في كل مرة نخترع طريقة.. ماذا تكشف سوق السجائر السوداء في غزة؟
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن السوق السوداء المزدهرة للسجائر في غزة تمنح "نافذة" على الفوضى واليأس بالقطاع، عقب 9 أشهر من الحرب المدمرة.
وكشف تقرير للصحيفة الأميركية أن تهريب السجائر بشكل غير مشروع عبر المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل، يتم من خلال إخفائها بداخل البطيخ، وصناديق الحفاظات، قبل أن يتم بيع السيجارة الواحدة بـ 30 دولارا.
ويقول مسؤولون في مجموعات الإغاثة الإنسانية إن عصابات تتربص على طول الطريق الذي يمر عبر المناطق العسكرية في جنوبي غزة، وتقوم بنهب الشاحنات بحثا عن السجائر.
وبمجرد وصول السجائر إلى السوق المفتوحة، تحاول سلطات حماس الحصول على جزء من المبيعات من خلال الغرامات والابتزاز، بحسب تجار ومدنيين.
وتؤجج السوق السوداء الهجمات على شاحنات المساعدات الإنسانية، مما يعيق إيصال المساعدات التي تشتد الحاجة إليها، بينما يحذر مسؤولو الإغاثة من المجاعة.
ونظمت حماس مبيعات التبغ، وحظرته في بعض الأحيان خلال 17 عاما، من وجودها في السلطة، لكنها استفادت أيضا من فرض ضرائب باهظة على هذا المنتج.
وقبل الحرب، كانت السجائر متوفرة على نطاق واسع في غزة، وهي وسيلة بسيطة للشعور بالراحة عند أفراد يعيشون تحت الحصار الإسرائيلي وحكم حماس.
وسمح الفراغ السياسي والأمني الذي خلفته الحرب في غزة بازدهار التجارة السرية، وفقا لمقابلات أجرتها صحيفة "واشنطن بوست" مع عشرات الأشخاص المتورطين أو المتضررين من تهريب السجائر في القطاع.
وكان رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، وضع خطة ما بعد الحرب سببا في إطالة أمد الفوضى وإحباط جنرالات الجيش، طبقا للصحيفة.
وقال رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في غزة، جورجيوس بتروبولوس، إن العصابات الإجرامية طورت "عملية شبيهة بالكارتيلات".
وأضاف أنه بسبب الطلب على السجائر، فإن أي شاحنة يمكن أن تكون هدفا.
وردا على ذلك، عين بعض تجار القطاع الخاص حراسا مسلحين لحماية قوافل شاحناتهم من النهب.
وقال بتروبولوس إن الشاحنات التي تحمل مساعدات الأمم المتحدة هي "هدف أسهل"، لأنها لا تقوم بتعيين حراس خاصين.
وقال يزن أحمد (34 عاما) الذي كان يعمل مدير مطعم في مدينة غزة: "هناك فوضى أمنية".
وبعد نزوحه إلى وسط غزة، أصبح أحمد يعتمد الآن بشكل كامل على المساعدات الغذائية الإنسانية، ولم يعد قادرا على شراء السجائر.
وأضاف: "الأقوياء يأكلون الضعفاء".
مسار تهريب السجائروفي دير البلح، وسط قطاع غزة، شاهد نادل مطعم عاطل عن العمل يبلغ من العمر 26 عاما أرباحه ترتفع من جراء مخاطرته في هذه التجارة.
وقال لصحيفة "واشنطن بوست" دون الكشف عن هويته، إنه انضم إلى التجارة في وقت مبكر من الحرب لإطعام زوجته الحامل.
ويبدأ طريقه الحالي من أسواق الفاكهة والخضراوات في الضفة الغربية، حيث يدفع الأشخاص الذين يعملون معه لسائق لإخفاء السجائر في السلع التجارية المتجهة لغزة.
وقال في مقابلة عبر الهاتف: "نقوم بترتيب علب السجائر في أسفل الصناديق التي من المفترض أن تحتوي على الخضار. في كل مرة نخترع طريقة معينة".
وأضاف أن إحدى الطرق تتضمن إنشاء فتحة صغيرة في البطيخ وإفراغ اللب لإدخال عبوات بداخلها سجائر".
وتابع: "كل علبة فيها (20) سيجارة تكلفنا 3 شيكل (0.8 دولار) من الضفة الغربية، ونحن نبيعها هنا مقابل 2000 شيكل (53 دولارا)"، أي حوالى 27 دولارا للسيجارة الواحدة.
وفي معبر كرم أبو سالم، تقول إسرائيل إنه يتم تفتيش جميع البضائع لمنع حماس من تهريب الأسلحة.
وقال رئيس الدائرة المدنية بمكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، إيلاد غورين، إنهم عثروا على "90 إلى 95 بالمئة" من السجائر المخبأة وصادرها المكتب، لكنه لم يرد على المزيد من الأسئلة التي طرحتها الصحيفة.
وبعد اجتياز التفتيش في معبر كرم أبو سالم، يدفع التجار لشركة نقل فلسطينية مرخصة من إسرائيل لنقل البضائع إلى الجانب الغزاوي.
ومن هناك، يقوم السائقون الذين تستأجرهم المنظمات الإنسانية، أو التجار من القطاع الخاص باستلام البضائع - إذا كان الطريق خاليا من القتال والعمليات الإسرائيلية - وينقلون البضائع إلى نقاط الإنزال ومستودعات المساعدات، إذا كان بإمكانهم الوصول دون تعرضهم للنهب أولا.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
نهاية أم مخرج سياسي.. ماذا حول صفقة "إقرار بالذنب" التي اقترحها الرئيس الإسرائيلي بشان نتنياهو؟ "تفاصيل"
في تطور سياسي وقانوني لافت داخل إسرائيل، دعا الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ إلى دراسة إمكانية إبرام صفقة "إقرار بالذنب" مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يواجه تهمًا بالفساد قد تضع مستقبله السياسي والشخصي في مهب الريح. هذه المبادرة تعيد إلى الواجهة تساؤلات كبيرة حول مصير نتنياهو وحجم التحديات السياسية والقانونية التي تواجهها إسرائيل في ظل أوضاع داخلية وإقليمية متأزمة.
خلفية القضية: نتنياهو في قفص الاتهام
يُحاكم نتنياهو منذ سنوات بتهم تتعلق بالرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال في عدة ملفات فساد معروفة في الأوساط الإسرائيلية. رغم محاولات مستمرة للطعن في الاتهامات واللجوء إلى الاستراتيجيات السياسية للبقاء في الحكم، إلا أن الضغوط القضائية تزايدت مع الوقت.
وظهرت فكرة صفقة الإقرار بالذنب عدة مرات في السنوات الأخيرة، لكنها كانت تصطدم برفض نتنياهو التام لأي تسوية تعني انسحابه من المشهد السياسي، الذي يعتبره خط دفاعه الأساسي. القبول بهذه الصفقة يعني الإقرار بوصمة عار قانونية تمنعه من تولي أي منصب رسمي مستقبلًا، وهي خطوة لم يكن مستعدًا لها حتى الآن.
تفاصيل صفقة الإقرار بالذنبوفقًا لما نشرته صحيفتا "يديعوت أحرونوت" و"هآرتس"، تتضمن الصفقة خروج نتنياهو من الحياة السياسية مقابل عدم دخوله السجن. الصفقة تعتمد على إقرار نتنياهو جزئيًا أو كليًا ببعض المخالفات، بعد تعديل لائحة الاتهام لتقليل خطورة الجرائم المزعومة.
مقابل ذلك، ستسقط النيابة العامة بعض التهم أو تقبل بعقوبة مخففة، ما يجنبه المحاكمة الطويلة واحتمال السجن الفعلي. هذه الاستراتيجية القانونية، المعروفة عالميًا باسم "صفقة الإقرار بالذنب"، تتيح إنهاء القضايا الجنائية بسرعة لكنها غالبًا ما تكون محفوفة بالجدل السياسي والأخلاقي.
السياق الدولي: مذكرات اعتقال إضافية تلاحق نتنياهولا تقتصر التحديات القانونية لنتنياهو على المحاكم الإسرائيلية فقط. ففي نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
وجاء في بيان المحكمة أن هناك أسبابًا منطقية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات استهدفت السكان المدنيين واستخدما التجويع كسلاح حرب. كما أشارت المحكمة إلى أن الجرائم شملت القتل والاضطهاد وأفعالًا غير إنسانية أخرى.
الكشف هذه الأوامر ضاعف من الضغوط على نتنياهو داخليًا وخارجيًا، وساهم في تعقيد حساباته السياسية والقانونية.
احتمالات المستقبل: إلى أين يتجه المشهد الإسرائيلي؟دخول الرئيس هرتسوغ على خط الأزمة يعكس قلق المؤسسة السياسية من تداعيات استمرار محاكمة نتنياهو على استقرار الدولة. فالخيار بين محاكمة رئيس وزراء حالي أو سابق وسجنه، أو التوصل إلى تسوية سياسية قانونية تخرجه بهدوء من المشهد، يحمل في طياته آثارًا سياسية واجتماعية عميقة.
ورغم أن إبرام صفقة الإقرار بالذنب قد يبدو مخرجًا مناسبًا للعديد من الأطراف، إلا أن قبول نتنياهو بها لا يزال بعيد المنال. فنتنياهو، الذي يَعتبر نفسه ضحية ملاحقات سياسية، قد يفضِّل المضي قدمًا في المعركة القضائية حتى النهاية، آملًا في البراءة أو في انقلاب سياسي لصالحه.
أما إسرائيل، فهي تجد نفسها أمام مفترق طرق: هل تواصل السير في طريق المواجهة القانونية بكل تبعاته، أم تلجأ إلى تسوية مكلفة سياسيًا لكنها تتيح طي صفحة من أكثر الفصول إثارة للانقسام في تاريخها الحديث؟
تطرح مبادرة الرئيس هرتسوغ سؤالًا وجوديًا على إسرائيل: ما هو ثمن العدالة وما هو ثمن الاستقرار السياسي؟ بغض النظر عن النتيجة، فإن مصير بنيامين نتنياهو سيكون علامة فارقة في مسار السياسة الإسرائيلية للسنوات المقبلة.