محطات في حياة الدكتور محمد معيط.. رحلة كفاح بدأت بـ«جاي من غير واسطة» إلى موقع رجل الأرقام الصعبة.. يعشق كرة القدم والسينما وحليم وأم كلثوم ولقبوه بـ«صحفي المدرسة»
تاريخ النشر: 8th, July 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
رجل الأرقام الصعبة، فيثاغورث الاقتصاد الذي لم تقف أمامه معادلة ولا معضلة إلا حلها، ولذلك فهو يستحق من الجميع الإشادة والتحية والتقدير، لأنه قاتل وأدى واجبه دون ضجيج أو مزايدة، وكان على مدار 20 عامًا حارسًا أمينًا على خزائن مصر، إنه الدكتور محمد معيط وزير المالية السابق، أحد عشاق الوطن وابن من أبنائه البارين.
محمد معيط.. مقاتل في حكومة الفدائيين
كان الدكتور محمد معيط، طالبًا مجتهدًا، لا يترك فصله ولا يرمي قلمه، ينتظر أستاذه مهما غاب، يُصادق الكتاب ويقتفي أثر أولي الألباب، برع في علوم الرياضيات والحساب ولم يُكتب في دفتر الحضور لا طالبا ولا موظفا قط أنه غاب.. قدوة لمن أراد أن يقتفي الأثر، ونموذج مشرف لكل من سعى إلى العلم وطرق له باب.. حلمه كان أن يكون أستاذا بالجامعة، لكن فضل الله عليه لاجتهاده كان أكبر من كل التوقعات.. لا يهوى الأضواء ولا يشكو الأعباء رغم ثقل الحمل فهو واحد من حكومة الفدائيين التي تقف خلف رئيس مقاتل في ظل حرب كادت تعصف بسفينة الوطن، لولا الإيمان بثرى هذا الوطن واليقين بأن الله سينجي مصر من هذه السنين العجاف كما أنجاها من قبل.
والدكتور محمد معيط، صاحب سيرة ذاتية مليئة بالدرجات الوظيفية، لم يقفز لأعلى درجة صدفة، بل قطع مشوارًا كبيرًا يدرس ويتعلم ويتألم، لم يكن الحال كما يُرام ولم يُولد وفي فمه ملعقة ذهب نشأ ككل أبناء الأسر المصرية، ليس هناك سبيل سوى العلم والحصول على شهادة عالية، تفوق في الجامعة وحصل على العديد من الشهادات والدراسات، قطف من كل جامعة معرفة وتراكمت خبرته حتى بات موسوعة تسير على الأرض، 31 عاما تزيد من الخبرة في مجال العمل العام وتولي المناصب العامة المختلفة والتدریس في العدید من الجامعات والمعاھد العلمیة علي النماذج النظریة والتطبیقیة والریاضیات والإحصاء في مجال التمویل والتأمین، وإدارة الأعمال والعلوم الاكتواریة والریاضیات والإحصاء على مختلف المستویات والدرجات العلمیة الجامعیة والدراسات العلیا والمشاركة في الإشراف على الرسائل العلمیة لدرجتي الماجستیر والدكتوراه ومشروعات التخرج والمشاركة في المناقشة، والحكم على رسائل الماجستیر والدكتوراه ومشروعات التخرج.
هذا المشوار الطويل للدكتور محمد معيط، الحافل بالنجاحات والانتصارات على الحياة، كان كفيلا لأن تُسند له إدارة خزائن مصر في تلك الظروف الاستثنائية التي مرت بها فمن حكم طائش غادر خلف الخراب إلى إرهاب أوقف السياحة والملاحة ثم وباء أسقط أعتى الرايات وحاصر وأحنى أعظم الاقتصاديات إلا هنا.. وهنا في مصر لن ينسى التاريخ زعيمها الاستثنائي ولا رجالها الذين وقفوا ضد التيار وحولوا الانهيار إلى الانتصار، والأرقام لا تكذب والعالم يشهد ويشيد ويرتبك في عد الإنجازات.
ماذا قال الدكتور محمد معيط في حواره مع البوابة نيوز؟
في حوار سابق أجرته البوابة نيوز مع الدكتور محمد معيط، عام 2021، قال الدكتور محمد معيط عن تربيته ونشأته وفترة شبابه ودراسته: كنت أضع أمامي هدف التفوق وليس النجاح العادي، لذا كنت أضبط حياتي على الساعة وأتحرك بالأرقام أتابع دروسي ولا مجال للراحة وليس وارد في مسودة الأولويات أي إهمال، لدرجة أنني كنت أظل جالسا في الفصل ولا أتركه حتى لو لم يأت المدرس، كنت أخشى الخروج مع زملائي فيأتي ويفوتني شيئًا من الدروس، أو يأخذ أستاذي عني انطباع أنني غير ملتزم.
وعن توزيع أوقاته بين المذاكرة وأمور الحياة العادية قال الدكتور محمد معيط، شعاري كان المذاكرة فوق كل الأشياء، كنت أبذل جهدا كبيرا وأذاكر ساعات طويلة متصلة، وهذا الالتزام في تحصيل دروسي جعلني ملتزم في عملي بعد التخرج وحتى الآن، ميعاد الحضور للعمل مُقدس لا أجازات طالما هناك مسؤوليات، أعمل 15 ساعة ويزيد بكل سعادة وحب فأنا أشعر بأن هذا واجب تجاه وطني وأن إتقان العمل عبادة.
ويواصل الدكتور محمد معيط: رغم التزامي الدراسي، إلا أنني كنت من عشاق الساحرة المستديرة وتلك إحدى جيناتنا المصرية، فكنت حريص على ممارسة رياضة كرة القدم، وكنت أجتمع مع أصدقائي كل يوم خميس، نخرج للعب أو التنزه، وفي الواقع لطالب مثلي كان يحسب وقته بالدقيقة كان من الصعب علي أن أقضي ثلاث ساعات غير مسافة الطريق لأشاهد فيلما في السينما، لكني كنت أروح عن نفسي بمشاهدة الأفلام والمسلسلات في البيت بين الحين والآخر، وكانت الموسيقى جليس وونيس وأنا أذاكر فقد كنت ولا زلت أحب أم كلثوم وعبد الحليم حافظ واستمع وأستمتع بالعديد من المطربين القدمى والموجدين، فمصر كما أنها بلد الأمن فهي بلد الفن والجمال والخيال.
وعن لقائه بأبنائه.. تبسم وقال محمد معيط: كل شباب مصر الآن أبنائي وهذا الشعور ربما يخفف عني وطأة الإحساس بالتقصير تجاه أبنائي، فللأسف ليس لدي الوقت الكافي لأجلس معهم، ومع ذلك أحاول أن أشاركهم أفكارهم، وأظن أن ما أفعله في عملي هو جزء من التزامي نحوهم، فمصر الجديدة ستكون لهم ولغيرهم من الشباب الحالم الطموح.
عن حلمه وعمله وتوقعه أن يكون على خزائن مصر، قال الدكتور محمد معيط: في الواقع لم أكن أتوقع على الإطلاق أن أصبح وزيرا لمالية مصر، نعم كان لدي طموح وكنت أترك جماح خيالي وكنت أركض خلف أحلامي لكن كنت قد رأيت نفسي أستاذا في الجامعة، وهنا اسمحي لي أن أقول لكل ابنائي من الشباب: احلم إلى أبعد مدى.. احلم كيفما تحب فليس هناك شيء بعيد عن الله، لكن عليك الأخذ بالأسباب، عليك التعب والكد والاجتهاد والمثابرة والصبر، حتى إذا ما نجحت كان لنجاحك معنى وإذا ما انتصرت كان لنصرك قيمة.. وثقوا يا أبنائي إن الله لا يضيع أجر من أحسن عمل.
أتذكر أنني عندما تخرجت من كلية التجارة جامعة القاهرة، قررت البحث عن عمل، لم أكن حينها أعرف أحد ولم أود أن أكون عبء على أحد، فعزمت النية أن أبحث وتوكلت على الله، قطع المسافات سيرا على قدمي أقرأ اللافتات وأسال عن الوظائف الشاعرة، يحدوني الأمل ولدي يقين بأن فضل الله وكرمه يلازماني، سمعت كلمة شُكرا لسنا محتاجين لموظفين كثيرا وكنت في كل مرة أبتسم وأواصل السعي وطرق الأبواب قطعت شارع الدقي ودلفت منه إلى جامعة الدول العربية، العديد من الشركات أخرج من إحداها أدخل الأخرى دون كلل ولا ملل حتى وصلت إلى إحدى الشركات وأخبروني أن أنتظر لأنني سأعقد مقابلة مع أحد المسؤولين، الذي قال لي وهو يبتسم: «غريبة إنك جاي من غير واسطة»، فقلت له أنا من أوائل دفعتي، وفيما يبدو أن المدير العام لمح مناقشتنا سويا فاتصل بهذا المسؤول يستدعيه، ولربما حكى له ما كان بيننا لأنه عاد إلي وقال: «المدير العام هيقابلك، وعندما قابلته أخبرني أن معظم العاملين بالشركة لديهم واسطة، قلت له أن من أوائل دفعتي وتناقشنا سويا وكانت علامات القبول تبدو على وجهه، وفي نهاية المقابلة قام بتوظيفي في الشركة، ليس هذا فحسب بل إنه سلمني العمل في نفس اليوم وقال لي يمكنني تقديم الأوراق في أي وقت بعد ذلك، وتعلمت من هذا الموقع درس في حياتي وهو السعي، حيث ألهمني الله أن أذهب للبحث عن وظيفة في نفس اليوم الذي علمت به بنتيجة تخرجي من الجامعة.
وعن أحلامه وآماله اختتم الدكتور محمد معيط: أنا أحلامي ككل المصريين، حلمي الأول لوطني بدوام الأمن والاستقرار والسلام، وأن يستمر الرئيس ونحن والشعب معه في استكمال بناء الجمهورية الجديدة، فما حدث ويحدث في مصر إعجاز بكل المقاييس ومحل فخر لنا ودولة تليق بحضارتنا وتاريخنا ومستقبل أبنائنا.. أتمنى الستر والصحة وأن أكون سددت ولو قدرا صغيرا من فضل هذا الوطن عليا.
محمد معيط: الدولة المصرية بات لها ثقل ويُعمل لها حساب
كان الدكتور محمد معيط، وزير المالية السابق، قد أكد في أكثر من لقاء إن الدولة المصرية بات لها ثقل ويُعمل لها حساب، ووفرت الأمن لمواطنيها وحلت المشاكل المستعصية لهم، من توفير السلع وتطوير الطرق والأنفاق وتحسين الخدمات الصحية، مضيفا: مصر حولت اقتصادها من حالة الإفلاس إلى حالة من الانضباط ويضرب به المثل.
وأكمل محمد معيط، مصر كانت دولة مهلهلة قبل 7 سنوات وحاليا دولة يشار لها ويضرب بها المثل وحققت تقدما اقتصاديًا وأصبحت دولة قوية وأنجزت نجاحا في العديد من الملفات الصحية وغيرها.
وأكد أن مصر قبل العام 2014 كانت تعاني من عجز في الموازنة وعلى شفا حافة الانهيار إلى أن أصبحت حاليا دولة صحية اقتصاديا تنجز المشروعات التنموية الكبرى في مختلف المجالات.
وتابع الدكتور محمد معيط: أن تنفيذ الكوبرى يتم في بضع أشهر بعدما كان قبل 2014 يتم إنجازه في سنوات، وتوسعت في الجامعات وطورت التعليم.
وأشار إلى أن الدولة المصرية باتت تملك أكبر محطة لتوليد الطاقة الشمسية في العالم، كما أنها نجحت في تنظيم كبرى البطولات الرياضية.
ولفت الدكتور محمد معيط، إلى أن ربنا كرمنا وحفظ مصر وأنعم عليها تحت القيادة الواعية للرئيس السيسي، مشيرا إلى أن شعوب الدول المجاورة يقولون لنا «السيسي نعمة كبيرة من ربنا حافظوا عليه».
وقال الدكتور محمد معيط في لقاء تلفزيوني سابق أنه كان مساعد أول وزير الصحة، وقتما كان عادل عدوي يتولى حقبة الوزارة، وحينها كان يبحث عن 15 مليون دولار للإفراج عن شحنة لدواء فيروس سي، وتواصل حينها مع إبراهيم محلب رئيس الحكومة ليخبره بهذا
وأوضح أنه في الوقت الحالي كل حاجة متوفرة مثل الأدوية وكافة المنتجات، والعملة الأجنبية متاحة، وكانت حينها الدول لا تثق في مصر، وتطلب تحويل الأموال قبل تصدير شحنات القمح للقاهرة، ولكن الآن بات هناك ثقة في مصر حيث تورد الدول القمح لمصر ومن ثم ترسل لهم الأموال.
واسترجع الدكتور محمد معيط، ذكريات مريرة إذ قال أن سفراء الدول كانوا أكثر زائري وزارة المالية قبل 2011، حيث كانوا يطالبون بمستحقات شركات بلادهم لدى مصر.
وأكد الدكتور محمد معيط، في أكثر من حوار صحفي أن قرار الإصلاح الاقتصادي في 3 نوفمبر 2016 كان قرارا تاريخيا، خاصة أن القرار كان له أثر مؤلم، ولكن الله أنعم على مصر بقائد امتلك جرأة اتخاذ القرار وشعب امتلك القدرة على تحمل تبعاته.
وشدد على أن مصر استطاعت التغلب على نسب التضخم المرتفعة، موضحا أن زيادة المرتبات التي تقرها الدولة حاليا أعلى من نسب التضخم، مشيرا إلى أن مصر نجحت في إصلاح منظومة المعاشات والأجور.
وطمأن الدكتور محمد معيط، المصريين قائلا: "الدولة المصرية نجحت في تطوير العشوائيات واستبدلتها بالمدن الجديدة، ولا توجد نية لتحميل المواطن أي أعباء مالية إضافية".
ذكريات الدكتور محمد معيط عن حرب أكتوبر
عن نصر أكتوبر المجيد وما قبله، سرد الدكتور محمد معيط، في تصريحات سابقة اختص بها لـ«البوابة نيوز» في عام 2023 ما يتذكره عن هذه الفترة، وشعوره لحظة التهجير في مرحلة طفولته، حيث كان من أهالي بورسعيد، ثم عودته بعد الانتصار.
قال معيط: «أنا فاكر الأحداث كويس جدًا، عام 67 كان عمري 5 سنوات، كان الطيران الإسرائيلي يطير فوق بيتنا دائمًا الساعة الواحدة والثانية وثلاثة فجرا، وكانوا يطلقوا الإنذار لمغادرة بيوتنا والنزول إلى مخابئ تحت الأرض، ثم هاجرنا من البلد سنة 68».
وتابع: «نكسة 67 وما يليها في فترة حرب الإستنزاف والتهجير والآلام اللي مرينا بها حافظها، وكان عندنا يقين فى الله أن الحق سينتصر وأن مصر ستسترد أرضها، ولذلك يوم السبت بعد الساعة اثنين الظهر كنا، نسمع بيان القوات المسلحة التي أعلنت عن عبور القنال كانت سعادتي لا توصف كان حلم وتحقق ».
وأوضح الدكتور محمد معيط: «عظمة المصريين ظهرت فى الوقت ده فى حاجات كتير قوى، مثلا لم تحدث في مصر حادثة سرقة والناس كانت واقفة في الطوابير بتتبرع بالدم، يعني الشعب يروح الجبهة يحارب والسيدات عاوزة تروح المستشفيات تشتغل تمريض للجنود المصابين».
وتابع: «فترة النكسة كانت مؤلمة جدا على الشعب المصري وظروف قاسية لأقصى الحدود، كنا ندخل المحلات نلاقيها فاضية كل حاجة كنا بناخدها على بطاقة التموين، الناس كانت متنازلة عن كل حقوقها عشان المجهود الحربي وإعادة بناء الجيش واسترجاع الأرض».
وأكمل الدكتور محمد معيط: «وأنا في مدرسة ابن الأمين الإبتدائية في الحوامدية، كانت المعلمة تختارني لقراءة أخبار انتصار أكتوبر في الطابور المدرسي، لأنهم كانوا بيطلقوا علي مسمى الصحفي لأني كنت بحب الصحافة، وبقرأ الصحف بانتظام».
وأضاف: «بعد 73 عاشت مصر معنى النصر، أخذنا التار بتاعنا وشعرنا برد كرامتنا ومقولة الرئيس الراحل أنور السادات الله يرحمه أن مصر أصبح لها درع وسيف كنت فاهم معناها قوي لأن محدش هيقدر يدخل مصر تاني، وافتكرت أيام ما كان الطيران الإسرائيلي بيحلق فوق بيتنا في بورسعيد وما حدش يقدر يعمل له حاجة وكان موشى ديان بيتغطرس إنه هو لو حب يأخد القاهرة لا يوجد شئ يقدر يمنعه، وكان أي مكان في مصر يقدروا يدمروه، مثلا قصف مدرسة بحر البقر، دي كانت حادثة مؤلمة لكل الشعب المصري».
وختم الدكتور محمد معيط حديثه قائلا: «بعد انتصار 73 قدرت أرجع بورسعيد المكان اللي اتولدت واتربيت فيه، بعد مخرجنا مهجرين بعد النكسة عودنا منتصرين، بور فؤاد دي المدينة الوحيدة داخل سيناء لم يستطع العدو أن يحتلها، فكان رجوعي لبور فؤاد سعادة كبيرة وركوب المعدية، بور فؤاد كانت مدينة معمولة على الطراز الفرنسي، والعدو حاول يحتلها ومقدرش، وباختصار 73 معناها عودة كرامة أرض وعرض وبيت، عودة ذكريات جميلة ومحو ذكريات مؤلمة».
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: محمد معيط الدكتور محمد معيط الدكتور محمد معيط وزير المالية البوابة نيوز كلية التجارة جامعة القاهرة عجز الموازنة المشروعات التنموية حرب أكتوبر سيناء الدولة المصریة أن مصر ما کان إلى أن فی مصر
إقرأ أيضاً:
بيارة الصرف.. مقبرة أربعة شباب وحكايات كفاح لم تكتمل
في زوايا قرية الرجدية الهادئة، كانت الحياة تسير بشكل طبيعي، يحفها كفاح الشباب وسعيهم وراء لقمة العيش، أربعة أصدقاء، محمد كارم، محمد رأفت، جمال مصطفى، ومحمد رجب، كانوا نموذجاً للكفاح، شباب في مقتبل العمر يقتسمون الأحلام، يروون أرض العمل بعرقهم، قبل أن تخطفهم بيارة صرف صحي في لحظة مأساوية، تاركة خلفها فراغاً لن يملأه إلا الحزن.
محمد كارم كان يعد العدّة لمستقبل أفضل، بينما جمال كان يرسم خطوط مستقبله بأيدٍ متعبة ولكن طموحة، محمد رأفت ومحمد رجب لم يكونا أقل عزماً، يتشاركان مع أصدقائهما دروب الحياة وصعابها، لكن القدر كان أسرع، وبيارة الموت كانت النهاية المفجعة، حيث اختلطت الأحلام بالوحل، وابتلعهم الظلام.
الحادثة أسفرت عن وفاة الأصدقاء الأربعة وإصابة اثنين آخرين في حالة حرجة، لكن صوت الحكومة لم يغِب عن المأساة، فقد وجه الوزير محمد جبران بسرعة التحرك، لتقديم العزاء لعائلات الضحايا، وزيارة المصابين، والتحقيق في الحادث لكشف أسبابه ومنع تكرار هذا السيناريو المؤلم.
كما أُعلنت التعويضات لأسر الضحايا والمصابين، تأكيداً على وقوف الدولة بجانب أبنائها.
القرية التي احتضنت طفولتهم خرجت عن بكرة أبيها لتوديعهم في مشهد جنائزي مهيب، حيث امتزجت الدموع بالدعاء، في أزقة البلدة، كانت الحكايات تتردد: "محمد كان شاباً خلوقاً، لا يتردد في مساعدة الآخرين"، و"جمال كان يكافح ليبني مستقبلاً مشرقاً".
أما الجيران، فلم يكفوا عن سرد مآثرهم: "كانوا كتفاً لكتف، في العمل والصداقة، حتى في الموت"، الجنازة كانت حديث البلدة، ليس فقط لبكاء الأهل، بل لحسرة كل بيت، وكأن كل عائلة فقدت ابناً من أبنائها.
الحزن خيم على كل زاوية، وذكرياتهم لم تفارق القلوب، هؤلاء الشباب غادروا الحياة قبل أن يكتمل مشوارهم، تاركين خلفهم وجعا.
مشاركة