الفاشر- بعد أن دُمر منزله بسبب الحرب الدائرة في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور غرب السودان، أصبح محمد يوسف (38 عاما) وعائلته مشردين بلا مأوى. وبات محمد يعيش في ظروف قاسية بمنطقة شقرة (20 كلم) غرب الفاشر، حاله حال الآلاف من النازحين إلى المنطقة.

"لقد فقدنا كل شيء" بصوت منكسر يتحدث يوسف للجزيرة نت عن معاناته، ويقول "كان منزلنا مكانا آمنا لنا ولأطفالنا، ولكننا الآن نعيش في خيمة متهالكة، وعلى ظلال الأشجار والقش، ونشعر بالحرمان والقلق طوال الوقت".

وأضاف "نعاني من نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية، والأطفال معرضون لخطر الأمراض بسبب سوء النظافة والتغذية حيث لا مرافق ولا حمامات" مؤكدا أنهم يعيشون في ظروف "لا إنسانية".

آلاف النازحين يعيشون غرب الفاشر ظروفا إنسانية صعبة وسط غياب للمساعدات (الجزيرة) حصار وأزمة خانقة

ومنذ أكثر من شهرين تشهد مدينة الفاشر قصفا مدفعيا كثيفا من قبل قوات الدعم السريع على المستشفيات ومنازل المدنيين، نتج عنه أزمة إنسانية خانقة تهدد حياة الآلاف من المدنيين.

ويوجد بالمدينة ما يقرب من مليوني مواطن مدني محاصرين دون وجود أي مساعدات إنسانية دولية، رغم دعوة مجلس الأمن الدولي قبل أيام لإنهاء القتال، وحثه لقوات الدعم السريع على رفع الحصار عن المدينة.

وبحسب يوسف، الذي كان يعمل سابقا نجارا في ورشة صغيرة وسط المدينة، فإن أغلب السكان نزحوا من منازلهم في المدينة إلى القرى الغربية من مدينة الفاشر وأماكن أخرى أكثر أمنا، كما أن أغلبهم فقدوا وظائفهم وأصبحوا عاطلين عن العمل.

وأبدى قلقه على مستقبل أطفاله، قائلا "أطفالي لم يذهبوا إلى المدرسة منذ أكثر من عام ونحن نقلق على مستقبلهم وعلى كيفية توفير الغذاء والتعليم والرعاية الصحية لهم".

وناشد يوسف المسؤولين في الهيئات الدولية والمنظمات الإنسانية بالتدخل العاجل لتقديم المساعدات الضرورية لهم والعمل على تخفيف آثار الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي يعيشها النازحون في مختلف مواقع النزوح بمدينة الفاشر.

سوء تغذية وزيادة الوفيات

من جهته، أفاد أبكر آدم، وهو نازح مقيم بمنطقة طويلة الواقعة على بعد 60 كيلومترا غرب الفاشر، بأن سكان المنطقة، ومنهم النازحون الذين لجؤوا إلى قرى غرب الفاشر في منطقتي (شقرة وطويلة) الواقعتين تحت سيطرة حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور، يواجهون صعوبات جمة في الحصول على الغذاء والمياه الصالحة للشرب.

ووصف آدم، في حديثه للجزيرة نت، الوضع بأنه "صعب للغاية"، حيث يفتقر الجميع إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة في ظل استمرار عمليات النزوح والقصف المدفعي على المنازل السكنية في مدينة الفاشر.

وأوضح أن المئات منهم في المنطقتين يقفون في طوابير طويلة يوميا في انتظار دورهم للحصول على المياه من الآبار، وفوق ذلك، فإن العديد من السكان أُجبروا على العيش في العراء دون مأوى.

وقال "الوضع الراهن يُمثل أزمة إنسانية خطيرة تستدعي تحركا سريعا لإغاثة المتضررين والحفاظ على كرامتهم".

نازحو الفاشر يواجهون صعوبات جمة في الحصول على الغذاء والمياه الصالحة للشرب (الجزيرة)

وعلى الرغم من الجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية، فإن شدة القتال في المدينة وضواحيها عرقل وصول المساعدات للمحتاجين في مختلف المناطق.

وأدى النزوح المتكرر إلى اكتظاظ المناطق الريفية الواقعة غرب الفاشر وتدهور في البنية التحتية والخدمات الأساسية، مع وجود نقص حاد في المياه النظيفة والغذاء، مما أفضى إلى انتشار سوء التغذية وارتفاع معدلات الوفيات، خاصة بين الأطفال والنساء الحوامل، وفقا لناشطين.

ووسط هذه الظروف الصعبة، تبذل المنظمات المحلية والناشطون جهودا في تقديم المساعدات الضرورية للسكان المتضررين، حيث تشمل تلك الجهود توزيع المواد الغذائية والمياه النظيفة، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية الأساسية. كما يتم العمل على إصلاح البنية التحتية المتضررة وإعادة تأهيل بعض المرافق الحيوية.

مبادرة لإنقاذ الوضع

وفي غضون ذلك، أطلقت حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور مبادرة لإنقاذ مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، ودعت الحركة في هذه المبادرة الأطراف المتحاربة إلى إخلاء المدينة وترك حماية المواطنين لها باعتبارها طرفا محايدا.

وبحسب المبادرة، سيتم تحويل مدينة الفاشر وما حولها إلى منطقة منزوعة السلاح ومركز لإدارة الشأن الإنساني والإغاثي. مؤكدة أن "الفاشر مدينة ليس لها أي قيمة عسكرية لأي طرف من الأطراف".

ووفقا للناشط الاجتماعي سليمان أتيم، فإن مبادرة حركة تحرير السودان تُعَد في غاية الأهمية وواحدة من أفضل الحلول، نظرا للوضع الإنساني المأساوي في المدينة.

وأوضح، في حديث للجزيرة نت، أن الادعاءات بوصول المساعدات الإنسانية إلى مدينة الفاشر والمناطق المجاورة لها غير صحيحة، وأضاف أتيم أن هناك آلافا من النساء والأطفال لا يزالون في العراء، دون خيام أو أغطية، ولا يحصلون على ما يحتاجون من غذاء أو رعاية صحية. وتابع قائلا "أعداد القتلى مروعة وفي ارتفاع يومي وسط غياب للإعلام والمجتمع الدولي".

من جهتها، تؤكد المواطنة زحل عبد الله للجزيرة نت أن مدينة الفاشر تشهد حاليا أزمة إنسانية خطيرة، وشددت على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين والتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث بشكل مستمر في المدينة وضواحيها.

ومنذ يومين، خرج سوق المواشي آخر أسواق مدينة الفاشر عن الخدمة تماما، بسبب قصف مدفعي أوقع ما لا يقل عن 9 قتلى من المدنيين، كما خرج من قبلها سوق الفاشر الكبير وجميع المستشفيات والمرافق الصحية عن الخدمة عدا مستشفى النساء والتوليد "السعودي" الذي ظل يقدم العلاج للمحتاجين طيلة الفترة الماضية رغم تعرضه للقصف.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مدینة الفاشر غرب الفاشر للجزیرة نت فی المدینة

إقرأ أيضاً:

أوتشا: منع المساعدات عن غزة يهدد حياة المدنيين ويزيد المجاعة

أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أن الأعمال العسكرية الإسرائيلية تتواصل دون توقف في كافة أنحاء قطاع غزة، مشيرًا إلى أن الضربات الجوية استهدفت خيامًا ومناطق تضم عائلات نازحة، في وقت تواصل فيه السلطات الإسرائيلية منع إدخال المساعدات الإنسانية منذ أكثر من سبعة أسابيع.

وفي آخر تحديث له مساء الأربعاء، حذر "أوتشا" من أن هذا المنع يحرم سكان القطاع من وسائل البقاء على قيد الحياة، ويقوّض جميع جوانب الحياة المدنية، مطالبًا المجتمع الدولي بالتدخل الفوري.

السفير حسام زكي: إسرائيل تستخدم "سلاح التجويع" لتهجير سكان غزة (فيديو) شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على منزل في خان يونس جنوبي غزة مآسٍ إنسانية في المواصي.. أطفال ضحايا القصف

وأشار المكتب الأممي إلى أن فريقًا تابعًا له أجرى تقييمًا ميدانيًا يوم الثلاثاء الماضي في موقعين بمنطقة المواصي في خان يونس، كانا قد تعرضا للقصف يومي الأحد والاثنين، مما أدى إلى استشهاد 8 أشخاص، وإصابة أكثر من 12 آخرين، معظمهم من الأطفال، بينهم طفل يبلغ من العمر 4 سنوات فقد ساقيه نتيجة القصف.

ونقل الفريق أن نحو 20 عائلة فقدت مساكنها وممتلكاتها بالكامل، في مشهد يُبرز حجم الكارثة الإنسانية التي تتفاقم يومًا بعد يوم في القطاع المحاصر.

2500 نازح يعانون نقص الماء والغذاء والمأوى

كما زار فريق أوتشا موقعين إضافيين في المواصي، يضمان ما يقرب من 2500 نازح من سكان منطقة القرارة في خان يونس الذين فروا بعد صدور أوامر بإخلاء المنطقة.

وأوضح التقرير أن هناك نقصًا حادًا في المياه النظيفة والغذاء والمأوى، إلى جانب غياب شبه كامل لخدمات الدعم النفسي للمدنيين المتضررين من الصدمات النفسية الناجمة عن الحرب، وخاصة الأطفال والنساء.

وأضاف أوتشا أن المجتمعين اللذين تمت زيارتهما يعتمدان بالكامل على الوجبات اليومية التي تقدمها المطابخ المجتمعية، وهي غالبًا غير كافية. كما وردت تقارير عن إصابات أثناء توزيع الطعام بسبب التزاحم والتنافس على الغذاء.

وضع صحي متدهور ونقص في الإمدادات الأساسية

وأكد المكتب الأممي أن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءًا، حيث تشهد إمدادات الغذاء انخفاضًا خطيرًا، ويزداد سوء التغذية بسرعة، خاصة بين الأطفال.

وكشف التقرير أن أحد شركاء الأمم المتحدة قام خلال الأسبوع الماضي بفحص 1300 طفل في شمال غزة، وحدد أكثر من 80 حالة من سوء التغذية الحاد، وهو ما يمثل زيادة مضاعفة عن الأسابيع السابقة.

وأشار إلى أن شركاء التغذية يواجهون نقصًا حادًا في الإمدادات بسبب المنع المستمر للمساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى العوائق اللوجستية في نقل المواد إلى داخل القطاع، مضيفًا أن الوصول إلى مخازن رئيسية مثل مستودع اليونيسف في رفح لا يزال مقيدًا بشدة.

دعوة دولية لوقف الحصار وضمان توزيع المساعدات

ودعا مكتب أوتشا الدول الأعضاء ذات النفوذ إلى الضغط من أجل إنهاء فوري لمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وضمان توزيعها فور دخولها القطاع على أساس الاحتياج الإنساني دون تمييز.

كما شدد على ضرورة احترام المبادئ الإنسانية الأساسية، وهي: الإنسانية، والحياد، والنزاهة، والاستقلالية، داعيًا إلى بذل كل جهد ممكن للإفراج عن الرهائن.

مقالات مشابهة

  • كارثة إنسانية في الفاشر.. مليون نازح سوداني ونداءات للتدخل العاجل
  • اتهامات للدعم السريع بقتل عشرات المدنيين بكردفان والبرهان يتوعدها
  • تواصل المواجهات في الفاشر وسط أزمة إنسانية متفاقمة
  • الفاشر بين الحرب والمأساة.. تصاعد القتال وتفاقم الأزمة الإنسانية
  • الأمم المتحدة: نزوح جماعي من مخيم زمزم ويجب حماية المدنيين
  • الصفدي: وقف المساعدات على قطاع غزة أدى إلى كارثة إنسانية
  • أوتشا: منع المساعدات عن غزة يهدد حياة المدنيين ويزيد المجاعة
  • تطورات بالفاشر وعشرات القتلى والجرحى في تجدد للقصف
  • تحاول فرض “الموازية” بقوة السلاح.. الدعم السريع تواصل قصف المدنيين في الفاشر
  • تفاقم الأوضاع الإنسانية في مدينة الفاشر السودانية