من المسلمات أنّ أي جهد مهما كان عظيما لا يمكن له أن يثمر ويحدث التغيير المطلوب ما لم تتوافر له شروط الاستثمار الأمثل للإمكانيات المتاحة، وفي الحديث عن واقع ومقدرات ما تمتلكه الدولة المصرية نجد أنّ الشباب هم الكنز والرصيد الاستثماري الأهم لدعم التغيير المجتمعي المنشود، وقد استشعرت ذلك مبكرا الدولة المصرية بتخصيص السيد الرئيس عاما للشباب وفتح الأفق للاستفادة بطاقات الشباب وتمكينه في أرفع المناصب.

وغير بعيد من ذلك كله يأتي الدور المهم الذي يلعبه التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي في جانب الاستثمار الأمثل لطاقات الشباب، فالتحالف ومنذ انطلاق عمله فى مارس 22 يبذل جهودا كبيرة من أجل دعم وتمكين الشباب، اتساقا مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وما جاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى التزام الدولة بموجب الدستور المادة 82 برعاية الشباب والنشء، واكتشاف مواهبهم، وتنمية قدراتهم الثقافية والعلمية والنفسية والبدنية والإبداعية.

والمتتبع لجهود التحالف في جانب استثمار طاقات الشباب يجد ان التحالف قد سلك مسارين متوازيين واحيانا متقاطعين المسار الأول وهو تضمين الشباب ليكونوا مستفيدين من جل خدمات التحالف فخلال الفترة الماضية عمل التحالف على دعم المشاركة السياسية والمجتمعية للشباب، من خلال تنظيم عدد من الحلقات النقاشية مع المسؤولين في الحوار الوطني؛ لسماع الرؤى ووجهات النظر الخاصة بالسياسات العامة في الدولة، إلى جانب تنظيم عدد من الندوات التثقيفية لفتح الآفاق والموضوعات وتعزيز الفكر لدى الشباب.

وأما عن المسار الثاني فقد عمل التحالف الوطني أيضا على تعزيز ثقافة التطوع لغرس القيم في النشء، واحتواء طاقاتهم في مكانها الصحيح، والاستماع لآرائهم ووجهات نظرهم ومقترحاتهم؛ في محاولة لتعزيز الثقة في وطنهم، وتجنب تحول هذه الطاقات في مكان غير صحيح.

والمتتبع لمعدلات إقبال الشباب على العمل التطوعي يجد أنها في تزايد مستمر وقد رصد التحالف ذلك من خلال المقارنة بحجم الفريق العامل بشكل احترافي داخل التحالف وبحجم أعداد الشباب المتطوع في كل مبادراته ومهام عمله فأصبح التطوع أحد أهم الموارد البشرية في التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، فالتحالف يضم 18600 موظفا وعاملا داخل مؤسسات التحالف الوطني (أغلبهم من حملة المؤهلات العليا)، ومن كل التخصصات والمجالات، 251 ألف متطوع شاركوا في أنشطة التحالف الوطني في عام واحد، بإجمالي عدد ساعات التطوع 39 مليون ساعة تطوع خلال عام 2022.

واعتبر التحالف التطوع أحد أهم موارده الأساسية، ومن بين أكبر ما يمتلك من قدرات وقد انعكس ذلك في البناء التشريعي للتحالف من ناحية وفي مبادراته ومستهدفاته من ناحية أخرى، ففي البناء التشريعي نجد أنّ قانون إنشاء التحالف نص «المادة 3» على: «يهدف التحالف إلى تعميق مفهوم التطوع في العمل الأهلي وتنمية المجتمع، وتعبئة الجهود الفردية والجماعية لإحداث مزيد من التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بالتعاون مع أجهزة الدولة المعنية عن طريق الخبرات المبذولة والمشروعات الطوعية التنموية على أداء أفضل للخدمات العامة وغيرها من برامج الحماية الاجتماعية لتحقيق العدالة الاجتماعية، والعمل على الارتقاء بشخصية الفرد بحسبانه القاعدة الأساسية في بناء المجتمع، وذلك كله من خلال النفاذ المباشر والمنظم للفئات المجتمعية التي تستهدفها خططه وبرامجه».

وعلى مستوى المستهدفات والمبادرات يسعى التحالف في سبيل تحقيق أهدافه إلى إقامة فعاليات متعددة تحتاج جميعها إلى الشباب المتطوع، ومنها عقد المؤتمرات وورش العمل التي تستهدف تعزيز مجالات العمل الأهلي، وإنماء المشاركة في الأنشطة ذات النفع العام، وغرس ثقافة العمل التطوعي. 

وابتكر التحالف أنشطة نوعية لاستيعاب طاقات الشباب المتطوع، فأطلق العديد من كبرى المبادرات الهادفة لتقديم دعم نوعي للشرائح الأولى بالرعاية منها مبادرة «كتف في كتف» التي تعد أكبر مبادرة أطلقت للحماية الاجتماعية في مصر، لدعم الفئات الأولى بالرعاية، يتم خلالها توزيع صناديق مواد غذائية تشمل السلع والمواد الغذائية الأساسية، وتوزع على الأسر المستحقة، وهي مبادرة رئاسية لدعم 25 مليون مواطن، أطلقها التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي لدعم العمل الخيرية، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وأطلق التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي مبادرة «كتف في كتف» بمشاركة نحو 300 ألف متطوع ومتطوعة في مختلف المحافظات، وانطلق الحدث في استاد القاهرة الدولي بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبمشاركة الآلاف من جميع فئات المصريين، ومئات الآلاف من المتطوعين لتقديم الدعم للأسر البسيطة، ولنقل صورة الترابط والتضامن بين كل طبقات وطوائف المجتمع المصري.

وإضافة إلى كتف في كتف هناك عشرات المبادرات التي تم إطلاقها لتستوعب قدرات الشباب التطوعية، ومن أهمها مبادرة مراكب الرزق، ومن خلالها وفرت مؤسسة صناع الخير للتنمية 200 مركب صيد حديثا لـ200 أسرة يعمل عائلها بالصيد، ومبادرة إعادة إعمار المنازل، ومن خلالها تم إعادة إعمار أكثر من 500 منزلا متهالكا وإنشاء دار لتحفيظ القرآن، وتقديم أجهزة كهربائية للفتيات المقبلات على الزواج، وقوافل ستر وعافية التي تهدف إلى تقديم خدمات للمواطنين، ومن بينها قوافل طبية وحملات لتوزيع مواد غذائية ولحوم وبطاطين، وإقامة معرض ملابس بأسعار مخفضة، وفك كرب عدد من الغارمات، وتوصيل المياه إلى 50 أسرة، ونشر ثقافة التطوع.

وفي ترجمة قوية لتوجهات الدولة المصرية في دعم قطاع غزة، فتح التحالف المجال لقطاعات الشباب المصري المختلفة للتأكيد على تضامنه ودعمه الكامل للشعب الفلسطيني منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، فبتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي أطلق التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي قوافل شاملة محملة بكميات ضخمة من المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية والعلاجية، تضم أطباء من جميع التخصصات وأدوية وأجهزة طبية لدعم أهالي قطاع غزة.

ويخطط التحالف بشكل مستمر لفتح مجالات جديدة للتطوع فهو يسعى ليصل إلى جميع مستويات التنظيم الإداري، من خلال أكثر من 325 مقرا وفرعا مملوكة لمؤسساته، أكثر من 1200 مدرسة مجتمعية في 11 محافظة، 5688 نقطة تخزين على مستوي الجمهورية من خلال الجمعيات القاعدية، و30 ألف جمعية قاعدية (قامت بتقنين أوضاعها).

ويتواجد التحالف الوطني في 27 محافظة بما في ذلك كل المناطق الحدودية والنائية على سبيل المثال (62 جمعية شريكة في الوادي الجديد، 18 جمعية شريكة في شمال سيناء، 34 جمعية شريكة في جنوب سيناء).

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: التحالف الوطني مصطفى زمزم الجمعيات الأهلية التحالف الوطنی للعمل الأهلی التنموی من خلال

إقرأ أيضاً:

د. عبدالمنعم السيد يكتب: الرقمية الصناعية وجذب الاستثمارات

الصناعة هى أحد أعمدة الاقتصاد وقاطرة التنمية الاقتصادية لتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة، وتسعى الدولة المصرية لتوطين التكنولوجيا الصناعية وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية فى قطاع الصناعة بهدف زيادة المنتج المحلى وتقليل فاتورة الاستيراد الخارجية وزيادة مساهمة قطاع الصناعة فى الناتج المحلى الإجمالى والتى تبلغ حالياً ١٨٪، وكذلك زيادة الصادرات غير النفطية التى تجاوزت ٣٦ مليار دولار فى عام ٢٠٢٣، حيث إن ٨٥٪ من الصادرات المصرية غير النفطية من منتجات صناعية.

وتبذل الدولة جهوداً لتمكين التكنولوجيا الصناعية وزيادة عدد المصانع، من خلال تسهيل إجراءات التراخيص واستصدار الرخصة الذهبية، ومحاولة تقليل المعوقات والتحديات التى تواجه قطاع الصناعة، وقد اتخذت الدولة عدة قرارات، منها عدم غلق أى منشأة صناعية، وأيضاً إعادة تشغيل المصانع المغلقة والمتوقفة التى تجاوز عددها ١٣ ألف مصنع، وإعادة تشغيلها من جديد ودخولها فى العملية الإنتاجية.

وجاءت هذه القرارات بمثابة رسالة طمأنة للمستثمرين فى القطاع الصناعى وتأكيد أن الدولة جادة فى دعم قطاع الصناعة والنهوض به وإزالة كل المعوقات والتحديات التى تواجه هذا القطاع، للتيسير على المستثمرين وتقديم التيسيرات لهم لمساعدتهم على الإنتاج، مما يحقق مستهدفات الدولة المتمثلة فى زيادة معدلات التنمية الصناعية وتوظيف العمالة وزيادة المنتج المحلى وزيادة الصادرات المصرية، مما يساعد على زيادة الحصيلة الدولارية، وهذا يتطلب توفير الأراضى الصناعية المرفقة، وأطلقت وزارة الصناعة المرحلة الأولى من منصة مصر الصناعية الرقمية، بالتعاون مع شركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية «إى فاينانس»، الشركة الرائدة فى مجال التحول الرقمى وخدمات الدفع والتحصيل الإلكترونى الحكومى.

وتأتى هذه المنصة ضمن خطة شاملة للنهوض بقطاع الصناعة فى مصر، ومواكبة التطور التكنولوجى الحديث والتيسير على المستثمرين، إلى جانب تطوير الخدمات بهذا القطاع المهم، واتخاذ كافة الإجراءات الخاصة بالتحول الرقمى للتسهيل على المستثمرين للحصول على الخدمات المختلفة لإقامة النشاط الصناعى، بما يُسهم فى توفير الوقت والجهد الخاص باستكمال الإجراءات للمستثمرين، وتوطين الصناعات المحلية، وكذلك تعظيم قيمتها المضافة لتمكينها من المنافسة فى الأسواق الخارجية ودفع عجلة التصدير وجذب المزيد من الاستثمارات فى هذا القطاع.

وتتضمن المرحلة الأولى من منصة مصر الصناعية الرقمية عدداً من الخدمات الرقمية الخاصة بالمستثمرين الصناعيين، وهى خدمة تخصيص الأراضى الصناعية عن طريق الخريطة الاستثمارية، وخدمة إصدار رخصة التشغيل بالإخطار، وخدمة المتابعة السنوية، إلى جانب إتاحة خدمة الدفع الإلكترونى من خلال منصة مصر الصناعية عن طريق قنوات الدفع المختلفة، منها الكروت البنكية وفروع البنوك. ولا شك أن منصة مصر الصناعية الرقمية ستُسهم فى التسهيل على المستثمر الصناعى وإتاحة التعامل إلكترونياً دون الحاجة للانتقال إلى أى من الجهات، حيث إنه من المستهدف أن تكون المنصة هى القناة الرئيسية فى التعامل بين المستثمرين الصناعيين وكافة الجهات.

كما تسعى وزارة الصناعة حالياً لتحديث الخريطة الاستثمارية الصناعية لمصر، وهذا أمر مهم لأن وجود خريطة تشمل جميع الفرص المتاحة فى كل قطاع من شأنه أن يعزز مناخ الاستثمار ويسهم فى جذب المزيد من رؤوس الأموال، وكل هذه الخطوات الإيجابية من شأنها دعم ومساندة الاستثمار الصناعى.

فلا شك أن البحث عن السلبيات أو المعوقات التى تقابل المنشآت الصناعية التى تدفع إلى غلقها والتوجه بحلول للقضاء على هذه المعوقات، وأيضاً توفير المعلومات للمستثمر (محلياً أو أجنبياً) تتمثل فى المعلومة التى تنير له الطريق وتحفظ له استثماراته من الضياع أو التبديد، وتساعده على إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية لمشروعه، سيعمل على تحسين المناخ الاستثمارى بشكل كبير ويسهم فى جعل مصر مركزاً للتصنيع المستدام.

مقالات مشابهة

  • خالد ميري يكتب: إنهم يقتلون الأطفال
  • علي الفاتح يكتب: ويسألونك عن الدولة الوطنية
  • «الشباب»: نولي العمل التطوعي اهتماماً كبيراً لدوره في تحقيق التنمية المستدامة
  • ملخص أهداف مباراة ضمك والشباب في دوري روشن السعودي
  • هيئة الشباب: نولي العمل التطوعي اهتماما كبيرا لدوره المهم بتحقيق التنمية المستدامة
  • نشاط مكثف للتحالف الوطني في الفيوم.. توزيع 4 آلاف وجبة على الأولى بالرعاية
  • دوري روشن.. الإصابة تبعد طارق حامد عن مباراة ضمك والشباب
  • د.حماد عبدالله يكتب: الغراب والقوة الشيطانية
  • د. عبدالمنعم السيد يكتب: الرقمية الصناعية وجذب الاستثمارات
  • سماح أبو بكر: الكاتب الناضج هو من يكتب للطفل.. وأصدرت عدة كتب للأطفال