تداولات اليوم عند 2594 دولار للأونصة، وفق تحليل جولد بيليون.
انخفض الذهب يوم الأربعاء الماضي عقب اجتماع البنك الفيدرالي الأمريكي ليسجل أدنى مستوى منذ شهر عند 2583 دولار للأونصة منخفضة بنسبة 2.3%، ليتجه الذهب هذا الأسبوع لتسجيل انخفاض بنسبة 1.6% حتى الآن.
قام البنك الفيدرالي الأمريكي هذا الأسبوع بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليوافق توقعات الأسواق، ولكن توقعات أعضاء البنك وتصريحات رئيسه جيروم باول أظهرت تباطؤ متوقع لعمليات خفض الفائدة خلال العام القادم، وذلك بسبب عدم وضوح التوقعات بالنسبة للبنك واستمرار التضخم بأعلى من مستهدف التضخم لدى الفيدرالي.
نتيجة لهذا بدأت الأسواق المالية تسعر لعمليتين خفض في أسعار الفائدة فقط خلال العام القادم بعد أن كانت التوقعات تشير إلى 4 عمليات خفض، ونتيجة لهذا شاهدنا الذهب ينخفض بشكل كبير بسبب اعتماد ارتفاعه الأخير على توقعات الأسواق بانخفاض الفائدة الأمريكية.
تراجع الفائدة يقلل من تكلفة الفرصة البديلة للذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه، وبالتالي بعد أن أعلن البنك الفيدرالي أنه سيقلل من عمليات خفض الفائدة في عام 2025 تأثرت أسعار الذهب بشكل سلبي.
هذا وقد أظهرت البيانات يوم الخميس أن الاقتصاد الأمريكي نما بشكل أسرع من المتوقع في الربع الثالث، في حين انخفضت طلبات البطالة أيضًا أكثر من المتوقع، مما عزز التوقعات بأن البنك المركزي سيتخذ نهجًا حذرًا في تخفيف السياسة النقدية.
ويجب الإشارة أنه من الممكن أن يؤدي استمرار مرونة الاقتصاد الأمريكي إلى تقليل الطلب على الأصول الآمنة، وهو ما يضعف الطلب على الذهب الذي يعد الملاذ الآمن الأول في الأسواق المالية.
وينتظر المستثمرون اليوم صدور بيانات الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسية، وهو مقياس التضخم المفضل لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي، للحصول على المزيد من الأدلة على التوقعات الاقتصادية الأمريكية.
من جهة أخرى ارتفعت صادرات الذهب من سويسرا في نوفمبر الماضي بسبب ارتفاع الإمدادات إلى الهند وانتعاش بعض عمليات التسليم إلى الصين وهونج كونج مقارنة بأكتوبر. ولكن من المتوقع أن تشهد واردات الذهب الهندية تباطؤ حاد في ديسمبر الجاري، في حين دفعت أسعار الذهب المرتفعة العديد من المستهلكين إلى العزوف عن شراء الذهب.