جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-16@01:34:26 GMT

العارنوت… حراس الطبيعة

تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT

العارنوت… حراس الطبيعة

 

 

د. أحمد بن علي العمري

خلق الله سبحانه كل شيء بدقة وإتقان، ولكلٍّ دوره ومهمته المحددة في هذا الكون الواسع، ولم يكن جلَّ جلاله ليخلق شيئا عبثا، بل لسبب ومهمة مُكلَّف بها  فلا شك أن كل ما نراه حولنا يسبح في هذا الفضاء الكبير بتدبير من رب العالمين، وقد يبين لنا لقصر نظرنا ومحدودية علمنا أنَّ هناك كائنات ضارة وخطرة تهددنا وتهدد من حولنا.

ولقد لاحظت في الآونة الأخيرة توجًّهًا إعلاميًّا، وربما بعض الحملات لمحاربة العارنوت، وهو الاسم المحلي للحشرات الصغيرة جداً التي تتواجد أينما تواجدت الأشجار الكثيفة. ورغم أن الدراسات حولها قليلة جدًّا وشحيحة، فهي تنشأ حول المياه وفي الغابات والأحراش وفي لحاء الأشجار والنباتات الرطبة، وهي لا تنقل الأمراض كما هي الحال في البعوض أو الزاعجة المصرية وغيرها من الحشرات.. إنها لا تتواجد في السهول أو الهضاب أو التلال أو القمم، وهي الأماكن التي يرتادها المتنزهون، لكنها تتواجد في بطون الأودية والأشجار الكثيفة والغابات، وكأنما رب العالمين سخرها لحماية هذه الأشجار والمعتدين عليها، وربما لولا تواجدها ودفاعها عن هذه الأشجار لزحفت السيارات إلى هذه الأشجار، ونعلم أنَّ إطارات  السيارات تُغلق مسامات التربة الرطبة، مما يجعلها تنسد ولا تتنفس، وعليه يتعذر إعادة إنباتها للسنوات القادمة، وهذا هو التصحر بعينه، ونحن دائمًا نشكو ونتذمَّر من الزحف الصحراوي على الشريط الأخضر؛ سواء كان ذلك من جهة السهول أو من جهة القطن (منطقة ظل المطر)، والشريط الأخضر يتناقص عاما بعد عام بسبب التعدي البشري عليه.

فالعارنوت هذه تعتبر حراس الطبيعة، كما يحلو لي تسميتها دائمًا؛ حيث لا تعتدى على أحد، ولكن تدافع بما آتاها الله من قوة عند الهجوم عليها، كما توجد كريمات مصرَّح بها صحيًّا ومتوفرة في الصيدليات للحماية منها، وكذلك بعض الأساور الطاردة لها للذين يضطرون للذهاب لأماكن تواجدها كالباحثين والمصورين وهواة الطبيعة وغيرهم ، ويا حبَّذا  لو دخلوا هذه الأشجار سيرًا على الأقدام وليس بالسيارات للمحافظة على التربة من الانسداد.

إنَّني من الناس الذين يؤمنون بضرورة الإبقاء عليها، وعدم محاربتها، ولنترك الطبيعة تجري بمجراها كما خلقها رب العالمين الذي جعل الطبيعه تتكامل وتتناغم في منظومة يعجز كل علماء الكون عن الإتيان بمثلها، علما بأنَّ كل الغابات في جميع أنحاء العالم توجد بها هذه الحشرات أو شبيهاتها لتقوم بدور الحماية والدفاع عنها.. وعليه فإنِّني أدعو الجهات المعنية والمختصة وذات العلاقه للنظر للطبيعة بمنظورها المبدع؛ فالعارنوت تدافع عن الطبيعة، فلنحافظ عليها حتى تحافظ لنا على أشجارنا وطبيعتنا في توازن بيئي محكم.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها...،

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الحديقة العجيبة بسلا …حيث تعيش نباتات العالم في قلب الطبيعة

 

تأطير: الأستاذ أحمد أيت عدي

إنجاز:

فرح أيت دادا لمياء كواضيل وئام المقسط محمد ليموري

الحديقة العجيبة بسلا: رحلة عبر نباتات العالم وجهود الاستدامة

على بُعد دقائق من صخب المدينة، تحتضن منطقة بوقنادل بسلا الحديقة العجيبة، واحة من الصمت الأخضر والجمال الطبيعي الخلاب. هنا تتفتح أبواب عالم نباتي زاهٍ يأسِر قلوب محبي الهدوء والجمال.

إلا أن استدامة هذا الصرح الإيكولوجي الفريد تواجه تحديات جمة تتطلب تضافر الجهود.

مارسيل فرانسوا… الرجل الذي زرع حلماً أخضر

في عام 1951، وضع الفرنسي مارسيل فرانسوا حجر الأساس لحديقة طموحة تهدف إلى جمع نوادر النباتات من مختلف قارات العالم (أفريقيا، آسيا، أمريكا اللاتينية). وبفضل جهوده الدؤوبة وتخطيطه المستنير وشغفه بجمع النباتات النادرة والاستوائية، نجح في تحويل مزرعة عادية إلى متحف بيئي حي، ليُعلي بذلك قيمة الحياة البرية.

وذكر مسؤول في إدارة وتسيير الحديقة أن مارسيل فرانسوا عاد إلى فرنسا لإكمال دراسته، حيث تخرج كمهندسا متخصصًا في النباتات المائية، وقد أسس بيتين زجاجيين في محيط باريس، بالإضافة إلى تصميمه لمجموعة من الحدائق الطبيعية التي تعتمد على أساليب مستدامة وخالية من المبيدات.

مدخل الحديقة العجيبة… حيث تبدأ الرحلة عبر القارات الخمس

لقطة عريضة لمدخل الحديقة العجيبة                                                        

المصدر: التقطها فريق الصحفيون الشباب

تأسر اللحظة الأولى لدخول الحديقة العجيبة بسلا ،كبوابة تفتح آفاقًا واسعة نحو عالم أخضر ساحر ينتظر الاستكشاف. بتصميمه المميز وعناصره الجذابة، يستقبل المدخل الزوار ويدعوهم للانغماس في تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة وتنوعها.

الحديقة العجيبة التي حققت حلم عاشقي الطبيعة ومحبيها في جميع أنحاء العالم، وذلك بضمها لأكثر من 600 نوع نباتي مهدد بالانقراض، مما يجعلها كنزًا بيولوجيًا فريدًا.

فهي تجمع بين تنوع فريد يشمل أدغالًا استوائية من قلب أفريقيا، ونوادر نباتية من أمريكا اللاتينية، وحدائق ذات أصول آسيوية (يابانية وصينية وغيرها)، بالإضافة إلى مناظر آسرة لطيور مائية بألوان بديعة. وما يميز هذه الحديقة عن غيرها هو احتضانها لأربع عشرة حديقة فرعية تمثل مختلف بقاع العالم.

 

صرح إيكولوجي……. ورسائل تربوية مهمة

 

صورة لأحد الممرات التربوية                                

المصدر: إلتقطها فريق الصحفيون الشباب

تأخذنا الصورة في جولة بصرية على أحد الممرات التربوية الحيوية في الحديقة العجيبة بسلا. هذه الممرات ليست مجرد مسالك للتنزه، بل هي فصول دراسية مفتوحة تدمج بين الاستكشاف ومتعة التعلم.

بفضل رؤية مارسيل فرانسوا، لم تعد الحديقة العجيبة مجرد مساحة خضراء، بل تحولت إلى وجهة تعليمية وسياحية مرموقة تستقطب الباحثين والزوار من شتى أنحاء العالم. هنا، يكتشف الزوار جمالًا فريدًا وينعمون بالهواء الطلق، بينما تساهم الحديقة في نشر الوعي البيئي وتعزيز مفاهيم الاستدامة، وهو ما يجسد الدور التعليمي الهام الذي تضطلع به.

وفي هذا السياق، أكد السيد الشرقي مرزاق، المسؤول بالحدائق العجيبة، على الأدوار المحورية التي تضطلع بها الحديقة في المجتمع المغربي.

وأشار إلى أن الدور التربوي يأتي في مقدمة هذه الأدوار، وذلك من خلال تنظيم ورشات عمل ودورات توعوية تستهدف الأطفال والتلاميذ والزوار، بهدف تعريفهم بأهمية البيئة ومكوناتها من نباتات وأشجار وأنظمة بيئية متنوعة.

كما تساهم الحديقة في تعزيز حس المسؤولية البيئية لدى الأطفال من خلال تفاعلهم المباشر مع الطبيعة، مما يجعلها بمثابة مدرسة بيئية مفتوحة. فهي تعمل على تقوية الرابط الإيجابي بين الإنسان والطبيعة وترسيخ قيم بيئية نبيلة لدى الأجيال الصاعدة.

جهود مستمرة….. وشركات ملهمة

تبذل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية جهودًا متواصلة لوضع السياسات واللوائح الكفيلة بحماية الحديقة وضمان استدامتها. كما تعمل هذه المؤسسات على توفير التمويل الضروري لصيانة الحديقة وتطويرها، وتتولى مسؤولية إدارتها وتنظيمها، بالإضافة إلى سعيها لتعزيز المشاركة المجتمعية في جهود الحفاظ عليها.

من أبرز هذه المؤسسات نجد مؤسسة محمد السادس للحفاظ على البيئة التي تعمل على الحفاظ على التنوع البيولوجي في الحديقة، وتطوير البنية التحتية، وتوعية وتثقيف الجمهور حول أهمية الحفاظ على الحديقة.

وأكدت السيدة مريم، المسؤولة عن برامج التربية البيئية والشركات بمؤسسة محمد السادس للحفاظ على البيئة، على الدور المحوري الذي تضطلع به المؤسسة في دعم استدامة الحديقة. وأشارت إلى العديد من المبادرات الهامة، من بينها الممرات التربوية التي تهدف إلى نقل المعارف البيئية للأطفال والشباب بأسلوب تفاعلي وممتع. وتنتشر هذه الممرات في الفضاءات المفتوحة للعموم، وتتناول مواضيع بيئية متنوعة تتناسب مع البيئة المحيطة بكل ممر. وقد بادرت المؤسسة بإنشاء أول ممر تربوي لها في حدائق بوقنادل العجيبة عام 2011.

ويتألف الممر التربوي، الذي أُنجز بالتعاون مع سفارة هولندا، من سبع عشرة وحدة موزعة على خمس مسارات، تتناول مواضيع حيوية مثل التنوع البيولوجي، وإعادة تدوير النفايات، والتسميد، والغابات في المغرب، وأهمية الماء كمصدر للحياة، والبستنة الإيكولوجية. ونظرًا للنجاح اللافت الذي حققه هذا المفهوم المبتكر، قررت المؤسسة تكييفه وتطبيقه في مواقع أخرى.

وقد ساهم بشكل كبير عامل عقد الشراكات بين مختلف المؤسسات في تحقيق مجموعة من الأهداف البيئية والتربوية. ويُعد التعاون المثمر بين مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة والمؤسسات التعليمية والجمعيات المحلية نموذجًا يُحتذى به في سبيل حماية واستدامة الحديقة العجيبة، الأمر الذي سينعكس إيجابًا على أرض الواقع ويجعل من الحديقة نموذجًا بيئيًا وتربويًا رائدًا.

وأوضح السيد أبو العباس إبراهيم، رئيس الجمعية المغربية للسياحة البيئية وحماية الطبيعة، الدور الفعال الذي تضطلع به الجمعية في الحفاظ على الغابات والحدائق، ولا سيما الحديقة العجيبة، وذلك من خلال تنظيم زيارات ميدانية للحديقة بهدف توعية الأطفال بأهمية الحفاظ على البيئة وتبني سلوكيات سليمة في التعامل مع عناصر الطبيعة.

وبدوره، أكد الأستاذ مهدي السبكي، مدرس علوم الحياة والأرض بمؤسسة الخوارزمي الإعدادية، على الأهمية القصوى للحفاظ على الحدائق، نظرًا لدورها الحيوي في تحقيق التوازن البيئي من خلال صونها لمجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض على مستوى العالم.

     

صورة مقرّبة لنبتة نادرة                            

المصدر: التقطها فريق الصحفيون الشباب

لقطة مقرّبة تُبرز جمال وتفرد نبتة نادرة تحتضنها الحديقة العجيبة بسلا، وتسلط الضوء على الثراء البيولوجي الذي تزخر به الحديقة وأهمية الحفاظ على هذه الأنواع المهددة. تفاصيل أوراقها وألوانها الدقيقة تحكي قصة تكيفها الفريد مع بيئتها، وتدعونا للتأمل في عجائب الطبيعة وضرورة صونها للأجيال القادمة.

تظل الحديقة العجيبة بسلا، بما تكتنزه من ثروات بيئية فريدة.جوهرة خضراء تستحق منا كل العناية والحماية. إن دعم السياحة الإيكولوجية والمساهمة الفعالة في الحفاظ على هذا الكنز الطبيعي هو واجبنا جميعًا، لتبقى هذه الحديقة رمزًا شامخًا لالتقاء سحر الطبيعة وعراقة الثقافة في قلب المملكة المغربية.

مقالات مشابهة

  • كيت ميدلتون تتواصل مع الطبيعة وتتألق بقبعة بيكر بوي.. فيديو
  • الحديقة العجيبة بسلا …حيث تعيش نباتات العالم في قلب الطبيعة
  • احتفال الربيع وبهجة الطبيعة.. كيف بدأ شم النسيم؟
  • فيفا: كاميرات على أجساد حكام مونديال الأندية وقواعد صارمة على حراس المرمى
  • شجرة "العدنة".. أزهار تحكي جمال الطبيعة البرية في الباحة
  • أزهار شجرة “العَدَنَة” تزيّن جبل شدا الأسفل بالباحة
  • سنن نبوية في الصلوات حافظ عليها لتنال أجرها
  • تكثيف جهود النظافة وتهذيب وري الأشجار وتجميل الحدائق العامة والمتنزهات بأسوان
  • تحتوي على أقدم وأندر الأشجار في العالم.. غابات لبنان سحر لا يُقاوم مُهدد بالزوال! (صور)
  • 4 صفات لمن يدخلون الجنة بغير حساب.. تعرف عليها