دخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة شهره العاشر، وما زال تصنيف الفلسطينيين هناك بين شهداء وصل عددهم إلى نحو 40 ألفا، ونحو 90 ألف مصاب تنزف جراحهم في طرقات المستشفيات المهدمة، ومئات آلاف النازحين بلا مأوى أو تمزقهم آلام الجوع وسوء التغذية.

وفي شهادة ميدانية من قطاع غزة، قالت مديرة أكاديمية المسيري للبحوث والدراسات في القطاع إسلام شحدة العالول إن الاحتلال ربما استطاع تدمير قطاع غزة وخلق بيئة غير مناسبة للعيش، ولكنه لم يستطع ولنْ يستطيع قتل روح المقاومة والدفاع عن الأرض عند الشعب الفلسطيني.

وأشارت إلى أن حياة الغزيين في ظل الحرب تحولت إلى حياة بدائية تشبه ما قبل اكتشاف الكهرباء والبترول؛ فالطبخ يكون على الحطب الذي نحتاج إلى شرائه، والغسيل يتم بشكل يدوي، أما صناعة الخبز فتكون في فرن بُني بالطين ووقوده الحطب.

وأضافت العالول -في شهادتها للجزيرة نت- أنه لا توجد أحذية في أسواق غزة، وأصبح من المعتاد جدا رؤية الناس حفاة أو بأحذية مهترئة، لأنها بُليت بعد أشهر طويلة من الاستخدام في شوارع مليئة بركام المنازل التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي مما يسهم في اهتراء الأحذية بسرعة كبيرة.

وفي ما يتعلق بصمود السكان في قطاع غزة، قالت الباحثة الفلسطينية إن الشعب الفلسطيني اختار الصمود؛ فكان بإمكانه الخروج للشوارع وإعلانه نبذ المقاومة، أو كان بإمكانه الوقوف على الحدود وطلب فتحها ليهرب من هذا الواقع، ولكنه قرر الصمود كخيار ضمن خيارات كانت متاحة له.

وإسلام العالول باحثة فلسطينية نالت وسام "امرأة فلسطين لعام 2022" في المجال التطوعي في قطاع غزة، ولها عدة كتب أهمها "التطهير العرقي ضدّ الشعب الفلسطيني: فعل استعماري استيطاني صهيوني محوري ومستمر" (2023)، و"نظام الأبارتايد في دولة الاحتلال راهنا وجنوب أفريقيا سابقا وسبل مناهضته" (2021)، و"محطات فاصلة في تاريخ فلسطين القديم والحديث" (2019).

كما أنها انتقلت في قطاع غزة من مكان إلى آخر هربا من القصف المدفعي والجوي، وبعد ذلك انتقلت إلى جنوب القطاع حيث مدينة خان يونس بحثا عن الأمان، وبعد دخول الاحتلال إلى هناك انتقلت إلى مدينة رفح، وتنقلت في رفح بين أكثر من مكان.

وإلى تفاصيل الشهادة:

الفلسطينيون في قطاع غزة ينتظرون ساعات طويلة من أجل الحصول على الماء (الأناضول) هل يمكن أن تصفي لنا واقع السكان في قطاع غزة حاليا في ظل الحرب والحصار؟

مع الحصار وندرة فرص العمل لجأ آلاف الشباب للعمل عن بُعد مع مؤسسات خارج قطاع غزة، وهؤلاء الشباب يعيشون في ظل الحرب بلا مصدر رزق وبلا عمل مع انقطاع الكهرباء والإنترنت.

ومع طول فترة الحرب وكثرة النزوح والغلاء الفاحش وانقطاع الرواتب وإغلاق البنوك؛ أصبح الناس في فقر مدقع ويعيشون على المعونات والمساعدات، وأصبح الغني والفقير سواسية في انتظار المساعدات والبحث عنها، حيث يشعر المواطن الغزي بالقهر والإذلال أثناء الاصطفاف في طوابير المساعدات أو طرْق أبواب المؤسسات التي توزعها، ولكنه مضطر لذلك لأن عائلته ستموت من الجوع لو لم يقم بذلك.

علاوة على ذلك، فإن أوضاع المرضى صعبة في القطاع نتيجة انعدام المنظومة الصحية وتدمير المستشفيات، وعدم توفر الأدوية لكثير من الأمراض المزمنة والأوبئة، وسرقة الأدوية والمساعدات من قبل عصابات وعملاء تابعين للاحتلال، بل ويتم بيعها بأسعار غالية.

ولا ننسى أيضا حرب التجويع على شمال قطاع غزة، حيث يفرض الاحتلال سياسة العقاب الجماعي على السكان كلهم فقط لأنهم لم يستجيبوا للاحتلال ويتركوا شمال القطاع. هؤلاء السكان الذين يقدر عددهم بما يزيد على 700 ألف شخص منع الاحتلال دخول المساعدات إليهم، وكذلك المنتجات الزراعية والتجارية، ولاحقهم بالاجتياحات البرية والقصف والتهجير.

بعد احتلال معبر رفح وإغلاقه، تقلّص بشكل كبير دخول المساعدات إلى قطاع غزة، والمساعدات الجوية استعراض ولا تأثير لها

هل يعلم العالم ماذا يعني تجويع هذا العدد الكبير من الأشخاص لدرجة أنهم يأكلون ورق الشجر وطعام الدواب؟! ففي شمال غزة ما زال أهلي وأسرتي مرابطين، يُحارب والدي بجسده الهزيل من أجل توفير الطعام لإخوتي وأخواتي وأبناء أختي الشهيدة.

وأثناء بحثهم عن الطعام يحملون عتادهم ويرحلون من منطقة لأخرى مع اجتياح قوات الاحتلال منطقتهم، أو المنطقة التي ينزحون إليها. وفي كل مرة أتحدث مع والدي عبر الهاتف يحدثني عن أخي الصغير الذي لم يتجاوز العام، والذي تأخر نموه وتطوره الحركي بسبب عدم قدرته على توفير الحليب والبيض واللحوم والأسماك له.

يحدثني والدي وكله حرقة لأنه لا يستطيع توفير حياة كريمة لأبنائه ولا يستطيع سد جوعهم، ويخبرني أن الموت قد مر من أمامهم كثيرا! إنهم يرون الموت يتجولُ حولهم؛ يسرق الأرواح من بينهم، فتنطفئ القناديل المُضيئة وتُظلمُ الدنيا.

وكيف يحصل الغزيون على الغذاء والماء والدواء في ظل الحرب والحصار؟

في أغلب الأحوال يصطف الناس في طوابير لساعات، وتتخلل هذه الساعات مشاحنات ومعارك حتى يحافظ كل واحد على دوره خوفًا من انتهاء المياه من الخزان قبل أن يملأ الجالونات الخاصة به؛ فالمياه تتوفر لوقت قصير، وبكميات لا تكفي الجميع.

ولا بد أن أشير هنا إلى وجود نوعين من المياه على الفلسطيني تعبئتها والوقوف في طوابيرهما: المالحة والحلوة، وهذه الطوابير تصطف للحصول على مياه ليست مجانية في أغلب الأحيان.

ويتشارك كل الشعب في قطاع غزة في الوقوف في طوابير المياه، فلا يوجد شخص معفي أو لديه مياه تصله من دون حمل الجالونات. فمثلًا الطبيب يصطف في طوابير المياه مثل غيره قبل الذهاب إلى عمله في المستشفى.

هل تصلكم المساعدات التي تقول أميركا إنها تضمن وصولها إلى النازحين؟

ما يصلنا من المساعدات هو الغذاء المعلب والطحين فقط، ويتم توزيعه من قبل المؤسسات الدولية في جنوب القطاع، أما في شمال القطاع فحتى هذه المعلبات إنْ وجدت فهي مرتفعة الثمن.

لكنّ هذا الغذاء لا يُعد غذاء صحيا، لأنه يفتقد أغلب العناصر الغذائية المهمة واللازمة لجسم الإنسان، وكذلك يُعد غذاء مُضرا لاحتوائه على كميات كبيرة من المواد الحافظة، فمع تناول هذا الغذاء لفترات كبيرة تجاوزت 9 أشهر ينتج سوء تغذية عند كثيرين وما يتبعه من أمراض عديدة، أخفها تساقط الشعر والأظافر وهزلان الجسم، وأشدها الوفاة.

ومن المتوقع وجود إحصاءات غير شاملة (لصعوبة الحصر) لوزارة الصحة للأطفال الذين يموتون نتيجة سوء التغذية، أما كبار السن الذين وافتهم المنية نتيجة سوء التغذية فلا توجد إحصاءات عنهم، وربما هم بالآلاف.

المواطن الغزي يشعر بالقهر والإذلال في طوابير المساعدات وعلى أبواب المؤسسات التي توزعها، لأن عائلته ستموت من الجوع إن لم يقم بذلك

ولا بد من الإشارة إلى أنه بعد احتلال معبر رفح وإغلاقه تقلّص بشكل كبير دخول المساعدات إلى قطاع غزة، في حين أن المساعدات الجوية استعراض ولا تأثير لها على إطعام المواطنين.

وأما الحصول على الدواء، فيتم إرسال الأدوية على شكل مساعدات، وتصل بشكل خاص لوكالة الأونروا وبعض المؤسسات الدولية، ولكن بكل أسف الكميات محدودة ولا تناسب كثرة الأمراض والأوبئة المنتشرة حاليا، بل إن هذه الأدوية لا تُغطي العديد من الأمراض المزمنة وحتى بعض الأمراض البسيطة.

وهذا الأمر فاقم معاناة مواطني قطاع غزة، حيث لا يجدون العلاج الذي يداوي أمراضهم المستعصية والجديدة مثل سوء التغذية، علاوة على أن هذه الأدوية الداخلة للقطاع محدودة جدا والتي يفترض أن توزع مجانا على المرضى، وهناك فئات مشبوهة تابعة للاحتلال تقوم بسرقتها وبيعها بأسعار عالية، مما يضاعف أزمة المرضى.

العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مستمر منذ أكثر من 9 أشهر ومعاناة الفلسطينيين تتفاقم (الأناضول) ما أهم المواد التي يفتقدها النازحون في قطاع غزة؟

يفتقد النازحون الكثير من مقومات الحياة، ولعل أهمها: خيم السكن والملابس والأحذية والفرشات والأغطية والسجاد وأدوات المطبخ، ومواد التنظيف ومسحوق الغسيل… إلخ.

فمثلًا، لا تستغرب عند رُؤية الناس في غزة يمشون بلا أحذية أو بأحذية مهترئة، فلا أحذية في السوق يُمكن شراؤها، والأحذية بليت بعد أشهر طويلة من الاستخدام، إضافة إلى أن الشوارع مليئة بالركام والأحجار المكسرة مما يسهم في اهتراء الأحذية بسرعة كبيرة.

ويُمكن أنْ تُلاحظ وأنت تسير في الشوارع أن أغلب ملابس الناس بالية ومرقعة لعدم وجود ملابس يرتدونها، كما تسهم الأعمال الشاقة التي يقوم بها الناس يوميا في اتساخ الملابس وتمزقها.

ثم إن الناس في قطاع غزة يغسلون شعرهم بسائل الجلي أو سائل غسيل اليدين، لأنّ "شامبو الشعر" غير متوفر أو موجود بسعر فوق القدرة الشرائية للفلسطيني.

ولعل أصعب اللحظات التي مرت بنا نحن اللاجئين هي عدم توفر الملابس الشتوية في السوق للبيع، والنازحون الذين خرجوا من بيوتهم بلا ملابس لم يجدوا ما يقيهم برد الشتاء.

ومع عدم توفر الفرش والمراتب ينام الناس على التراب بعد أن كانوا ينامون على فرش ذات ضغط مرتفع ومريحة قبل الحرب، وهذا الأمر أدى بدوره إلى زيادة آلام الظهر والفقرات عند معظم الناس شبابا وكبارا.

كيف تقضي الأسر اللاجئة يومها وليلها في ظل القصف الجوي والمدفعي والتهجير من مكان إلى آخر؟

تقضي الأسر أيامها في الأعمال الشاقة، فقبل الحرب لم تكن تستغرق هذه الأعمال أكثر من ربع ساعة، لكنها في ظل الحرب أصبحت تحتل اليوم كله، إذ يقضي الفلسطيني يومه في الاصطفاف في طوابير عديدة، منها: طوابير المياه الحلوة، وطوابير المياه المالحة، وطوابير التكيات، وطوابير لطلب المساعدات، وطوابير لدخول الحمام أو الاستحمام، وطوابير للخبز… إلخ. وهذه الأعمال الشاقة اليومية يقوم بها الفلسطيني في ظل القصف والخوف والمرض والوهن.

وفي ظل الحرب تحولت حياة الغزيين إلى حياة بدائية تشبه حياة ما قبل اكتشاف الكهرباء والبترول؛ فالطبخ يتم على الحطب الذي يتطلب شراءه وتكسيره، أما الغسيل فيتم بشكل يدوي، وصناعة الخبز تكون في فرن بني بالطين ووقوده الحطب.

الأدوية التي تدخل القطاع محدودة جدا، والتي يفترض أن توزع مجانا هناك فئات مشبوهة تابعة للاحتلال تسرقها وتبيعها بأسعار عالية

أما التهجير والنزوح المتكرر فهذه قصة مختلفة ومعاناة تعجز عن وصفها الكلمات، فالنزوح في ظل قلة الوقود يكلف مبالغ مالية هائلة تزيد على 400 دولار للانتقال من شرق المدينة إلى غربها فقط، وهي مسافة لا تتجاوز كيلومترين اثنين.

ويؤدي النزوح كذلك إلى ارتفاع تكلفة بناء الحمامات في أماكن النزوح الجديدة، وفك الخيم وتركيبها، إذ قد يطلب الاحتلال إخلاء مفاجئا فيخرج النازحون من دون حمل أي شيء ومشيًا على الأقدام، ويتجهون إلى مكان مجهول يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، بلا مأوى أو ملابس أو طعام.

إن هاجس النزوح لدى الغزيين صار شبحا يراودهم في كل يوم، لأنّ الاحتلال يتفنن في تهجيرهم من مكان إلى  آخر بهدف إذلالهم.

تقول استطلاعات رأي فلسطينية إن الغزيين مؤمنون بانتصار المقاومة، فما المؤشرات التي يراها الفلسطينيون تبشر بالنصر؟

صراعنا مع الاحتلال وجودي: إما نحن أو هم، والانتصار من أي طرف يعني إنهاء وجود الطرف الآخر على أرض فلسطين المحتلة، ولكن معاركنا مع الاحتلال هي جولات من الصراع، وفي كل جولة يسجل كل طرف نقاطا، والذي يكسب نقاطا أعلى يكون له السبق في تلك الجولة.

في حرب طوفان الأقصى سجلت المقاومة درجات مرتفعة حتى الآن متمثلة في:

ما قامت به المقاومة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي هو سَبق عسكري مَرّغ أنف دولة الاحتلال في التراب. صمود المقاومة وبقاء حضورها وفعلها القوي حتى الآن رغم كل ما قام به الاحتلال لتقويض قدراتها. عدم قدرة الاحتلال على استعادة أسراه رغم كل الإمكانيات العسكرية والتقنية والاستخباراتية التي يمتلكها. تنفيذ عمليات عسكرية قوية للمقاومة موجعة ومؤثرة، وبعضها تم خلف خطوط تقدم العدو. قدرة المقاومة على إعادة بناء قدراتها أثناء الحرب بالاستفادة من صواريخ الاحتلال التي لم تنفجر. كشف كذب الاحتلال عبر إعلام المقاومة الذي يوثق عملياته، وكذلك إخراج المقاومة مقاطع تؤثر على البعد النفسي لأهالي الأسرى الصهاينة. الاحتلال دمر قطاع غزة بشكل شبه كامل وأوقع عشرات الآلاف بين شهيد وجريح، لكنه لم يستطع تحقيق أهداف الحرب الأساسية التي أطلقها بدايةً، وبكل تأكيد الذي لا يستطيع تحقيق أهدافه من الحرب هو الطرف الخاسر. طفل فلسطيني يتضرع إلى الله من على ركام مسجد في قطاع غزة قصفه الاحتلال الإسرائيلي (الأناضول) ما الذي يجعل الشعب الغزي صامدا رغم طول الحرب والحصار المفروض عليه؟

يقول البعض إن الشعب الفلسطيني لم يملك خيارًا آخر فأُجبر على الصمود! وهذه ليست الحقيقة؛ فشعبٌ مثل شعب غزة كان بإمكانه الخروج في الشوارع وإعلان نبذ المقاومة وملاحقتها، وكذلك كان بإمكانه الوقوف على الحدود وطلب فتحها ليهرب من هذا الواقع، ولكنّ الشعب الفلسطيني في غزة قرر الصمود كخيار من ضمن خيارات كانت متاحة له.

فذلك الذي فقد كل عائلته وبيته ومأواه وبقي الناجي الوحيد، كان كلامه التلقائي "الحمد الله، وفداء للمقاومة"، ذاك وغيره الآلاف هم نتاج تربية وطنية عقائدية عميقة، مفادها أن دحر الاحتلال لا يكون إلا بالمقاومة.

فالشعب الفلسطيني المعطاء أخذ العبرة مما قامت به الشعوب الأخرى وحركات التحرر وكيف انتصرت على المستعمر، ويعلم أنه لا انتصار يتحقق من دون تضحيات ومن دون خسائر جسيمة، وهذا الشعب يعلم أن مَن يريد أن يستمتع بحياته عليه أنْ ينسى أن له وطنا.

لهذا قرر شعب فلسطين الرباط على أرضه المحتلة، ويعلم أن كل هذا الضنك في العيش والجوع والخوف ونقص الأموال والأنفس والثمرات هو ابتلاء من رب العالمين وعليه أن يصبر على ذلك.

إن الاحتلال ربما استطاع تدمير قطاع غزة وخلق بيئة غير مناسبة للعيش، ولكنه لم يستطع ولنْ يستطيع قتل روح المقاومة والدفاع عن الأرض عند الشعب الفلسطيني.

ما أهم ما تطالب به الأسر من المنظمات العربية والإسلامية والدولية للعيش في ظل الحرب؟

الحقيقة لا نريد مساعدات ولا إغاثة، كل ما نُريده هو رفع هذا الاحتلال عنا فقط، ونحن نستطيع إدارة أمورنا واستثمار مواردنا في سبيل تنمية وطننا.

أما في ظل هذا الاحتلال الذي يمنع أصلًا دخول المساعدات للقطاع فلا قيمة لأي مساعدات، فكما يعلم العالم هناك مئات الشاحنات المكدسة في الجانب المصري والاحتلال يمنع دخولها لقطاع غزة.

ويمكن لهذه المنظمات أن يكون لها دور فاعل في الضغط من أجل وقف هذا العدوان عن أبناء شعبنا، إن قررت فعل ذلك.

 الشعب الفلسطيني لا يرغب في سلطة تأتي على ظهر دبابة إسرائيلية أو بالتنسيق مع الاحتلال، ولا يرغب قوى عربية تدير القطاع

ما نوع السلطة التي يريد الغزيون أن تدير شؤون أمرهم؟

بكل تأكيد لا يرغب الشعب الفلسطيني في السلطة التي تأتي على ظهر دبابة إسرائيلية أو تأتي بالتنسيق مع الاحتلال، وكذلك لا يرغب في سلطة أو قوى عربية تدير القطاع؛ الغزيون يتوقعون أن أهل غزة هم أولى الناس بإدارة شؤون وطنهم.

فهم يرغبون في سلطة تفرزها صناديق الاقتراع والانتخابات التي يُعطلها الاحتلال منذ سنوات، ويرغبون في سلطة عليها إجماع فلسطيني وتستطيع أن تدير إعادة إعمار قطاع غزة، وأن تلقى اعترافا دوليا، ويرغبون في سلطة لا تنزع سلاح المقاومة؛ فقد علّمتهم هذه الحرب أن بقاء المقاومة درع حماية لهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الشعب الفلسطینی دخول المساعدات طوابیر المیاه سوء التغذیة مع الاحتلال کان بإمکانه فی قطاع غزة فی ظل الحرب فی طوابیر الناس فی فی سلطة من مکان لا یرغب التی ی من دون

إقرأ أيضاً:

نداء إلى أصقاع المعمورة.. في غزة الجوع يتفشى ورغيف الخبز مفقود

الثورة /وكالات

“شعرت بالجوع، فقمت وتناولت رغيف خبز حاف، ومعه كاسة من الشاي بدون سكر”، هذه الكلمات تحدث بها الشاب يوسف ثابت، واصفًا حالًا مزريًّا حلّ في مناطق جنوب قطاع غزة، حيث المجاعة باتت أمرًا واقعًا، وحالًا معاشًا.

ثابت صاحب الثلاثين عامًا وهو رب عائلة مكونة من 4 أطفال يشير بيده إلى المطبخ، يؤكد لمراسلنا أن لا شيء يؤكل سوى خبز أكل منه “الدود” و”السوس” ما أكل، يقول: حتى الدقيق المسوس والفاسد ثمنه باهض جدًا.

ومنذ أسابيع قليلة تأخذ المجاعة حصتها في أجساد الغزيين جنوبي القطاع، كما شمال القطاع، وأضحت عنوانًا للحرب، حيث تحولت إلى نقاش إعلامي وسياسي، وبات المشهد أكثر قتامة وسوداوية وأصبح الحصول على رغيف خبز معركة يومية يخوضها المواطنون في غزة، معركة البقاء في خضم مواجهة واقع مؤلم وقاس.

الفلسطينيون في شمال غزة يعانون منذ أشهر من الجوع والقتل، وبات مصير سكان جنوب القطاع والنازحين فيه مشابهًا حيث الجوع أمرا معاشًا، والقصف والمجازر في كل مكان.

يتزامن هذا التجويع مع قرار صدر عن وزير خارجية الاحتلال بإلغاء اتفاقية تشغيل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” المعمول بها منذ 1967م، جاء بعد قرار صدر عن الكنيست الإسرائيلي بإلغاء أنشطة الوكالة التي تعد العمود الأساسي في توزيع المساعدات في قطاع غزة القابع تحت نار الإبادة الجماعية.

وتتحدث التقارير الإعلامية الإسرائيلية عن شكل حصار غزة، ووفق تلك التقارير يدور الآن حول 3 دوائر حصار في قطاع غزة، وتطبق عليها كافة أنواع القيود. أولًا، القطاع بأكمله محاصر، فلا يدخله أو يخرج منه أحد إلا بقرار من جيش الاحتلال.

ويفرض حصار آخر على كامل شمال قطاع غزة، من منطقة وادي غزة إلى الشمال، بما في ذلك مدينة غزة.

وفرض جيش الاحتلال مطلع الشهر الماضي حصارًا آخر وأشد شمال قطاع غزة، في محيط مدن جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا. ووصفه أحد مسؤولي الأمم المتحدة بأنه “حصار داخل حصار داخل حصار”.

ننام جوعى

في خيمتها البالية والتي أنشأتها على شاطئ بحر مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، تجلس الحاجة الأرملة أم حسين العسولي والتي دمر الاحتلال منزلها إبان الهجوم الكبير على خان يونس تقول لمراسلنا: “والله بتحير شو بدي أطعمي الأيتام، الخبز مفقود، الخضروات والفواكه مفقودة، شو نعمل، والله بنجوع وبنام بدون أكل”.

تتابع أم حسين وعيونها تئن بالحسرة والألم، نأكل يوميًّا المعلبات، فاصولياء، وبازيلاء، وكلها تحتوي على مواد حافظة، وقد تكون فسدت بسبب طول مدة التخزين، في الأسواق وفي المعابر.

تناشد أم حسين العالم وأحراره، بالتدخل وإنقاذ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من وحل المجاعة والإبادة، فإسرائيل تقتلنا بالصواريخ والقنابل ليل نهار، وبالجوع والتعطيش.

مراسلنا أكد أن أسعار المعلبات باتت في ارتفاع مضطرد حيث بلغ سعر العلبة الواحدة منها زهاء 10 شواقل (الدولار = 3.75 شيقل)، ولا يقوى الفلسطينيون على شراءها بفعل تآكل القدرة الشرائية وانعدام السيولة، وفقدان الأعمال والوظائف.

وخلال أكتوبر، أغلق الاحتلال الإسرائيلي معبر كرم أبو سالم وشدد القيود عليه، وتوقف دخول الشاحنات الإغاثية والتجارية، لما لذلك من انعكاسات على واقع الغزيين، حتى فرغت الأسواق من السلع والبضائع، وارتفعت الأسعار بشكل جنوني.

وينقل مراسلنا أن سعر كيس الدقيق 25 كيلو جراماً، 50 دولارًا أمريكيًّا، وكيلو اللحوم بلغ كذلك 50 دولارًا، في حين بلغ كيلو الباذنجان 4 دولارات، في حين ينعدم وجود الطماطم والبيض واللحوم الحمراء والبيضاء، في حين تقدر المصادر المحلية أن زهاء 90% من البضائع الأساسية مفقودة في الأسواق، والباقي إن توفر فهو باهض جدًا.

محرومون من كل شيء

أما المواطن محمود الحداد يقول لمراسلنا وعيناه تدمعان أن أطفاله لا يتناولون سوى الخبز والقليل من الزعتر يوميًّا، يتابع: محرمون من الطعام، والفواكه والخضروات، والحلويات، والعصائر، محرمون من كل شيء.

طفله أسامة يجلس بجواره، ينادي على والدته بأن تصنع له شيئًّا لأكله، وكان جاوبها حاضرًا بأن لا شيء سوى الخبز القليل مع رشة من الدقة أو الزعتر.

سلاح الجوع

وفي النصف الشمالي من القطاع، تبدو الصورة هناك أشد قسوة وأكثر قتامة، حيث لا شيء يؤكل وإن توفر فهي قليل من المعلبات والخبز بأسعار خيالية.

المواطن محمد مقداد والذي يقطن في منزله المدمر في معسكر الشاطئ غرب مدينة غزة يقول لمراسلنا: فقدنا أوزاننا نحن منذ أشهر طويلة لا نتناول سوى المعلبات القليلة، بتنا لا نقوى على الوقوف.

وتستخدم إسرائيل الجوع في شمال قطاع غزة في إطار خطة الجنرالات الرامية لتفريغ الشمال من سكانه، وإعلانه منطقة عسكرية مغلقة، وتفيد تقارير إعلامية بأن الشاحنات المحملة بالمساعدات والخضروات تدخل بشكل مقنن جدًا بما لا يؤدي لانفراجة غذائية لدى السكان.

مقداد يقول لمراسلنا منذ أشهر طويلة لم نتناول الدجاج ولا اللحوم ولا الفواكه، “بالكاد نحصل على الدقيق، وما يقينا من الموت”.

ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إن وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع يواجه عراقيل كبيرة، خاصة بالنسبة لوصولها لشمال القطاع.

وبحسب أوتشا فإن “هناك حاجة ماسة إلى فتح ممرات آمنة ومستدامة للوصول إلى شمال غزة والمناطق الأخرى في القطاع”، مشددًا على أن “المعابر المحدودة وغير الموثوقة تعيق عمليات الإغاثة الإنسانية، وتجعلها غير فعالة”.

في تحديث “أوتشا” الأخير، قيل إنه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2024، فقد برنامج الأغذية العالمي، مثله كمثل الشركاء الآخرين، إمكانية الوصول إلى مواقع التغذية السبعة التي كانت نشطة في محافظة شمال غزة بين 1 و7 أكتوبر/تشرين الأول/، ولم يتم توزيع حصص طارئة من المكملات الغذائية القائمة على الدهون.

واعتبارًا من 28 تشرين الأول/أكتوبر، ظل 12 مخبزًا من أصل 19 مخبزًا يدعمها برنامج الأغذية العالمي يعمل في القطاع، أربعة في مدينة غزة، وسبعة في دير البلح وواحد في خانيونس. ولا يزال مخبزان في محافظة شمال غزة وخمسة في رفح مغلقين بسبب الحرب.

وفي تقرير حديث لها تقول أونروا: “يعاني أكثر من مليون و800 ألف شخص في جميع أنحاء القطاع من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، المصنف في المرحلة الثالثة من التصنيف أزمة أو أعلى”، وتشير إلى أن “سوء التغذية الحاد أعلى بعشر مرات؛ مما كان عليه قبل الحرب”.

تقليص المساعدات

وقلص الاحتلال الإسرائيلي في الفترة الأخيرة حجم المساعدات الواردة للقطاع بشكل لافت حيث بدأت تظهر مظاهر المجاعة بوضوح في مناطق جنوب ووسط القطاع بشكل مماثل لما يجري في مدينة غزة وشمالي القطاع.

ويتحكم الاحتلال الإسرائيلي في حركة الصادرات والواردات للقطاع من خلال السيطرة على المعابر الحدودية، حيث يمنع وصول السلع والمواد الغذائية ويستخدم ورقة التجويع أداةً سياسية للضغط على المقاومة الفلسطينية في ما يتعلق بمفاوضات صفقة التبادل الخاصة بالأسرى الإسرائيليين في غزة.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة كان القطاع يدخل إليه يومياً ما نسبته 500 إلى 800 شاحنة عبر المعابر المختلفة تتنوع ما بين مواد غذائية ومواد البناء والإعمار بالإضافة إلى المحروقات وغاز الطهي والأدوية والمستلزمات الطبية، فيما لا تتجاوز أعداد الشاحنات المسموح لها حالياً بالدخول بضع عشرات.

وبحسب تقرير حديث للأمم المتحدة، سيستمر خطر المجاعة في أنحاء غزة خلال فصل الشتاء ما لم يتوقف القتال ويصل مزيد من المساعدات الإنسانية إلى الأسر، وذلك وفق تقييم حديث للأمن الغذائي في القطاع توقع أن 1.95 مليون شخص في غزة (91% من السكان) سيواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي.

وذكر التقرير أن الحرب الممتدة لأكثر من عام في غزة أدت إلى تدمير سبل العيش، وخفض إنتاج الغذاء، وتقييد خطوط الإمداد التجارية والإنسانية بشكل كبير.

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: صواريخ المقاومة تشل الحياة في شمال فلسطين وتستهدف مواقع إستراتيجية
  • رئيس الوزراء الفلسطيني يطالب الأمم المتحدة بالعمل على وقف جرائم إسرائيل بغزة  
  • 5 شهداء ومصابون في غارة إسرائيلية استهدفت منزلا بغزة
  • وزير الحكم المحلي الفلسطيني: الاحتلال دمر 80% من البنية التحتية لغزة ولن نقبل بالتهجير - حوار
  • نداء إلى أصقاع المعمورة.. في غزة الجوع يتفشى ورغيف الخبز مفقود
  • رئيس بلدية رام الله: الشعب الفلسطيني استطاع أن يبني دولة واضحة ويضع خطة طريق تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة
  • وزير الخارجية الهولندي: نقدر دور مصر لوقف إطلاق النار بغزة ونطالب إسرائيل بإدخال المساعدات
  • رؤساء أمريكا.. تاريخ أسود ملطخ بدماء الشعب الفلسطيني .. تقرير مفصل
  • إبراهيم عيسى: رغم الانقسام الفلسطيني ننتظر من سيسكن البيت الأبيض لإنهاء حرب غزة
  • المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات العدو الصهيوني والياته في مخيم جباليا بغزة