كان الإعلام وما زال عمودًا رئيسيًا في تكوين وتنمية الوعي المجتمعي، مساهمًا في إدارة الأزمات، ومع التطورات التي شهدها العالم في السنوات الماضية، كان للإعلام نقلة مهمة على صعيد الأبعاد التفاعلية والمعلوماتية، إذ رفع المستوى الفكري ودفع إلى العمل من أجل المصلحة العامة، وتبني مفهوم التثقيف المجتمعي والاستجابة لهذا التعطش الفطري المتجدد لدى البشر إلى المعرفة، وتوجيه هذا التعطش لمشاركة فعّالة في مختلف القضايا لتكوين وتشكيل الرأي العام.

ومع تلك التطورات، كان هناك حاجة ماسة إلى مزيد من التغيير الحقيقي داخل المشهد الإعلامي بما يتناسب مع مرحلة جديدة مهمة من عمر هذا الوطن، وذلك عبر تغيير بعض رؤساء الهيئات المسؤولة عن الإعلام والصحافة وإعادة ترتيب البيت من الداخل لضمان تحقيق متطلبات المستقبل.

وخلال الأيام الماضية، خرجت الأنباء حول تعيين الكاتب الصحفي ضياء رشوان رئيسًا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والدكتور طارق سعدة نقيب الإعلاميين رئيسًا للهيئة الوطنية للإعلام، بينما استمر المهندس عبدالصادق الشوربجي في منصبه رئيسًا للهيئة الوطنية للصحافة، تلك المسميات التي لاقت ترحيبًا شديدًا داخل الأوساط الإعلامية، لما لها من قبول كبير، إذ تحظى بتاريخ مهني حافل وخبرات كبيرة في مجالها، تمكنها من تقديم رؤى جديدة ومبتكرة لتحسين أداء الإعلام وتعزيز دوره في تجاوز الأزمات، ورفع الروح المعنوية، وتبادل المعلومات.

الكاتب الكبير ضياء رشوان يلقى ترحابًا كبيرًا داخل الأوساط الإعلامية سواء كانت قوى اليسار أو اليمين أو الوسط، فهو شخصية قادرة على تحقيق التوافق بين كل الأطراف، وإيصال صوت الإعلام، بما يسهم في تشكيل الصورة الصحيحة، أما النقيب طارق سعدة، فهو صاحب تاريخ طويل في الإذاعة المصرية، وساهم في تدشين نقابة الإعلام ثم نقيبًا لها.

فيما يستمر المهندس عبدالصادق الشوربجي في منصبه لما يتمتع به من خبرات كبيرة في مجال الصحافة وعمله على مواجهة أزمات المؤسسات الصحفية القومية لإعادتها لدورها الحقيقي.

مؤكّد أنَّ المهمة المقبلة لتلك القيادات لن تكون سهلة ولاسيما في ظل التطور التكنولوجي الكبير الذي أصبح وسيلة لهدم المجتمع، حيث نشر الشائعات والمعلومات المغلوطة، تلك الإشكاليات التي تتطلب إعادة النظر في استراتيجيات وخطط إدارة الأزمات المتبعة، لذلك سيكون دور القيادات الجديدة العمل علي «بناء الوعي الوطني»، حيث يتمّ إيصال المواطن إلى المجالات التي تعنيه وتتصل باهتماماته، ورفع مستوى الثقافة وتطوير الفكر العام للمجتمع، وتكوين الرأي العام المستنير إزاء قضايا المجتمع الداخلية والخارجية من خلال توفير المعلومات الصحيحة والكافية وعرض مختلف الآراء الواعية الصادقة، والإسهام في حل مشكلات المجتمع بإلقاء الضوء عليها، والتوعية بها، واقتراح أفضل الحلول لمعالجتها.

ستُسهم القيادات الجديدة في تكوين وتنمية الوعي للمواطن، بمعنى معرفته بحقوقه وواجباته، وما يجري حوله من أحداث ووقائع، لتشكيل إدراك الفرد لذاته وللآخرين من حوله.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سعيد حجازي الإعلام المعلومات ضياء رشوان طارق سعدة الصحافة

إقرأ أيضاً:

منير أديب يكتب: ترامب ما بين صفقة لم يحققها وحلم يسعى لتحقيقه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ليس كل ما تُريده الولايات المتحدة الأمريكية تستطيع أن تفعله، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يستطع إقرار صفقة القرن التي طرحها قبل أكثر من 4 سنوات، صحيح نقل السفارة الأمريكية كما وعد إلى القدس، ولكن بقيت إسرائيل في عزلتها الإقليمية.

صفقة القرن التي طرحها ترامب في هذا التوقيت لم تنل إسرائيل منها شيئًا غير نقل السفارة، وهو أمر يبدو شكليًا، فواشنطن منحازة لإسرائيل منذ إنشائها في العام 1948، بل وتعتبرها الولاية 51، وكان هذا واضحًا من حجم التسليح الذي قدمته أمريكا في الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

ربما فشل دونالد ترامب في إقرار هذه الصفقة في ولايته الأولى في العام 2016، وهو ما جعله يُعيد الحلم مرة ثانية، ولعل المسمى تغير من مجرد صفقة للقرن إلى حلم القرن، ولعل الصفقة تحولت إلى صفعة على وجه واشنطن لم تتخف منها حتى الآن.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل تحولت الصفقة إلى مجرد حلم غير قابل للتمكين أو التنفيذ؟ فعندما تتحول الأحلام الممكنة إلى أحلام مستحيلة تظل في طور الحلم، ويبدو أن هذا ينطبق على ما طرحه دونالد ترمب وأصر عليه.

أمريكا دولة كبيرة اقتصاديًا وعسكريًا، وهناك تحالف استراتيجي بين نيويورك والقاهرة، ولكن هذا التحالف مبنى على المصلحة، ومحددات الأمن القومي المصري، وهذا ما يدفعنا إلى القول، إن القاهرة سوف تظل على موقفها من رفض تهجير الفلسطينيين إلى أراضيها.

رفض القاهرة ليس مرتبطًا برفض تهجير الفلسطينيين إلى أراضيها وفقط، ولكن رفض مبدأ التهجير عمومًا حتى ولو كان لدولة ثالثة بخلاف القاهرة والأردن، وهذا الموقف مرتبط بدفاع القاهرة عن القضية الفلسطينية ورفض أي محاولات لتصفيتها.

لا تستطيع واشنطن أن تفرض وجهة نظرها على القاهرة فيما يضر بأمنها القومي، ولا أحد يملك قرار القبول من عدمه، ولذلك السعي للضغط على القاهرة لن يأتي بأي نتائج سوى مزيد من التشدد في موقفها.

صحيح القاهرة تعيش ظروفًا اقتصادية ليست على ما يُرام، لكن الجبهة الداخلية تُدعم وتؤيد القيادة السياسية في كل قرارتها التي تتعلق برفض التهجير وما يترتب عليها، إيمانًا منها بضرورة هذا الدعم، ولأن الرأي العام المصري لديه مواقف حادة من إسرائيل على خلفية الحروب التي خضناها معها على مدار سبعين عامًا ويزيد.

لن تستجدي القاهرة المواقف العربية، ولن تنتظر مزيدًا من الدعم والتأييد لموقفها من رفض التهجير، ولكنها ستظل تواجه أي محاولات من شأنها تصفية القضية الفلسطينية، مهما تعرضت لتشويه سواء من أصحاب القضية أو من بعض المنتفعين.

الموقف الأمريكي الذي يُراهن على مزيد من الضغوط، لكن يجد أمامه إلا قيادة وشعب سوف يتمسكان بالثوابت الوطنية؛ فهما على نفس اتحادهما في حرب العام 1973، هذه ليست شعارات ولكنه واقع على الأرض.

الموقف الأمريكي يُشجع على مزيد من الفوضى في المنطقة العربية، وإسرائيل سوف تكون مضطرة لأنّ تحصد ثمار غرسها، دولة معزولة لديها عدوات مع الشرق والغرب، ولن يظل ميزان القوة لصالحها طوال الوقت.

وأي قوة نتحدث عنها؟ إذا أنها فشلت فشلًا ذريعًا في مواجهة المقاومة الفلسطينية بعد حرب دامت خمسة عشرة شهرًا، فلم تُحقق أي هدف لها، لا تحرير الأسرى ولا القضاء على حماس ولا على حكمها، واضطرت في النهاية لاستجداء خروج هؤلاء الأسرى عبر طاولة المفاوضات.

دخلت تل أبيب في عداء مع الجميع، وباتت مرفوضة وملفوظة أيضًا من الجميع، بل تستجدي عداء القاهرة، وهي تعلم حجم مصر وقوتها وقدرتها، ولذلك سوف تقطف إسرائيل ثمار التصعيد مع القاهرة كما قطفته من قبل مع الشعب الفلسطيني عندما هاجمتها حماس في 7 أكتوبر عام 2023.

سيظل ما طرحه دونالد ترامب مجرد حلم، وهو ما سيؤثر على العلاقات المصرية الأمريكية، وستكون تل أبيب أكثر ضعفًا مما كانت عليه بسبب إصرارها على تهجير الفلسطينيين، وأقصد هنا المواجهات الأخيرة التي خرجت منها صفر اليدين رغم قوتها الباطشة.

مقالات مشابهة

  • منى الشاذلي تكشف تفاصيل جديدة عن حياة الإعلامية سلوى حجازي غدا
  • الرأي العام .. الجبهة الديمقراطية وعمل اللجان الإعلامية
  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • خطابات أبي عبيدة وكسب المعركة الإعلامية
  • جلالة السلطان وسلاطين أُسرة البوسعيد على طوابع تذكارية وطنية جديدة
  • مدير مديرية الأمن العام في محافظة دير الزور لـ سانا: كما سنعمل على إعادة تشكيل وتموضع نقاط التفتيش التي كانت مصدراً لنشر الخوف والتوتر، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والإجراءات القمعية الأخرى التي كانت تمارسها حواجز النظام البائد داخل المدن والقرى وخارج
  • النقد الدولي: ندعم الإصلاحات العراقية التي تبعد سوق النفط عن الأزمات
  • منير أديب يكتب: ترامب ما بين صفقة لم يحققها وحلم يسعى لتحقيقه
  • بعثة الاتحاد الأوروبي: اللجنة الاستشارية خطوة مهمة في العملية السياسية التي تقودها ليبيا
  • الزمالك يشكو برنامجا شهيراعلى قناة النادي الأهلي .. تفاصيل مهمة