المستقبل اللوجستي وفق "عمان 2040" (2)
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
منصور القاسمي *
تكملةً لما طرحناه في الحلقة الأولى من هذا المقال، فقد تطورت مجموعة كبيرة من الأدبيات حول أبحاث اتخاذ القرار متعدد المعايير خلال نصف القرن الماضي، وقد أدى إنشاء النماذج الهجينة التي تتضمن عدة طرق لتصنيف البدائل وتقييم معايير القرار مؤخرًا إلى التوسع في استخدام اتخاذ القرار متعدد المعايير، أحد هذه الأساليب هو طرق نهج اتخاذ القرار متعدد المعايير التي تؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة موضوعية النتائج.
ومن أهم الخطوات العامة المستخدمة في تقنية اتخاذ القرار متعدد المعايير بالأطروحة هي صياغة المشكلة، وترجيح المعايير، وتحديد البدائل، وتقييم البدائل، وتجميع المعايير، وتحليل الحساسية، ومن ثم اتخاذ القرار. حيث تبدأ بوصف المشكلة من خلال اختيار أنواع البيانات - مثل البيانات الواضحة أو الغامضة - على مدى دقة التعبير عن المشكلة، ويعد استخراج البيانات والتحليل متعدد المتغيرات طريقتان إحصائيتان تستخدمان في التحليل المسبق للبيانات، تتضمن الخطوة التالية من عملية اتخاذ القرار إنشاء علاقات معيارية وتخصيص الأوزان، وبعد ذلك يتم قياس أداء البدائل عبر المعايير وتصنيفها وتضمن هذه الاستراتيجية المنهجية الانفتاح وتقلل من عدم اليقين، وتعزز اتخاذ القرار بشكل متسق.
ولا شك أنَّ استخدام تقنيات اتخاذ القرار متعدد المعايير بالإطروحه يساعد في تحديد الحلول المناسبة التي تناسب تفضيلات متخذوا القرارات. إضافة إلى توفير طرق حديثه لأخذ التقييمات والتفضيلات الذاتية لصانعي القرار في الاعتبار، وتوفر أيضا أدوات مفيدة للتعامل مع قضايا القرار المعقدة في مجموعة متنوعة من المجالات بدءًا من تخصيص الموارد وتقييم المخاطر وحتى التخطيط الاستراتيجي واختيار المشاريع اللوجستيه. حيث يتم استخدامها في العديد من المواقف المختلفة ويلزم اتخاذ القرارات بسبب مرونتها وقدرتها على التكيف في إعدادات القرارات المعقدة وغير المتوقعة، كما أنها تزيد من الشفافية والمصداقيه وتساعد أصحاب القرار على اتخاذ قرارات أفضل مستنيرة من خلال الجمع بين العديد من الأهداف والمعايير ووجهات نظر أصحاب المصلحة.
وبالإطروحة يتم عرض مجموعة واسعة من التقنيات في مجال اتخاذ القرار متعدد المعايير التي تدعم عملية اختيار الأسواق سواء كانت المحليه او الدولية. وتضمنت هذه التقنيات استخدام أدوات مثل عملية التحليل الوراثي للتأكد من الأهمية النسبية لكل معيار تقييم أو الجمع بين النماذج المختلطة – مثل آلية استخلاص ونشر الأوزان الموضوعية على أساس مفهوم "شانون إنتروبيا" أو تقنية ترتيب الأفضلية من خلال التشابه مع الحل المثالي متعددة المعايير أو عملية التسلسل الهرمي التحليلي الغامض، تقنية تفضيل الطلب عن طريق التشابه مع الحل المثالي لكفاءة تقييم الأداء.
ويختلف الأداء اللوجستي للدول العربية بشكل كبير؛ وفي حين أن بعضها من بين الأفضل في العالم، إلا أن البعض الآخر لا يزال يواجه العديد من الصعوبات. ومع ذلك، ففي معظم المقاييس، شهد أداء العديد من الدول تقدماً ملحوظاً خلال السنوات العشر الماضية. في حين أن بعض الدول العربية تحتاج إلى تحسين البنية التحتية، فإن غالبيتها لديها مساحة للتحسين عندما يتعلق الأمر بالتدخلات السياسية من خلال تنفيذ تدابير تيسير التجارة ولا يمكن تحسين الأداء اللوجستي في المنطقة العربية إلا من خلال تنفيذ تدابير تيسير التجارة وخاصة على مستوى المؤشر الفرعي الجمركي، والربط الإلكتروني لمؤشر الأداء اللوجستي بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من التقدم لتعزيز الأبعاد الأخرى لمؤشر أداء الخدمات اللوجستيه. سأتطرق في الحلقة المقبلة من هذا المقال، إلى مزيد من التفاصيل حول وصف المشكلة التي تهدف الأطروحة إلى معالجتها والفجوات الواضحة.
* باحث دكتوراه تخصص علم اللوجستيات
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«عدسة عمان»: إطلاق كوكبة من الأقمار الصناعية العمانية خلال السنوات الـ5 القادمة
عززت سلطنة عمان حضورها في عالم تكنولوجيا الفضاء عندما نجحت في إطلاق أول قمر صناعي مسجل باسم سلطنة عُمان لدى المنظمة الدولية للاتصالات (ITU)، ويختصُّ بتقنيات الاستشعار عن بُعد ومراقبة الأرض، ومُعزز بتقنيات الذّكاء الاصطناعي.
يهدف المشروع إلى الوصول إلى بيانات الاستشعار عن بعد ودعم مشاريع التنمية المستدامة، وتحقيق مستهدفات الرؤية الوطنية 2040 في الابتكار والتكنولوجيا.
وقال علي بن ناصر الوهيبي مدير المبيعات والتسويق بـشركة (عدسة عُمان)، المشرفة على المشروع: إن انضمام سلطنة عمان إلى مجال تكنولوجيا الفضاء يفتح آفاقا جديدة للابتكار والتطوير التقني، ويحفز بناء الكفاءات الوطنية في مجالات علمية متقدمة، ويعزز دور سلطنة عمان كمساهم فعال في الاقتصاد الرقمي وتكنولوجيا المستقبل.
وأوضح أن القمر الصناعي OL-1 يهدف إلى دعم التنمية الوطنية ببيانات دقيقة تساعد على اتخاذ قرارات مدروسة تعزز الاستدامة في مختلف القطاعات، ويستخدم في عدة مجالات من للأغراض الزراعية، بحيث يمكن مراقبة حالة المحاصيل وتقييم صحة التربة، مما يسهم في تحسين الإنتاجية الزراعية المستدامة، وإدارة الموارد المائية من خلال تتبع مصادر المياه وتحليل مستويات الجفاف، لدعم كفاءة إدارة الموارد المائية، كما يستخدم للأغراض البيئية من خلال مراقبة التغيرات في الغطاء النباتي، وتحليل المناطق المتأثرة بالتصحر والتلوث البيئي، كما يستخدم في التخطيط العمراني من خلال تقديم بيانات دقيقة لدعم تطوير البنية الأساسية والتخطيط الحضري المستدام، وفي إدارة الكوارث عبر رصد الظواهر الطبيعية كالفيضانات والجفاف، للمساعدة في الحد من تأثيرها والاستعداد لها بشكل أفضل.
وأشار الوهيبي إلى أن القمر الصناعي OL-1 يعزز هذه المجالات من خلال تحليل البيانات عبر الذكاء الاصطناعي، ما يوفر رؤى معمقة تدعم اتخاذ القرارات الاستراتيجية.
وقال: إن القمر الصناعي يسهم في تحسين المستوى العلمي والبحثي باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات، حيث يمكن للباحثين الحصول على رؤى دقيقة حول التغيرات البيئية وأنماط المناخ، مما يسهم في تطوير حلول فعالة للتحديات البيئية والاقتصادية.
وعلى المستوى التعليمي يسمح القمر الصناعي للطلاب والباحثين بتطوير مهارات تحليل البيانات وتطبيق الذكاء الاصطناعي في علوم الفضاء، مما يعزز مناهج تعليمية متقدمة ويُنتج كوادر علمية مؤهلة.
وعلى المستوى المستوى الاقتصادي فإن القمر الصناعي عبر الذكاء الاصطناعي يدعم القطاعات الاقتصادية بتحليل البيانات الفضائية لتطوير استراتيجيات فعالة في الزراعة، والنفط، والمياه، مما يؤدي إلى تحسين الإنتاجية وتعزيز الاستدامة الاقتصادية.
وعلى مستوى المؤسسات والمشاريع الوطنية فإن القمر الصناعي يقدم رؤى قابلة للتنفيذ للمؤسسات الحكومية والشركات، مما يسهم في تحسين كفاءة المشاريع الوطنية مثل التخطيط العمراني وإدارة الموارد، ويدعم التحول الرقمي في سلطنة عمان.
وأكد علي الوهيبي أنه باستخدام الذكاء الاصطناعي، يتيح OL-1 لسلطنة عمان القدرة على تحويل البيانات الفضائية إلى قرارات واقعية تخدم أهداف التنمية الوطنية المستدامة وتعزز موقع عُمان كرائد في تكنولوجيا الفضاء.
خطط مستقبلية
وحول خطة الشركة المستقبلية قال مدير المبيعات والتسويق بـ «عدسة عُمان»: تخطط الشركة لإطلاق كوكبة من الأقمار الصناعية خلال السنوات الخمس المقبلة، بهدف تقليل زمن إعادة الزيارة إلى نفس النقطة على سطح الأرض، موضحا أن هذا التوجه سيمكن من الحصول على بيانات محدثة بشكل أسرع، مما يعزز قدرات المراقبة والاستشعار عن بُعد في سلطنة عمان، ويأتي ذلك في إطار الجهود المستمرة لتعزيز البنية الأساسية الفضائية وتطوير التطبيقات المرتبطة بها، بما في ذلك رسم الخرائط، والرصد البيئي، وإدارة الموارد، والزراعة، وإدارة الكوارث.
وأشار إلى أن استخدامات الأقطار الصناعية التي تعتزم الشركة إطلاقها ستعمل في عدد من المجالات بينها أقمار مخصصة للزراعة وستوفر بيانات دقيقة عن صحة المحاصيل والتربة، مما يساعد المزارعين على تحسين الإنتاجية وتقليل الاستخدام غير الضروري للموارد، وأقمار تختص بإدارة الموارد المائية لتسهم في مراقبة موارد المياه، ومستويات الجفاف، وإدارة الأحواض المائية بفعالية، وهو أمر حيوي لسلطنة عمان، إضافة إلى أقمار لحماية البيئة ستتيح مراقبة الغطاء النباتي، والتصحر، ومصادر التلوث، مما يعزز جهود حماية البيئة واستدامة الموارد الطبيعية، وأقمار للتخطيط العمراني ستدعم البيانات الأقمار الصناعية رسم خرائط دقيقة للتوسع الحضري وتطوير البنية الأساسية بطرق مستدامة، ما يضمن تحسين تخطيط المدن، وأقمار لإدارة الكوارث ستساعد في التنبؤ بالكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والعواصف الرملية، مما يتيح للجهات المختصة الاستعداد واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من تأثيرها.
إضافة إلى أقمار تختص بمجال النفط والغاز ستستخدم الأقمار لرصد المواقع وإدارة العمليات بطرق تساهم في زيادة الكفاءة وتقليل الأثر البيئي.
وقال الوهيبي: إن هذه المجالات تعكس استراتيجية «عدسة عُمان» في تسخير تكنولوجيا الفضاء لدعم التنمية المستدامة، تحسين جودة الحياة، وتعزيز الاقتصاد الرقمي في السلطنة.
تعزيز القدرات الفضائية
واكد الوهيبي أن سلطنة عمان عززت مكانتها في مجال الفضاء من خلال مجموعة من المبادرات والخطوات الاستراتيجية التي تشمل إطلاق كوكبة من الأقمار الصناعية لتوفير بيانات فضائية دقيقة ومحدثة، مما يسهم في تحسين الخدمات المرتبطة بالاستشعار عن بعد والتطبيقات العلمية وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الفضائية لتحليل البيانات الضخمة الناتجة عن الأقمار الصناعية، وبهذا الجانب يمكن لسلطنة عمان تحسين فعالية وأداء القطاعات الحيوية كالزراعة والمياه والتخطيط الحضري.
وفي مجال التعاون الدولي قال الوهيبي: إن تعزيز الشراكات مع وكالات الفضاء العالمية والمؤسسات الدولية يسهم في نقل المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة إلى سلطنة عمان، مما يدعم بناء بنية أساسية فضائية قوية، كما يعزز تمكين الكفاءات الوطنية من خلال تدريب الكوادر العمانية وإشراكهم في المشاريع الفضائية.
وفي مجال دعم البحوث والتطوير قال الوهيبي: إن الاستثمار في البحث العلمي وتشجيع المؤسسات الأكاديمية على إجراء أبحاث متقدمة في علوم الفضاء يسهم في إيجاد بيئة بحثية داعمة لتطوير تكنولوجيا الفضاء، كما أن وجود تطبيقات متنوعة لبيانات الأقمار الصناعية يمكن من استخدام بيانات الأقمار الصناعية في مجالات متعددة، مثل التخطيط العمراني، وإدارة الكوارث، والزراعة، وهذا الجانب يعزز دور سلطنة عمان كمركز إقليمي للابتكار في الاستشعار عن بعد، مؤكدا على أنه بتنفيذ هذه الخطوات، ستتمكن سلطنة عمان من تعزيز مكانتها كمساهم فعال في تكنولوجيا الفضاء على المستويين الإقليمي والدولي، وتكون قدوة في تحقيق التنمية المستدامة من خلال الابتكار العلمي والتقني.