أ. د. حيدر أحمد اللواتي
جَرَت عادة المجتمعات البشرية أنْ تقوم بإحياء مناسبات تاريخية لها صلة بما تعاصر من أحداث مُهمة، سعيًا منها للاستفادة العملية والمعنوية من تلك الحوادث التاريخية، واليوم يواجه عالمنا الإسلامي تحديات جسام، ويتعرض أهلنا في فلسطين إلى قمع وظلم لا تصفه الكلمات، ومقابل هذا الظلم والقمع تتجسَّد أمام أعيننا أجمل وأروع صور الصمود الذي تقفه ثلّة صامدة بموقف قلَّ نظيره في مواجهة القوة العالمية الغاشمة، وتتجلَّى لنا قيم العزة والشجاعة التي يُسطرها أبطال المقاومة في العالم أجمع.
وتُصادف هذه الأيام أحد أهم الحوادث التاريخية التي مرَّت في تاريخنا الإسلامي ألا وهي "واقعة عاشوراء"، وهي الواقعة التاريخية التي حدثت في سنة 61 للهجرة، واستشهد فيها الإمام الحسين بن علي سبط النبي المصطفى، وتعرض أهل البيت فيها للسبي، فتم سبي السيدة زينب بنت الإمام علي وعدد من نساء أهل البيت من كربلاء إلى الكوفة، ومنها إلى الشام، وهي أولى الحوادث في تاريخ المسلمين التي تسبى فيها نساء مؤمنات. ومن العجيب أن تكون السبايا بنات النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم!
وسبب الواقعة أنَّ الإمام الحسين عليه السلام، رفض بيعة يزيد بن معاوية، معللاً ذلك بقول بأنه "رجل فاسق فاجر"، وأنَّ "على الإسلام السلام بأن ابتليت الأمة براعٍ مثل يزيد"، وعلى الرغم من قلة المناصرين للإمام الحسين، إلا أنه أصرَّ على رفض البيعة، وعندما حذَّره بعض قوّاد الجيش الأموي الذي قدم لمحاربته، انتفض في وجه قائد الجيش قائلاً: "أفبالموت تخوفني؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟ سأمضي، وما بالموت عار على الفتى *** إذا ما نوى حقاً وجاهد مسلماً
وآسى الرجال الصالحين بنفسه *** وفارق مثبورا وباعد مجرما
فإن عشت لم أندم وإن مت لم ألم *** كفى بك ذلا أن تعيش وترغما
وكانتْ المواجهة في يوم العاشر من المحرم، وعلى إثرها استُشِهد الإمام الحسين عليه السلام.
إنَّ أهم ما يميز "واقعة عاشوراء" أنَّ الإمام الحسين وأصحابه جسَّدوا فيها كل القيم النبيلة والتي يمكننا الاستفادة منها في غرسها في نفوسنا وفي نفوس أبنائنا ونحن نعيش ذكرى هذه الواقعة الأليمة، فتغدوا قيم الإباء ورفض الظلم والعزة والكرامة قيمًا مغروسة في أجيال المستقبل، من خلال استحضار مواقف وأقوال الإمام الحسين؛ إذ لا يمكن لمُنصِف يمرُّ على واقعة كربلاء إلا ويشعر بالعزة والكرامة والفخر من المواقف والشعارات والخطب التي أطلقها الإمام الحسين وأنصاره الذين رافقوه في مسيرته نحو الشهادة الخالدة.
فمنذ أول مواجهة بين سفير الإمام الحسين مسلم بن عقيل، وبين الكتيبة الأموية التي أُرسِلت لاعتقاله عندما كان في الكوفة، صرخ فيهم مسلم بن عقيل بعد أن جرَّد سيفه هادرًا بأرجوزته: أقسمتْ ألا أقتل إلا حرًّا... وإن رأيت الموت شيئا نكرا.
وظلَّت قيم الحرية والإباء ملازمة للحسين والثلة المؤمنة معه، وتردَّدت على شفاههم طيلة يوم العاشر من المحرم؛ فكان صوت الحسين يهدر تارة بقوله: "هيهات منَّا الذلة"، و أخرى بـ"لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر إقرار العبيد"، وثالثة: "كونوا أحرارا في دنياكم". ولهذا غدا الإمام الحسين سيد أباة أهل الضيم، وغدا مُعلِّم الإنسانية وأستاذها الذي علَّمها مفاهيم الحرية والإباء والعزة على مر العصور والتاريخ، وظلت ذكراه حاضرة في قلوب محبيه ومريديه، وغدا عَلَمًا لكل ثائر على الجور والظلم، كما ظلَّ الحسين وظلت ذكرى شهادته تقضُّ مضجع الظالمين؛ فالحسين كان ولا يزال بمواقفه وشعاراته التي رفعها يوم عاشوراء يوقظ الضمائر ويحيي النفوس، إلا أنَّ عظم المأساة جعلت البعض من محبي الإمام الحسين ومريديه يفرغون مناسبة إحياء ذكراه من كل قيم العزة والإباء، ويصرِّون على اختزالها بدموع يذرفونها، وصيحات يرددونها، وبحزن يعتصر قلوبهم بما لاقاه الحسين من محن وبلاء، بل ووصل ببعضهم أنْ يقفوا أمام كل من يريد أن يُحيي قيم الحسين في أيام شهادته، مُعللين ذلك بأنه يومٌ مخصص للحزن وذرف الدموع، مع أنَّ القرآن الكريم يؤكد أهمية أخذ العظة والعبرة من الحوادث التاريخية: "لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِم عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَبِ" (يوسف:111).
ومن الملاحظ أنَّ المؤرخين يروون بأن الجيش الذي قاتل الإمام الحسين كان هو أيضًا يذرف الدموع عليه، كما كان أنصاره يذرفون دموعهم، لكن الفرق لم يكن قط في البكاء بين من نصره ومن خذله، وإنما انحصر الفرق بينهما في الموقف والقيم التي حملها الطرفان.
وبمقابل هؤلاء، هناك فئة أخرى من المسلمين وقفوا موقفًا سلبيًّا من الإمام الحسين وثورته، وألبسوا الثورة ثوبًا طائفيًّا، وبذلك حرموا أنفسهم من شم عطر الكرامة والشعور بالفخر من تاريخ الحسين ومن عطائه الثري.
إنَّ علينا نحن المسلمين أن ننتبه لهذه الحملات التي تسعى لبتر علاقتنا بالشخصيات الإسلامية الأصيلة وبالقيم التي جُسدت في مواقفهم؛ من خلال تحجيم تلك الشخصيات تارة، وإفراغها من قيمها التي جسدتها تارة أخرى؛ فعاشوراء كيفما نظرنا لها فهي معينٌ ثري لنهل دروس الكرامة والإباء، وحريٌّ بعالمنا الإسلامي لما يمر به من تحديات، وما يتعرض له أهلنا في فلسطين، أن يستغل هذه المناسبة ويتزود منها بقيم العزة والكرامة والإباء لنغرس في نفوس أبنائنا البطولة والشجاعة والشهادة في سبيل الله، وتكون حاضرة أمام أعيننا ونحن نتابع أبطال المقاومة في مختلف بقاع العالم من غزة وجنوب لبنان إلى سوريا وإيران واليمن والعراق، وهم يحملون قيم الحسين ومبادئه في وجه الظلم والجور، ويجسدون صرخته التي أطلقها يوم عاشوراء "هيهات منَّا الذلة".
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ما يجب فعله على الخياط بالملابس إذا تركها أصحابها عنده مدة طويلة
اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:" كيف يتصرف الخيَّاط في الملابس التي يقوم بتفصيلها ويتأخر أصحابها في تسلمها عن موعدها المحدد؟ فهناك رجلٌ يعمل خياطًا، ويقوم الزبائن بإحضار أقمشةٍ إليه لتفصيلها وملابس لإصلاحها، ويواجه مشكلة أحيانًا؛ حيث يترك بعضُهم تلك الملابس مدةً طويلةً، قد تبلغُ السنةَ وأكثر، مما يُسبب له حرجًا وضيقًا في محلِ العمل، فما التصرف الشرعي المطلوبُ في مثل هذه الحالة؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أنه لا يحق للخياط التصرف في الملابس التي عنده وتأخر أصحابها عن استلامها، بل يجب عليه المحافظة عليها، حتى يؤدِّيَها لصاحبها عِند طلبِها، فإن تأخَّر صاحبُ هذه الملابس في أخذها عن المُتَعارف عليه، ولم يُوجد اتفاقٌ بينه وبين الخيَّاطِ على موعد آخر، وطالت المدة فإن استطاع الوصُول إليه بالتحرِّي؛ كأن يسأل عن محِلِّ سكنه أو صديقِهِ: فيجوز له أن يوصِّلَها له في مكانه، والوجه في جوازِ توصيل الملابس لصاحبها في مكانِهِ مردُّه إلى الحفاظ عليها من الضياع والتلف بعد تأخُّره في تسلمها؛ لقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 16].
فإن عَجَزَ السَّائلُ عن الوصُولِ إلى صاحبِ الملابس: فعليه أن يقوم بتسليمها إلى أقرب مكتب للمفقودات والأمانات وما يُشبِهُه من إدارات تابعةٍ للجهاتِ العامَّة المُختصَّة كأقسام الشرطة؛ وذلك رفعًا للضَّرر الذي يلْحَقُ الخيَّاط وأمثاله؛ من جرَّاء بقاء ممتلكاتِ الغير في ضمانِهم، والانشغال بها، وترقُّب حضُورِهم لأخذها؛ والشَّرع قد جاء برفْعِ الضَّرر؛ فقد روى الإمام مالك في "الموطأ" أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا ضَرَرَ ولَا ضِرَار».
حرمة تناوُل مال الغير بأنواع المكاسب غير المُباحة شرعًا
مِن المقرَّر حرمة تناوُل مال الغير بأنواع المكاسب غير المُباحة شرعًا؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾، [النساء: 29]، أي: بما لم تُبِحْه الشريعة من نحو السرقة والخيانة والغصب والقمار وعقود الربا، كما تأوَّل الإمام الزمخشري في "تفسيره" (1/ 502، ط. دار الكتاب العربي).
وقد اتفق الفقهاء على أنَّ الأجير الخاصّ -وهو من يعمل عند مُستأجرٍ واحد مدةً معلومة، كالخادم والعامل- لا يضمن ما هلك عنده ممَّا استؤجر عليه إن كان بغير تَفريطٍ منه ولا جناية.
واختلفوا في تضمين الأجير المشترك -وهو من يعمل لغير واحد، كالخيَّاط والصبَّاغ وأصحاب الِحرف- من غير تعدٍّ منهم أو تقصير إذا ادَّعُوا هلاك المصنوعات المدفوعة إليهم، فقال الإمام أبو حنيفة: لا ضمان عليهم، وقال الإمامان مالك وأحمد والصَّاحبان من الحنفية: يضمنون، وللإمام الشافعي في هذه المسألة ثلاثةُ أقوال.
ودليلُ من أسقط الضمانَ عنهم أنه شبه الصُّناع بالمُودَع عنده، والشريك، والوكيل. أمَّا من رأى تضمينَهم فعُمدته النظرُ إلى المصلحة وسدِّ الذريعة. يُنظر: "بداية المجتهد" للعلامة ابن رُشد (4/ 16-17، ط. دار الحديث)، و"شرح مختصر الطحاوي" للعلامة الجَصَّاص (3/ 397، ط. دار البشائر الإسلامية).
وقد تواردت نصوص الفقهاء على ذلك.
قال الإمام ابنُ نجيم المصرِي الحنفي في "البحر الرائق" (8/ 31، ط. دار الكتاب الإسلامي) في خصوص الأجير المُشترك: [قال -رحمه الله- (والمَتَاعُ في يدِهِ غيرُ مضْمونٍ بالهلاكِ) يعني: لا يضمن ما ذكر سواء هلك بسبب يمكن الاحتراز عنه كالسرقة، أو بما لا يمكن كالحريق الغالب والغارة المُكابِرة، وهذا عند الإمام، وقالا لا يضمن إذا هلك بما يمكن التحرز عنه؛ لأن عليًّا وعمر ضَمَّناه] اهـ.
وقال الشيخ أبو الحسن علي المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (2/ 199، ط. دار الفكر): [(والصُّناع) الذين نصبوا أنفسهم للصنعة التي معاشهم منها كالخَيَّاطين (ضامِنُون لما غابُوا عليه) أي: ضامنون قيمته يوم القبض، ولا أجرة لهم فيما عملوه في بيوتهم أو حوانيتهم (عمِلُوه بأجر أو بغَيْر أجر)، وبهذا قضى الخلفاء الأربعة ولم يُنكِر عليهم أحد فكان ذلك إجماعًا؛ ولأن ذلك من المصلحة العامة؛ لأنهم لو لم يضمنوا ويصدقوا فيما يدعون من التلف لسارعوا إلى أخذ أموال الناس واجترأوا على أكلها] اهـ.
وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (3/ 477، ط. دار الكتب العلمية) مُبينًا أقوال الإمام الشافعي في المسألة: [(وكذا إنْ انفَرَد) باليد، سواء المشترك والمنفرد، فإن انتفى ما ذُكر في القسم قبله لا يضمن (في أظْهَرِ الأقوالِ) والثاني: يضمن كالمُستامِ؛ لأنه أخذه لمنفعة نفسه... (والثالث: يضمن) الأجير (المُشترك)، وفسر المشترك بقوله: (وهو من الْتَزَم عملًا في ذمتِهِ) كعادة القصَّارين والخياطين] اهـ.
وقال العلامة البُهُوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 271، ط. عالم الكتب): [(ويَضْمَنُ) الأجير (المُشترك) وهو من قُدِّر نفعه بالعمل، سواء تعرض فيه للمدة، ككحال يكحله شهرًا كل يوم كذا كذا مرة، أو لا كخياطة ثوب. وتقدم وجه تسميته بذلك (ما تَلف بفعلِهِ) أي: المشترك (من تخْريق) قصار الثوب بدقه أو مده أو عصره أو بسطه] اهـ.
ما يجب فعله على الخياط بالملابس إذا تركها أصحابها عنده مدة طويلة
الذي نختاره للفتوى من مذاهب الفقهاء: ما ذهب إليه الإمام مالك ومن وافقه من الفقهاء من تضمين الأجير المشترك والصُنَّاع فرَّطوا أو لم يُفرِّطوا؛ مراعاةً للمصلحة لما في عدم تضمينهم من خوف تضييع أموال الناس وتشجيعهم على الإهمال.
وعليه: فإنَّ يد الخيَّاطِ على قِطَع الملابسِ التي يَخِيطُها ويُصْلِحُها للناسِ يَدُ ضمان، فيكون ضامِنًا لما يتلف في يده أو ما يَضَعُونَهُ عنده بطبيعة الحال خلال مدة محدَّدة مِن الزمن حسبَ المُتَّفَقِ عليه، أو ما جرى عليه العرف السَّائِد عمَلِيًّا بين أصحاب المهْنةِ؛ لأنَّ المعرُوف عُرْفًا كالمشرُوطِ شرطًا.
فإنْ زادت المُدَّة عن ذلك صارت الملابس عنده من قبيل الوديعة، التي تُوضعُ عند غير المالك ليَحْفَظَها له، وعرَّفها البعض بأنها تسليطُ الغيْرِ على حفْظِ ماله صريحًا كان ذلك أو دلالة؛ كما جاء في متن "كنز الدقائق" للإمام النَّسَفِي، وشرحه "البحر الرائق" للإمام ابن نُجَيْم المصْرِي (7/ 273).
والمقرَّر شرعًا هو وجوبُ المُحافظةِ على الودائع والأماناتِ وأدائها لأصحابِها بلا نقْصان أو تعدٍّ؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أدِّ الأمانةَ إلى من ائتمَنَك، ولا تخُن مَن خانك» رواهُ أبو داود في "سننه".
والأصلُ في الشَّريعة الغَرَّاءِ هو بقاءُ الأملاكِ على ملْكِ أربابها، وتحريمُها على غيرهِم؛ لما جاء عن أبي بكرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجَّة الوداع: «إنَّ دماءَكُم وأموالكُم وأعْراضَكُم عليكم حرامٌ، كحُرمةِ يومكم هذا، في شَهْرِكُم هذا، في بلَدِكُم هذا، فليُبَلِّغ الشاهدُ الغائِبَ» متفق عليه.
الخلاصة
على ذلك: فإنه يجب على السَّائل المحافظة على الملابس التي عنده، حتى يؤدِّيَها لصاحبها عِند طلبِها، فإن تأخَّر صاحبُ هذه الملابس في أخذها عن المُتَعارف عليه، ولم يُوجد اتفاقٌ بينه وبين الخيَّاطِ على موعد آخر، وطالت المدة فإن استطاع الوصُول إليه بالتحرِّي؛ كأن يسأل عن محِلِّ سكنه أو صديقِهِ: فيجوز له أن يوصِّلَها له في مكانه، والوجه في جوازِ توصيل الملابس لصاحبها في مكانِهِ مردُّه إلى الحفاظ عليها من الضياع والتلف بعد تأخُّره في تسلمها؛ لقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 16].
فإن عَجَزَ السَّائلُ عن الوصُولِ إلى صاحبِ الملابس: فعليه أن يقوم بتسليمها إلى أقرب مكتب للمفقودات والأمانات وما يُشبِهُه من إدارات تابعةٍ للجهاتِ العامَّة المُختصَّة كأقسام الشرطة؛ وذلك رفعًا للضَّرر الذي يلْحَقُ الخيَّاط وأمثاله؛ من جرَّاء بقاء ممتلكاتِ الغير في ضمانِهم، والانشغال بها، وترقُّب حضُورِهم لأخذها؛ والشَّرع قد جاء برفْعِ الضَّرر؛ فقد روى الإمام مالك في "الموطأ" أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا ضَرَرَ ولَا ضِرَار».