تحولات كبيرة.. هذه أبرز محطات العلاقات بين أنقرة ودمشق منذ عام 2011
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
تسارعت خطى تركيا على مسار التقارب مع النظام السوري خلال الآونة الأخيرة، حيث توالت تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان التي أعرب خلالها عن رغبته بتطبيع العلاقات واللقاء مع بشار الأسد، مع إمكانية توجيه دعوة للأخير لزيارة أنقرة في أي لحظة، وذلك في انعطافة كبيرة بالموقف التركي الذي تدرج خلال السنوات الـ13 الأخيرة من المطالبة برحيل الأسد إلى السعي للاجتماع معه ورفع اللقاءات للمستوى العائلي.
الأحد، أوضح أردوغان خلال حديثه من الصحفيين على متن طائرة العودة من ألمانيا، أن بلاده تنتظر اتخاذ رئيس النظام السوري بشار الأسد خطوة لتحسين العلاقات معها، حتى تستجيب "بالشكل المناسب"، مشيرا إلى أن أنقرة قد توجه دعوة للأسد في أي لحظة.
وقبل ذلك، تحدث الرئيس التركي عن عدم وجود سبب يمنع بلاده من إقامة علاقات دبلوماسية مع النظام السوري، مبينا أنه من الممكن رفع تلك العلاقات أيضا إلى المستوى العائلي مع "السيد" الأسد، في إشارة إلى العلاقات القوية التي جمعت البلدين قبل الثورة السورية عام 2011.
ويأتي حديث أردوغان، بالتزامن مع إعلان زعيم حزب "الشعب الجمهوري" أكبر أحزاب المعارضة التركية، أوزغور أوزيل، تواصله مع النظام في دمشق وعزمه التوجه إلى هناك عبر لبنان في وقت لاحق من شهر تموز /يوليو الجاري من أجل لقاء الأسد.
وعلى عكس المعتاد، تتفق الحكومة والمعارضة في تركيا على ضرورة اللقاء مع الأسد، كما تصعدا من تصريحاتهما في هذا الصدد بشكل غير مسبوق، في مقابل صمت شبه مطبق يسود دمشق.
وكانت تركيا وسوريا تتمتعان بعلاقات قوية على الصعيد السياسي والاقتصادي قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، لتتحول منذ ذلك الحين دفة أنقرة بشكل متسارع إلى القطيعة والمطالبة برحيل الأسد الذي وصفه أردوغان غير مرة بـ"القاتل"، قبل أن يشهد الخطاب التركي تحولات استراتيجية ازدادت ملامحها وضوحا بوتيرة متفاوتة خلال السنوات الأخيرة.
فما هي أبرز المحطات التي مرت بها العلاقات الثنائية بين دمشق وأنقرة منذ عام 2011؟
في الأشهر الأولى من 2011، ومع تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد النظام السوري، اكتفت أنقرة بالتأكيد على ضرورة إجراء إصلاحات سياسية
في آب /أغسطس 2011، وصل وزير الخارجية التركي آنذاك أحمد داود أوغلو إلى العاصمة دمشق محملا "برسالة حازة" للأسد، في حين قال النظام إن الوزير التركي سيتلقى "ردا حازما" أيضا.
وخلال الاجتماع المغلق، يُعتقد أن داود أوغلو قال للأسد إن "الفرصة المتبقية له قصيرة جدا، وأن عليه الاستجابة للمطالب الشعبية أو يلقى مصير صدام حسين أو القذافي، وأن إيران لن تنفعه حينها".
في آذار /مارس 2012، أغلقت تركيا سفارتها في دمشق وسحبت الطاقم الدبلوماسي في رسالة احتجاجية على بطش النظام بالمحتجين.
قطع العلاقات وإغلاق السفارة
في أيلول /سبتمبر 2012، قال أردوغان، وكان حينها رئيسا للوزراء، إن "حياة الأسد السياسية انتهت، والأسد حاليا لا يعمل كسياسي، وإنما كلاعب أو ممثل ثانوي في الحرب الداخلية في سوريا".
في تشرين الأول /أكتوبر 2012، وافق البرلمان التركي على منح الحكومة صلاحية القيام بعمليات عسكرية على الأراضي السورية.
مع نهاية عام 2012 وبداية عام 2013، بدأت تركيا في تقديم السياسي واللوجيستي للمعارضة السورية، حيث افتتح الائتلاف السوري مكتبه في مدينة إسطنبول.
عام 2014، تصاعدت لهجة أنقرة تجاه النظام السوري حيث وصف أردوغان الأسد بـ"الإرهابي والمجرم"، كما تصاعدت مخاوف تركيا من تداعيات الأزمة السورية بسبب اقتحام تنظيم الدولة البلاد في ذلك العام.
وأغلقت تركيا في العام ذاته معابرها الحدودية مع سوريا بالتزامن مع اشتباكات بين القوات التركي ومجموعات تركية مسلحة.
ومع نهاية العام، وافق البرلمان التركي على مذكرة تسمح للجيش بدخول الأراضي السورية لمدة عام واحد قابلة للتجديد.
في عام 2015، حافظت تركيا على نهجها بالوتيرة ذاتها ضد الأسد ونظامه، وقال أردوغان إن "الأسد لا يمكن أن يضطلع بأي دور في مستقبل سوريا".
وذلك بالتزامن مع تصاعد مخاوف أنقرة من "المليشيات الكردية" التي تعتبرها أنقرة خطرا وجوديا على تركيا، بالإضافة إلى تواصل تدفق اللاجئين السوريين إلى الأراضي التركية.
في أيلول /سبتمبر 2015، تدخلت روسيا عسكريا في سوريا دعما للأسد الأمر الذي تسبب في توترات العلاقات بين موسكو وأنقرة، إلى أن بلغت أشد تدهورها بعد إسقاط تركيا طائرة عسكرية فوق الأراضي السورية بسبب "انتهاكها المجال الجوي التركي".
مع بداية عام 2016، تراجعت حدة التوترات بين تركيا وروسيا في خطوة كانت بداية لانطلاق تحال روسي تركي في سوريا تجلى في مسارات أستانا وسوتشي التي هدفت إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
التدخل العسكري
وفي العام ذاته، قال أردوغان إن "تركيا قررت الدخول إلى سوريا مع الجيش السوري الحر بعد أن رأت أن الأمم المتحدة لا تفعل شيئا".
أعقب ذلك شن تركيا ثلاث عمليات عسكرية في سوريا، أولها عملية "درع الفرات" بين عامي 2016 و2017 التي هدفت إلى تأمين الحدود التركية من وجود عناصر تنظيم الدولة ووحدات حماية الشعب الكردية التي تراها أنقرة امتدادا لحزب "العمال الكردستاني" المدرج على قوائم الإرهاب في تركيا وعدد من الدولة الأوروبية.
والثانية، عملية "غصن الزيتون" في عام 2018، وهدفت إلى الحد من نفوذ وحدات حماية الشعب الكردية وطردها من منطقة عفرين شمال غربي سوريا، وذلك بالتعاون مع فصائل المعارضة السورية.
والثالثة، عملية "نبع السلام" في عام 2019، وهدفت إلى إنشاء "منطقة آمنة" شرق نهر الفرات تمتد من تل أبيض إلى رأس العين، من أجل منع إقامة كيان كردي مستقل، بالإضافة إلى توطين اللاجئين السوريين هناك.
مسار التطبيع
بدأت مساعي التقارب بين تركيا ونظام الأسد في أعقاب تدخل روسيا عسكرية في الأزمة السورية، حيث دعت موسكو في تموز /يوليو 2016 إلى اتصالات عسكرية بين الجانبين والعمل على إيجاد حل سياسي.
في كانون الثاني /ديسمبر 2022، التقى وزير الدفاع التركي بنظيره في حكومة الأسد بموسكو حيث اتفقا على تشكيل لجان مشتركة من مسؤولي الدفاع والمخابرات.
في أيار/ مايو 2023، عقد أول اجتماع بين وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران والنظام السوري، في العاصمة الروسية موسكو، وذلك ضمن ما عرف بـ"الصيغة الرباعية".
وفي العام ذاته، أبدى الرئيس التركي انفتاحا على التقارب مع النظام السوري قبل أن يطرأ الجمود على ملف التطبيع مع دخول تركيا في فترة الانتخابات العامة.
في المقابل، اعتبر الأسد خلال لقاء أجراه مع شبكة "سكاي نيوز عربية"، أن هدف أردوغان من الجلوس معه هو "شرعنة وجود الاحتلال التركي في سوريا"، زاعما أن الإرهاب في سوريا "صناعة تركية"، ومطالبا بسحب القوات التركية بشكل كامل من شمال غرب البلاد.
في حزيران /يونيو 2024، بدأت تركيا تسارع خطاها مجددا بهدف التقارب مع نظام الأسد في أعقاب إعلان وحدات الحماية التركية شمال شرقي سوريا عن عزمها إجراء انتخابات محلية في مناطق نفوذها، الأمر الذي رفضته أنقرة واعتبرته محاولة لإقامة "دويلة إرهاب" على حدودها.
كما تحدث الرئيس التركي عن إمكانية عودة العلاقات مع النظام إلى المستوى العائلي كما وصف الأسد لأول مرة بـ"السيد".
في تموز /يوليو 2024، أعرب أردوغان عن تخطيط بلاده لدعوة الأسد إلى زيارة تركيا في "أي لحظة"، وقال: "وصلنا الآن إلى مرحلة، بحيث إنه بمجرد اتخاذ بشار الأسد خطوة لتحسين العلاقات مع تركيا، فسوف نبادر بالاستجابة بشكل مناسب".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد تركي منوعات تركية تركيا أردوغان الأسد سوريا روسيا سوريا الأسد تركيا أردوغان روسيا سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری مع النظام فی سوریا ترکیا فی عام 2011
إقرأ أيضاً:
تقرير حقوقي: نظام الأسد مارس تدميرا ممنهجا للاستيلاء على ممتلكات السوريين بدرعا
كشف تقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد اتبع سياسة ممنهجة لتدمير الممتلكات العقارية والاستيلاء عليها في محافظة درعا جنوبي البلاد، ما تسبب في عرقلة عودة اللاجئين والنازحين.
وأكد التقرير، الذي حمل عنوان "تداعيات عمليات التدمير والاستيلاء التي مارسها نظام بشار الأسد على الملكيات الخاصة في محافظة درعا وأثرها على عودة اللاجئين والنازحين"، أن النظام استخدم قوانين وتشريعات "تفتقد إلى الشرعية القانونية" لنهب الممتلكات.
كما شدد التقرير الذي وصل نسخة منه إلى "عربي21"، على أن "هذه الممارسات كانت جزءا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية للمنطقة".
وأوضح التقرير أن درعا كانت من أوائل المحافظات التي انخرطت في الحراك الشعبي المطالب بالديمقراطية عام 2011، ما جعلها هدفا رئيسيا لانتهاكات واسعة، شملت التدمير الممنهج والاستيلاء على الممتلكات.
واستعرض التقرير نماذج من مناطق عدة، منها مخيم اللاجئين ومخيم النازحين وطريق السد وبلدة خربة غزالة ومدينة نوى، كأمثلة على حجم الدمار والانتهاكات التي تعرض لها المدنيون.
وشدد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، على أن التقرير "يمثل وثيقة توثيقية وتحليلية شاملة تكشف بوضوح إحدى أكثر الانتهاكات المنهجية خطورة، والمتمثلة في الاستيلاء المنظَّم على الممتلكات العقارية وتدميرها في محافظة درعا".
وأشار عبد الغني إلى أن الشبكة "بذلت جهودا كبيرة لتوثيق هذه الجرائم، بدءا من إصدار القوانين الجائرة التي صُممت خصيصا لنهب حقوق النازحين واللاجئين والمعارضين، وصولا إلى عمليات التدمير الممنهجة واعتماد سياسة الأرض المحروقة".
وأكد عبد الغني أن "ما تعرض له السوريون في درعا لم يكن نتيجة ظروف عشوائية، بل هو سياسة منظمة تهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي واسع"، لافتا إلى أن التقرير يشكل "دعوة واضحة للعدالة والمساءلة، وضرورة تحرك المجتمع الدولي لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم".
وكشف التقرير عن حصيلة الانتهاكات التي شهدتها درعا منذ 2011 وحتى 2024، مؤكدا أنها كانت جزءا من خطة ممنهجة للاستيلاء على الممتلكات. ومن بين هذه الانتهاكات مقتل 22 ألف و443 مدنيا، بينهم 3 آلاف و869 طفلا، وألفان و140 سيدة، على يد أطراف النزاع، مع تأكيد مسؤولية النظام وحلفائه عن الغالبية العظمى من هذه الجرائم.
كما وثقت الشبكة السورية في الفترة ذاتها اعتقال أو إخفاء قسري لـ8 آلاف 706 أشخاص، بينهم 224 طفلا و194 سيدة، بالإضافة إلى مقتل ألفين و500 شخص تحت التعذيب، بينهم 19 طفلا و4 سيدات.
ووثقت الشبكة كذلك إلقاء 11 ألفا 153 برميلا متفجرا على درعا بين عامي 2012 و2018، ما أدى إلى مقتل ألف و177 مدنيا، بينهم 272 طفلا و193 سيدة، فضلا عن تنفيذ ثلاث هجمات بأسلحة كيميائية، جميعها من قبل قوات النظام، وفقا للتقرير.
أضاف التقرير أن النظام وسع خلال السنوات الست الأخيرة (منذ 2018) نطاق استيلائه على الممتلكات، مستغلا النزاع وسيطرته على السلطة التشريعية.
وأشار إلى أن الفئات الأكثر استهدافا كانت: المشردون قسريا (اللاجئون والنازحون)، الذين بلغ عددهم 12.8 مليون سوري حتى 2024. والمختفون قسريا، الذين وصل عددهم إلى 113 ألفا و218 شخصا حتى آب /أغسطس 2024. بالإضافة إلى لمدنيين والعسكريين القتلى، الذين يقدّر عددهم بنحو نصف مليون شخص، لم تُسجَّل غالبيتهم رسميًا، ما سهّل استيلاء النظام على ممتلكاتهم.
أكد التقرير أن حجم الدمار الكبير الذي طال الممتلكات، إضافة إلى التحديات الأمنية والقانونية والإدارية التي فرضها النظام، شكّلت عقبات هائلة أمام عودة اللاجئين والنازحين، موضحا أن النظام المخلوع استخدم هذه الاستراتيجية لضمان عدم قدرة السكان على العودة، والاستحواذ على ممتلكاتهم في مرحلة إعادة الإعمار.
وقال عبد الغني "نأمل أن يساهم هذا التقرير في تسليط الضوء على الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري، وأن يشكّل خطوة على طريق تحقيق العدالة، إذ إن مثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم"، مشددا على ضرورة "تحرك المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات جادة وعاجلة لمساءلة نظام بشار الأسد وحلفائه عن سياسات التدمير والاستيلاء، والعمل على استعادة حقوق الضحايا".